مرايا – دعا خبراء في البنك الدولي الأردن، إلى التسريع في وتيرة عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد، وإلى شفافية البيانات والمعلومات والدفع بإصلاحات إضافية؛ للحد من التكلفة الاقتصادية الباهظة للجائحة، وصولا إلى زيادة نسب التعافي الاقتصادي.
وقالت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي روبرتا جاتي ، إن “شفافية البيانات والأعمال ، ومراقبة الوضع الصحي ، وزيادة عمليات التطعيم ضد الفيروس ضرورية لمساعدة الأردن في الخروج من أخطار هذه الجائحة وتداعياتها، إضافة إلى إنقاذ الحياة ، والإسهام في تخفيض النفقات”.
وأوضحت أن “الشفافية تؤدي دورا مهما في المساعدة على بحث أوجه المفاضلة بين الاحتياجات قصيرة الأجل ، ومخاطر الدين العام على المدى الطويل”، مشيرة إلى أنه “من الممكن تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي ؛ باللجوء إلى الشفافية في إتاحة المعلومات العامة ، وتداولها بشأن انتشار فيروس كورونا وبرامج التطعيم”.
وحتى الأحد، تلقى أكثر من 325 آلف شخص الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد في الأردن، فيما حصل أكثر من 115 ألفاً على الجرعة الثانية من المطعوم، وفق ما أفاد المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، الذي أشار إلى أن عدد المسجلين في منصة خصصتها وزارة الصحة لتلقي اللقاح، وصل إلى 1003464 شخصا.
ويدرس البنك الدولي، تقديم 150 مليون دولار؛ لتمويل مشروع يدعم تسريع عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد في الأردن ، وشراء المزيد من اللقاحات.
ووفق بيانات للبنك الدولي، اطلعت عليها “المملكة”، فإن المشروع الذي عنوانه “توسيع نطاق التطعيم ضد كوفيد-19 ، والوقاية من أمراض معينة ومكافحتها”، يأتي ضمن الاستجابة الطارئة لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد في الأردن، كجزء من حزمة تمويل من البنك ؛ لتقوية تدابير التصدي لتفشي الفيروس في عدة دول.
اقتراض لغايات الرعاية الصحية
وحول كلف الاقتراض المرتفعة، دعت جاتي إلى “تنفيذ إصلاحات تحسن من شفافية الديون ، وجودة الاستثمارات العامة، التي بدورها تخفض تكلفة الاقتراض ، وتزيد النمو طويل الأجل”، لافتة النظر إلى أن “خدمة الدين على دول منطقة الشرق الأوسط ومنها الأردن أصبحت عالية جدا”.
البنك الدولي، بين أن “حكومات المنطقة اضطرت إلى الاقتراض بشدة؛ لتمويل تدابير الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية الأساسية، ويجب عليها مواصلة الإنفاق على الرعاية الصحية ، والتحويلات النقدية لذوي الدخل المحدود، وهو ما سيضيف عبئا إلى أعباء الديون المتضخمة بالفعل”.
وقال البنك ، إن الدين العام للأردن ارتفع إلى 109% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020، مقارنة مع عام 2019 الذي بلغ 97.4%، وفق تقرير أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي أصدره بعنوان “التعايش مع الديون: كيف يمكن للمؤسسات الحكومية أن ترسم مسارا للتعافي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وقال نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، دانيال ليدرمان لـ “المملكة”، إن “التطعيم ضد كوفيد-19 ومراقبة انتشار الأمراض وشفافية البيانات مهمة وتساعد في تعزيز الطلب من مصادر محلية وأجنبية، مثل وصول السياح الأجانب”.
“في قطاع السياحة على سبيل المثال، فإن العمل بشفافية حول بيانات تخص إجراءات مكافحة الفيروس يسهم في تعزيز الثقة لدى السياح ووكلاء السياحة والسفر بأنه جرى الإشراف على المرض، وفي حال عدم وجود شفافية؛ فإن السياح وشركات السياحة سيكونون مترددين في المجيء إلى الأردن وسيذهبون إلى وجهات أخرى والاستثمار فيها”، بحسب ليدرمان.
وأظهرت دراسة مسحية محلية، تراجع قيمة الإيرادات التي تحوَّل للخزينة من القطاع السياحي لنهاية عام 2020 بنسبة 81%، وبخسارة تقدر بنحو 3.3 مليار دينار، فقد بلغت قيمة الإيرادات للقطاع 784 مليون دينار لغاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، مقارنة مع الفترة نفسها لعام 2019 التي بلغت 4.1 مليار دينار.
