مرايا – استرعى انتباه العديد من الأسر لجوء البعض لإعطاء دروس خصوصية بشكل غير مسبوق، مستغلين ظروف كورونا وتداعيات التعليم عن بعد.
وتابعوا خلالهم شكواهم بأن هناك استغلالا ماديا وابتزازا عاطفيا في ظل حاجة الأهالي لسد أية فجوات يعتقدون وجودها في التعليم عن بعد، مؤكدين أن الجشع قد يمتد إلى احتساب الحصص الخصوصية فقط، دون اغتنمام أوقاتها بما يعود بالنفع على الطالب.
وأكّد أطباء وخبراء تربويون، أن الدروس الخصوصية تشكل استغلالا ماديا للطلبة وأولياء أمورهم، بخاصة في أوقات الأزمات، وتجارة على حساب جودة التعليم، في ظل تنافس بعض مقدمي الخدمة على تقديم عروض وتخفيضات للطلبة.
وأشاروا إلى أن الاعتماد على التدريس الخصوصي، قد يؤدي إلى احتمالية الإصابة بوباء كورونا، نتيجة انتقال المدرس الخصوصي من بيت إلى آخر، أو اجتماع الطلبة في آن معا داخل بيته، داعين إلى عدم القلق بشأن التحصيل الدراسي لأبنائهم، وذلك أن التعلم عبر المنصات التعليمية يعد أمرا كافيا.
الناطق باسم اللجنة الوطنية للأوبئة الدكتور نذير عبيدات، نصح أولياء الأمور بالاكتفاء في التعلم داخل المدرسة للصفوف المسموحة لها بالتعلّم وجاهيا مع أخذ الاحتياطات والشروط الصحيّة اللازمة، أو الالتزام بالتعلم عن بعد، تجنبا لحصول العدوى.
وأشار مستشار الأمراض المعدية والحميات الدكتور جمال الرمحي، إلى عدم الاعتماد الكلي على التدريس الخصوصي، ولابد للأهل من دور في متابعة التحصيل الدراسي لأبنائهم، وإذا اقتضت الضرورة بوجود المدرس الخصوصي، فمن الأفضل أن يكون ذلك عن بعد.
وشدد الرمحي وهو عضو في لجنة الأوبئة، أنه في حال وجود المدرس الخصوصي مع الطلبة، فعليهم الالتزام بالاجراءات الصحية بلبس الكمامات، والحفاظ على مسافة تباعد آمنة، مع توفّر لوح صغير يضمن تباعد المدرس عن الطلبة.
رئيس جمعية أطباء الحساسية والمناعة الأردنية الدكتور هاني عبابنة، أشار إلى أن المدرس الذي ينتقل من منزل إلى آخر، لاشك أنه سيكون وسيلة لنقل العدوى، مبينا أن التعلم عن بعد يضمن صحة وسلامة المدرس والطلبة، لافتا إلى أن التعليم عن بعد، هو مسؤولية مشتركة لمعلم المدرسة والطلبة وأولياء الأمور.
وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم عبد الغفور القرعان أن التدريس الخصوصي أمر غير قانوني، مبينا أن منصة درسك التي أطلقتها الوزارة لتعليم الطلبة كافية، كما أن القائمين على التعليم من خلالها من أكفأ المدرسين وممن حصل بعضهم على جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي.
وأشار إلى أن المنصة ستصبح تفاعلية اعتبارا من اليوم الاثنين، موضحا أنها مجانية من الساعة السادسة صباحا وحتى الرابعة مساء، إذ يكون دور المدرس فيها ميسّرا للطالب ومراقبا له في العملية التعليمية، ويوجّه الأسئلة له ويجيب عن استفساراته.
الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات، بين أنه على الرغم من التحولات التعليمية أثناء الأزمة من مدرسة تقليدية إلى تعليم عن بعد ومن ثمّ إلى التعليم الدامج بينهما، إلا أن المشكلات التعليمية ما زالت قائمة.
