مرايا – يعد البريد الاردني الذي بدأ مسيرته في عام 1918 احد انجازات الدولة الاردنية منذ تأسيس الامارة، واكب فيها التطورات المتسارعة التي شهدها القطاع البريدي الدولي.
ومر البريد الذي يعرف اليوم بـ”شركة البريد الاردني” خلال المئة عام الماضية بالعديد من المحطات كونه وسيلة مهمة لنقل الرسائل والوثائق والصناديق والطرود، وايصالها الى مواقع معينة داخل البلاد وخارجها، كما شهد تنوعا في الخدمات المقدمة من خلال266 مكتبا بريديا منتشرا في جميع محافظات المملكة، وبأسطول من الاليات وصل عددها الى 150مركبة. وقال رئيس مجلس ادارة البريد الاردني المهندس باسم الروسان لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، إن البريد كان يقدم خدماته في بداية مسيرته بوسائل بدائية بسيطة، مستخدما الخيول والعربات لايصال الرسائل آنذاك، تطور بعدها لاستعمال بالقطار ومن ثم السيارات المتوفرة لاحقاً ، بالإضافة إلى نقله بحراً إلى البلدان الأخرى.
واضاف انه مع إنشاء أول حكومة عام 1921 والتي أطلق عليها اسم “مجلس المشاورين”، تم البدء بتنظيم وتطوير الخدمات البريدية، باعتبار مرفق البريد من أهم المرافق الهامة في الدولة، حيث تم إنشاء بناية خاصة لمكتب البريد في السلط، وامتد إنشاء المكاتب بعد ذلك لتشمل المدن الرئيسة في الأمارة. واشار الروسان الى ان الخدمات البريدية من أوائل خدمات البنية التحتية التأسيسية للدولة الأردنية، وذلك لحاجة المؤسسات حينها إلى الاتصالات والمراسلات مع عدة جهات، حيث بدأت خدمة البريد والبرق والهاتف في الأردن بصورة رسمية مع قيام أول حكومة.
وأُنشئت دائرة البريد وتم ربطها بالشبكة الهاتفية وزود بعضها بالأجهزة والآلات المُبرقة التي تعمل على طريقة مورس القديمة، كما طُبِّقت آنذاك القوانين والقواعد والتعليمات التي كان معمولاً بها في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني، بعد إجراء بعض التعديلات الضرورية لاحقاً والتي تتماشى مع النواحي الاقتصادية والإدارية والمالية للبلاد، وصدرت الأنظمة الخاصة بالبريد والطرود والحوالات والأذون البريدية. واضاف انه بعد تأسيس “نظارة البريد” توسعت الخدمات البريدية، وتم افتتاح 9 مكاتب جديدة، وخلال الفترة 1939ـ 1949 تم تزويد المكاتب الجديدة بشبكات هاتفية، وزيادة انتشار المكاتب البريدية، وتأسيس عشر شعب بريدية، موضحا ان الخدمة الهاتفية تحولت من مقاسم مغنيتو إلى خدمة نصف آلية.
من جهته، قال مدير عام شركة البريد الاردني الدكتور خالد اللحام ان انطلاقة البريد كانت عن طريق إرسال الرسائل البريدية، تبعها مرحلة تقديم عدد من الخدمات البريدية المختلفة.
واشار الى ان مسيرة البريد شهدت وضع التشريعات اللازمة لمواكبة التطورات على الصعيد الدولي، حيث صدر عام 1926 قانون تشميل اتفاقية استوكهلم المتعلقة بالبريد على أمارة شرق الأردن، وأعلن التزام الأردن بالانضمام إلى اتحاد البريد العالمي، ما حقق العديد من المنافع كالتسهيلات التي تلاقيها مصلحة البرق والبريد والهاتف في معاملاتها وعلاقاتها مع البلاد الأجنبية.
وفي عام 1947 أصبحت المملكة الأردنية الهاشمية عضواً في أتحاد البريد العالمي، فيما صدر في عام 2002 قانون الخدمات البريدية المؤقت والذي الغى القانون الصادر في عام 1988 الى أن صدر قرار مجلس الوزراء باعتبار شركة البريد الأردني مشغلاً للبريد العام اعتبارا من مطلع كانون الثاني عام 2003.
