مزيداً من الحماية للعاملات المنزليات شملتها تعديلات نظام العاملين في المنازل لعام 2020
إنقطاع / ضعف التواصل المادي للعاملات المنزليات مع أسرهن بسبب جائحة كورونا
الأردن يأخذ بتوصيات أممية لحماية حقوق العاملات المنزليات
“تضامن” تدعو الأردن الى المصادقة على الإتفاقية رقم (189) “إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين”
تضامن: أدوار ومساهمات كبيرة للعاملات المنزليات في التخفيف من أعباء الأسر في الأردن خلال جائحة كورونا
مرايا – لم تستثن جائحة كورونا أحداً، وتأثر الجميع سلباً نتيجة الإجراءات الإحترازية لمواجهة الفيروس والقضاء عليه، إلا أن تأثيراتها السلبية تباينت ما بين الذكور والإناث، فالنساء والفتيات يتحملن بشكل غير متكافئ أعباء الرعاية والعناية وإنقطاع الدخل وضعف التعليم إن لم يكن إنقطاعه، وإرتفاع في وتيرة العنف الأسري، وضعف الوصول الى الخدمات الصحية الأساسية، وضعف في الوصول الى أنظمة العدالة، وعدم قدرة النساء الفقيرات على تلبية إحتياجاتهن الضرورية من غذاء ودواء وهن اللاتي لا يتمتعن أصلاً بإستقرار اقتصادي.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن جائحة كورونا تعرض الطواقم والكوادر الطبية لا سيما النساء الى مخاطر مضاعفة للإصابة بالفيروس، وتزيد من الضعف الاقتصادي للنساء اللاتي يعانين أصلاً من البطالة وإنخفاض قوة العمل بينهن وتعمل الكثيرات منهن في أعمال غير منظمة، وتقع على عاتق النساء والفتيات الجزء الأكبر من أعمال الرعاية والعناية مما يحد من قدراتهن وتمكينهن الاقتصادي وتهدد أمنهن الغذائي، وتزيد إحتمالية تعرضهن للعنف الأسري وترتفع إمكانية إنقطاعهن عن التعليم والتدريب مما يؤثر سلباً على مشاركتهن الاقتصادية، وتظهر بشكل جلي خلال أزمة كورونا النتائج السلبية للعنف الاقتصادي الممارس ضدهن ولا يزال على مدى عقود، كالحرمان من الميراث وتدني ملكية الشقق والأراضي وإتساع الفجوة في الأجور بين الجنسين، وفقدان الوظائف، كما تتأثر النساء والفتيات سلباً من أي تناقلات محتمله في الموازنات الحكومية إستجابة لإجراءات مكافحة الفيروس ومنها المخصصات التعليمية والصحية.
إنقطاع / ضعف التواصل المادي للعاملات المنزليات مع أسرهن بسبب جائحة كورونا
كما واجهت العاملات الوفدات والعاملات المنزليات مشاكل متعددة وعلى رأسها صعوبة الحصول على رواتبهن في أوقاتها المحددة وتحويل الأموال الى أسرهن التي تعتمد عليها في تلبية إحتياجاتها اليومية. كما أن العاملات المنزليات تحديداً يواجهن ضغوطات كبيرة بسبب تفاقم الأعباء المنزلية بسبب الحجر المنزلي وإغلاق المؤسسات التعليمية والتوجه الى التعليم عن بعد، مما يؤثر على أوضاعن النفسية والجسدية، وقد لا تجد العديد منهن فرص للعودة الى بلدانهن في الوقت الحالي بسبب إجراءات السفر.
تعديلات تشريعية لصالح العاملات المنزليات دخلت حيز التنفيذ بداية أيلول 2020
ففي نهاية حزيران 2020، أقر مجلس الوزراء الأردني “نظاماً معدلاً لنظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم”، وترحب جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” بهذه التعديلات التي ستدخل حيز التنفيذ بعد مرور شهرين على نشرها في الجريدة الرسمية، وتؤكد على أهمية التوعية بهذه التعديلات خاصة للعاملات وبلغاتهن الأصلية ليعرفن ما عليهن من واجبات وما لهن من حقوق.