وأشار إلى أن بعض المدرسين على مدى تاريخنا التربوي الممتد عبر ستين عاماً على الأقل، مارسوا التدريس الخصوصي وبيع الملخصات استغلالا لظروف بعض الطلبة وحاجتهم إلى رفع معدلاتهم، مضيفا أن تلك السلوكيات السلبية زادت عبر أزمة كورونا، فالطلبة غير مؤهلين تقنياً.
وأوضح أن المسألة ليست في التعليم عن بعد أو قرب، بل في القيم والاتجاهات الأخلاقية التي يجب أن تقضي عليها المناهج وأخلاقيات التعليم، وهذا لا يقصي بعض المدرسين من سوء الاستغلال.
المستشارة والخبيرة التربوية الدكتورة منى مؤتمن، دعت الطلبة إلى عدم الاعتماد على الدروس الخصوصية، وإنما على أنفسهم والرجوع إلى الكتاب المدرسي والمنصات الإلكترونية، والتواصل مع المدرس لتذليل الصعوبات إن وجدت في المنهاج، مبينة أن الظروف الصحية التي تمر بها المملكة نتيجة تفشي الوباء، دفعت نحو التعليم عن بعد، حفاظا على صحة الطلبة والأسرة والمجتمع.
وأشارت إلى أن الجهد المبذول من وزارة التربية والتعليم ومن بعض المدارس الخاصة بإطلاق المنصات الدراسية، إضافة إلى دور الأسرة في متابعتها لأبنائهم الطلبة كافية بحدّ ذاتها، ما يضمن استمرارية العملية التعليمية التعلّمية.
وبينت مؤتمن أنه في حال قصور بعض الأهالي في تعليم ابنائهم نتيجة عدم إلمامهم باستخدام التقنيات الحديثة، فبالإمكان الاستعانة حينها ببدائل أخرى في البيئة المحلية، كالأخوة الأكبر سنا ممن لديهم معرفة باستخدامات التطبيقات الإلكترونية، مبينة أن الكثير من الطلبة لديهم القدرة على التعامل مع التكنولوجيا بشكل أفضل من كبار السن.
ودعا نائب عميد كلية التربية في جامعة اليرموك الدكتور علي جبران، الآباء للابتعاد عن القلق والتهويل والمبالغة في قضية التعليم عن بعد، واللجوء في ذلك لحلول بديلة؛ كالدروس الخصوصية ونحوها، قبل الخوض الجاد في التجربة الحقيقية.
وقال إن التعليم عن بعد تجربة لا بد منها في مثل هذه الظروف، ولكن بتوافر المتطلبات اللازمة لإنجاحه، كإعداد المدرس للتعامل مع التقنيات التكنولوجية بالتحاقه في الدورات التدريبية المكثفة في هذا المجال، والمتابعة والمراقبة المستمرة لهذا النوع من التعليم ما يضمن نجاح التجربة.
وبين أن على أولياء الأمور النظر إلى قضية التعلم عن بعد بإيجابية وجدية، ومتابعتها مع أبنائهم كما يتابعون دروسهم المدرسية الحقيقية، وذلك كي يتمكن الأبناء من تلقي القيمة العلمية بجد واهتمام.
أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الحسين بن طلال الدكتور عاطف الرفوع، أشار إلى أهمية قيام المؤسسات التعليمية بواجبها على أكمل وجه، ومتابعة التحصيل الدراسي للطلبة، وعدم الاكتفاء بالمنصات التدريسية الإلكترونية التي تعد جزءا من حل المشكلة.
ونصح الأهالي بمتابعة أبنائهم في عملية التعليم سواء أثناء الأزمة أو بعدها، وعدم الركون للتدريس الخصوصي لأن ذلك سيصبح نوعا من الاستغلال وتجارة لا تليق بقيم التعليم وأخلاقياته، ما ينعكس سلبا على مصلحة الطالب ومسيرته التعليمية.
(بترا)- بشرى نيروخ