في وقت تعرضت فيه زراعة النخيل بوادي الأردن لانتكاسة، نتيجة نقص مياه الري، أكد مزارعون ان القطاع يحتاج إلى استراتيجية واضحة المعالم للمواءمة بين الموازنة المائية السنوية والمساحات المزروعة.
فمع بدء موسم قطاف التمور، توضح جليا مدى الضرر الذي تعرض له المزارعون نتيجة نقص مياه الري خلال اشهر أيار (مايو) وحزيران (يوليو) وتموز (يونيو) التي تعتبر الاهم في عمر اشجار النخيل، اذ ان توافر كميات مياه كافية، يسهم بوصول الثمار إلى الحجم المطلوب، بخاصة الاسواق الخارجية.
المزارع محمد السلامات، أكد ان شح مياه الري الاشهر الماضية، ألحق بالمزارعين خسائر فادحة، نتيجة تراجع جودة الإنتاج، موضحا ان الفترة من نيسان (ابريل) وحتى بداية الشهر الحالي، تعتبر الاهم لأشجار النخيل، كونها الفترة التي تنمو فيها الثمار وتأخد الحجم اللازم قبل قطافها.
وبين ان زراعة النخيل في وادي الاردن، تشكل نقلة نوعية للواقع الزراعي والاقتصادي والاجتماعي، بما توفره من استثمارات بمئات الملايين، وفرص عمل لآلاف الشباب الفتيات، لكنه بات اليوم يواجه تحديا كبيرا يتمثل بشح مياه الري لأسباب عدة، اهمها ادارة الموارد المائية، وعدم وجود استراتيحية واضحة للمواءمة بين موازنة المياه المتوقعة والمساحات المزروعة سنويا.
وأضاف ان قطاع التمور بخاصة تمر المجهول، فرض نفسه كأجود انواع التمور في العالم، وهو امر احتاج لسنوات من العمل، لكن الموسم الحالي سيفقد المزارع اسواقا مهمة لعدم قدرته على توفير المنتج المطلوب للمنافسة عالميا.
وأوضح ان معظم الإنتاج الحالي، سيكون دون الحجم المطلوب للاسواق الخارجية، ما سيؤدي إلى تدني اسعار بيعه، برغم كلف الإنتاج المرتفعة.
ورأى المزارع رائد العبادي، ان التخبط في عملية توزيع مياه الري بين الجهات المعنية من سلطة وادي الأردن وجمعيات مستخدمي المياه في مشروع 18 كم، والذي جرى تأهيله بخطوط ري جديدة، خلق ازمة عدالة في توزيع المياه بين الوحدات الزراعية، مشيرا إلى ان غالبية الوحدات الزراعية، لم تصلها المياه بكميات كافية مقارنة بوحدات زراعية اخرى.
وأضاف ان كثرة الاعتداءات على مياه قناة الملك عبدلله، المصدر الوحيد الذي يغذي غالبية مزارع النخيل، اسهم في تناقص كميات المياه المتاحة، وبالتالي التقليل من كميات المياه المسالة للوحدات الزراعية.
ولفت إلى ان استمرار زراعة الاراضي خلال فصل الصيف، كان له دور كبير في نقص مياه الري لمزارع النخيل.
وبين انه وبرغم محدودية المصادر المائية، لكن السلطة ما تزال تسمح بزراعة مساحات جديدة بالنخيل، اذ يزيد عدد اشجار النخيل التي تزرع سنويا على 50 ألفا، مشيرا إلى ان هذه الأعداد تحتاج إلى كميات مياه اضافية، ما يتطلب استراتيجية لزراعة النخيل في الوادي، لضمان ديمومة الزراعات الموجودة حاليا.
ويقدر معنيون عدد اشجار النخيل المزروعة في وادي الاردن بنحو نصف مليون نخلة، منها 400 ألف نخلة منتجة و100 ألف لم تصل إلى مرحلة الإنتاج الفعلي، في حين يصل انتاج التمور إلى نحو 20 ألف طن من تمر المجهول و10 آلاف طن من البرحي، يصدر أكثر من 70 % منها الى الاسواق الخارجية.
ولفت رئيس جمعية التمور التعاونية الزراعية رائد الصعايدة، الى ان التمور الأردنية حققت مكاسب كبيرة في السوق العالمية يجب المحافظة عليها، لافتا الى ان نقص كميات المياه المتاحة خلال أشهر ايار (مايو) وحزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، اثر بشكل كبير على جودة الانتاج وأحجامه، والذي يعتبر اهم مزايا التمور الأردنية، ما قد يفقدها القدرة التنافسية في الاسواق.
وأوضح ان الجمعية وضعت عدة حلول امام المعنيين لتلافي ما جرى في الموسم الحالي، تتمثل بتوفير كميات مياه كافية لمزارع النخيل عبر السماح لأصحاب المزارع بحفر آبار بأعماق اكبر من المسموح بها حاليا، للحصول على مياه صالحة للري، وعمل شبكات صرف صحي لمناطق الاغوار، واستغلال مياهها بعد معالجتها للتقليل من ملوحة سد الكرامة واستغلالها للري، بالإضافة الى المطالبة بالحقوق المائية في سد الوحدة ونهر اليرموك من الجانب السوري، لزيادة مياه القناة، لا سيما وأنها حقوق مشروعة ساهمت الحكومة فيها ببناء سد الوحدة.
وشدد الصعايدة على ضرورة وضع المزارعين في بداية كل عام في صورة الوضع المائي، وربط السماح بزراعات جديدة بالواقع المائي، موضحا ان ما جرى الموسم الحالي يهدد استثمارات تجاوزت قيمتها نصف مليار دولار، بالإضافة لنحو 8000 اسرة وفرصة عمل يشغلها هذا القطاع.
رئيس لجنة الزراعة والمياه والبادية في مجلس النواب النائب محمد العلاقمة، أكد أن قطاع الزراعة يحتاج لجهد وطني، لوضع خطة شمولية لمواجهة التحديات والمتغيرات التي أثرت على القطاع بشكل عام، ويجب وضع خطة لإيجاد حلول لمشكلة نقص مياه الري والوصول لرؤية واضحة تتبناها لجنة المياه النيابية لإيصالها الى أصحاب القرار.
الغد