وأضاف أن “الحكومة في الأردن تواصل عمليات الاقتراض ؛ لدعم مؤسسات وأسر متضررة من الجائحة، ولكن يجب أن يتم هذا بشفافية مع وجود إجراءات واضحة تسهم في خفض التكاليف”.
ارتفاع تكلفة الدين تضعف النمو
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين إريك لوبورن في رده على استفسارات “المملكة”، إن “الأزمة التي واجهها الأردن كبيرة، وحجم الإنفاق في ازدياد كون الأردن يعاني من أزمة موارد”، موضحا أن “البنك الدولي والأردن يعملان بشكل وطيد لتنفيذ إصلاحات اقتصادية ضرورية ؛ بهدف زيادة قوة بعض القطاعات، وبالأخص قطاع السياحة ؛ لأهميته في دعم النمو الاقتصادي خاصة بعد جائحة كوفيد-19، إلا أن هذا الهدف بعيد المدى في الوقت الحالي”.
وتوقع البنك الدولي، أن يسجل الأردن نموا اقتصاديا إيجابيا في عام 2021، بنسبة 1.4%، بعد انكماش قُدّرت نسبته بـ 1.8% في العام الماضي، فيما قدّر في تقرير صدر الجمعة، أن يرتفع الناتج الإجمالي المحلي الحقيقي (نمو الاقتصاد) للأردن إلى ما نسبته 2.2% في العام المقبل.
ودعا لوبورن إلى “الدفع ببعض الجهود في مجال المنافسة، حيث إنها تسهم في زيادة النمو ، والعودة إلى تسجيل أرقام نمو إلى الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 4%”، قائلا: “اعتقد أن الدفع بإصلاحات إضافية جديدة وضرورية جدا وبالأخص في مجال المنافسة الاقتصادية ، يؤثر بشكل جيد على نمو اقتصاد الأردن، إلا أن هذا تحدٍ نواجهه والأردن”.
ويعتقد لوبورن أن “مستويات أسعار الفائدة في الأردن ليست مرتفعة نسبيا، وقد تكون مرتفعة مقارنة مع الأداء الأخير للحكومة، فالأردن يتلقى تمويلا من مؤسسات ثنائية وتمويلات أخرى وفق ضمانات سيادية من الولايات المتحدة”.
وأوضح أن “تكلفة الدين ما زالت مرتفعة نسبيا ، وقد تضعف آفاق النمو على المدى الطويل، ولتقليل مستوى الدين أو خدمة الدين، على الدولة أن تسدد ديونها من الخزينة العامة، وقد يكون مواصلة الاقتراض من منظمات دولية أفضل ؛ لأن نسبة الفائدة فيها أقل”.
“أفضل طريقة لتخفيض نسبة فائدة الدين إلى الناتج المحلي هي رفع نسب النمو في الاقتصاد، الذي يسهم في خفض سعر الفائدة ، وخفض تكلفة خدمة الدين ، وتقليص حدة الديون الحالية”، بحسب لوبورن.
وقال البنك الدولي في تقريره: “تتحمل كثير من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل الأردن والبحرين تكلفة اقتراض مرتفعة نسبيا رغم معدلات الفائدة العالمية شديدة الانخفاض”، مشددا “ما لم يسفر الاقتراض عن إنفاق حكومي ذي عائد مرتفع بما فيه الكفاية من حيث نمو إجمالي الناتج المحلي، فسوف يزيد من عبء الديون في المستقبل”.
وتُقدر التكلفة المتراكمة للجائحة في المنطقة من حيث خسائر إجمالي الناتج المحلي بنهاية 2021 بمبلغ 227 مليار دولار. ومن المتوقع ألا تتعافى اقتصادات المنطقة إلا بشكل جزئي عام 2021، بنسبة 2.2%، ولكن هذا التعافي يعتمد في بعض جوانبه على توزيع اللقاحات على نحو عادل ومنصف.
وبين التقرير أن الاقتراض الضخم الذي كان على حكومات المنطقة تحمّله لتمويل الإجراءات الأساسية للرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، زاد من حجم الدين الحكومي بنسبة كبيرة، ومن المتوقع أن يرتفع متوسط الدين العام في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 8 نقاط مئوية، من نحو 46% من إجمالي الناتج المحلي عام 2019 ، إلى 54% في 2021.”المملكة”