وادي الأردن – في الوقت الذي قالت فيه وزارة المياه والري، إن الواقع المائي في الصيف المقبل سيكون حرجا نتيجة تراجع الهطول المطري ومخزون السدود، يبدي مزارعون في وادي الأردن تخوفهم من أزمة مياه قد تؤثر على الخطط الزراعية للفترة المقبلة وتجبرهم على عدم الزراعة الصيفية.

ويؤكد مزارعون أن مؤشرات الوضع المائي غير مطمئنة، ما قد يحرمهم من زراعة أراضيهم خلال فصل الصيف، وهي زراعات يعدها معظم المزارعين فرصة لتعويض الخسائر.
ويؤكد رئيس جمعية مياه المضخة 55 وليد الفقير، أن هناك توجها لوقف الزراعات الصيفية في ظل الوضع المائي الصعب، إذ إن الواقع الحالي سيحد من قدرة الجمعيات على تأمين الاحتياجات المائية للمزارعين خلال فصل الصيف وسيلحق أضرارا كبيرة بالزراعات في مناطق وادي الأردن.
ويوضح أن مخاوف المزارعين مبررة مع توقعات بصيف لاهب بدأت مؤشراته بارتفاع درجات الحرارة في وقت مبكر، ووضع مائي صعب نتيجة تراجع مخزون السدود، ما سيشكل عائقا أمام استمرار الزراعات الصيفية التي تعد مهمة لهم، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها نتيجة الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها خلال الموسم.
ويقول المزارع نواش العايد، إن الزراعات الصيفية هي عبارة عن “محاولة أخيرة” للتقليل من حجم الخسائر التي لحقت بهم خلال الموسم، وركيزة أساسية لتوفير متطلبات أسرهم خلال فترة الصيف المقبل والتي يتوقف فيها الإنتاج الزراعي، مشيرا الى أن الوضع المائي الحرج سيجعل من زراعتها مغامرة كونها أكثر عرضة للتلف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، خاصة إذا لم تتوفر مياه ري كافية لها.
ويؤكد أن تراجع مخزون السدود وارتفاع الطلب على المياه لغايات الشرب، قد يؤديان الى خسائر كبيرة لمزارعي النخيل الذين يعتمدون على الفترة المقبلة للحصول على إنتاج أفضل، مشددا على ضرورة السماح للمزارعين بحفر الآبار للاستفادة من المياه السطحية لإنقاذ موسمهم وتوفير كميات كافية من مياه الري للزراعات التي لا يمكن التقليل من احتياجاتها المائية.
ويعرب مزارع النخيل عبدالوالي الفلاحات، عن تخوفه من نقص مياه الري خلال الفترة الرئيسة التي تحتاج فيها مثل هذه الزراعات إلى كميات مياه كبيرة، والتي تبدأ من هذه الأيام وتستمر حتى شهر آب (أغسطس) المقبل، مبينا أن هذه الفترة مهمة كونها فترة إنتاج بدءا من ظهور القطوف والتلقيح وعمليات ما قبل الحصاد ولغاية نضوج الثمار وبدء الحصاد.
ويضيف أن قيمة الاحتياجات المائية للنخيل تتضاعف خلال هذه الفترة مقارنة ببقية أشهر العام؛ إذ تصل إلى ما يقارب 300 لتر يوميا، لافتا إلى أن كمية الإنتاج وجودته تعتمدان بشكل كلي على الري خلال هذه الفترة، ما قد يصعب الأمور على مزارعي النخيل خلال الموسم الحالي وقد يتسبب بخسائر فادحة لهم.
ويؤكد الفلاحات ضرورة إيجاد بدائل عاجلة كالسماح لمزارعي النخيل بحفر الآبار لتعويض النقص في مياه الري وتجاوز أو تعديل الأنظمة التي تشترط وحدتين زراعيتين ليتمكن المزارعون الذين أنفقوا كل ما يملكون لزراعة أراضيهم ورعايتها.
ويرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن الوضع المائي وتراجع مخزون السدود ينذر بأزمة حقيقية للقطاع الزراعي، موضحا أن العديد من الزراعات الاقتصادية المهمة كالنخيل والحمضيات، وهي محاصيل تحتاج إلى كميات مضاعفة خلال الصيف، ستبقى مهددة وسيتعرض أصحابها لخسائر كبيرة اذا ما توفرت كميات مياه ري كافية لها.
ويبين أن المياه التي توفرها سلطة وادي الأردن وجمعيات مستخدمي المياه هي المصدر الوحيد لري المشاريع الزراعية في وادي الأردن، لافتا إلى أن زيادة الطلب على مياه الشرب ستزيد من حجم المشكلة؛ إذ إن غالبية المصادر المائية سواء مياه السدود أو مياه نهر اليرموك يتم جرها لغايات الشرب.
ويتوقع الخدام أن يتم اتخاذ قرار بمنع الزراعات الصيفية، والتي يجد فيها المزارع الفرصة لتعويض جزء من خسائر الموسم كونها زراعات لا تحتاج سوى للمياه، إضافة إلى تحديد ساعات الري وتقليل حصص المياه المسالة لأراضيهم، موضحا أن الواقع الحالي يشكل تحديا أمام المزارع في إدامة زراعته من جهة و”السلطة” في توفير كميات الري الكافية لها من جهة ثانية.
وكانت وزارة المياه والري قد أقرت، في بيان لها، أن الواقع المائي حرج هذا الصيف، خاصة وأن الموسم المطري لم يسجل سوى كميات متواضعة لم تتجاوز 60 %، في حين أن مخزون السدود يقل عن العام الماضي بنحو 80 مليون متر مكعب، مبينة أن كميات المياه المتواضعة في السدود وتراجع مخزون المياه الجوفية وتذبذب الأمطار والتغيرات المناخية، كلها أمور تؤثر بشكل كبير في واقعنا المائي الهش.