ضمن تحضيراتها لاحتفالية مئوية الدولة الأردنية، صدرت من إنتاج وزارة الثقافة رزنامة (وتستمر المسيرة: 1921-2021)، مشتملةً على 24 لوحة فنيّة حملت المكان والمعالم الأردنيّة، وأهم الأحداث التاريخيّة التي مرّ بها تطوّر الدولة من عهد الإمارة مروراً بعهد الاستقلال والنهوض ودولة والقانون والمؤسسات.
وازدهت الرزنامة الحائطية التي جاءت بقياس (50×35) سم، بأساليب ومدارس متنوعة لفنانين أردنيين باستخدام الألوان الزيتية والمائيّة للمدن الأردنيّة والأماكن التراثيّة والقلاع والطبيعة الخلابة والقرى والمحميات الطبيعية والبحر الميت والسدود والبلدات الأردنية.
واحتفت اللوحات بقصر رغدان العامر، وقصر الملك المؤسس، والبترا، والأغوار، وسد وادي العرب، وأم قيس، وقرية ضانا القديمة، ووسط البلد بعمان، والمدينة الأثرية بجرش، ومحطة سكّة حديد الحجاز بمعان، وقلعة الكرك، ومنطقة العالوك، والبحر الميت، ووادي رم، ومدينة الأزرق، ومحميّة الشومري.
ووضعت الرزنامة متصفحها بأحداث متنوّعة في مجالات عديدة، كان لها حضورها الوطني في تواريخ وأيّام معيّنة طيلة أشهر الاحتفالية لعام 2021.
وتشكّل الرزنامة بانوراما نطلّ منها على مناسبات وأحداث شاهدة على عقود من التطوّر والريادة والبناء والتعزيز الديمقراطي والنهضوي، والإضاءة على مفاصل لصفحات أردنية ناصعة في مرحلة التأسيس وقدوم الملك عبدالله الأول ابن الحسين إلى معان وعمان وخطاباته وأفكاره القومية والوطنية، ومراحل تأسيس بنية الدولة السياسيّة والعسكريّة والدستوريّة والتعليميّة والصحيّة والثقافيّة والاقتصاديّة والدبلوماسيّة والعلاقة التاريخية للأردن بفلسطين ودعوته لتكامل الصّف العربي في عقود من التنمية والتواصل الإقليمي والعالمي.

وتضعنا الرزنامة بإمكانية قراءة الماضي والحاضر وعقد مقارنات البدايات وأوجه التطوّر، ففي الناحية العسكرية على سبيل المثال نقرأ تواريخ صدور أول قانون للجيش العربي وافتتاح كليّة الحرب وكلية القيادة والأركان الملكية وإسهام الجيش العربي المصطفوي في الدفاع عن القدس الشريف في معارك باب الواد واللطرون، والانتصار المشرّف في معركة الكرامة الخالدة، وإسهام قواتنا المسلحة في عمليات حفظ السلام عربياً وعلى المستوى الدولي، واهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني بالتطوير النوعي والتقني في هذا المجال.
وفي المجالات التشريعيّة والدبلوماسيّة أيضاً، نقف عند محطات كثيرة، مستذكرين في الرزنامة بدايات إعلان الدستور الأردني، وصدور العدد الأول من الجريدة الرسمية، وتوقيع الأردن لاتفاقيات عربية وإقليمية ودولية ذات أثر إنساني وتنموي، وكذلك دفاع الدبلوماسية الأردنية عن القدس الشريف وحقوق الشعب الفلسطيني والتمسك بالوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات في فلسطين وجهود الأردن في وضع القدس على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وعودة منطقة الباقورة والغمر للسيادة الأردنيّة، وأيضاً تطوّر العمليّة الانتخابية من خلال قانون الانتخاب ومواكبته المستمرة، وكذلك بدايات التشريع الأردني واستضافة الأردن لمؤتمرات القمة العربية، وتمكين المرأة الأردنية وتأكيد دورها في المشاركة الشاملة والنوعية التي تجلّت بشكل واضح وفق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، كما تبرز الرزنامة النهضة الاقتصادية وتشريعات حماية الاستثمار وتشجيعه وإنشاء حواضنه الضرورية وشقّ الشوارع ومدّ الكهرباء وإعلان المناطق التنموية واحتضان مؤتمرات دولية في هذا الجانب، كما نقرأ تطوّر الصحافة في الأردن منذ صحيفة “الحق يعلو” وأعدادها الأولى في معان وعمان، وما تلاها من صحف أكّدت الريادة الثقافية والإعلاميّة في تطوير الإذاعة الأردنية وافتتاح التلفزيون الأردني وكافة المنابر والآفاق المصاحبة، وفي الجانب الشبابي نقرأ قانون رعاية الشباب، وتأكيد جلالة الملك عبدالثاني لدورهم من خلال إنشاء “هيئة شباب كلنا الأردن” والمبادرات الخلاقة، أمّا في المجال الثقافي والتراثي فتضعنا الرزنامة بإدراج الفضاء الثقافي للبتراء ووادي رم على قائمة روائع التراث الشفوي للبشرية، وكذلك إدراج السامر الأردني ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي وكافة المفردات الأصيلة، وإدراج موقع المغطس على قائمة التراث العالمي، والاهتمام بالسياحة التراثية من خلال احتفال البتراء بزائرها المليون عام 2019.
كما تبرز الرزنامة تواريخ مهمّة في وقوف الأردن وقيادته الهاشمية ضد قوى الإرهاب والظلام وإحباط أجهزتنا الأمنية لكلّ المؤامرات التي تستهدف الوطن والنيل من وحدتنا الوطنية، وكذلك نحتفي بنماذج الشهادة الأردنية الناصعة في هذا المجال، وصدور “رسالة عمان” في توضيح وسطيّة الإسلام وسماحته وآفاقه الواسعة في مجال التشاركيّة الإنسانيّة.

رزنامة حائط نهائي