مرايا – حذر الخبير المائي رئيس جمعية أصدقاء البحر الميت المهندس سعد أبو حمور من تسارع انحسار مياه البحر الميت، ما ينذر بانهيار النظام البيئي في أكثر مناطق العالم ندرة، مؤكدا أن مشروع ناقل البحرين هو السبيل الوحيد لمعالجة هذا الخلل والنهوض بالمنطقة التي تحظى بأهمية بالغة استثماريا وسياحيا ودينيا.
ويقول “فقدنا الأمل بإنقاذ البحر الميت بعدما توقفت اجتماعات مشروع ناقل البحرين، الذي وفي حال تنفيذه سيتم في مرحلته الأولى تسييل 235 مليون متر مكعب سنوياً إلى البحر الميت، وهي مياه ناجمة عن التحلية وأخرى غير محلاة.
وأضاف أبو حمور الذي شغل سابقا موقع رئيس اللجنة التوجيهية ورئيس الوفد الأردني المفاوض في مشروع ناقل البحرين قبل أن تتوقف اجتماعاته، “ان المشروع وصل إلى مرحلة توزيع عطاء التنفيذ بعد اجتماعات استمرت 7 سنوات بين الأطراف الثلاثة المستفيدة من المشروع، مشيرا الى انه تم تأهيل 5 شركات عالميّة لتسليمهم وثيقة العطاء لتقديم العرض الفني والمالي لاختيار الائتلاف الفائز، الذي ينفذ المشروع على نظام الـ BOT البناء والتشغيل وإعادة الملكية”.
وكلفت دراسة جدوى المشروع والدراسة البيئية 16 مليون دولار جاءت من منح دولية، فيما دفعت الحكومة الأردنية 5 ملايين يورو لتحضير وثائق المشروع الذي توقف بلا أسباب واضحة كما يشير، قائلا :”تم توقيع مذكرة تفاهم بين الأطراف الثلاثة المستفيدة من هذا المشروع الإقليمي في واشنطن العام 2013 برعاية البنك الدولي والحكومة الأميركية للسير قدماً بتنفيذه بعد ماراثون من المفاوضات كانت قد بدأت
العام 2008 وحتى العام 2013.
وحذر أبو حمور من خسارة كبيرة للأردن في حال استمر الحال كما هو عليه في البحر الميت؛ قائلا إن “المنطقة الشرقية للبحر الميت هي بالنسبة للأردن حيوية ومهمة جداً، والحل هو تنفيذ ناقل البحرين الذي لا يجوز تعطيله في مراحله الأخيرة التي تتطلب مزيدا من التفاوض وينتهي الأمر بالتفاهم الكلي على مشروع، يُعد مصدرا مستداما ووحيدا لمياه الشرب وشريان يعيد الحياة لمنطقة البحر الميت.
ووفق الدراسات والقياسات التي قامت بها جمعية أصدقاء البحر الميت بالتعاون مع عدة جهات، وهي الأولى من نوعها في منطقة البحر الميت، كشف أبو حمور أن مستوى البحر الميت منذ العام 2000 وحتى بداية هذا العام انخفض ما يُقارب 22 متراً، مؤكدا أن هذا الرقم خطير، إذ ابتعدت فيه الشواطئ كثيرا وتغيرت معالمها وباتت تشكل خطورة.
وأشار إلى أن انخفاض مستوى البحر سيزيد بفعل التبخر الذي أكدت فيه دائرة الأرصاد الجوية عن وجود زيادة قدرها 0.059 درجة مئوية في متوسط درجات الحرارة السنوية.
والبحر الميت وفقا للدراسات التي حصلت عليها الجمعية يتراجع من متر إلى متر ونصف المتر سنويا، إذ تراجع العام الماضي مترا و 5 سم وفي العام 2018 تراجع مترا، وفي العام 2017 متراً و30 سم، ويبلغ انخفاضه حالياً 437 مترا تحت سطح البحر، وتحول جنوب البحر إلى آلاف الأحواض وحفر الخسف التي شوهت المنظر الطبيعي واصبحت تشكل خطرا على الإنسان والأراضي الزراعية والمباني والاستثمارات وبات شكل الأرض بلا بحر محزنا للغاية.
