مرايا – كشفت جريدة الرأي الاردنية عن أن بعض المختبرات الطبية لا تلتزم بسعر فحص كورونا الذي حددته وزارة الصحة ب35 دينارا، إلى جانب عدم التزامها بالبرتوكول المقرر للفحص مما يقود لنتائج غير صحيحة.
ورصد «كاتب التحقيق » بعض حالات التلاعب في الأسعار، إذ أن بعض المختبرات تتقاضى مبالغ تتراوح من 45 الى 70 دينارا ثمنا لفحص (PCR)، في المقابل تقوم مختبرات معروفة باجراء الفحص داخل المختبر بالرغم ان السعر محدد للزيارات المنزلية.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه كلفة ما يعرف بفحص”بولنج» قرابة دينارين تتقاضى مختبرات السعر المحدد من وزارة الصحة وأحيانا تزيد عليه، ويعرف «البولنج» بأنه اجراء عملية فحص جماعي لعدد من العينات قد تتراوح من اربع الى عشر عينات على «كت» واحد فقط، وغالبا ما تكون نتائجه غير دقيقة وفق خبراء رسميين.
يقول المواطن محمد الصرفندي دفعت 45 دينارا مقابل كل فحص أجريته لي ولخمسة من أفراد عائلتي، بمجموع قدره 270 دينارا لاكتشف بعدها أن أحد المستشفيات يتقاضى 25 دينارا فقط مقابل الفحص.
ويضيف: «خالطت أحد زملائي في شركة خاصة أعمل فيها، حيث طلبت مني الشركة إجراء الفحص قبل العودة لاسئتناف العمل».
ويعتبر الصرفندي سعر الفحص مرتفعاً بالنسبة لعامل في شركة راتبه الشهري 375 دينارا.
وتساءل الصرفندي عن الفرق الشاسع في تسعيرة الفحص من مختبر لآخر، إذا يتقاضى البعض 20 دينارا للفحص في حين يتقاضى البعض الآخر مبالغ تتراوح بين 45 و70 دينارا.
علي الكيلاني يعمل في الامارات، وطلب منه اجراء الفحص قبل سفره قائلا «قصدت أقرب المختبرات الى سكني، وعند وصولي شاهدت طوابير من طالبي الفحص تحت اشعة الشمس، تنتظر الوصول لأول الدرج الذي تجد فيه مقعدا للانتظار تحت غطاء من «الخيش» خارج المختبر المخصص وداخله،حيث تنتظر ساعات للتوصل إلى نتيجة الفحص.
تجربتا الصرفندي والكيلاني عينة من مواطنين قابلتهم الرأي واعربوا عن استيائهم من فروقات التسعيرة بين المختبرات الطبية متسائلين هل هذه الفحوصات متشابهة أو مغشوشة بحسب أسعارها المتفاوتة أم أن هذا السلوك سعي للإثراء السريع باستغلال المواطن في ظل هذه الجائحة؟
«ديناران كلفة البولنج»
ويقول عضو لجنة تراخيص المختبرات في وزارة الصحة الدكتور يوسف بلتو إن: «تسعيرة 25 دينارا مخالفة وغير سليمة واجراء الفحص غير سليم، فالتسعيرة الرسمية استقرت الآن على 35 دينارا».
ويضيف بلتو –وهو رئيس قسم العلوم الطبية المخبرية في الجامعة الأردنية -في تصريح إلى «الرأي إن: «التسعيرة كانت تتراوح في السابق من 55 الى 75 دينارا خلال الاشهر الأولى من بدء الجائحة بسبب نقص «الكتات» (الكواشف المخبرية لفيروس الكورونا)، وقد كان عدد المصابين قليلا جدا وبعد توفر هذه المواد وفتح الباب لاجراء الفحص أمام 21 مختبرا، متخصصا في المستشفيات وخارجها تم تخفيض السعر المحدد إلى45 دينارا، ثم خفضته الوزارة إلى 35 دينارا».
ويلفت الى أن: «أي سعر يقل عن ذلك يكون هناك تلاعب وغش في اجراء الفحص، ومنها اجراء عملية الفحص الجماعي المعروف بـ«البولنج» وهو اجراء فحص لعدد من العينات قد تتراوح من اربع الى عشر عينات على «كت» واحد فقط».
ويوضح أنه: «في حال استخدمته اية مختبرات، فان نتيجته ستكون كلها سلبية بسبب قلة المادة المخصصة لتتبع فيروس كورونا في عينات السحب وتوزعها مما يتسبب بصعوبة بالغة في ان تكون النتيجة ايجابية».
ويصف بلتو هذه الطريقة «بالاجراء الخاطئ». ويقول إن اللجنة خاطبت الوزارة وطلبت تغيير مثل هذه الاجراءات والتأكد منها والتفتيش على هذه المستشفيات والمختبرات التي تجري مثل هذه الفحوصات الخاطئة.
