أثارت شبهات فساد وصفقات مالية غير مطابقة للمواصفات في قطاع المياه، وتجري هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تحقيقات حولها، علامات استفهام تمثلت أجوبتها في غياب الرقابة والمساءلة على مدار أعوام طويلة.
في حين كشفت بيانات ووثائق رسمية تتعلق بشبهات فساد في قطاع المياه والتي أعلنت عنها “النزاهة”، حيث أرجع مختصون في القطاع عوامل تكرار تجاوزات مالية وإدارية، الى “ضعف الأداء الإداري والخبرة من جهة، وغياب تفعيل التشريعات من جهة أخرى”.
وقالوا إن ما ترتكز عليه الإدارة السليمة يتمثل في اختيار المسؤول المناسب سواء أكان ذلك للجهاز الإداري أم التنفيذي.
إلى ذلك، اعتبر خبير المياه الدولي دريد محاسنة أن موضوع رصد شبهات تجاوزات، لا يقتصر فقط على قطاع المياه، منبها من “خطورة تبعات الارتكاز على المحاصصة والمحسوبية على حساب الفعالية والمهنية”.
وبين أن قصور النظر عن مستوى الأداء بشكل شامل، إلى جانب عدم متابعة مواطن القصور في مختلف القطاعات من الجانب البرلماني، “خلق جانبا من الفوضى إزاء الإدامة الرئيسة في قطاع المياه، والتسلسل في ارتكاب الأخطاء”، داعيا الى تفعيل الرقابة الحقيقية ومتابعة أداء المؤسسات بشكل عام.
واتفق نقيب الجيولوجيين صخر النسور حيال أهمية تطبيق المزيد من الحزم عبر تفعيل القانون، وذلك جنبا إلى جنب تفعيل مجلس النواب للتشريعات القائمة.
وقال إن أزمة الملفات المتعلقة بقطاع المياه بشكل عام تم ترحيلها لعدة أعوام وعبر حكومات متعاقبة، وهو ما زاد من تعقيداتها، لافتا إلى أن قضايا المياه والطاقة أكثر حساسية من غيرها، لاسيما وأنها تمس حياة الناس بشكل مباشر، وكون قطاع المياه متأثرا أيضا بفاتورة الطاقة.
وبين النسور أن ضعف المحاسبة، وانخفاض أداء الرقابة، والخلل التشريعي، كلها عوامل ساهمت في ظهور أزمات متسلسلة وعبر أعوام، معتبرا أن الأردن “أمام سلسلة من الأعوام السابقة من سوء الاختيار في مواقع المسؤولية”.
وأكد ضرورة المضي وفق استراتيجية للمياه وتكون عابرة للحكومات ووفق خطة زمنية محددة، وملزمة التطبيق والتنفيذ، خاصة وأن المياه ترتبط بالتنمية والصحة والاقتصاد.
وفي حين تتعاظم الدعوات لرفع مستوى الاستثمار في قطاع المياه، “يعادل كل 10 % من الاستثمار “الضائع” بسبب الفساد ما كلفته 75 مليار دولار أميركي سنويا في مختلف أنحاء العالم”، وفق دراسة دولية أجريت العام 2016.
وأشار تقرير نشره الموقع الدولي “devex” مؤخرا، أن “الفساد يزيد أيضا من سعر توصيلات المياه بنسبة تصل إلى 30 % للأسر المنفردة”.
واعتبر أن “الشفافية في المشتريات والميزانيات والشؤون المالية، يمكن أن تحد من فرص الفساد”، داعيا الوزارات الى وضع سياسات لتشجيع المزيد من الشفافية.
ووفق منظمة الشفافية الدولية، فإن الفساد في قطاع خدمات المياه والصرف الصحي يقلل من جودة وتوافر الخدمات، ويؤدي إلى فقر المياه، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى انتشار المرض
وكان مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قام بإحالة عدد من القضايا المتعلقة بقطاع المياه إلى النيابة العامة للتحقيق بها.“الغد”