وصف اقتصاديون وعاملون بالقطاع الزراعي، انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين في الثلث الأول من العام الحالي 2021، بالمؤشر السلبي، مشيرين إلى أن ذلك سيلحق خسائر كبيرة بالمنتج الزراعي.
وأكدوا، ان انخفاض الصادرات، والفائض في الإنتاج وضعف القوة الشرائية للمواطنين، والتغير المناخي، إضافة إلى زيادة الرقعة الزراعية في المملكة بالآونة الأخيرة وسط غياب القنوات التسويقية، جميعها عوامل تقف وراء انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين.
وطالبوا بضرورة وضع استراتيجية واضحة للتوسع في القطاع الزراعي، وبذل الجهود لتقليل كلف الإنتاج، وفتح القنوات التسويقية، وتوفير الإمكانيات اللوجستية المناسبة لاستقبال كميات كبيرة من المنتجات.
وشددوا على ضرورة إعادة توزيع خريطة الإنتاج الزراعي لإيجاد التوازن في المنتجات، ودعم الناقل الجوي الوطني، وتخفيف ضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج، وتوقيف ضريبة الدخل على الصادرات، والغاء اشتراك العمالة الوافدة في الضمان الاجتماعي، إضافة إلى إيجاد مظلة موحدة للقطاع الزراعي تحت مسمى “غرفة الزراعة”.
وحسب أرقام لدائرة الإحصاءات العامة، انخفضت أسعار المنتجين الزراعيين في الثلث الأول من العام الحالي 2021، بنسبة 14.5 بالمئة، وصولا إلى النقطة 102.4 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والبالغة 119.9 نقطة.
وقال رئيس لجنة الزراعة في مجلس الأعيان ووزير الزراعة الأسبق الدكتور عاكف الزعبي، إن انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين سببه الرئيسي انخفاض الصادرات بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة العرض في السوق، عازيا سببه كذلك الى تراجع الطلب بالسوق المحلي نتيجة ضعف القوة الشرائية للمواطنين.
وأضاف الزعبي أن مستقبل الصادرات ليس مأمونا، نظرا للمنافسة الشديدة على الأسواق الخارجية كـدول الخليج العربي، خصوصا أن كلف الإنتاج في الدول المنافسة أقل من كلف الإنتاج في الأردن، مشيرا إلى ضرورة بذل الجهود للتقليل من كلف الإنتاج ومساعدة المزارعين بتسويق منتجاتهم ليتمكنوا من المنافسة بالأسواق الخارجية.
وأشار إلى أن من أبرز أسباب زيادة الكلف على المزارعين، رسوم العمالة المرتفعة، ورسوم أسواق الجملة باعتبارها من الرسوم الباهظة مقابل ما تقدمه من خدمات بسيطة للمنتج، إضافة إلى اجبار المزارعين على اشتراك العمالة الوافدة بالضمان الاجتماعي، وضريبة الدخل على الصادرات الأردنية.
واعتبر الزعبي انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين بالمؤشر الخطير، نظرا لخسائر المزارعين المتتالية منذ مطلع العام الحالي، مشيرا إلى أن استمرار باب التصدير كما هو عليه الآن لفترة زمنية قليلة، سيدفع معظم المزارعين لمغادرة عملهم، ما سيؤدي الى استيراد بعض المنتجات الزراعية.
وبين أن من أبزر نتائج تأثير انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين، العزوف والابتعاد عن العمل بالقطاع الزراعي، رغم وجود توجيهات ملكية سامية للتوسع بالقطاع وتعزيز الأمن الغذائي، خصوصا أن استراتيجية الأمن الغذائي صدرت الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن أسعار مستلزمات الإنتاج بدأت بالارتفاع عالميا.
بدوره، أكد نقيب المهندسين الزراعيين المهندس عبد الهادي الفلاحات، أن أهم اسباب انخفاض مؤشر أسعار المنتجين الزراعيين في الثلث الأول من العام الحالي، هو المناخ حيث تميز الطقس بارتفاع درجات الحرارة في وقت مبكر ما أدى إلى زيادة الإنتاج، وتركزه ضمن فترة زمنية محصورة ليكون العرض أكثر من الطلب.
واوضح أن من الأسباب كذلك، انخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلك، حيث أصبح التوجه إلى شراء اولويات أخرى، إضافة إلى الأسواق التصديرية التي انخفضت مع جائحة كورونا ما أدى إلى تدني أسعار البيع.
وأضاف الفلاحات ان انخفاض اسعار المنتجين ينعكس سلبا خصوصًا عندما يتزامن مع الخسائر المتراكمة منذ سنوات سابقة، ومع الاخذ بالاعتبار ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض كفاءة الإنتاج بسبب نقص العمالة وزيادة أجورها، ما يؤدي بالنتيجة إلى اقتراب القطاع من حافة الانهيار.
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور نائل الحسامي، أن انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين يعود إلى فائض الإنتاج أو انخفاض في الطلب الكلي، نتيجة لتوقف التصدير إلى الدول الاوروبية بسبب تعطل حركة النقل البري عن طريق سوريا، مبينا أن خسارة المملكة لنحو 300 إلى 400 ألف طن من الصادرات في السنة، أدى إلى هذا الفائض في الإنتاج.
