تتزايد المخاوف من تهديدات على الأمن المائي في الأردن ودول عديدة في الشرق الأوسط، وسط تحديات انقطاع إمدادات المياه التي تحيط بالمنطقة من كل حدب وصوب، وأزمات مائية تتصاعد في أكثر من دولة في المنطقة.
وفي حين تشكل المياه عاملا محفزا ومحتملا لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط شبه الجافة أصلا، بات لازما اتخاذ كافة السبل الدبلوماسية، خاصة بين الدول المتشاطئة في الأحواض المائية المشتركة كطوق نجاة لتجاوز أي أزمات محتملة.
وفيما ما تزال الأزمات السياسية التي أحاطت بالمنطقة بشكل عام والأردن بشكل خاص، تفرض نفسها على إمكانية اتمام الحوارات المائية اللازمة، ضمن أحواض المياه المشتركة، بات ملف المياه هو القضية الأبرز والأهم على المستويات المحلية والإقليمية.
هذا التحدي، الذي صارت ملامحه واقعا صعبا ويحاول الأردنيون التعايش معه، يزداد حدة وسط عوامل التغير المناخي الذي ألقى بتبعاته الثقيلة على المملكة، خاصة ما يرتبط بارتفاع درجات الحرارة وتذبذب الهطل المطري الذي سجل خلال الموسم الأخير انخفاضا بنسبة 60 % من المعدل السنوي طويل الأمد والبالغ 8196.8 مليون.
ففيما سجلت هذه المفارقة نسبا، قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة، تتراجع مخازين المياه الجوفية عالميا وإقليميا ومحليا بسبب تزايد الاعتماد عليها في تلبية الاحتياجات على المياه بسبب التزايد السكاني والذي بات عاملا مقلقا لدى الأردن تحديدا نتيجة أزمة اللجوء السوري وارتفاع الطلب.

الأردن، وخلال اللقاء الملكي الأخير مع الإدارة الأميركية، استقبل مؤشرات إيجابية حيال إبداء الرئيس الأميركي جو بايدن، دعم الولايات المتحدة بما يخدم الاتفاق على توفير المياه العذبة للأردن، في وقت لم يعد التشاور وتحديد الخطوط العريضة ورسم خريطة الطريق المشتركة بين الدول المتشاطئة خيارا، بل بات احتياجا ملحا لصالح مختلف الأطراف المعنية.
اليوم، وبعد أزمات المياه في المنطقة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وفي مناطق أخرى كإيران التي شهدت احتجاجات شعبية على نقص المياه النظيفة إثر الجفاف وانخفاض منسوب المياه وسوء إدارة المياه، تحول ملف المياه لقضية وجودية ثمنها الاستمرار على كوكب البشرية من عدمه، وهو ما يحتم على الأردن منح الأولوية لهذا الملف.
ومن المتوقع أن تكون حاجة الاردن الماسة للمياه 1350 مليون متر مكعب سنويا بحلول العام 2025، ليكون نصيب الفرد حوالي 120 مترا مكعبا سنويا، وفق خبراء أكاديميين.
وعلى صعيد الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتشارك 11 دولة مشاطئة في نهر النيل، إلى جانب دجلة – الفرات بين تركيا وسورية والعراق، ونهر اليرموك بين سورية والأردن وإسرائيل، ونهر الأردن بين لبنان، وسورية، والأردن وفلسطين، وإسرائيل، وهو ما ينطبق على طبقات المياه الجوفية الكبيرة عابرة الحدود، كما هو خزان المياه الجوفية (بين الضفة الغربية وإسرائيل)، وحوض الديسي المائي بين الأردن والسعودية.
واعتبر خبراء في قطاع المياه في وقت سابق، أن استقرار العلاقات الأردنية – السورية عقب الهبات السياسية، التي عصفت بالجانبين خلال الفترة الماضية، “لم تنعكس حتى اليوم على حصة الأردن المائية من حوض اليرموك”، مؤكدين أهمية تكثيف الجهود الرسمية فيما يتعلق بضرورة “حصول الجانب الأردني على حقوقه المائية من مياه سد الوحدة”، البالغة سعته التخزينية الإجمالية نحو 110 ملايين متر مكعب، “أو تحقيق المردود المائي المؤمل منه وفق الاتفاق المشترك مع سورية”.
وكان تقرير حالة البلاد المتعلق بقطاع المياه للعام 2020، دعا الى مراجعة اتفاقيات المياه المشتركة مع دول الجوار، والعمل على استدامة المصادر الحالية.

الغد