يسجل طابع البريد محطات هامة من مسيرة الدولة الاردنية وتطورها، ويدوّن مراحل تطور الدولة والأحداث التاريخية التي شهدتها منذ تأسيس إمارة شرق الأردن وحتى الوقت الحاضر، ويخلّد المناسبات الوطنية والمنجزات والمعالم التاريخية والعمرانية والفنية والطبيعية على الأرض الأردنية.
ويوثق متحف البريد الاردني باقة من البومات الطوابع المصنوعة من أفخر أنواع الورق، ويحكي طابع البريد وغيره من مقتنيات المتحف عراقة البريد الاردني، وما يضمه من اصدارات ومقتنيات مرتبطة بتطور وسائل نقل الرسائل والطرود منذ تأسيس امارة شرق الاردن.
وقال مدير عام البريد الاردني الدكتور خالد اللحام إن الطوابع تعد سجلا تاريخيا لتطور الحياة على جميع الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والحضارية، وهي جزء مهم من التراث الثقافي والإرث الحضاري للأردن. واشار في لقاء مع وكالة الانباء الاردنية (بترا) الى ان الطوابع تستخدم لإضفاء الطابع الرسمي على المراسلات البريدية أو المعاملات الخدمية في الدوائر الحكومية، مبينا أنه قبل التأسيس كانت الطوابع العثمانية هي الطوابع المستخدمة في شرق الأردن حتى عام 1918، وفي العهد الفيصلي (1918-1920) وبعد تأسيس الإمارة استُخدمت في البدايات طوابع الحكومة العربية في الحجاز والطوابع السورية، ثم جلبت طوابع الحملة المصرية العسكرية والتي كانت تستخدم هذه الطوابع في فلسطين آنذاك، لتستخدم في إمارة شرق الاردن، وذلك بعد توشيحها جميعاً بعدة عبارات منها “شرق الأردن، حكومة شرق الأردن”، من اجل تغطية حاجتها للاتصالات والمراسلات.
وبين انه خلال الأعوام 1927-1930 صدرت أول مجموعة طوابع بريدية أردنية طُبعت خصيصاً للإمارة وكانت تحمل صورة الأمير عبدالله بن الحسين مؤسس إمارة شرق الأردن وملك المملكة الأردنية الهاشمية بعد استقلال البلاد، وتم توشيح هذه المجموعة لاحقاً بعدة توشيحات من أهمها، كلمة “دستور” وهو أول دستور تم وضعه للأردن لتنظيم الحكم والإدارة في الإمارة في ذلك الوقت، وكذلك تم توشيح المجموعة بكلمة “مكافحة الجراد” بسبب كارثة طبيعية وهي غزو الجراد لإمارة شرق الأردن عام 1930م .
واشار اللحام إلى استخدام الطوابع كذلك، في الترويج للمعالم السياحية والأثرية، حيث قام مدير البرق والبريد والهاتف آنذاك باز قعوار المعين من حكومة الانتداب في عام 1929 بإحداث نقلة في الطوابع البريدية الأردنية، إذ أعلن في الجريدة الرسمية عن نية الحكومة إصدار طوابع تحتوي على مناظر من المملكة، وطلب من هواة التصوير الشمسي تقديم أحسن الصور للأمير عبد الله، والأمير طلال وبعض المعالم الأثرية والطبيعية في المملكة وبناءً على ذلك، وابتداءً من عام 1933، صدرت أول مجموعة طوابع حددت معالم المملكة من اثار وقصور وقلاع ومناطق تعرف بمجموعة “جرش”، واستمر العمل بهذه المجموعات منذ العام 1927 وحتى عام 1946 تاريخ إعلان استقلال الأردن.
واضاف انه بعد ذلك، صدرت أول مجموعة طوابع تذكارية تحاكي مناسبة وطنية للاحتفال بمناسبة عيد الاستقلال يوم 25 أيار 1946، وثاني مجموعة عام 1947 بمناسبة تأسيس المجلس النيابي الثامن، وبعدها أصبحت الإصدارات الأردنية تحمل عبارة المملكة الأردنية الهاشمية، ومنذ ذلك الوقت، وحتى يومنا هذا، توثق الطوابع إضافة إلى الموضوعات المتغيرة من عام لآخر، أبرز المناسبات المتعلقة بالنظام الملكي مثل التتويج والزواجات الملكية، كما صدرت في عام 1949 أول مجموعة طوابع أردنية لمناسبة عالمية بمناسبة مرور 75 عاماً على تأسيـــس الاتحاد البريدي العالمي.
