قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، إن شركات القطاع الخاص تشكل العمود الفقري للاقتصاد الأردني؛ من خلال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وفي توليد فرص العمل، وتكوين رأس المال الثابت، إضافة إلى مساهمته في دفع الضرائب التي ترفد مستوى الإيرادات العامة في الاقتصاد الأردني.
وأوضح، ورقة السياسات التي صدرت بعنوان “دور القطاع الخاص في الاقتصاد الأردني: المساهمة بتعزيز النمو وتخفيض البطالة”، أن الحكومة (منتجو الخدمات الحكومية) حافظت على نصيبها من حجم الاقتصاد الأردني بحوالي 14% – 15% (نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي) وظلت هذه النسبة ثابتة في المتوسط منذ السنة المالية 2010؛ بالمقابل حافظ باقي الاقتصاد على ما يعادل 85% من الناتج المحلي الإجمالي.
وشكلت القطاعات ذات المساهمة الكبيرة في الاقتصاد (الخدمات المالية والتأمين وخدمات الأعمال والصناعة) حوالي 36%من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، في حين أن حجم القطاعات المتوسطة (النقل والتخزين والاتصالات وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق وقطاع الخدمات الاجتماعية) تشكل حوالي 27% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وبقيت مساهمة هذه القطاعات إلى الناتج المحلي الإجمالي ثابتة إلى حد ما.
أما القطاعات الصغيرة ذات المساهمة المتواضعة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فقد حافظت على وزنها النسبي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث شكلت القطاعات الصغيرة (الكهرباء والمياه، المناجم والتعدين، الإنشاءات، والزراعة) حوالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهذا يعني أنه وعلى مدى العقد الماضي لم يشهد الاقتصاد الأردني تغيرات هيكلية في تركيبة الاقتصاد الوطني.
وأوضحت الورقة بأن مساهمة القطاع الخاص تزيد عن القطاع العام فيما يتعلق بالأنشطة الاستثمارية، حيث زادت مساهمة القطاع الخاص على القطاع العام في الأنشطة الاستثمارية بشكل عام في معظم فترات العقد الماضي. إلا أنه و منذ عام 2010، انخفض نشاط القطاع الخاص في هذا البند (إجمالي تكوين رأس المال الثابت إلى الناتج المحلي الإجمالي) مما نسبته 22.5% الى حوالي 14% رافقها انخفاض مساهمة القطاع العام من 4.4 % الى 3.1 %. وهذا يعني تراجع في معدلات الاستثمار بشكل عام والتي يفترض أن تساهم بتعزيز النمو وتوليد فرص العمل وتحسين الصادرات.
وأشارت الورقة إلى أن القطاع الخاص يعتبر مساهماً مهماً في تعزيز الموجودات بالعملات الأجنبية في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال الصادرات الوطنية؛ حيث تجاوزت تلك المساهمة ما يعادل الخمسة مليارات دينار في العام 2020؛ إضافة إلى كون القطاع الخاص يولد عددًا أكبر من صافي الوظائف التي يتم توليدها في القطاع العام.
وبلغت نسبة الوظائف المولدة في القطاع الخاص إلى القطاع العام بحوالي الضعفين كمعدل للعقد الماضي، إلا أن التباطؤ الاقتصادي وتراجع حجم الاستثمارات أدى إلى انخفاض العدد المطلق للوظائف المولدة في القطاع الخاص منذ عام 2010، وهذا يؤشر إلى أهمية القطاع الخاص كمحرك للتنمية وتوليد فرص العمل.
وفي سياق متصل، بينت الورقة بأن العدد الإجمالي للأفراد المؤمّن عليهم من العاملين في القطاع الخاص ارتفع من (460,175) إلى (685,075) فردًا بنسبة زيادة بلغت 48.9% بين عامي 2011-2019؛ في حين أن عدد المؤمن عليهم من العاملين في القطاع العام ارتفع بنسبة 37.1% من (415,940 فرد) لعام 2011 إلى (570,060 فرد) لعام 2019؛ ونتيجة للزيادة الكبيرة في عدد موظفي القطاع الخاص المؤمن عليهم، فقد ارتفعت نسبة أعداد المؤمن عليهم من 48.2% في عام 2011 إلى 50.9% في عام 2019.
وإذا ما تمت إضافة عدد موظفي القطاع الخاص غير المؤمن عليهم أي العاملين في القطاع غير الرسمي، فإن نسبة التوظيف في القطاع الخاص إلى إجمالي العمالة ستكون أعلى من النسبة السائدة 50.9٪.
وبينت الورقة بأن الضرائب التي تدفعها الشركات المساهمة تشكل حوالي 17% من إجمالي الضرائب؛ وتعتبر إيرادات ضريبة المبيعات المصدر الضريبي الرئيسي بحوالي 71% من إجمالي الضرائب. مشيرة إلى أن إجمالي الضرائب المدفوعة قد ارتفع من (2.986 مليار دينار) في عام 2012 إلى (4.680 مليار دينار) في عام 2019.
