مرايا -ارتدت عارضات أزياء عباءات أنيقة وأحذية بكعوب عالية وسرنَ قرب حمام للسباحة، في عرض أزياء نادر في العاصمة السعودية الرياض التي تشهد تغيرات اجتماعية متسارعة منذ سنوات.
وعروض الأزياء أمر غير مألوف في المملكة المحافظة، وقد اقتصرت العروض النادرة في الماضي على الحضور النسائي أو تجنبت الاستعانة بعارضات أزياء عبر عرض الملابس على المدرج باستخدام طائرات من دون طيار.
ولكن في الحدث الخاص الذي أقيم في الرياض نهاية الأسبوع، عرضت مجموعة جديدة من العباءات أمام مجموعة صغيرة من الحضور من الجنسين.
وسارت العارضات وهنّ سعوديات أو من أصول سعودية، على الممشى وهن يرتدين المجموعة الجديدة التي سعت لإعادة تقديم العباءة كرداء أنيق فوق الملابس ليس للمسلمات فقط بل لجميع السيدات.
ومجموعة “خليكي شيك” أو “ابقي أنيقة”، تأتي ثمرة تعاون بين الأميرة السعودية صافية حسين غراس والمصمم البلجيكي كريستوف بوفيز.
وقالت الأميرة صافية “النظرة الشائكة للعباءة والحجاب في العالم. أردت تغيير ذلك”.
وأضافت “في حال أوصلتها إلى مستوى من الأناقة والقبول (..) قد يقوم جيلنا بتبني العباءة (بشكل كامل)”.
وفي العقود الماضية، فرضت الشرطة الدينية في المملكة المعروفة باسم هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر العباءة على النساء من السعوديات وغيرهن ولاحقتهن في الأماكن العامة للتأكد من تقيدهن بذلك.
وينظر إلى العباءة على أنّها رمز للاحتشام، لكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ألمح في عام 2018 في مقابلة تلفزيونية مع قناة “سي بي اس” الأميركية إلى تغيير محتمل في مسألة فرض ارتداء العباءة في الأماكن العامة، بعدما قال إنّ احتشام المرأة لا يعني بالضرورة لبسها لها.
إلا أن النساء في المملكة واصلن ارتداءها نظراً إلى عدم صدور أي مرسوم حكومي بذلك. وما زالت السعوديات ملزمات ارتداء العباءة عند الخروج.
والعباءة التي كانت تقليديا سوداء اللون، أصبحت الآن متوافرة بألوان زاهية ومطرزة ومختلفة. وعمدت أخريات في الفترة الأخيرة إلى ترك العباءة مفتوحة من الجهة الأمامية.
وتحدت قلّة من السعوديات هذه القواعد وتجوّلن من دون عباءة في المملكة.
وتقلّصت في السنوات الأخيرة سلطة الشرطة الدينية، لكن عدم ارتداء العباءة قد يثير حفيظة متشددين في ظل عدم وجود قوانين حاسمة في هذا الشأن.
ويعود تاريخ العباءة إلى آلاف السنين لكن العقود الأخيرة فقط هي التي كانت شاهدة على فرضها على نساء المملكة.
وتقول الأميرة صافية (50 عاماً) إنها تأمل في جعل العباءة “على الموضة”، وأن تمثّل تقاطعا بين الحداثة والتقليد عبر مزج الزخارف والنمط العربي مع الأقمشة الحديثة.
وبالنسبة للمصمم البلجيكي بيوفيس الذي يعمل في دار أزياء “لومار” في جدة، فإن تصميمات العباءات ستجذب النساء من مختلف الثقافات والأديان اللواتي يتشاركن الرأي نفسه حول “الاحتشام والأناقة”.
ونُظم عرض الأزياء في مقر إقامة سفيرة بلجيكا لدى المملكة.
ومنذ تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، تحرّرت المملكة من قيود متشددة عدة، فسُمح للنساء بقيادة السيارات ودخول ملاعب كرة القدم، وأعيد فتح دور السينما، وأقيمت حفلات موسيقية عربية وغربية صاخبة خصوصا في الرياض.
ولكن على الرغم من هذا المنحى التحرري، فإن تنظيم الحدث كان صعبا.
وأكد مصدران مقربان من المنظمين لوكالة فرانس برس أن السلطات السعودية رفضت في البداية منح السفارة البلجيكية الإذن لإقامة العرض.
ولم يصدر أي تعليق علني من السلطات السعودية أو السفارة البلجيكية. وسُمح بإقامة العرض بعدها.
واقتصر الحضور على عشرات الأشخاص فقط، بينهم أعضاء من العائلة الحاكمة السعودية ودبلوماسيون ومؤثرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي رغم القيود المرتبطة باحتواء فيروس كورونا المستجد.
ويمثل هذا العرض رغم عدد الحضور القليل تغييرا في عروض الأزياء التي أقيمت في السابق في المملكة.
وفي نيسان/ابريل 2018، شارك المصممان جان بول غوتييه وروبرتو كافالي في أول أسبوع للموضة العربية في المملكة، وهو حدث اقتصر على النساء فقط ومنع منه الرجال ودخول الكاميرات.
وفي حزيران/يونيو 2018، انتشر فيديو لأثواب تطفو في الهواء وتقودها طائرات دون طيار في عرض للأزياء في مدينة جدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وسخر مستخدمون من العرض واصفين إياه بـ “عرض الأشباح”.(أ ف ب)