مرايا – عانت العديد من شركات الطيران من مُعضلة وقف السفر وإلغاء الحجوزات، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي اجتاح الكثير من البلاد حول العالم.
ويتضح مدى شلل حركة السفر عند النظر إلى تقارير الأرباح والخسائر للربع الثالث من العام الماضي.
انخفضت أعداد طائرات الركاب الوافدة في أمريكا الشمالية بنسبة 48% على أساس سنوي، وفقاً لأرقام ديسمبر كانون الأول، الصادرة عن شركة تحليلات الطيران Cirium، بينما كانت أمريكا اللاتينية أفضل حالاً، حيث انخفضت بنسبة 46٪.
وكانت أرقام أوروبا منخفضة بنسبة تزيد عن 70٪ على أساس سنوي.
وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي سيطرت على الوباء بشكل أفضل من المناطق الأخرى، لا يزال عدد الوافدين أقل بنسبة 30٪ حالياً عما كانت عليه هذا الوقت من العام الماضي.
ومع انتشار الموجة الثانية من الوباء في جميع أنحاء العالم، اتخذت شركات الطيران إجراءات صارمة لخفض التكاليف، بداية من تقليص حجم الطائرات إلى تقاعد أساطيل بأكملها وقطع الطرق.
وحلَقت شركة طيران البلطيق هذا الشتاء بطائرات ممتلئة حتى الثلث فقط. وتعكس أرقام أكبر مجموعة شركات طيران في أوروبا (IAG) أنها كانت تحلق بطائرات نصف ممتلئة خلال ذروة فترة الصيف، من يوليو تموز إلى سبتمبر أيلول، رغم انخفاض سعتها إلى 21.4٪ فقط.
وأعلنت EasyJet أيضاً عن أول خسارة لها منذ 25 عاماً في أكتوبر تشرين الأول، وخفضت الرحلات الجوية إلى سعة 20٪ عام 2020.
وتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) أنه في 2021، ستشهد شركات الطيران الأوروبية متوسط عامل الحمولة بنسبة 65٪، فلا يبدو الأمر سيئاً للغاية.
ويذكر أن شركات الطيران تحتاج إلى العمل في المتوسط بنسبة 70٪ لتحقق التعادل بين الخسائر والأرباح.
وأُجريت هذه التوقعات قبل اكتشاف السلالة الجديدة لكوفيد-19 في المملكة المتحدة، ما دفع العديد من الوجهات إلى إغلاق حدودها أمام الطائرات القادمة من المملكة المتحدة.
يقول جراهام دن، المحرر التنفيذي لشركة FlightGlobal، إن شركات الطيران تخطط خلال الأشهر القليلة المقبلة “السفر إلى أي مكان يمكنها الوصول إليه”.
لكن بالنسبة لشركات النقل التقليدية ومنخفضة التكلفة، هذا يعني أشياء مختلفة، حيث تركز شركات الطيران التقليدية على خطوطها الكبيرة من المطارات المحورية، في حين أن شركات الطيران منخفضة التكلفة ستتجه رحلاتها أينما كان ذلك مسموحاً به.
وبدلاً من الجلوس بشكل جميل على طائرة دريملاينر أو A380، توقع أن تكون على متن طائرة أصغر حجماً، حتى تتمكن شركة الطيران من تحقيق التعادل.
هناك أمر إيجابي واحد تمكنا من استخلاصه من الوباء، وهي فترة الاستراحة التي منحناها للبيئة مع رحلات الطيران المنخفضة لدينا.
يقول أسكانيو فيتالي، وهو مهندس وخبير بيئي: “لا يتعلق الأمر فقط بالطائرة التي يتم استخدامها أو المسار، بل يعتمد على حركة المرور.. أول شيء عليك القيام به (لتقليل آثار الكربون) هو زيادة عامل الحمولة”.
وهذا يعني أنه إذا تم استخدام طائرة أصغر للطيران لمسافات طويلة في الوقت الحالي، “فهذا بالتأكيد أكثر كفاءة”، بحسب قوله.
الأخبار الجيدة والسيئة حول الأسعار
هل تفكر في العودة إلى السماء في عام 2021؟ ربما تفترض أن قلة الطلب تعني أسعاراً أقل، حيث تخفض شركات الطيران أسعارها لتشجيع الركاب على العودة إلى الطائرة.
قال متحدث باسم تطبيق “هوبر” لحجز تذاكر الرحلات إنه كان هناك “انخفاض حاد” في الطلب على درجة رجال الأعمال، حيث انخفضت الحجوزات بنسبة 20٪ هذا الخريف. وقد تُرجم ذلك إلى أسعار أقل أيضاً.
حتى الآن، رفعت شركات الطيران أسعارها لعام 2021 لتعويض نقص الطلب. ولكن إذا ظل الطلب منخفضاً، فتوقع أن تقل الأسعار. ربما لا تكون صفقة الربيع الخاصة بك مجرد حلم بعيد المنال.
يقول جراهام دن: “سيكون لديك مطارات تبحث عن حركة مرور، لذا ربما يحاولون تقديم عروض جذابة لإعادة شركات الطيران مرة أخرى”.
لكن هذا لا يعني بالضرورة انخفاض المنافسة على المدى الطويل. في الواقع، ربما يساعد الوباء في إطلاق خطوط طيران جديدة.
ومن بين الخطوط التي يُخطط لإطلاقها في عام 2021، تشمل Flyr في النرويج، وPacifika Air في نيوزيلندا، كما تم إطلاق LIFT للتو في جنوب إفريقيا.
ومع فشل شركات الطيران هذا العام، وربما المزيد في المستقبل قبل نهاية الوباء، سيكون هناك الكثير من الطائرات الاحتياطية والطاقم المؤهل للعمل عليها.
وبالنسبة لأولئك الذين يمتلكون الأموال والقوة لإطلاق شركة طيران، فقد يكون هذا وقتاً جيداً جداً للقيام بذلك. ولن يكون ذلك فورياً، يراهن دان على صيف 2022.
لكنه يقول إنه “ستكون هناك طائرات متاحة، وتمويل، وستقوم شركات الطيران المتبقية بتخفيض شبكاتها، وما سيحدث هو أنه سيكون هناك لاعب جديد يأتي وينتهز الفرصة”. ورغم أن الأسعار لن تكون أقل على المدى القصير، إلا أنه يعتقد أنها ستنخفض خلال عام.
يقول اسكانيو فيتالي: “يتمتع الطيران ببصمة كربونية هائلة، والاتجاه للحد من الانبعاثات بطيء للغاية، وغير طموح، إلى درجة أنه لن يجعل الصناعة مستدامة.
“لقد علَمنا الوباء أننا يجب أن نستهلك أقل، لكنني لا أعتقد أن الناس يفهمون، لأنهم ينتظرون فقط العودة إلى طبيعتهم”.