بات مصير تحصين 230 ألف طفل من حديثي الولادة بـ”المكورات الرئوية”، مجانا، في علم المجهول، عقب مرور عامين على اتفاقية ابرمتها وزارة الصحة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ولم تنفذ بنودها حتى الآن.
واتخذت “الصحة” قرار إدراج المطعوم، ضمن البرنامج الوطني العام 2019، بعد أن حسم وزير الصحة الأسبق غازي الزبن، الجدل الدائم حول الإمكانات المالية والفنية لتطعيم الأطفال دون سن الخامسة، من أمراض ناتجة عن بكتيريا (نيوموكاس)، التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية “السبب الأول لوفيات الأطفال”.
وكان من المفترض، حسب الاتفاقية، تقديم 700 ألف جرعة من المطعوم بمنحة أميركية مجانية لعامين، بهدف دعم البرنامج الوطني للمطاعيم وحماية الأطفال دون السن الخامسة من الأمراض.
غير “أن وزارة الصحة لم تتسلم أي جرعة حتى الآن”، بحسب مدير برنامج التطعيم الوطني في الوزارة الصحة، الدكتور كامل أبو سل، الذي تحفظ عن كشف الأسباب الحقيقية وراء تعطيل هذه الاتفاقية الحيوية.
ومن الناحية الفنية، تم الاتفاق على تطعيم حديثي الولادة وفق أعمارهم، ثلاث جرعات، تؤخذ لمن هم في بداية أول ثلاثة أشهر، والثانية عندما يبلغون خمسة أشهر، والثالثة عندما يصلون إلى عام، حسبما أضاف أبو السل.
غير أن تخوفات “الصحة” لم تخرج من دائرة كيفية تحملها لتكاليف مالية بعد أن تنتهي المنحة، حيث تعتبر تكاليف جرعة المطعوم الواحدة مرتفعة جدا، قد ترهق ميزانيتها.
واعتبر أبو سل أن هذا المطعوم من أهم المطاعيم التي تحسب لصالح البرنامج، وتساهم في إنقاذ حياة الأطفال في ظل انتشار فيروس كورونا.
أما الزبن فقد عبر عن استغرابه من عدم تنفيذ الاتفاقية حتى الآن، قائلا “لا يمكن إهمال قضايا مصيرية بحاجة إلى متابعة حثيثة لإنجازها وبخاصة أنها تتعلق بحياة الأطفال”.
وأضاف “أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قدمت منحة جيدة لصالح الأردن. فلماذا نخسرها؟،” مؤكدا “أنه يجهل أسباب عدم تنفيذها”.
ورغم أهمية هذه الاتفاقية، إلا أنه لم يتم متابعتها مع “يو أس أيد”، علما بأن مدة المشروع سبعة أعوام، وينفذ على ثلاث مراحل، حيث اعتبرت آنذاك “نقلة نوعية للبرنامج الوطني الذي ينفذه الأردن بنجاح منذ العام 1979”.
غير أن أحدث تصريحات صحفية   حول مصير مطعوم المكورات الرئوية (بريفينار) في نهاية العالم الماضي، عندما قال الأمين العام السابق لوزارة الصحة لشؤون الأوبئة الدكتور وائل الهياجنة “قريبا سيتم تحصين الأطفال بالمكورات دون”، أن يحدد أي وقت معين لتنفيذ بنود الاتفاقية أو كيفية تنفيذها.
هذه الاتفاقية، التي سبقت جائحة كورونا بعام، جاءت ضمن اطار الاتفاقية التنفيذية للأهداف الانمائية المبرمة بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، التي تلتزم بتمويل وزارة الصحة من خلال المشروع كمنحة تبلغ قيمتها 95 مليون دولار أميركي.
من ناحيتها، اعتبرت عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة، الدكتورة نجوى خوري، أن “استقلالية البرنامج الوطني للمطاعيم خط أحمر”، مؤكدة “أهمية استمرارية اللقاح لأنه يمس صحة الأطفال، ويقيهم من أمراض خطيرة”.
بدورها، طالبت وزارة الصحة بـ”تذليل العقبات المالية أمام إدراج المطاعيم ورفع ميزانية الوزارة، ليتمكن البرنامج من إدراج مطاعيم جديدة شريطة الحفاظ على ديمومته”.
وبسبب ارتفاع أسعار لقاح المكورات، أعطت وزارة الصحة، الأولوية لمطعوم روتا فيروس، الذي ادرج في العام 2015، ليقي الأطفال من الاسهال، ومن ثم مطعوم الجدري المائي، وأخيرا مطعوم الكبد أ، والذي ادرج حديثا مع بداية تموز (يوليو) 2019.
أما بالنسبة لمطعوم “بريفينار” لمكافحة بكتيريا المكورات الرئوية، فتتراوح سعر الجرعة الواحدة منه في القطاع الخاص ما بين 75 و90 دينارا، بحيث يصل سعر الجرعات الثلاث لنحو 250 دينارا، وهذا يشكل عبئا ماليا على المواطن.
وتتسبب المكورات العنقودية الرئوية “نيوموكاس”، بإصابة الأطفال بأمراض خطرة كتسمم الدم والالتهاب الرئوي والسحايا، والأذن الوسطى، وفق رئيس جمعية الأطفال الأردنية الدكتور باسم الزعبي.
وأشار الزعبي الى أن وفيات مرتبطة بالالتهاب الرئوي، يمكن الوقاية منها عن طريق حصول الأطفال على لقاح المكورات، داعيا لتحصين الأطفال ضد المكورات الرئوية.
منظمة الصحة العالمية، تعتبر أن مرض المكورات الرئوية السبب الأول لوفيات الأطفال في العالم، ويمكن الاعتماد على لقاحاته لوقايتهم، فهو يودي بحياة 1.6 مليون شخص سنويا، ونصف الوفيات من الرضع والأطفال ممن تقل أعمارهم عن 5 أعوام في الدول النامية.

“الغد”