في عصر الجائحة: دعوة لعالم يتمتع بأكبر قدر من العدالة الصحية
مرايا – يأتي يوم الصحة العالمي، الأربعاء، في ظل معاناة العديد من دول العالم من موجات متلاحقة من انتشار فيروس كورونا المستجد فيها وتباين واضح في قدرة الأفراد في العالم على الحصول الخدمات الصحية اللازمة، ومن عدم وجود عدالة في توزيع اللقاحات الواقية من الفيروس التاجي.
ودعت منظمة الصحة العالمية للانضمام إلى حملة لإقامة عالم يتمتع بأكبر قدر من العدالة الصحية، بعد أن كشفت أزمة كوفيد-19 عن مقدار ما تتسم به المجتمعات من بُعد عن المساواة، على حد وصفها.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الجائحة أوضحت كيف أن بعض الناس يمكنهم التمتع في حياتهم بالصحة وأن يحصلوا على الخدمات الصحية أكثر من غيرهم.
وتكافح بعض الفئات من أجل تلبية احتياجاتها بدخل يومي قليل، وتعيش بأوضاع سكنية وتعليمية سيئة، وتحظى بفرص عمل أقل، وتعاني من قدر أكبر من عدم المساواة بين الجنسين.
وتقل أو تنعدم فرص حصولها على البيئة الآمنة والمياه والهواء النظيفين والأمن الغذائي والخدمات صحية، ويؤدي ذلك إلى معاناة لا داعي لها، والإصابة بأمراض يمكن تلافيها والوفاة المبكرة. وبالتالي الإضرار بالمجتمعات والاقتصاد.
ودعت منظمة الصحة القادة إلى ضمان تمتع كل شخص بظروف معيشية وظروف عمل مواتية للتمتع بالصحة الجيدة، وحثت القادة على رصد أوجه الإجحاف في الصحة، وضمان تمكن جميع الناس من الحصول على خدمات صحية جيدة.
ورأت المنظمة أن الجائحة أضرت بجميع البلدان بشدة، لكن أثرها كان أشد وطأة على المجتمعات المحلية التي كانت تعاني بالفعل من الضعف، والتي كانت أشد تعرضاً للمرض، وقلّت احتمالات حصولها على خدمات الرعاية الصحية الجيدة، وزادت احتمالات تعرضها لعواقب ضارة نتيجة للتدابير المتخذة لاحتواء الجائحة.
تأثير “أقسى” على الفئات السكانية الضعيفة
وأوضحت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان عبلة عماوي في بيان، أن تأثير فيروس كورونا كان أقسى على الفئات السكانية الضعيفة، والأكثر عرضة للإصابة بالمرض، والأقل احتمالاً للوصول إلى خدمات رعاية صحية عالية الجودة، والأكثر عرضة لتجربة عواقب وخيمة نتيجة للتدابير المتخذة لاحتواء الجائحة.
عماوي قالت إن أزمة كورونا أثبتت ضرورة وجود خطة لإدارة الأزمات ومنها الإدارة الصحية أثبتت أهمية حماية الكوادر الطبية، مشيرة إلى وجود الكوادر الطبية والمعدات الطبية.
وتحدثت عن ضرورة التركيز على جودة الخدمات المقدمة من قسم التمريض، وكذلك الفروقات الموجودة بين الخدمات المقدمة في المحافظات والفئات السكانية المختلفة.
ودعت عماوي إلى ضمان تمتع كل فرد بظروف معيشية وعمل يساعد على التمتع بصحة جيدة وعلى معالجة التفاوتات الصحية، والتأكد من أن جميع الناس قادرون على الوصول إلى خدمات صحية جيدة متى وأينما يحتاجون إليها.
وقالت عماوي إن حجم العبء والخطورة على النظام الصحي في الأردن هو أكبر إذا ما أُخذ بالاعتبار تأثير الفيروس على فئات سكانية محددة يجب تعزيز حمايتها، وخاصة فئة كبار السن وفئة الأفراد الذين يعانون من الأمراض المزمنة، إلى جانب خدمات صحة الأم والطفل.
* نسبة الوفاة بين المصابين بفيروس كورونا للفئة العمرية (75-84) هي الأعلى منذ بدء الجائحة في الأردن – المجلس الأعلى للسكان
وتشير الإحصائيات التي أوردها المجلس الأعلى إلى أن نسبة الوفاة للفئة العمرية (75-84) سجلت أعلى معدلات للوفاة بين المصابين بالفيروس منذ بدء الجائحة بنسبة 27.8%، وسجلت نسبة الوفيات للفئة العمرية (65-74) 25.4%، بينما سجل من هم بين 55 و64 عاما ما نسبته 22% من مجموع حالات الوفاة جراء الإصابة بالفيروس.
وبلغت نسبة وفيات الفئة العمرية من هم فوق الـ85 عاماً 8.5 % من مجموع الوفيات، لتصبح نسبة الوفيات فوق سن الـ 55 عاماً فأعلى نحو 83.5% من مجموع حالات الوفاة جراء الإصابة بالفيروس.
وبينت عماوي أن جائحة فيروس كورونا تمثل تحدياً للنظم الصحية في العالم أجمع، إذ تؤثر على الفئات العمرية جميعها خصوصاً فئة كبار السن.
في الأردن يبلغ معدل حدوث الإصابة للفئة التي تزيد أعمارهم عن 75 سنة (10.6 آلاف) لكل مئة ألف من السكان، وتليها الفئة العمرية (55-64) بمعدل (8.3 آلاف) لكل مئة ألف من السكان، تليها فئة الشباب (25-34 سنة) بمعدل (7.3 آلاف) لكل مئة ألف من السكان.
