انخرط الكثير من الناس في نمط حياة مختلف فرضته جائحة كورونا، غيّر من أنماط نومهم، اذ فرضت طبيعة العمل “عن بعد” ، إمكانية السهر لأوقات متأخرة ليلا، ما أدى لاضطرابات في مواقيت النوم.
واتفق متخصصون، أن للإصابة بفيروس كورونا علاقة وثيقة باضطرابات النوم حتى بعد التعافي من الفيروس، مشيرين لاهمية المحافظة على انتظام عمل ساعاتهم البيولوجية عن طريق النوم ليلا، والاستيقاظ نهارا، لما لذلك من أثر على ديمومة التمتع بموفور الصحة، فضلا عن ضرورة تخصيص غرفة هادئة معتدلة الحرارة، ذات إنارة خافتة، لا تدخلها الأجهزة الذكية، للمساعدة على نوم صحي. وقال اختصاصي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد الطراونة، إن الدراسات العالمية تشير إلى احتمالية حدوث اعتلالات في الأعصاب سواء كانت الطرفية أم المركزية، نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، والتي قد تؤدي إلى اضطراب في النوم، “الارق” وربما يحدث بعد التعافي من الفيروس، ما يعني عدم المقدرة على الدخول في النوم أو الاستمرار فيه، بما يسمى متلازمة “كوفيد طويل الأمد” لكنها نادرة الحدوث.
وأضاف: هناك بعض التفسيرات لما سمي عالميا “بالإرهاق الوبائي” بسبب طول أمد الجائحة، فضلا عن إجراءات الإغلاق الاحترازية وإنجاز الأعمال من المنزل، ما ادى إلى اعتلال في الايقاع النهاري و الليلي للنوم.
وعرف الطراونة الساعة البيولوجية في الجسم بأنها الإيقاع اليومي الليلي النهاري للنوم، حيث يؤدي الاعتلال فيها إلى صعوبة العودة للنوم بشكل طبيعي مجددا، نتيجة قيام البعض بالنوم نهارا والسهر ليلا.
ونصح بالمحافظة على ما أطلق عليه “نظافة النوم” أو ما يسمى “بالنوم الصحي”، وهو النوم لمدة لا تقل عن 8 ساعات ليلا في غرفة هادئة ذات حرارة معتدلة، وعدم الإكثار من السوائل قبل النوم، أو تناول الوجبات الدسمة، وأن تخلو غرفة النوم من الأجهزة الذكية، لأن الضوء الأزرق المنبعث منها يؤدي إلى اضطراب في الغدة الصنوبرية المسؤولة عن إخراج هرمون “الميلاتونين” الذي يساعد على الدخول في النوم.
وأكد أن النوم في ساعة معينة، والاستيقاظ في توقيت موحد يساعد على إعادة ضبط الساعة البيولوجية للجسم، موضحا أن النوم الصحيح يؤدي إلى التقليل من عوامل الالتهاب داخل الجسم، وضبط عمل جهاز المناعة.
بدوره عرف اختصاصي الأمراض الصدرية وأمراض النوم الدكتور إبراهيم عقيل، النوم، بأنه حالة من فقدان الوعي “الفسيولوجي” المؤقت بشكل طبيعي، بهدف إراحة عضلات الجسم بشكل عام، والدماغ بشكل خاص، مشيرا الى انه وفي اثناء النوم يقل عدد نبضات القلب لقلة الجهد المبذول، وقلة حاجة الجسم للطاقة التي كان يستهلكها خلال النهار.
واستشهد عقيل بالآية الكريمة في محكم التنزيل: “وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا”، للدلالة على طبيعة الخلق القائمة بأن الليل وجد للنوم، حيث تفرز الساعة البيولوجية في جسم الإنسان، مادة “الميلاتونين” المسؤولة عن الاستيقاظ، وإذا ما تغيرت هذه الساعة، يصاب الجسد بإجهاد يمنعه من أداء وظائفه الاعتيادية بسبب قلة النوم.
وبين أن هناك ما لا يقل 37 مرضا من أمراض النوم، وهي عباره عن اختلال في طبيعة النوم، اذ تختلف طبيعة النوم الكمية حسب العمر، كما ان نوعيته تتلخص في ارتخاء الجسم أثناء النوم وعدم حدوث اختناقات خلاله، فيما يسمى بانقطاع التنفس الانسدادي، وهو مرض شائع لكنه قليل التشخيص.
وربط عقيل بين الإصابة بفيروس كورونا، وحدوث اعتلالات في النوم، حيث ان أحد أسبابها يعزى لقلة “الأوكسجين”، ما يؤثر على نوعيه النوم، فيستيقظ المريض صباحا مع شعور بالاجهاد والإنهاك وقلة التركيز، مضيفا: أن الاستيقاظ المتكرر اللحظي يحول دون أخذ الدماغ لكفايته من الراحة.
وقال: على الانسان المحافظة على نمط حياة مستقر قدر الامكان في ظروف الجائحة، لما له من تأثير وثيق على القلب والشرايين، وأن على من يعانون من اضطرابات النوم، مراجعة الطبيب المختص للمساعدة على إعادة تنظيمه.
وفي ذات السياق، أكد استشاري الطب النفسي الدكتور رضوان بني مصطفى، أن النوم أحد ضروريات الحياة، وأن اضطراباته تؤثر على الصحة العامة، وتعمل على ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالسكري والسمنة والسرطان، عدا عن انعكاس ذلك على الاداء العام للمرء.
ولفت الى أهمية إدراك فاعلية النوم ليلا، موضحا ان الجسد يتخلص خلال النوم من السموم التي تنتج عن عملية الأيض، وإعادة بناء ذاته، وتحسين أداء الدماغ والذاكرة، حيث أن النوم لفترة قصيرة، بما يعرف “بالقيلولة”، يعود حكما بالفائدة على جسم الإنسان وفعالية أدائه اليومي.