مرايا – عاش الناس ظروفا عصيبة بسبب وباء كورونا، خلال عام 2020 الذي يشارف على نهايته، وسط قلق على صحة الصغار النفسية، ممن فتحُوا أعينهم على هذه الحياة، فوجدُوا أنفسهم محاطين بقيود وإجراءات معقدة، قلما يستوعبونها، وربما تكون لها تأثيرات بعيدة الأمد.
وبعد ظهور وباء كورونا، في أواخر 2019، في مدينة ووهان الصينية، وتفشيه في باقي دول العالم، لجأت الحكومات إلى فرض التباعد الاجتماعي لأجل كبح انتشار العدوى.
وفي إطار إجراءات الوقاية، تم إغلاق المدارس، واكتفى الصغار بالتعلم عن بعد، وهو ما حرمهم من التفاعل واللعب مع زملائهم في الخارج.
وبحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن إحدى الأمهات، فإن الآباء وجدوا أنفسهم بين خيارين عسيرين؛ أي بين وقاية أبنائهم الصغار من خطر الفيروس، وبين حمايتهم من هذه “العراقيل الاجتماعية”
وتقول سوزان جندلمان، وهي أم أميركية، في تعليق ساخر، إن ابنتها رأت زرافات في حديقة الحيوانات أكثر مما رأت أطفالا صغارا خلال العام الجاري.
ولم يجر نشر أي دراسات حتى الآن بشأن تداعيات إجراءات كورونا الوقائية على صحة الأطفال، لأن الوباء أكمل عامه الأول بالكاد.
لكن بعض الخبراء يقللون من خطورة فترة الحجر، والسبب أن الأطفال يقضون معظم الوقت إلى جانب عائلاتهم، عندما يكون في عمر مبكر.
في المقابل، يرى آخرون أن تفاعل الأطفال مع بعضهم البعض ضروري جدا، لاسيما عند تعلم اللغة ونطق الجمل، وبالتالي، لا غنى عن التفاعل الاجتماعي حتى وإن كان الإنسان صغيرا.
وترى الباحثة في جامعة “تامبل” بولاية بنسلفانيا والأكاديمية المختصة في لغة الأطفال، كاثرين هيرش باسك، أن تفاعلات الطفل مع غيره مهمة جدا لأنها تساعد على تنمية الدماغ.
وأوضحت الباحثة أن هذه التفاعلات ضرورية للغاية في إقامة البنى والاتصالات في منطقة الدماغ.
ورغم استعانة الآباء بالأجهزة الذكية، من أجل إتاحة التواصل بين أبنائهم والأجداد أو الأقارب، يرى الخبراء أن هذا لا يغني عن التواصل المباشر الذي حرمتنا منه كورونا، لأن تقنية الفيديو تجري بشكل مغاير، كما أنها قد تنقطع بين الفينة والأخرى وهذا الأمر يترك أثرا نفسيا لدى الطفل.
في غضون ذلك، يرى الباحث المختص في علم النفس بجامعة ميشغان، جون هيغن، أنه قلقٌ بشكل أكبر على تداعيات الحجر الصحي وسط الأطفال الذين تقدموا بعض الشيء في العمر.
وفي سنة 1974، تم نشر دراسة حول وضع الأشخاص الذين عاشوا طفولتهم خلال الأزمة الاقتصادية العالمية لـ1929 أو ما يعرف بالكساد الكبير.
وبحسب الباحثة في علم النفس، بريندا فولينغ، فإن ما كشفته تلك الدراسة هو أن الأطفال الذين حظوا بحياة أفضل لاحقا، تربوا في عائلات استطاعت أن تتغلب بسرعة ومرونة على ظروف الكساد الكبير.
وتبعا لذلك، فإن تأثير أي أزمة من الأزمات على الطفل يعتمد أساسا على تجاوب العائلة وطريقة تعاملها مع الأوضاع الطارئة.
وهذا الأمر يختلف من وسط إلى آخر، في زمن كورونا، إذ ثمة أسر كثيرة عاشت ظروفا مستقرة في بيوت مريحة وبموارد كافية، بينما كابد آخرون ظروفا عصيبة، بسبب المشكلات التي رافقت كورونا، مثل البطالة والفقر والأمراض، وهذه الأمور ستؤثر حتما على الصغار مستقبلا.