مرايا – قال السفير الروسي في الأردن غليب ديسياتنيكوف إن المؤتمر المقرر عقده الشهر الجاري في العاصمة السورية دمشق لعودة اللاجئين، يكتسب طابعا إنسانيا بحتا ولا يستهدف إطلاقا المساهمة في ما يسمى بترسيخ شرعية النظام، مثلما يحاول تصنيفه بعض اللاعبين المعروفين الهادفين لحرمان هذا الاجتماع من الدعم الدولي المطلوب.
جاء ذلك في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” تطرق خلالها ديسياتنيكوف للمؤتمر الذي تنظمه روسيا يومي 11 و12 تشرين الثاني الجاري، في دمشق حول عودة اللاجئين السوريين إلى الوطن.
وأضاف: “نعول على تفهّم أصدقائنا الأردنيين لموقفنا هذا ومشاركتهم النشيطة في مؤتمر دمشق، مما قد ينسجم حسب رأينا بشكل ناجح مع مساهمة عمّان البارزة في مساعدة المواطنين السوريين المنكوبين بسبب النزاع”.
وزار الأردن في 27 تشرين الأول الماضي، وفد مشترك من وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية السورية، ألكسندر لافرينتييف، والفريق أول الركن ميخائيل ميزينتسيف، استقبله جلالة الملك عبدالله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي.
وحول أبرز ما بحثه الوفد الروسي مع الأردن، قال ديسياتنيكوف: “نتمتع بالتعاون الفعال والمميز للغاية مع عمّان حول القضية السورية، والذي نعتز به، كما نحرص كل الحرص على مواصلة تعزيز هذا التنسيق، أخذا بالاعتبار الدور البارز بهذا الاتجاه، والذي يلعبه الأردن الصديق، بكونه جارًا قريبًا من سوريا وطرفاً يتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن استضافة أكثر من 1.3 مليون مواطن سوري”.
وأضاف أنه “تم التأكيد على موقفنا هذا من جديد خلال مقابلات الوفد الروسي المشترك مع صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي والممثلين عن القيادة العامة في الأردن”.
ولفت إلى أن هذه الصلات وهذا الجو الودي جدا “سمح بتبادل الآراء حول كل [ألوان] الطيف من مواضيع التسوية في سوريا، من مواصلة مكافحة الإرهاب إلى المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي وإنجاح الحوار السياسي”.
وتابع ديسياتنيكوف: “كنا وما زلنا على الاعتقاد بأن هذه المسائل مرتبطة ببعضها بعضا بشكل وطيد، ولا يمكن حلها إلا في سياق الجهود المشتركة المبذولة من قبل جميع اللاعبين الدوليين والإقليميين، المعنيين بكل الصراحة بالإسراع في وضع حد للمواجهات السورية السورية، وإعادة الحياة في هذه البلاد إلى مسارها الطبيعي”.
وحول ما إذا كان الوفد الروسي قد بحث مع الجانب الأردني موضوع مؤتمر عودة اللاجئين إلى سوريا، قال ديسياتنيكوف: “بطبيعة الحال إلى جانب مسائل مهمة أخرى تم بحثها أثناء الزيارة، لفتنا الاهتمام إلى التمهيد للمؤتمر المذكور”.
وأضاف: “لا نزال ننظر في مواضيع تقديم المساعدة المطلوبة للاجئين والنازحين السوريين قياساً لعودتهم الطوعية في أسرع وقت ممكن على أنها من بين أهم أولوياتنا الخاصة بتسوية الأوضاع في سوريا”.
وأشار إلى أن “السلطات في دمشق تبذل قصارى جهودها من أجل تنفيذ هذه المهمة وهي بحاجة ملحة بهذا الصدد إلى المساعدة من قبل الإقليميين والمجتمع الدولي على وجه العموم”.
وفيما يتعلق بالدور المميز الذي يمكن أن يقدمه الأردن بخصوص ملف اللاجئين السوريين، قال ديسياتنيكوف: “الأردن من أبرز البلدان المساعدة لمواطني سوريا”.
ومضى موضحا: “حسب المعلومات الرسمية فقط تجاوز عدد اللاجئين السوريين المقيمين في المملكة 700 ألف نسمة، ولكن في الواقع بلغ أكثر من 1.3 مليون لاجئ إذا أخذنا بالاعتبار الذين لم يسجلوا أنفسهم بالمنظومة الإلكترونية الأممية. هذا هو العبء المؤثر على اقتصاد المملكة بالإضافة إلى تبعات جائحة كورونا”.
وأضاف ديسياتنيكوف: “يوصل المانحون الدوليون مساعداتهم، إلا أنها (المساعدات) غير قادرة على تلبية جميع الاحتياجات. وفي الوقت نفسه لم تفكر القيادة الأردنية أبداً بمحاولة رفع مثل هذه الوطأة عن عاتقها أو تحميل الإقليميين الآخرين لها ولو جزئياً”.
وحول الملفات التي يتعاون فيها كل من الأردن وروسيا بما يخص أزمات الإقليم، علاوة على الملف السوري، قال ديسياتنيكوف: “ما يدعو للأسف اليوم أن قضايا المنطقة لا تقتصر على سوريا وحدها، ثمة عديد من الأزمات كما هو معروف، من بينها ليبيا واليمن والعراق ناهيك عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الطويل الأمد، والذي يعتبر في جوهره مصدراً لكل النزاعات العالقة على الساحة الجيوسياسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وبناء على ما سبق، يقول ديسياتنيكوف: “نمارس وننوي مواصلة التنسيق المتين مع شركائنا الأردنيين حول كل المواضيع المهمة والقضايا الأخرى بغية المساهمة في إيجاد الحلول الأكثر فعالية والمقبولة جميعاً لها”.
وختم السفير الروسي لدى الأردن بالقول: “بلا شك إن هذا الموقف المتتالي ونكران الذات من قبل عمّان لا يمكن أن يثير إلا الترحيب وأعلى التقدير من قبل جميع الممثلين المعنيين عن المجتمع الدولي”.