مرايا – لا تزال الحياة البرية في الأردن، تتعرض لتهديد الأنشطة البشرية كالصيد الجائر والتجارة غير المشروعة، برغم تطور التشريعات والعمل المؤسسي الحكومي، وفق خبراء بيئيين.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للأحياء البرية، الذي يحتفل الأردن به اليوم مع دول العالم، دعا خبراء عبر ، “الحكومة لإيلاء القطاع البيئي الأهمية، وأن تعمل المؤسسات المعنية بتشاركية وليس انفراديا، بمعزل عن المختصين، كما يحدث حاليا”.

وحدد الباحث في الدراسات الحيوانية بمراقبة التنوع الحيوي في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عمر عابد “التهديدات للأحياء البرية بالصيد الجائر والتلوث والتغير المناخي، وارتفاع نسبة الغازات الدفيئة، والزحف العمراني وغيرها، الناجمة عن الأنشطة البشرية”.

ولفت عابد الى أن “التنوع البيولوجي في الأردن يتجلى بأعداد الأنواع وعائلات الكائنات الحية المختلفة، اذ سجل 2550 نوعا نباتيا، و436 طيرا مقيما ومهاجرا”.

ورصدت الجمعية كذلك، بحسبه، “82 نوعا من الثدييات، و145 من الزواحف والبرمائيات، في وقت تضم فيه المملكة 13 نمطا نباتياً مختلفاً، تسعى الجمعية للحفاظ عليها في محميات طبيعية”.

وبين أنه ضمن استراتيجية الجمعية “حماية التنوع الحيوي، كما أنها تمتلك خطة طموحة لتدخل المئوية الثانية، لتأسيس المملكة بمزيد من الإنجازات التي تتجلى بالحفاظ على الكنوز الطبيعية”.

وشدد على أن “الأردن كانت من دول المنطقة السباقة بشأن حماية البيئة، لكن التحديات الناشئة محليا وعالميا، زادت من الضغوطات على المصادر البيئية”.

ومن مشاريع الجمعية حاليا، وفق عابد، أن “هنالك برامج للمراقبة، وأخرى تنموية يجري العمل فيها مع المجتمع المحلي، تقلل من الضغط والتدخلات البشرية على المصادر الطبيعية، بالإضافة لتلك التي تنفذ على مستوى الدولة”.

وكانت الجمعية العام الحالي، حررت 209 ضبوطات، في حين بلغ عدد الطيور المصادرة 597، والزواحف 962، كما صادرت 955 نوعا من الصقور والسلاحف، في الفترة ذاتها، ونحو 43 حيواناً مهدداً بالانقراض، و13 طير رحى.

وضرب عضو هيئة التدريس في قسم العلوم الحياتية بالجامعة الأردنية محمد أبو بكر مثالاً على تناقص الحيوانات البرية “كتراجع أعداد الخفافيش، والذي يعد وجودها مهما جدا لكونها تتغذى على الحشرات، لتمنع بذلك أي خلل يصيب النظام البيئي”.

ولفت أبو بكر الى أن “الوضع الحالي يتصف بالسوء، بسبب ثقافة الأفراد السائدة بالاعتداء على الحيوانات وقتلها، لاعتقادهم بأنها ستؤذيهم، لذلك لا نرى أي تصرفات منهم تدلل على محبة الطبيعة والاهتمام بها”.

وبين أن “التمدد في المشاريع الزراعية والتنموية، يكون دائما على حساب التنوع الحيوي وحماية البيئة، مثلما يجري على جانب الصحراء الشرقية من حفريات لاستخراج أنواع من الحجارة، لاستخدامها في الإنشاءات أو للزينة”.

وأضاف أن “دراسات التقييم البيئي في الأردن، صورية، لا تنفذ على أرض الواقع، لأن الاستثمارات أولوية بالنسبة للحكومة، وإن كانت على حساب الطبيعة”، داعيا لـ”تطبيق القوانين فعليا”.