وتبلغ النسبة الأقل لمعدل حدوث الإصابة لكل مئة ألف من السكان عند الفئة العمرية التي تقل أعمارهم عن الخمس سنوات بمعدل (500) لكل مئة ألف من السكان، وتتوزع الإصابات المؤكدة للذكور بنسبة أعلى منها بين الإناث، إذ تبلغ نسبة الإصابة عند الذكور 51% مقابل 49% للإناث، وفق إحصائيات وزارة الصحة حتى 29 آذار/مارس 2021.
وبين المجلس الأعلى للسكان أن التعافي من هذه الجائحة سيؤدي إلى عالم أكثر مساواة وأكثر قدرة على التكيف مع الأزمات في المستقبل.
“لا بد لجميع الاستجابات الوطنية إذا أُريد لها أن تحقق الآثار الضرورية، من التركيز على النساء والفتيات فيما يتعلق بإدماجهن وتمثيلهن وحقوقهن، وتحقيق نتائج اجتماعية واقتصادية تعود عليهن بالنفع، وكفالة المساواة والحماية لهن”، بحسب المجلس.
“انعدام المساواة والعدل”
وفي رسالة بمناسبة يوم الصحة العالمي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن هذا اليوم يسلط الضوء على مظاهر انعدام المساواة والعدل التي تكتنف النظم الصحية.
وتابع بقوله “لاحظنا داخل البلدان، أن معدلات المرض والوفاة الناجمين عن مرض كـوفيد-19 أعلى بين السكان والمجتمعات التي تكابد الفقر وظروف المعيشة والعمل غير المواتية والتمييز والاستبعاد الاجتماعي”.
استمرار جهود التوزيع العادل للقاحات
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة، أن مبادرة مرفق كوفاكس التي تتيح لقاحات واقية من فيروس كورونا زادت من عدد الدول التي بدأت تتلقى حاليا إمدادات من اللقاحات، “لكن لا يزال يتعيّن على معظم سكان البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل الترقب والانتظار”.
وذكر أن الغالبية القصوى من جرعات اللقاحات التي تُعطى يستأثر بها عدد قليل من البلدان الغنية أو البلدان المنتجة للقاحات.
* هذه المظاهر من انعدام الإنصاف ليست أخلاقية، وتشكل خطرا على صحتنا واقتصاداتنا ومجتمعاتنا – أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
ودعا الأمين العام إلى تنفيذ سياسات وتخصيص موارد حتى يتمكن الجميع من التمتع بنفس النتائج الصحية، وبالتالي تحقيق أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتوفير التغطية الصحية الشاملة حتى يتسنّى للجميع، في كل مكان، أن يحيوا حياة مزدهرة.
“فلنلتزم، في يوم الصحة العالمي هذا، بالعمل معا كي تعمّ الصحة والإنصاف هذا العام”، بحسب غوتيريش.
2021 سنة العاملين الصحيين
وأُعلن عام 2021 سنة دولية للعاملين في مجالي الصحة والرعاية تقديرا وامتنانا لتفانيهم المستمر في مكافحة جائحة كوفيد-19.
وتطلق منظمة الصحة العالمية حملة طوال العام تحت شعار “معا. الحماية. الاستثمار” والغرض منها هو إبراز الحاجة الملحة إلى الاستثمار في العاملين الصحيين من أجل تحقيق مكاسب مشتركة في مجال الصحة وفرص العمل والفرص الاقتصادية والإنصاف.
ودعت المنظمة إلى اتخاذ إجراءات لدعم القوى العاملة في مجالي الصحة والرعاية وحمايتها وتحفيزها وتزويدها بالمعدات اللازمة من أجل تقديم رعاية صحية مأمونة في جميع الأوقات وليس فقط خلال جائحة كوفيد-19.
5 دعوات
عشية يوم الصحة العالمي أصدرت منظمة الصحة العالمية خمس دعوات لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الصحة لجميع الناس:
أولاً: الاستثمار في الإنتاج العادل والوصول إلى الاختبارات السريعة لكوفيد-19 والأكسجين والعلاجات واللقاحات بين البلدان وداخلها.
ثانيا: الاستثمار الجاد في الرعاية الصحية الأولية وتوفير الخدمات الصحية لكل فرد في كل مجتمع.
وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس “كشفت الجائحة عن هشاشة أنظمتنا الصحية. ومع توقف الخدمات الأساسية مؤقتا، عادت العديد من الأمراض للظهور”.
* لا يزال نصف سكان العالم على الأقل يفتقر لخدمات الصحة الأساسية – مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس
وتدعو منظمة الصحة العالمية الحكومات للوفاء بالهدف الذي أوصت به المنظمة المتمثل في إنفاق نسبة 1% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الأولية.
ثالثا: إعادة تنظيم الصحة والحماية الاجتماعية، للتخفيف من الأثر السلبي للجائحة على الفقر والتعليم والتغذية والصحة العامة.
رابعا: بناء أحياء آمنة وصحية وشاملة، من خلال تحسين أنظمة النقل، على سبيل المثال، ومرافق المياه والصرف الصحي. وبحسب المنظمة، يعيش حاليا 80% من سكان العالم الأشد فقرا في المناطق الريفية، حيث 7 من كل 10 أشخاص يفتقرون إلى الخدمات الأساسية للصرف الصحي والمياه.
خامسا: تدعو منظمة الصحة العالمية لتحسين نظام البيانات والمعلومات الصحية، لمعرفة أماكن عدم المساواة ومعالجتها.
وقال غيبرييسوس “من المهزلة أنه في بعض البلدان يظل العاملون الصحيون والمجموعات المعرّضة للخطر غير محصنين”.