أكد اقتصاديون أن تخفيض نسب البطالة محليا، يتطلب حلولاً إبداعية، بالتشارك ما بين القطاعين العام والخاص، واستحداث قاعدة بيانات شاملة للباحثين عن العمل.

وأكدوا، أن الحلول المطلوبة، تتطلب إحداث تغيير بمواصفات الوظائف تتوافق والتطور التكنولوجي، ودعم المشروعات ومنحها إعفاءات وحوافز متعددة، وتحفيز الاستثمار المحلي وتشجيع الخارجي والتركيز على الصناعات الابتكارية والاخرى المولدة لفرص العمل.

وشددوا على ضرورة زيادة عدد مراكز التدريب المهني والتقني وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع برامجها وتنفيذها بتمويل حكومي، وتشجيع الشباب على البدء بمشاريع صغيرة وميكروية وعدم انتظار وظائف القطاع العام.

رئيس غرفة تجارة الزرقاء حسين شريم، قال إن حل مشكلة البطالة يستدعي إعادة النظر بمخرجات التعليم الجامعي، بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل والتطور التكنولوجي، الى جانب تدريب العمالة المحلية من خلال القطاع الخاص، ليتم إحلالها بالمهن التي تعمل فيها العمالة الوافدة تدريجياً.

ودعا إلى تحفيز الاستثمار المحلي، عبر تضمين الموازنة العامة للدولة، بندا للنفقات الرأسمالية لمشاريع جديدة، واستحداث قانون استثمار جديد، لجذب استثمارات جديدة، خاصة في المحافظات عالية البطالة.

وأكد أهمية دعم إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتوفير التمويل اللازم لها لفئة الشباب، لافتاً إلى أن مسؤولية توفير فرص العمل، مسؤولية جماعية، ولا تقتصر على وزارة العمل فقط، داعيا الى تنسيق جهود الوزارات والمؤسسات كافة ذات العلاقة.

وبيّن أن الخروج من مشكلة البطالة، يستدعي إيجاد حلول ابتكارية، من خلال التركيز على المشاريع التي تشغل أكبر عدد من الشباب، والقطاعات ذات الميزة النسبية، كقطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات.

وحول الوظائف المؤقتة التي أعلن عنها اخيرا، قال شريم إنها جزء من الحل وتسهم في زيادة النمو الاقتصادي لفترة معينة، ولذلك يجب وضع خطة استراتيجية للتشغيل بمشاركة كل الأطراف، مع ضرورة أن ينبثق عنها خطط تنفيذية سنوية للوصول إلى معدلات بطالة مقبولة.

بدوره أكد مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، ضرورة الإسراع بإيجاد قاعدة بيانات شاملة ومحدثة لسوق العمل والتغيرات التي وقعت جراء جائحة فيروس كورونا لجهة من فقدوا وظائفهم والداخلين الجدد إلى سوق العمل كباحثين عن عمل.

وأشار إلى ضرورة أن تعكس هذه القاعدة بالأرقام الدقيقة والشاملة واقع فرص العمل والتشغيل، الممكن توفيرها لهذه الفئات بالتنسيق المباشر مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، من خلال تشكيل لجان قطاعية تضع الحلول اللازمة لمشاكل كل قطاع وتنفذها بما يضمن تمكينها من استحداث فرص عمل جديدة والحفاظ على الوظائف القائمة.

وأكد أبو نجمة ضرورة أن تتولى وزارة العمل، تقديم خدمات التوجيه والإرشاد المهني للباحثين عن العمل، وتحسين بيئة العمل وفق المعايير الدولية لتكون جاذبة للأردنيين، وتوجيه الباحثين عن العمل لاختيار التخصصات الملائمة لاحتياجات السوق، وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة والتشبيك مع اب العمل لإشغال الفرص المتاحة، وتطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع وتنفيذ برامجها.

وقال إنه على الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بالشؤون الاقتصادية كوزارة التخطيط ووزارتي الصناعة والتجارة والمالية وهيئة تشجيع الاستثمار، بالإضافة إلى الوزارات والمؤسسات الرسمية الأخرى، أن تجعل سياسات الحد من البطالة من مهام كل منها، في إطار استحداث وحدات إدارية فيها تعنى بهذا الشأن.