وأوضحت الورقة بأن نسبة المنشآت الصغيرة (1 إلى 4 موظفين) في القطاع الخاص تتصدر على أعداد المنشآت الكلي، إذ شكلت 87.7% من إجمالي عدد المنشآت لعام 2018 وتوظف ما مقداره (278,332 فرداً). ومن ناحية أخرى، فإن المنشآت الكبيرة (100 فرد وأكثر) شكلت ما نسبته 0.38%من إجمالي أعداد المنشآت في الأردن، وتوظف ما مقداره (301,915 فردًا) لعام 2018.
وفي سياق متصل؛ زادت حصة المؤسسات التي توظف 100 فرد أو أكثر في إجمالي العمالة الخاصة من 31.0٪ في عام 2012 إلى 35.9٪ في عام 2018، وقد جاءت هذه الزيادة على حساب المشاريع متناهية الصغر ويمكن تفسير هذا التحول على أنه إيجابي من حيث ميل المؤسسات إلى الاستفادة من اقتصادات الحجم الكبير. على الرغم من أن المؤسسات الصغيرة (1-4) ما زالت تشغل حوالي 33 % من أعداد العاملين.
وبينت الورقة أن أكبر ستة قطاعات من حيث التوظيف قد شهدت درجات متفاوتة في معدلات نمو العمالة بكل منها، إذ شهد أكبر قطاعين من حيث التوظيف (تجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية) أدنى زيادة (13.1٪ و20.3٪) على التوالي.
وتضمنت الورقة مجموعة من التوصيات لدعم الشركات القائمة لتصبح كبيرة يأتي في مقدمتها وضوح الرؤيا والسياسات المتبعة، وزيادة القدرة والقابلية على التنبؤ، إضافة إلى وضوح السردية المتعلقة بأداء الاقتصاد الأردني، مؤكدة على ضرورة تمكين القطاع الخاص ليكون قادراً على أداء دوره في تحقيق التنمية والتشغيل، وليس تحقيق الربح فقط.
وأشارت الورقة إلى أن ما يعيق السير في وضع خارطة طريق لتعزيز أسس الشراكة أنه يتم الحديث عنها بمعزل عن الكثير من المتغيرات التي يمكن أن تساهم عمليا بتحقيق الأهداف المرجوة. وفي هذا السياق استعرضت الورقة إطاراً يشمل ركيزتين مهمتين في دور القطاع الخاص لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية وهي كل من تمكين المؤسسات، ورسم السياسات.
وأوضحت الورقة أنه ولتحقيق نمو يقوده القطاع الخاص يجب أن تكون المؤسسات (الدولة) ذات شفافية وكفاءة وأن تكون خاضعة للمساءلة من خلال سلطة قضائية حديثة وفعالة لإنفاذ سيادة القانون ودعم حقوق الملكية وإنفاذ التشريعات التجارية، وجود طاقات بشرية متطورة في الخدمة المدنية على تنفيذ السياسات، علاوة على قيادة سياسية قوية، قادرة على اتخاذ أي إجراءات إصلاحية ضرورية. أم في مجال رسم السياسات.
وأكد المنتدى في ورقته على ضرورة المحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي ولمعالجة وعجز الموازنة والدين العام، والمحافظة على إطار تنظيمي مناسب لتنمية القطاع الخاص، يكون هدفها تعزيز بيئة الاستثمار. كما بينت الورقة ضرورة المحافظة على إطار قانوني مناسب لتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وعلى عملية المشتريات العامة بشفافية وتنافسية، وتعزيز المساواة (الدخل والفرص) والعدالة الاجتماعية، لتعظيم القدرة الإنتاجية للقوى العاملة من خلال منح الفرصة لأصحاب الكفاءات التقدم في السلم الإداري.
وأكدت الورقة على ضرورة أن تكون وسائل الاتصال مفتوحة ومرنة ما بين المستثمرين والقطاع الخاص، وأن تتسم رسائل بالحكومة بالاتساق وتجنب الازدواجية في الرسائل الموجهة حتى لا يتم تفسير تلك الرسائل بشكل متباين، إضافة إلى محاولة إيجاد جهة مرجعية للتواصل مع القطاع الخاص لبحث التحديات التي تواجه القطاع ضمن آلية مستمرة من شأنها تسريع اتخاذ القرارات المتعلقة بالكثير من القضايا الاستثمارية، بما في ذلك أتمته الكثير من الإجراءات. علاوة على تحفيز الاندماجات وتأسيس الشركات الكبيرة والتي من الواضح أنها تنمو بشكل مضطرد بما يمهد لتعزيز المؤسسية في القطاع الخاص.