يتهافت الناس على تناول المشروبات الغازية في هذه الأوقات التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة لعلها تطفئ ظمأهم أو تخفف من لهيب الأجواء الحارقة، إلا أن هناك من يحذر من التركيز على تناول هذه المشروبات بدلا من الإقبال على شرب المياه والعصائر الطبيعية.
يقول أحد مندوبي المبيعات: “لا يروي عطشي في هذه الأيام التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة، إلا كأس مشروب غازي، وقد عج بكثير من مكعبات الثلج الباردة”. أما أم أحمد، ربة بيت، فتقول “كنا فيما مضى نظن أن تقديم المشروبات الغازية للضيف، هو نوع من كرم الضيافة، لكنني بعد أن سمعت آراء تحذر من تناولها، قررت عدم شرائها مطلقا”.
بينما تفضل الموظفة في القطاع العام، أم ماهر، تناولها فقط مع مأكولات بعينها، كالمشاوي والمنسف، رغم إدراكها بأنها عديمة النفع، بل إنها غالبا ما تستعمل بقاياها “لتسليك انسداد مجاري مياه المجلى”، فيما يؤكد صاحب أحد الدكاكين الصغيرة، العشريني محمد، أن تهافت المستهلكين عليها كبير، لاسيما في وقت الظهيرة.
يتحدث استشاري أمراض القلب ورئيس قسم القلب في مستشفى البشير، الدكتور فخري العكور، حول العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة ومرضى القلب والضغط، حيث يتأثرون بها بشكل جلي.
ويوضح أن ذلك الارتفاع عادة ما يكون مصحوبا باضطراب الضغط الجوي ونسبة الرطوبة، ما يؤثر على الدورة الدموية، وقد يسبب الجفاف اختلالا في نسبة المعادن بالدم مثل “البوتاسيوم والصوديوم” التي تؤثر على النظام الكهربائي للقلب، وعلى الضغط الشرياني، أيضا.
وفي السياق، ينصح الدكتور العكور هؤلاء المرضى بالاكثار من شرب المياه، والابتعاد عن الطعام “المالح” المشبع بـ”الصوديوم”، الذي يتسبب بارتفاع ضغط الدم وحبس السوائل في جسم الإنسان، ما يؤدي لهبوط في عضلة القلب، محذرا من ممارسات يصفها بالخطرة، وخاصة في فصل الصيف، وهي الإقبال بشكل لا يبرر على المشروبات الغازية بدلا من الماء أو العصائر الطبيعية، رغم احتواء الأخيرة على السكر الطبيعي، غير أنها تبقى البديل الصحي، إذا ما تم تناولها باعتدال، خاصة للذين لا يعانون من أمراض مزمنة كالسكري مثلا.
ويستطرد الدكتور العكور: ولما كانت هذه المشروبات غنية بمادة “الكافيين” فإنها تعمل على رفع الضغط الشرياني الذي قد يؤدي أحيانا إلى جلطات دماغية قاتلة. وفي الإطار عينه، يدعو لتجنب الخروج من المنازل في أوقات ذروة الأشعة فوق البنفسجية للشمس، ذلك أنها تحدث ضررا في صحة القلب والدورة الدموية، خاصة للذين يعانون من أمراض ذات صلة. المتخصصة في التغذية العلاجية، مجد الخطيب، تقول: درجت العادة عند بعضهم على تناول المشروبات الغازية، وخاصة مع اشتداد موجات الحر في فصل الصيف، لظنهم أنها تروي عطشهم، ولكن البعض قد لا يعلم أنها تحتوي على نسبة عالية من السكر، ما يمد الجسم بالسعرات الحرارية الكبيرة أيضا، فيؤثر بالضرورة على الصحة العامة، وعلى سلامة العظام بخاصة.
وتتابع: إن احتواء المشروبات الغازية على مادة “الكافيين” يسهم في زيادة إدرار البول، ما يؤدي إلى خسارة المياه من الجسم، وهذا يدفع إلى تناول الكميات الكافية من المياه، حيث يحتاج الفرد من 2 إلى 3 ليترات منها يوميا، ما يضمن أخذ احتياجاته من السوائل، مذكرة بأن “العصائر الطبيعية ليست بديلا عن مياه الشرب إطلاقا، لأنها تحتوي على سكريات، وبالتالي على سعرات حرارية عالية”.
وتدعو الخطيب الأشخاص الذين لا يفضلون تناول مياه الشرب كما هي إلى وضع نكهات بها، مثل النعنع، الليمون، فاكهة معينة، ماء الزهر، ماء الورد، أو أي نكهة يفضلونها.
وتلفت إلى ضرورة ابتعاد من يعانون من تاريخ مرضي ما عن المشروبات الغازية، وحتى عما يُعتقد بأنه “صحي” منها، وهو المشروب الغازي المعروف بـ”الدايت”، لأنه أيضا يحتوي على نوع من أنواع السكر الضارة، الذي قد يضر بالجهاز العصبي، ويعرض الإنسان لمشكلات صحية مع تقدم العمر.
(بترا – اخلاص القاضي)