وأشار أبو نجمة إلى ضرورة أن تتولى وزارة العمل عملية التنسيق فيما بينها لتضمن توحيد جهودها جميعها لتنفيذ مسؤوليات كل منها وفق ما تنص عليه الاستراتيجيات الوطنية ذات العلاقة، خاصة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل واستراتيجية تنمية الموارد البشرية. وأكد ضرورة أن يرتكز دور الحكومة على تنفيذ سياسات وبرامج فعالة لسوق العمل، في مجالات تحفيز وتشجيع القطاع الخاص على استحداث فرص العمل وتحسين بيئة العمل وفق المعايير الدولية، لتكون جاذبة للأردنيين.

وأشار إلى ضرورة توجيه الباحثين عن العمل لاختيار التخصصات الملائمة لاحتياجات السوق وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل والاستقرار فيه، وتطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع برامجها وتنفيذها بتمويل حكومي سخي.

وحول الوظائف المؤقتة، قال أبو نجمة إنه على الرغم من أهميتها، إلا أنها لن تكون بديلا عن فرص العمل التي يبحث عنها الأردنيون، مشدداً على أنها لن تحدث تخفيضا في معدلات البطالة غير المسبوقة، وأعداد المتعطلين عن العمل.

وأضاف أن هذه الوظائف محدودة في أعدادها والخيارات المهنية التي تتيحها للباحثين عن العمل، وقد لا تكون جاذبة لهم لانخفاض أجورها وافتقادها للاستقرار الوظيفي، إلا أنها قد توفر دخلا محدودا للمتعطل يسد شيئا من حاجته وتكسبه خبرة تفيده في مساعيه للبحث عن وظيفة ثابتة.

وحسب أرقام رسمية، وصل معدل البطالة بالمملكة خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى 7ر24 بالمئة، استحوذت الإناث على النصيب الأكبر منه، فيما سجل ارتفاع بين حملة الشهادات الجامعية بنسبة 8ر27 بالمئة مقارنة مع المستويات التعليمية الأخرى.

وقال ممثل قطاع الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل في غرفة صناعة الأردن المهندس أحمد البس، إن أهم محرك لتخفيض نسب البطالة المرتفعة، هو تشغيل الصناعة، مشيراً إلى أن معدل إنتاجها يبلغ نحو 17 مليارَ دينار، منها 12 ملياراً تُضخ بالسوق المحلية، و5 مليارات للتصدير، “وكلما تعززت هذه الأرقام، انخفضت البطالة”.

وأضاف ان دعم زيادة الإنتاجية، يعني الحاجة لمزيد من الأيدي العاملة في الصناعة، بما يرفع تنافسية المنتج المحلي، مبينا ضرورة توفير الطاقة للمصانع بأسعار رخيصة، وتشجيع توليدها، بالاضافة لتعديل التشريعات البيئية التي تقيد إنشاء الصناعات الإبداعية، التي تعد فرصاً مهدورة كالصناعات التي تعتمد على إعادة التدوير.

وبين المهندس البس، أن غاز الريشة يمكن أن يكون فرصة كبيرة لصناعات المنظفات، التي تستخدم سيلوفات الصوديوم، وسيليكات الصوديوم، وفوسفات الصوديوم مع الغاز، وكلها خامات محلية توفر فرصاً اقتصادية ضخمة، تسهم في تخفيض نسب البطالة.

واشار الى ان الصناعات المعتمدة على الزراعة توفر أكبر فرص للعمل، ويجب الاستثمار فيها، أسوة بدول شقيقة، بما يشغل حلقات اقتصادية كبيرة، بالتشارك مع مراكز البحث العلمية.

من جهتها، اوضحت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة مسنات الحياري انه يتوجب على الحكومة أن تحفز الاقتصاد، وتغير مواصفات الوظائف، لتتناسب مع التطور التكنولوجي، وتغيير التخصصات الجامعية، لتتناسب مع متطلبات السوق، خاصة في ظل تبعات جائحة كورونا، وازدياد معدلات البطالة بنحو كبير.

وقالت الدكتورة الحياري، إن البطالة تتطلب التركيز على وضع خطة طوارئ، يشارك فيها القطاعان العام والخاص، للتصدي للتحديات المتعلقة بسوق العمل، والاختلالات في السياسات الاقتصادية والتعليمية، ذات الأثر في زيادة معدلات البطالة، وتنفيذ برامج تدريب وتشغيل في مواقع العمل لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المتعطلين، بتدريبهم وإعادة تأهيلهم وتوجيههم مهنياً وإدماجهم في سوق العمل.