واضاف اللحام انه صدر في الاول من تشرين الأول 1953، وللمرة الأولى، مجموعة طوابع تذكارية تحمل صورة المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، بمناسبة ذكرى اعتلاء العرش، وهي كذلك أول مجموعة طوابع تصدر في عهد الحسين وكانت تتكون من 6 طوابع.
أما أول طابع في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، فقد صدرت بمناسبة ذكرى تتويج جلالته ، وقد تتابعت الإصدارات في عهد جلالته احتفالاً بمناسبات وطنية وتخليداً لأحداث تاريخية بارزة، منها جلوس جلالته على العرش، ومئوية الثورة العربية الكبرى، واستضافة الأردن لمؤتمرات القمة العربية. واشار إلى ان الطوابع تعد كذلك إثباتا على توجهات الحكومات في أزمنة سابقة، وتوثيقا لعلاقات دبلوماسية أو مواقف رسمية تجاه بعض القضايا، فهناك اصدارات تجمع الملك حسين وشاه إيران، كما في إصدار 1959 الذي يوثق لزيارة الشاه للأردن، ومجموعة عام 1973 التي تحتفي بذكرى مرور 2500 عام على تأسيس الإمبراطورية الإيرانية، وإصدار بريدي أردني خاص لمحمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان .
وبين ان هناك طوابع أخرى احتفت بما كان يُنظر إليه كإنجازات وطنية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، مثل إنشاء ميناء العقبة ومصفاة البترول وافتتاح المدينة الرياضية وغيرها.
وقال ان لفلسطين حضورا كبيرا في إصدارات الطوابع البريدية الأردنية، حيث ظهرت في إصدار وحدة الضفتين عام 1951 صورة البتراء رمزًا للضفة الشرقية وصورة قبة الصخرة رمزًا للضفة الغربية، تبعها العديد من الإصدارات في ذكرى النكبة والنكسة، وتوثيق لبعض المذابح والانتهاكات كإحراق المسجد الأقصى وغيرها.
ولفت الى ان موضوعات الطوابع البريدية الأردنية لم تقتصر على المناسبات المحلية، بل تعدتها لتشمل مناسبات وشخصيات إقليمية وعالمية كالطوابع التي وثقت الاهتمام العالمي بالفضاء في الستينيات، والإصدار الأردني الخاص برواد الفضاء الروس، كما أن هناك إصدارات توثق الألعاب الأولمبية ومؤتمرات القمة وغيرها من الفعاليات، اضافة الى إصدار مشترك هو إصدار «بيوت اورو متوسطية» عام 2018 بعد ان انضمت المملكة لمجموعة من الدول مثل تونس ولبنان والمغرب ومصر وتركيا واليونان وغيرها من دول المتوسط في إصدار مجموعة طوابع بريد لنفس الموضوع.
وبين انه في اطار احتفالية المملكة بمئوية تأسيس الدولة الاردنية طرح البريد الاردني إصدارا جديدا من الطوابع التذكارية لعام 2021 تم من خلاله تسليط الضوء على الانجازات التي رافقت عملية البناء والتأسيس مثل إنشاء المؤسسات الحكومية لخدمة المواطنين، وما تم من تطوير على أدائها خلال المئة عام الماضية. واشار الى ان الاصدار تضمن (شعار المئوية، أول حكومة أردنية/ حكومة شرق الأردن، تأسيس الديوان الملكي، مئوية عمان عاصمة إمارة شرق الأردن (الشرق العربي)، أول مكتب بريد، القوة السيارة نواة الجيش العربي، تأسيس نيابة العشائر، تأسيس قاضي القضاة، أول محكمة استئناف، أول صحيفة أردنية (الحق يعلو).
— (بترا)