مرايا – أوصى المرصد العمالي الأردني بمراجعة مختلف الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل في الأردن، سواء تلك الصادرة عن المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أو عن مؤسسات المجتمع المدني، بهدف قوننة حماية المرأة في سوق العمل وتطبيقها.
وأوضح المرصد العمالي، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، في ورقة موقف أصدرها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، الذي يصادف في الثامن من شهر آذار من كل عام، أن النساء دفعن ثمناً أكبر من الرجال في سوق العمل بسبب جائحة كورونا”، حيث ارتفعت معدلات البطالة بينهن جراء الجائحة بمقدار 6.1 نقطة مقابل 4.1 نقطة بين الرجال.
وأشارت الورقة إلى أن معدلات البطالة بين النساء بلغت خلال الربع الثالث من عام 2020 ما نسبته 33.6 بالمئة مقابل 21.2 بالمئة بين الذكور، محذرةً أن ذلك سيؤدي إلى دخولهن في دائرة الفقر أكثر من الرجال، وبالتالي انتشار ظاهرة “تأنيث الفقر”.
وبيّنت الورقة أن الأردن يقع في المرتبة 140 من أصل 142 دولة على المؤشر العالمي للمشاركة الاقتصادية للمرأة، ويقترن ارتفاع معدلات البطالة للنساء في الأردن بنسبة مشاركة اقتصادية منخفضة جدا تبلغ 14.9 بالمئة. وأكدت الورقة أنه ما زالت هنالك فجوة بين الرجل والمرأة في اختيار التخصصات في التعليم، وان غالبية النساء في الأردن يملن الى اختيار التخصصات التربوية والصحية على خلاف الرجال. وبحسب الورقة، فإن فرص العمل الخاصة بالنساء التي يولدها الاقتصاد الأردني وقبيل جائحة كورونا تقارب ثلث مجمل فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد، حيث تشير بيانات مسح صادرة عن دائرة الاحصاءات العامة لعام 2019 أن نسبة فرص العمل المستحدثة للنساء بلغت 35.3 بالمئة من مجموع الفرص مقابل 64.7 بالمئة للذكور، وأن نسبة المشتركات في مظلة الضمان الاجتماعي بلغت عام 2019 حوالي 28.2 بالمئة. وفيما يخص فجوة الأجور بين الإناث والذكور، بينت الورقة أن هذه الفجوة ما زالت تتسع لصالح الذكور، إذ أشارت أحدث ارقام صادرة عن دائرة الاحصاءات العامة لعام 2018 أن متوسط الأجور الشهرية للعاملين الذكور يبلغ 514 دينارا ومتوسط أجور النساء العاملات يبلغ 467 دينارا بفارق 47 دينارا لصالح الذكور، بفجوة أجور تبلغ 9.1 بالمائة. وبينت الورقة الى أن قانون العمل ما زال يحظر عمل النساء في بعض الأنشطة الاقتصادية وفي فترات المساء، ما أدى الى وضع المزيد من القيود أمام تعزيز مشاركتهن الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب بالضرورة تعديل المادة 69 من قانون العمل بحيث يتم إزالة هذه القيود وتضمينها حمايات اضافية لكل من النساء والرجال الذين يعملون في المهن والأوقات الصعبة. وأكدت الورقة أنه ما زالت العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي يتكثف فيها عمل النساء خارج نطاق حمايات قانوني “العمل والضمان الاجتماعي” وتطبيقاتهما، مثل القطاع الزراعي وصالونات التجميل والمدارس الخاصة والسكرتاريا، حيث وصلت نسبة العاملين (ذكوراً وإناثاً) الذين يعملون بشكل “غير منظم” وغير محميين بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، الى 48 بالمئة في عام 2019. كما لا يزال هناك قصور في تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة وبالأخص من النساء في القطاعين العام والخاص، بشكل لا يتوافق مع قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب الورقة، التي اشارت الى ظروف العمل الصعبة التي تعاني منها النساء ذوات الإعاقة، من انخفاض معدلات الأجور، وغياب الأمن الوظيفي، والتشكيك بقدراتهن، وضعف البنية التحتية المناسبة لعملهن.
وأوصت الورقة بإعادة النظر بالسياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها خلال العقود الماضية وتخفيف الأعباء الضريبية لتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة على تجاوز تداعيات جائحة كورونا، وإعادة عجلة الاقتصاد للدوران لتوليد فرص عمل كافية ولائقة.
وطالبت الورقة بتحسين شروط العمل بشكل عام وخاصة للنساء، لتصبح أكثر جاذبية لهن، وذلك على مستوى السياسات والممارسات، وتمكين جميع العاملين في الأردن من التمتع بالحقوق والمبادئ الأساسية في العمل ومعايير العمل اللائق بكافة ابعادها. كما طالبت بإعادة النظر بالتعديلات التي أجريت خلال السنة الماضية على قانوني العمل والضمان الاجتماعي باتجاه تحسين شروط العمل وتعزيز الحمايات الاجتماعية وتوسيعها، بالإضافة الى توفير الحمايات الكافية للعاملات في المادة 29 من قانون العمل لمنع كافة اشكال العنف والتحرش في عالم العمل.
كما دعت الورقة الى إلغاء كافة أشكال التمييز في تشريعات وسياسات العمل التي عمقت الفجوة بين القطاعين العام والخاص ليصبح القطاع الخاص أكثر جاذبية للعاملين وخاصة النساء.