وشملت التعديلات توفير المزيد من الحماية خاصة للعاملات في المنازل، من بينها الزام صاحب/ صاحبة المنزل بدفع أجرة العاملة خلال 7 أيام من تاريخ الاستحقاق، والمحافظة على سرية الشكاوى والبت فيها، وإستعانة مفتش العمل بالضابطة العدلية للدخول الى المنازل للتحقيق في الشكاوى في حال رفض أصحاب المنازل السماح بالدخول، وحرمان صاحب/ صاحبة المنزل الذي يرتكب مخالفة بحق العاملة المنزلية من استخدام عاملة أخرى خلال فترة معينة يحددها الوزير، الى جانب ضمان حماية العاملة من كافة أشكال العنف خاصة العنف الجسدي والجنسي مع السماح لها بترك العمل والمطالبة بالتعويض، وحماية العاملات المنزليات من الاستغلال المتمثل في التبليغ الوهمي بهروبهن من المنازل.
الأردن يأخذ بتوصيات أممية لحماية حقوق العاملات المنزليات
وقدم مجلس حقوق الإنسان في جنيف 226 توصية للأردن بعد مناقشة تقريره الثالث للإستعراض الدوري الشامل حول حقوق الإنسان في المملكة بتاريخ 8/11/2018 ، وقبل الأردن 149 توصية ورفض 77 توصية (أحيط الأردن علماً بها)، حيث بلغت نسبة التوصيات المقبولة 66% من مجمل التوصيات المقدمة من 95 دولة حول العالم، قدمت خمس دول عربية توصيات خاصة بالنساء والفتيات وهي الكويت وقطر والعراق والجزائر وتونس.
وتشير “تضامن” الى أن هنالك 95 توصية تتعلق بحقوق النساء والفتيات في الأردن وشكلت ما نسبته 42% من مجمل التوصيات، وافق الأردن على 59 توصية منها (39.5% من مجمل التوصيات المقبولة)، وأحيط علماً (رفض) بـ 36 توصية (46.7% من مجمل التوصيات التي لم يقبلها الأردن).
وفيما يتعلق بحقوق النساء والفتيات، ومن خلال تحليل التوصيات الخاصة بهن، فقد تبين بأن التوصيات المقبولة وعددها 59 توصية شملت 16 موضوعاً وهي حسب مرات تكرارها: الإتجار بالبشر (12 تكراراً) وشكل 20% من التوصيات المقبولة المتعلقة بالنساء، والحماية من العنف (8 تكرارات)، والعاملات المنزليات (6 تكرارات)، والتعليم والاستراتيجيات (5 تكرارات لكل منهما)، والعنف الأسري والعمل وتزويج الأطفال والتمييز ضد المرأة (3 تكرارات لكل منهم)، والقدرات المؤسسية والوصول الى العدالة والمشاركة السياسية والتوعية (تكراران لكل منهم)، ودور الإيواء والوصول الى مواقع صنع القرار والمساواة بين الجنسين (تكرار واحد لكل منهم).
أدوار ومساهمات كبيرة للعاملات المنزليات في التخفيف من أعباء الأسر في الأردن
وتؤكد “تضامن” على المساهمة الكبيرة للعاملات المنزليات من الناحية الإقتصادية وإنعاش أسواق العمل والتأثير الإيجابي لعملهن على حياة العديد من الأسر، وتأمل “تضامن” بأن تحد هذه التعديلات من الإنتهاكات التي تتعرض لها العاملات المنزليات، من حيث العمل اللائق والتمييز والإنتهاكات الخاصة بحقوقهن كالإيذاء والعنف اللفظي والجنسي والحرمان من الطعام وتأخير الراتب والمسكن غير الصحي وعدم وجود ساعات راحة أو إجازات والتأخير بعد إنتهاء العمل وحجز الجواز أو الراتب والعمل في أكثر من مسكن وعند أكثر من عائلة والتصرف معهن بدونية مما يتعارض مع أبسط حقوقهن الإنسانية ويجرحهن في كرامتهن.
45 ألف عاملة منزلية مسجلة في الأردن خلال عام 2018
وتشير آخر الأرقام الرسمية الى منح 81820 عاملة وافدة تصاريح عمل عام 2018 مقارنة مع 82643 عاملة وافدة عام 2017، وفقاً للكتاب الاحصائي السنوي 2018 والصادر عن دائرة الاحصاءات العامة.
