مرايا – اعتبر مختصون أن الانتقال نحو المئوية الثانية للدولة الأردنية عبر المسار الإصلاحي يستلزم إنجاز إصلاحات شاملة تشمل التشريعات وأشكال المشاركة السياسية الجديدة وغير التقليدية، والإصلاح الإداري والاقتصادي ووجود رؤية شاملة لتلك المسارات.
أستاذ القانون الدستوري ليث نصراوين تحدث لبرنامج “جلسة علنية” عن وجود متطلبات تشريعية أساسية للحكومة البرلمانية والتنمية السياسية، وحاجة لمراجعة قوانين أهمها الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية.
لكنه رأى عدم وجود رؤية سياسية وتشريعية واضحة بشأن تلك القوانين، وقال إن المهمة ليست يسيرة وسهلة خصوصا في قانون الانتخاب بعد تطبيق أنظمة التمثيل النسبي والمختلط والصوت الواحد، وكانت النتيجة الفشل في الوصول لمجالس نيابية قادرة على تمثيل الإرادة الشعبية والوصول لحكومة برلمانية، وفق نصراوين.
واعتبر وجود عدد “كبير جدا” من الأحزاب السياسية لا يتناسب مع الحاجة إليها وبناء الإصلاح، مشيراً إلى وجود مشكلة في قانون الأحزاب وكيفية تعديله وتحفيز الأحزاب على الاندماج.
رؤى استراتيجية واضحة طويلة الأمد
وتحدث أستاذ القانون الدستوري عن حالة غير مسبوقة من تدهور الثقة الشعبية بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيراً إلى أن قرارات الحكومة غير المدروسة وغير السليمة ووجود أشخاص تربصوا بالسلطة في فترات معينة ووجود أسس غير مبنية على أسس اقتصادية واجتماعية سليمة.
وقال إن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، مؤكدا على ضرورة تعزيز مفهوم المواطنة بشكل كامل وسيادة القانون.
“الدولة يجب أن تأخذ منحى قانونيا وتشريعيا سليما في التعاطي مع الحقوق والحريات، بما يشمل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وتدفق المعلومات المصونة بالدستور، وعلى الدولة تنظيم حقيقي وجدي لممارسة المواطنين لحقوقهم وحرياتهم”، وفق نصراوين.
وطالب نصراوين بمراجعة تشريعات قديمة كثيرة موجودة منذ عهد الإمارة مثل قانون محاربة الرق وقانون تسليم المجرمين وغيرها وهي قوانين نافذة وغير مطبقة.
وتطرق إلى وجود غياب سياسة تشريعية وإدارية واضحة بشأن التشريعات مثل حل البلديات بدون صدور قانون الإدارة العامة.
وأكد أستاذ القانون الدستوري على ضرورة وجود رؤى استراتيجية واضحة ورؤية تشريعية وإدارية واضحة طويلة الأمد وتشمل جميع المجالات.
إشكالية “مركبة وبنيوية”
أما الباحث المختص في السياسات العامة بارق محادين، اعتبر أن إشكالية الإصلاح السياسي هي إشكالية “مركبة وبنيوية في بنية المجتمعات والأنظمة السياسية”، وبذلك لا يمكن الاكتفاء ببعض الإجراءات مثل تعديل القوانين، وإنما يجب أخذ الإصلاح السياسي بعين الاعتبار ليأخذ شكلا أبعد من الأحزاب.
“الاحزاب السياسية التقليدية أردنيا وعربيا بدأت تفقد بريقها ولمعانها والحراكات السياسية والاجتماعية منذ 2010 في العالم العربي تميزت بأن شكل المشاركة لم يكن مختزلا بالسلطة أو بالحزب أو بالانتخاب”، وفق محادين الذي اعتبر أن المشاركة السياسية في العالم العربي تأخذ شكلا لا مركزيا وغير منظم وليست محصورة بالقنوات الرسمية.
وقال محادين إن سيادة القانون غير حاضرة بشكل كاف، مع غياب الشفافية والمساءلة وفهم طريقة عمل الحكومات وكيفية اختيار شخوصها، لكنه رفض البدء في الإصلاح من نقطة الصفر، قائلاً “لدينا منجز وتجربة ولن نبدأ من الصفر لكن يجب النظر إلى تجربة العالم في العمل السياسي.
الدولة لا يمكنها أن تكون “رعوية”
الكاتب الاقتصادي محمد القريوتي، تطرق إلى إشكالية الإصلاح السياسي والاقتصادي وأيهما أسبق، ورأى أن الإصلاح السياسي مستمر، لكن الإصلاح الاقتصادي واضح فالدولة وصلت لمرحلة لا يمكنها أن تكون دولة رعوية وإنما دولة منتجة.
“يجب أن تكون النسبة الأكبر من العمالة لدى القطاع الخاص الذي عليه إدارة الدفة والخروج من البيروقراطية”، وفق القريوتي الذي أقر بوجود مشكلة في الترهل الإداري وضرورة إصلاحه.
ورأى أنه لا يُمكن وجود إصلاح اقتصادي في ظل ارتفاع كلف الطاقة وارتفاع العبء الضريبي، وطالب بالاتكاء على سلاح الأوراق النقاشية الملكية، وقال إنها تحاكي الواقع.
ما هو الأردن الذي نريد؟
الباحث في الإدارة العامة والدراسات المستقبلية ياسر النسور، كانت له رؤية مستندة على الإصلاح الإداري، وقال إن أساس الانطلاق هو إدراك أن الإصلاح الإداري يعاني من جهة القدرات البشرية والوسائل التقنية المستخدمة والعقل الرسمي الإداري الذي يحتاج لإعادة النظر في منهج التخطيط.
وطالب بمعرفة الأردن الذي نريده مستقبلا وتشخيص مشكلة الإدارة العامة في الأردن والنموذج الاقتصادي الذي يريده الأردن.
وقال إن الأردن لديه نمط تخطيطي متذبذب ويخلق الإرباك.
المملكة