وبين الدكتور اللحام ان شركة البريد الاردني وضعت خُطّةٍ تتضمّنُ مجموعةً من المشاريع الرائدة، كتقديم الخدمات نيابة عن الوزارات والدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص وتقديم خدمات بريدية إلكترونيّة، والتوسّعُ في تقديمِ الخدماتِ الماليّةِ، لتشملَ الحِوالاتِ الماليّةَ الإلكترونيّةَ، وخدماتِ الدفعِ الإلكترونيّ بواسطة المحفظة الإلكترونية والهاتف النقّال، وإطلاق مشاريع التجارة الإلكترونية. واشار الى ان الشركة وضعت خطة استراتيجية تضمنت العديد من المشاريع والمبادرات التي تم تنفيذ بعضها، وتخضع للتحديث بشكل مستمر، وإضافة مشاريع جديدة ضمن الخطة الاستراتيجية الحالية للأعوام (2021-2023) من خلال استغلال نقاط القوة من حيث ملكية الموجودات والأصول الثابتة (أراض وعقارات) ونفاذية شبكة مكاتب البريد ووجود أسطول نقل قادر على تأدية الخدمات اللوجستية للمساعدة في تنفيذ هذه المشاريع واستغلال الشراكات مع القطاعين العام والخاص، لتحسين إيرادات الشركة وزيادة استغلال مصادرها وخفض النفقات.
وقال انه تم تطوير الخدمات اللوجستية حسب أفضل الممارسات العالمية ومتطلبات السوق الجديدة والمتغيرة، التي تزيد من فرصة المنافسة في السوق وزيادة الإيرادات وتقليل الخسارة، بحيث نطبق رؤية البريد المتمثلة في الريادة في قطاع الخدمات البريدية على المستويين المحلي والإقليمي، ورسالته المتمثلة بتطبيق أفضل معايير الجودة في تقديم الخدمات البريدية والمالية واللوجستية من خلال نافذة بريدية متكاملة بكوادر مؤهلة وأسعار منافسة لتحقيق احتياجات العملاء المتغيرة.
واستعرض اهم الخدمات التي يقدمها البريد، كالدعم اللوجستي والشحن والتوصيل والتي تتضمن اتفاقيات نقل بريد داخلي ومسجل وسريع للهيئات والمؤسسات العامة وعدد من البنوك، منها خدمة توصيل البلاغات، ونقل معاملات تجديد جوازات سفر المقدسيين، وتطوير خدمات التجارة الإلكترونية والبريد السريع، لتسهيل خدمة توفير عنوان افتراضي للمواطن الاردني، اضافة الى مستودعات افتراضية في الاسواق العالمية.
كما يوفر البريد خدمة الدعم اللوجستي المتمثلة بالمعاينة والتخليص الجمركي والتطبيقات الذكية والتوصيل من الباب الى الباب والدفع عند الاستلام لبعائث التجارة الالكترونية الواردة عبر البريد الاردني من مختلف مواقع الشراء العالمية الاخرى .
واشار الى توقيع عدة اتفاقيات مع الدوائر والمؤسسات الحكومية لتوصيل مخرجات الخدمات الحكومية الالكترونية لطالبي الخدمة وفق أفضل وسائل التحقق الإلكتروني، مؤكدا سعي البريد الاردني لتقديم الخدمات المالية (الشمول المالي ) من خلال الحوالات المالية الفورية، حيث تم توقيع اتفاقيات مع كبرى شركات الحوالات المالية العالمية لتقديم خدمة الحوالات المالية في المكاتب البريدية، وخدمات الدفع المالي الإلكتروني من خلال تقديم جميع خدمات دفع الفواتير والمستحقات من خلال نظام (إي فواتيركم) في المكاتب البريدية المحوسبة وعددها(172)مكتبا، وتوفير خدمات الدفع نيابة عن الغير، مثل منتفعي صندوق المعونة الوطنية ووكالة الغوث وبرنامج الغذاء العالمي اضافة الى المحافظ المالية الالكترونية.
واكد ان خطة البريد الاردني تتضمن الاستثمار في أراضي وعقارات الشركة غير المستغلة لتخفيض الكلف، حيث تم تأجير العديد من المباني والانتهاء من تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية في مبنى الادارة العامة، مشيرا الى انخفاض فاتورة الكهرباء الشهرية من 17 الف دينار الى 350 دينارا.
يذكر ان شركة البريد ملتزمة بتقديم الخدمة البريدية الشمولية في جميع المحافظات، كما تم العمل على تحديث أسطول النقل فيها والبالغ 120 آلية. وكان البريد الاردني ترشح لعضوية مجلس الادارة ومجلس الاستثمار البريدي لاتحاد البريد العالمي للمؤتمر المقبل، الذي سيقام في ساحل العاج في شهر آب المقبل، كما انضم الى اللجنة العربية الدائمة للبريد، ومديره العام عضو في مجلس ادارة اتحاد البريد الاورومتوسطي للأعوام (2020-2022 ) .