وتضيف “تضامن” بأن عدد العاملات المنزليات في الأردن واللاتي يحملن تصاريح عمل ضمن فئة الخدمات الاجتماعية والشخصية بلغ 44749 عاملة وبنسبة وصلت الى 54.7% من مجموع العاملات الوافدات، ويتركز أغلبهن في محافظات العاصمة وإربد والبلقاء والزرقاء. فيما بلغ عدد العاملات في الصناعات التحويلية 32943 عاملة وتوزع العدد المتبقي على مهن مختلفة من بينها الزراعة (1558 عاملة) والتجارة والمطاعم والفنادق (984 عاملة).
إن النسبة الأكبر من العاملات المنزليات في الأردن من الجنسية الفلبينية (15933 عاملة) والجنسية الأندونيسية (11187 عاملة) والجنسية السيرلانكية (1818 عاملة) وأجنبيات من جنسيات أخرى (15265 عاملة). أما من الدول العربية فقد تصدرت القائمة الجنسية المصرية (231 عاملة) والجنسية السورية (108 عاملات) والدول العربية الأخرى (287 عاملة). وتؤكد “تضامن” بأن هذه الأرقام لا تعكس العدد الفعلي والحقيقي للعاملات الوافدات في الأردن، حيث أن هنالك أعداد كبيرة لم تقم بالتسجيل لدى وزارة العمل ومديرياتها المختلفة في مختلف محافظات المملكة.
“تضامن” تدعو الأردن الى المصادقة على الإتفاقية رقم (189) “إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين”
من جهة أخرى ذات علاقة، بادرت منظمة العمل الدولية ولأول مرة في تاريخها الى صياغة صكوك عمل دولية خاصة بالعمال المنزليين، حيث إعتمدت وخلال مؤتمر العمل الدولي الذي عقد في شهر حزيران عام 2011 الإتفاقية رقم (189) “إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين” والتوصية رقم (201) المكملة له، على أن تكون نافذة بالنسبة لأي دولة بعد إثني عشر شهراً من تصديق تلك الدولة على الإتفاقية. وصادقت على الإتفاقية لغاية منتصف عام 2020 ثلاثون دولة ليس من بينها أي دولة عربية. وتنص المادة الخامسة من الإتفاقية على أنه :”تتخذ كل دولة عضو تدابير تضمن أن يتمتع العمال المنزليون بحماية فعالة من جميع أشكال الإساءة والمضايقات والعنف”.
ونتيجة لكل ما تقدم، ولجهود الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية ومن بينها الأردن ، فقد أعتمدت الإتفاقية وتوصيتها للحد من الإنتهاكات التي تتعرض لها العاملات المنزليات من النساء والفتيات بشكل خاص كونهن يشكلن الأكثرية الساحقة، فقد عرفت الإتفاقية العمل المنزلي (والذي يختلف كلياً عن العمل من المنزل) على أنه العمل المؤدى في أسرة أو أسر أو من أجل أسرة أو أسر، وقد يشمل مجموعة من المهام بما فيها الطبخ والغسيل والتنظيف والكوي والأعمال المنزلية العامة والإعتناء بالأطفال والمسنين أو ذوي الإعاقة الى جانب الإعتناء بالحديقة وحراسة المنزل وقيادة سيارة الأسرة.
وتدعو “تضامن” الحكومة الأردنية بإعتبارها من الدول المستقبلة للعمالة المنزلية لتكون أول دولة عربية تصادق على الإتفاقية رقم (189) “إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين” والتوصية رقم (201) المكلمة لها حماية لجميع الأطراف المتمثلة بالجهات الحكومية ومكاتب الإستقدام وأصحاب العمل والعمال المنزليين وبشكل خاص العاملات المنزليات من النساء والفتيات ، خاصة وأن بدء سريان الإتفاقية بالنسبة للأردن سيكون بعد مرور عام كامل بعد التصديق عليها، وأن الإتفاقية بحد ذاتها دخلت حيز التنفيذ في شهر أيلول عام 2013.