وأضاف أن هذا الانخفاض يعد من ناحية اقتصادية مؤشرا سلبيا، قد ينعكس ايجابا على المستهلك في المدى القصير، لكنه على المدى الطويل يؤثر سلبا على المنتج الزراعي.
وتابع الحسامي أن من أسباب الانخفاض ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي كالأسمدة والبذور والمبيدات، نتيجة لارتفاع أسعار الشحن العالمي أو ارتفاع السلع نفسها، وعدم توفر الإمكانيات اللوجستية المناسبة كمستودعات كافية ومجهزة لاستقبال كميات كبيرة من المنتجات الزراعية، إضافة إلى الاعتناء بالصناعات المرتبطة بالزراعة كالمعلبات، وغياب التنوع في المنتجات الزراعية بالمملكة.
وأشار إلى ضرورة وضع استراتيجية واضحة للتوسع بالقطاع الزراعي، إضافة إلى إيلاء الاهتمام لما بعد الزراعة لتجهيزها للتسويق العالمي، لضمان عدم استمرارية خسائر المزارعين، داعيا لإعادة توزيع خريطة الإنتاج الزراعي (الرزنامة الزراعية) بالمملكة، لإيجاد التوازن في المنتجات بحيث لا يكون هناك فائضا أو نقصانا.
وابدى تخوفا من عزوف المزارعين عن الزراعة في الدورة المقبلة جراء الخسائر المتكررة، داعيا الجهات المعنية لتقديم الدعم اللازم للاتحادات والجمعيات المسؤولة عن الزراعة كالقطاع الخاص، ووضع برامج لإعادة هندسة الزراعة في المملكة، بحيث يكون هناك زراعات تصديرية موسعة، إضافة إلى تمكين الاتحادات النوعية والجمعيات للنهوض بالقطاع الزراعي.
من جهته، أكد نائب رئيس الجمعية الأردنية لمصدري ومنتجي الخضار والفواكه، زهير جويحان، أن انخفاض أسعار المنتجات الزراعية وبيعها بأقل من تكلفتها، وضعف العرض والطلب في السوق، وتراجع التصدير، اضافة إلى زيادة الرقعة الزراعية في المملكة وسط غياب القنوات التسويقية، جميعها أسباب أدت إلى انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين.
ولفت الى وجود تحديات تقف أمام المنتجين الزراعيين من حيث تصدير المنتجات إلى الأسواق الخارجية وعدم القدرة على المنافسة معها، وفرض الضرائب، وارتفاع كلف الانتاج وأجور الشحن البري والجوي.
وبين جويحان أن انخفاض أسعار المنتجين الزراعيين سيؤثر سلبا على المزارعين نتيجة للخسائر المتراكمة، متخوفا من حدوث نقص في الإنتاج السنة المقبلة.
ودعا الجهات المعنية الى دعم الناقل الجوي الوطني، وتخفيف ضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج، وتوقيف ضريبة الدخل على الصادرات، مطالبا وزارة الصناعة والتجارة والتموين بعدم تحديد سقوف سعرية للمنتجات، والغاء اشتراك العمالة الوافدة في الضمان الاجتماعي في الوقت الحاضر نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها المنتجون الزراعيون جراء جائحة كورونا، اضافة لإيجاد مظلة موحدة للقطاع الزراعي تحت مسمى “غرفة الزراعة” للمطالبة بحقوقهم.
بدوره، قال رئيس قسم الاقتصاد الزراعي في الجامعة الأردنية الدكتور محمد طبية، إن انخفاض مؤشر أسعار المنتجين الزراعيين في الثلث الأول من هذا العام، يعود إلى انخفاض أسعار العديد من المحاصيل الخضرية الرئيسية كـالبندورة، والسبانخ، والزهرة، والباذنجان، والبصل الناشف، إضافة إلى بعض أنواع محاصيل الفواكه كالموز.
وأضاف أن هذا الانخفاض في بعض المحاصيل يصل إلى 70 بالمئة، مشيرا إلى أنه ينعكس سلبا على المنتجين الزراعيين وحصولهم على إيرادات أقل، بالتالي يتسبب بارتفاع أسعار السلع الزراعية على المستهلك، حيث أن انخفاض مؤشر أسعار المنتجين الزراعيين يعني أن الاقتصاد ونمو الإنتاج يتباطأ، بالتالي يؤثر على الاستثمارات الزراعية سلبيا.
وعرف طبية مؤشر أسعار المنتجين الزراعيين بأنه “مؤشر اقتصادي رئيسي مهم يعبر عن تغير أسعار السلع التي يبيعها المنتجون الزراعيون على أساس شهري”.
وذكر أن هذا المؤشر يبين متوسط التغيرات في الأسعار للسلع الزراعية سواء بالارتفاع أو الانخفاض والتي يحصل عليها المنتجون المحليون من أجل إنتاجهم، بالتالي يعني نمو الإنتاج الزراعي، مبينا أن هذا المؤشر يشمل أسعار السلع الرأسمالية والاستهلاكية على حد سواء، وعادة لا يراعي الإنتاج السلعي والخدمات.
(بترا – وعد ربابعة)