وأكدت ضرورة دعم الحكومة، لزيادة الطلب على الأيدي العاملة، باستخدام الأدوات المالية المتاحة، وتخفيف الالتزامات المالية كالرسوم والضرائب، وتخصيص حزمة برامج إنقاذ تتضمن مساعدات فورية للشركات، للحفاظ على فرص العمل، والتوسع في القروض التي تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على القطاعات الأكثر تضررا، كشركات السياحة والسفر والمطاعم والصناعات التصديرية.

وأشارت الى أهمية تعزيز تنافسية القطاع الخاص، من خلال دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، لدورها المهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص عمل، خاصة لمن لا يملكون مهارات عالية، إضافة لتنمية بيئة الأعمال، بما يمكّن الاستثمارات القائمة، ويجذب أخرى جديدة.

وبينت الحياري، أن الاستثمار يواجه صعوبات تتمثل بعدم ثبات التشريعات وارتفاع كلف التشغيل من طاقة وعمالة، داعية لتشجيع المواطنين على ممارسة المهن، التي لا تحتاج لشهادات عليا، ورفع الوعي لدى المواطنين بأهمية ذلك، وزيادة اعداد مراكز التدريب المهني والتقني، وتشجيع الشباب على البدء بمشاريع صغيرة وميكروية، وعدم انتظار الوظيفة العامة.

كما دعت إلى توفير الحماية الاجتماعية للعاملين، خاصة من يعملون في القطاع غير المنظّم، الذي يقدّر حجمه بنحو 26 بالمئة من الاقتصاد الوطني، وتشكل العمالة فيه نحو 46 بالمئة من إجمالي العاملين، ويعانون ظروف عمل صعبة، وغياب الحماية القانونية.

وأكدت الدكتورة الحياري ضرورة التركيز على المبادرات التي تحد من البطالة، وتنظيم سوق العمل لاستيعاب الداخلين الجدد، والأخذ بعين الاعتبار جميع فئات المجتمع، كذوي الإعاقة والنساء والشباب، واستهداف كل فئة ببرامج تخدمها وتستثمر طاقاتها.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي موسى الساكت، إن النمو هو أهم محرك اقتصادي، يجب التركيز على رفع معدله من خلال تنشيط القطاعات الاقتصادية، بتخفيض تكاليف الإنتاج والضرائب، وتخفيض تكاليف ممارسة الأعمال عموما، مشددا على ضرورة رفع القوة الشرائية للمواطنين من خلال تخفيض ضريبة المبيعات، لتشجيعهم على الاستهلاك.

ودعا الساكت، إلى إنشاء صندوق شبابي في محافظات المملكة كافة، يدعم إنشاء مشاريع معفية من الضرائب لمدة محددة، مع تقديم القروض لأصحاب أفكار المشاريع بفائدة منخفضة جدا، ووضع رأسمال له بالتشارك مع البنوك والحكومة، ليقدم قروضاً من فائدة رأسماله.

وأكد المهندس الساكت ضرورة تحفيز أصحاب المشاريع في المحافظات، من خلال منحهم قروضاً وإعفاءات، بما يشجع على توظيف الشباب.

من جانبه، اوضح الخبير الاقتصادي الدكتور بسام الزعبي، أهمية التركيز على القطاع الصناعي، الذي يضم ويستوعب عدداً كبيراً من القوى العاملة، من خلال دعمه، ومنحه ميزات استثنائية خاصة، ليبقى المنتج الأردني قادراً على منافسة المنتجات الأخرى.

ولفت الزعبي، الى ضرورة تفعيل الاستفادة من القطاع الزراعي، وتشجيع العمل فيه، من خلال تدريب الشباب والمتقاعدين، اضافة الى قطاعي الانشاءات والسياحة الذين يستوعبان عدداً كبيراً من الأيدي العاملة المهنية.

واضاف ان الوظائف المؤقتة، تمثل حلا آنيا، يتطلب ادامتها من خلال توفير المخصصات المالية، وتدريب من يعمل ضمنها لإيجاد فرص عمل دائمة بالقطاع الخاص، مؤكدا ضرورة التركيز على جذب الاستثمار بمختلف القطاعات، خاصة بالمناطق التي تضم أماكن سياحية.