ويقول “يتم استغلال حوالي 650 مليون متر مكعب من مياه البحر الميت سنوياً لاستخراج الأسمدة والمواد الكيميائية من قبل شركات أردنية تعمل على ثروات طبيعية من مياه البحر الميت، منها شركة البوتاس العربية وشركة برومين الأردن وشركات الجانب الآخر من البحر، كما ويفقد 80 مليون متر مكعب من المياه سنويا بسبب انخفاض مستوى المياه الجوفية في الأجزاء الشرقية والغربية، ويتبخر ما يُقارب 754 مليون متر مكعب سنوياً.”
وخطورة انحسار البحر الميت تؤثر في الجوانب البيئية جميعها ومنها الهواء الذي تزداد فيه نسبة التبخر للمياه المالحة التي تبلغ1600 ملم سنوياً وفقاً لتقرير صادر هذا العام عن وزارة البيئة في رصد الهواء المحيط في البحر الميت، إذ اوضح أن تراكيز الملوثات الغازية المقاسة وهي PM10، PM2.5، NO2، SO2، O3، NH3، H2S، CO والجسيمات الدقيقة المستنشقة العالقة في الهواء والتي يقل قطر جزيئاتها عن 10 ميكرون (PM10) والجسيمات التي يقل قطر جزيئاتها عن 2.5 ميكرون (PM2.5) هي ضمن الحد المسموح به في المواصفة الأردنية.
لكن القياسات السابقة، بحسب أبوحمور لن تبقى ضمن الحدود المسموحة في ظل انهيار النظام البيئي في منطقة البحر الميت، مناشدا عدم خسارة مشروع ناقل البحرين الذي هو أساس حل مشكلة مياه الشرب ومشكلة البحر الميت.
وعن المشروع يوضح أبوحمور أن ارتفاع الأرض من البحر الأحمر وحتى منطقة الريشة هو 215 مترا فوق سطح البحر سيتم جر المياه إليها، على خلاف جغرافية الأرض من الريشة وحتى غور فيفا باتجاه البحر الميت التي تنحدر بعمق 650 مترا، ما يساعد في وصول سهل للمياه بالانسياب وتوليد 40 % من طاقة المشروع الذي يعتبر من أفضل مشاريع توليد الطاقة الصديقة للبيئة، مضيفا ” على امتداد المشروع الذي طوله 200 كم ستصبح البيئة أجمل وتتوفر المسطحات المائية وتزيد الزراعة السمكية وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية وبأعداد كبيرة.”
ويضم المشروع كما يقول أبو حمور إنشاء محطّة تحلية تبعد 17 كم عن البحر الأحمر بالقرب من جمرك العقبة، يتم تسييل المياه الفائضة منها مع مياه غير محلاة باتجاه البحر الميت عبر ناقل (مواسير ذات أقطار كبيرة) يتم تجميع المياه في محطات ثم تسييلها وهكذا.
وقال أبو حمور، “إن توقف التفاوض حول النقاط الأخيرة بالمشروع يعني توقف مشروع حيوي كبير بالنسبة للأردن الذي عليه أن يستأنف التفاوض كونه المستفيد الأكبر ولا يجوز السكوت عليه وخسارة مشروع حيوي كهذا يمكن تحقيقه بتفاهمات قليلة بعدما تم الاتفاق على جميع المفاصل الرئيسة وغير الرئيسة للمشروع الذي تحتضنه بالكامل الأراضي الأردنية.
وتسعى وزارة المياه والري في الآونة الأخيره لطرح مشروع بديل ومكلف دون جدوى كبيرة هو مشروع تحلية مياه البحر الأحمر الذي سيرفع ثمن كلفة تحلية المياه ونقلها إلى المحافظات وخاصة البعيدة منها، متسائلاً “لماذا نذهب إلى مشاريع أخرى لمواجهة أزمة المياه في الأردن، الذي يصنف ثاني أفقر دولة مائياً على مستوى العالم، دون إيجاد مشروع استراتيجي حيوي دائم بأقل التكاليف وأكثر فائدة مائياً وبيئياً وبيولوجياً وطاقةً ؟”.
الغد