ولم يقف بلتو عند ذلك الحد بل أفاد أن هناك فحوصات كثيرة غير صحيحة وتشوبها الاخطاء وفروقات بشرية أثناء اجراء اخذ العينة واثناء الفحص ومنها متعمد وغير متعمد ولا يوجد مختبر ملتزم بطريقة اجراء الفحص والزيارات المنزلية واخذ العينة الصحيحة سوى عدد قليل من المختبرات فقط.
«تضارب النتائج»
ويقول ان نتائج كثيرة كانت سلبية، وفي مختبرات تعمل بطريقة سليمة تبين أنها ايجابية.
ويبين بلتو انه في حال التزم المختبر في بروتكول الفحص فان النتيجة ستكون سليمة بنسبة 98% فالعديد من الاجراءات قد تؤثر سلبا على النتيجة منها العامل البشري وانواع الانسجة والأجهزة التي تجري الفحص وانواع الكتات فمنها الرخيص ومنها عالي الجودة (الصينية والأميركية والأوروبية)، وقد تصل نسبة الخطأ قرابة 40 بالمئة.
ويوضح أن استخدام الطريقة الجماعية في الفحص «البولنج» تقود لنتائج غير صحيحة، وتوسع من انتشار المرض للأسف.
وفي سؤال لبلتو حول دور لجنة الترخيص والتسعير في ضبط الفحوصات والتفاوت بالاسعار واستغلال المواطن قال : «من واجبها الرقابة على دقة فحوصات المختبرات، فهي الجهة التنفيذية والرقابية ويقع على عاتقها محاسبة المخطئين».
ويشير بلتو إلى أنه: «تم استدعاؤنا من قبل امين عام الوزارة للإجابة على سؤال، كيف ان مختبرات تجري الفحص ب25 دينارا والتسعيرة التي شاركتم بوضعها 45 دينارا، فأوضحنا له أن: «هذه الاسعار يتم فيها التلاعب بالفحص».
ويشير إلى أن: «احد المختبرات الكبرى يجري فحوصات في الهواء الطلق وسط اكتظاظ لا يراعي التباعد، ويقف المراجعون فيه تحت اشعة الشمس، ويتقاضى منهم 45 دينارا، علما أن السعر في الأصل يشمل الزيارة المنزلية وليس الحضور للمختبر».
ويقول المختص في علم المختبرات الدكتور خالد الصغير إن: «هناك استغلالا من قبل اصحاب بعض المختبرات التي حصلت على شهادة اعتماد فحص».
ويلفت إلى أنها: «اخذت تتلاعب بأسعار الفحوصات، حيث ان سعر الجملة للكت الواحد هو 6.5 دينار فقط، وفي حال اجرت فحصا جماعيا لعشر عينات فان سعر العينة لن يتجاوز ال 65 قرشا وبإضافة أسعار العمالة والكهرباء والاجور وغيرها من المصاريف الاخرى في حال اجريت في نفس المختبر لن تتجاوز الكلفة دينارين».
ويبين ان: «تحديد الوزارة لهذا السعر كان خطأ جسيما وكان عليها فتح باب التنافس شريطة الالتزام المتشدد في طريقة الفحص، وان يكون منزليا وفق بروتكول الفحص العالمي من اخذ العينة الى اجراء الفحص ونوعية الكت والاجهزة التي تقوم بفحصها».
ووفق الصغير فإن: «هناك من المخالطين وحتى المصابين يجري الفحص ثلاث مرات، وفي ظل ازدياد ارقام المصابين بطريقة غير مسبوقة ووصول اعداد المصابين الى قرابة الالفي اصابة يوميا فان عدد المخالطين سيكون عشرة اضعاف هذا الرقم».
وينوه إلى أن: «ما سبق يتطلب اجراء الفحوصات الشخصية والعائلية والجماعية للعاملين في الشركات والمؤسسات الحكومية في مختبرات معتمدة ويتطلب ذلك تخفيض اسعار الفحص بحيث لا تتجاوز 15 دينارا فقط».
واعتبر أن: «ما يجري هو استغلال من المختبرات للمواطنين في ظل هذه الجائحة التي نمر بها، والتي تحتاج لتدخل الوزارة وحماية المستهلك».
مطالبات بالتدخل الرسمي
بدوره وصف ممثل اصحاب المختبرات في لجنة ترخيص المختبرات في وزارة الصحة الدكتور حسيب صهيون بأن التلاعب باسعار الفحوصات وعدم الالتزام بتعليمات وبروتكول الفحص و«اجرام» بحق المواطن.