وتعمل وزارة البيئة، وفق مدير مديرية حماية الطبيعة فيها بلال قطيشات “حالياً مع وزارة الصحة على دراسة عقار طبي بيطري، يتسبب بتسميم الطيور المهاجرة”، كما تعكف بالتعاون مع وزارة الزراعة على “إعداد تعليمات لتنظيم الحياة البرية والصيد، لمنح صلاحيات أوسع للجهات المعنية، ووضع تعريفات واضحة للصيد والحوكمة وغيرها”، وفق قطيشات.

كما “وأصدرت مؤخراً القائمة الحمراء للحيوانات، حددت فيها الأنواع الموجودة بالمملكة، والمهددات التي تتعرض لها، وإجراءات حمايتها”، مبينا أن “تهديدات الحياة البرية، تكمن في التجارة غير المشروعة، والصيد غير القانوني، لذلك فإن التكاملية بحماية هذه الأنواع، تنبثق من اتفاقية (سايتس)، وتنظيم عمليات الصيد”.

وأوضح قطيشات أن “ما يطال الحيوانات البرية من تعد، ليس كبيرا، لكن ما تزال هنالك حاجة لزيادة التوعية بها”، معربا عن “تخوفه المستقبلي للركود الذي رافق جائحة كورونا من أن تزيد نسب الاستهلاك والطلب والإنتاجية، ما ينعكس سلباً على الطبيعة، ويدفع للمطالبة بتشديد الإجراءات دوليا، ووضع التزامات على الدول لحماية الحياة البرية”.

ولفت الى أن “الاتفاقية الإطارية للتنوع الحيوي بعد العام 2020، تبلورت في علاقة الإنسان بالحياة البرية، وآلية تنظيمها، مع الآليات الواجب اتباعها لتعزيز مفاهيم الحماية للكائنات البرية”.

ويتزامن ذلك، بحد قوله، “مع استمرار الوزارة بحماية الموائل، وتعزيز تنظيم استعمالات الأراضي، والالتزام بالاتفاقيات ذات العلاقة”، لافتا الى أن “وضع الأردن مقارنة بدول المنطقة، متقدم جداً، اذ وضع دليلا توجيهيا لحماية الطيور المهاجرة، وعلاقتها بالطاقة المتجددة، وتنظيم الصيد”.

وبرغم ما تقوم به “البيئة”، لكن “الحياة البرية في تراجع كبير على صعيد الغطاء النباتي والثدييات والزواحف، وغيرها، وتناقص أعدادها، وبعضها مهدد بالانقراض”، وفق المختص بالتنوع الحيوي إيهاب عيد.

تشريعيا، شدد عيد على أن “قانون البيئة، هو المظلة الحاكمة لحماية الطبيعة في المملكة، وتنبثق عنه أنظمة وتعليمات، بينها ما وضعته سلطة منطقة العقبة الخاصة”.

وأشار الى أن “التطور التشريعي يتصف بالجودة، لكن ما يعيبه أن الأردن انتقل من مرحلة تحديد أسماء الحيوانات البرية الممنوع صيدها، الى وضع ثلاث قوائم من وزارة الزراعة، تحدد الأنواع فقط”.

فنيا، شدد عيد على أن “الأردن حقق تطورا في هذا المجال، كما أن الأبحاث العلمية المتعلقة بالاأياء البرية، والتنوع الحيوي أصبحت متعددة كذلك”.

وبشأن التحديات التي تواجه حماية الأحياء البرية، أجملها عيد بـ”انعدام الاهتمام الحكومي بالقطاع البيئي، وأنه ليس ضمن أولوياتها، ما ينعكس سلباً على الثقل السياسي والمالي لوزارة البيئة، اذ يمنعها من أخذ دورها الصحيح والفعال بهذا الصدد”.

وهذا الأمر، بحد قوله “يضعف أي محاولات للتقدم بشأن حماية الأحياء البرية، في وقت تعد فيه وزارة البيئة حالياً الكتاب الأسود، ويتحدث عن الأنواع الغازية، لمكافحتها بوضع خطة عمل”.

وبرأيه فإن “المؤسسات المعنية، ما تزال تعمل على نحو انفرادي ومطلق، بمعزل عن المختصين، ما يحد من عمليات التقدم في هذا المجال”.الغد