ويضيف» انني وجهت كتابا لوزير الصحة للتدخل في وقف ما يجري من تجاوزات خطيرة لبعض المختبرات التي حصلت على الاعتمادية لاجراء مثل هذا الفحص»، مشيرا إلى أنه: «أرسل الكتاب بتاريخ 1/9/2020 الا انني لم أتلق اي رد على ذلك».
ويبين صهيون «ان هناك مختبرات تجري فحوصات في الهواء الطلق،خارج المختبر وفي الساحات وبنفس السعر المقرر الذي يشترط زيارة المنزل، وهذه مخالفة وغش».
ويوضح أن: «كلفة الفحص الاعتيادي تقارب 18 دينارا، وفي حال وضع على الكت الواحد عشر عينات، فان التكلفة تصبح دينارا و80 قرشا فقط » معتبرا أن: «هذه الفحوصات مغشوشة وخطيرة وغير سليمة وتساهم في نشر المرض وكلها ستكون سلبية».
ويذكر أن وزارة الصحة أصدرت قرارا بتخفيض سعر فحص(PCR) من 45 الى 35 دينارا،
وبحسب مديرة مديرية الامراض السارية في الوزارة الدكتورة هديل السائح فإن «المختبرات الخاصة أجرت أكثر من 500 ألف فحص»، وهو ما يثير تساؤلا حول الأرباح التي جنتها المختبرات الخاصة بحسب مراقبين.
ويؤكد مدير دائرة ترخيص المهن الطبية في وزارة الصحة الدكتور ناصر الخشمان لـ $ أن هناك مخالفات ارتكبتها مختبرات من حيث الاسعار والفحوصات المخبرية».
ويقول الخشمان «ان الدائرة عملت على سحب اعتمادية احد المختبرات ووجهت انذارات نهائية لمختبرات اخرى، وهناك لجان مختصة شكلها الوزير لهذه الغاية».
وحول الاسعار المتفاوتة بين المختبرات يبين الخشمان ان هناك ثلاث فحوص معتمدة وهي فحص بقيمة 35 دينارا ويستغرق التوصل للنتيجه بواسطته من ست الى سبع ساعات وهو فحصRT-PCR، والفحص الثاني ب 45 دينارا وهو IGSA-PCR، وتستغرق نتيجته ساعة و20 دقيقة، وهناك الفحص الثالث وهو Genie Experts-PCR وسعره 70 دينارا ويستغرق 45 دقيقة لاستخراج النتيجة.
وسألته الرأي حول آلية وضع الاسعار ولجوء الوزارة إلى خفض التسعيرة الى 35 دينارا، يجيب الخشمان أنه: «في بداية الجائحة كانت المطارات والموانئ والمعابر مغلقة وكان الفحص من الغرائب حيث كانت اسعاره مرتفعة وبعد تأمين «الكتات» بكميات تجارية تم تخفيض الاسعار وفق لجان من مختلف الجهات والمختبرات، وغيرها ليستقر السعر عند 45 دينارا وقام وزير الصحة بعدها بتخفيض السعر إلى 35 دينارا».
وأبلغ «كاتب التحقيق» عن مختبر في مستشفى خاص يقوم بإجراء الفحص ب25 دينارا، وهو ما يخالف تسعيرة وزارة الصحة، فقال الخشمان إننا: «ضبطنا هذه المخالفة، وهناك تقرير مفصل بالمخالفات، وهذا يدلل على ان هناك فحوصات جماعية «بولنج» يجريها هذا المستشفى وتم تحرير مخالفات قانونية بحقه».
وفيما يتعلق بإجراء أحد المختبرات فحوصات مخالفة خارج المختبر، وعدم شمول السعر المقرر لزيارة طالب الفحص في منزله وظهور نتائج ايجابية بعد فحصوصات أخرى تبين أنها سلبية، يقر الخشمان: «بوقوع هذه المخالفات».
ويشير إلى أنه تم توجيه انذار نهائي لهذا المختبر قبل سحب الاعتماد، وتم توجيه رسائل صوتية لهذه المختبرات، وسيتم عمل زيارات مكثفة وتدقيق على كل المختبرات ولن تتساهل الوزراة على الاطلاق مع مخالفة الاسعار او اجراءات سحب العينات او التلاعب بالنتائج.
وفي هذا الصدد يشير الخشمان الى أنه تم اعتماد 21 مختبرا خاصا من اجل تخفيف الضغط على المختبرات الحكومية في المستشفيات.
ويذكر أن وزارة الصحة ألزمت المختبرات المعتمدة بقانون الصحة العامة، وموافاتها بأعداد الأشخاص الذين أجري لهم الفحص، ونتائج الفحص في حال ظهور أي عينات إيجابية، وطلبت الوزارة إرسال العينات الإيجابية التي تعمل بدورها على التحقق من النتيجة.