المعلومات والأرقام المتوفرة حول التحرش الجنسي ضعيفة ومتواضعة لأسباب متعددة
لوم الضحية والتشكيك والتهوين من أساليب إنكار ظاهرة التحرش
الأباء يشكلون 7% من مجمل المتحرشين في المنزل وفقاً لدراسة محلية
صمت وتردد الضحايا في الإبلاغ عن التحرش يفاقمه ويعرضهم لجرائم جنسية أكثر خطورة
15% من “عينة دراسة محلية” تعرضوا للتحرش اللفظي في المنزل و 11% تعرضوا للتحرش الجسدي
ثلث ضحايا التحرش التزموا الصمت وأقل من 4% تقدموا بشكاوى
أيدت محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية في قرارها رقم 1233/2021 الصادر بتاريخ 6/7/2021 قرار محكمة الجنايات الكبرى بإعلان براءة أب من جناية هتك العرض وجنحة عرض فعل مناف للحياء وجنحة الإيذاء بحق إبنته القاصرة (16 عاماً) لعدم قيام الدليل بعد أن تشككت المحكمة في بينة النيابة العامة الوحيدة المتمثلة بشهادة المجني عليها، وبعد امتناع والدتها عن الشهادة أمام المحكمة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن محكمة التمييز وجدت :” بأن لمحكمة الجنايات الكبرى بوصفها محكمة موضوع وبمقتضى أحكام المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية سلطة واسعة في وزن البينة وتقديرها والأخذ بما تقنع به من بينات وطرح ما سوى ذلك ولا معقب عليها في ذلك من محكمتنا طالما أن النتيجة المستخلصة بعد وزن البينة قانونية وسائغة ومقبولة فإذا اطمأنت إلى البينة قضت بالإدانة والتجريم وإذا ساورها الشك قضت بالبراءة.
وفي الحالة المعروضة يتبين أن محكمة الجنايات الكبرى بوصفها محكمة موضوع قررت براءة المتهم (المميز ضده) من الجرائم المسندة إليه لعدم قيام الدليل بعد أن تشككت في بينة النيابة العامة الوحيدة المتمثلة بشهادة المجني عليها بعد امتناع والدتها الشاهدة…عن الشهادة أمام المحكمة. وقد قامت المحكمة باستعراض شهادة المشتكية وناقشتها مناقشة وافية ومستفيضة ودللت على الأسباب التي حملتها إلى عدم الاقتناع بها وجعلتها تشكك في صحتها وهذه الأسباب التي أشارت إليها المحكمة في عدة فقرات تنصب على وقائع جوهرية تدعو للشك والريبة في صحة شهادة المشتكية وتوجب طرحها من عداد بينات النيابة العامة وبطرح شهادة المشتكية فإنه لم يبقَ في بينة النيابة العامة ما يربط المتهم بالجرائم المسندة إليه مما يتعين إعلان براءة المتهم مما أسند إليه كما انتهى إليه القرار المطعون فيه الأمر الذي يتعين معه رد هذه الأسباب.”
الأباء يشكلون 7% من مجمل المتحرشين في المنزل وفقاً لدراسة محلية
من جهة أخرى، أظهرت دراسة “ظاهرة التحرش في الأردن 2017” والصادرة عن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الى أن 14% من أفراد عينة الدراسة تعرضوا لواحد أو أكثر من سلوكيات التحرش الإيمائي في المنزل، و 15.5% تعرضوا للتحرش اللفظي، و 11.4% تعرضوا للتحرش الجسدي، و 12.3% تعرضوا للتحرش النفسي، و 20% تعرضوا للتحرش الالكتروني.
وتشير “تضامن” الى أن أكثر الأفراد ارتكاباً للتحرش الجنسي في المنزل وفقاً للدراسة هم الأقارب الأخرين (11.8%)، وتلاهم أولاد العم/ أولاد الخال (11.1%)، وأصدقاء العائلة (8%)، وحراس العمارات (7.4%)، والأباء (6.9%)، والعم/ الخال (5.7%)، والأخوة (5.5%)، والجد (4.1%)، فيما كانت الأم الأقل تحرشاً وبنسبة 1.8%.
ثلث ضحايا التحرش في المنزل التزموا الصمت وأقل من 4% تقدموا بشكاوى
كما أظهرت نتائج الدراسة بأن 31.8% من أفراد العينة الذين تم التحرش بهم في المنزل لأول مرة التزموا الصمت، فيما إنخفضت نسبة من التزموا بالصمت الى 20.6% في حال التكرار. ولم تتجاوز نسبة الذين تقموا بشكاوى الى إدارة حماية الأسرة 2.1% عند التحرس بهم لأول مرة وإرتفعت النسبة قليلاً (3.4%) في حال التكرار.
كيف يتم إنكار ظاهرة التحرش؟
هذا وأكدت دراسة أخرى حملت عنوان “ظاهرة التحرش وأسباب إنكارها – المواقف والإتجاهات” والصادرة عن مركز القدس للدراسات، على أن التعبير عن حالة الإنكار لظاهرة التحرش الجنسي التي تسود في المجتمع يتم بطرق ووسائل متعددة ومن بينها:
· التبرير وخلق الأعذار حيث أن 66% من أفراد العينة يعتقدون بأن التحرش نتيجة لعدم سيطرة الرجال على حاجاتهم الجنسية (71% إناث و 61% ذكور)،
· لوم الضحية حيث أن 68% من أفراد العينة يعتقدون بأنه في بعض الأحيان تكون المرأة السبب في قيام الرجل بالتحرش رغم أنه لا يريد ذلك فعلاً (63% إناث و 73% ذكور)،
· التهوين حيث أن 45% من أفراد العينة يعتقدون بأن المرأة التي تنتظر أسابيع أو أشهر قبل تقديم شكوى التحرش فإنها في الغالب كاذبة (35% إناث و 55% ذكور)،
· التشكيك حيث أن 65% من أفراد العينة يعتقدون بأن العديد من النساء يستخدمن شكاوى التحرش كنوع من التهديد أو الإبتزاز (56% إناث و 72% ذكور)،
· تحييد الإرادة حيث أن 46%من أفراد العينة يعتقدون بأنه غالباً ما تقول المرأة “لا” عندما يتم التحرش بها وهي تقصد “نعم” (37% إناث و 54% ذكور).
“تضامن” تقترح إنشاء نظام مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي
لا بد من إيجاد الحلول العملية والواقعية لكافة الظواهر الاجتماعية السلبية والتي تؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات والأطفال من الجنسين، وتحرمهم من التمتع بحقوقهم الأساسية، لذا تقترح “تضامن” إنشاء نظام مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي والجرائم الجنسية الأخرى الأشد خطورة. ويهدف النظام بإعتباره أحد أدوات مواجهة “الظواهر الاجتماعية السلبية” بما تسببه من إخلال بالأمن الاجتماعي والأسري، الى تزويد صانعي القرار وواضعي الاستراتيجيات والبرامج والتدخلات بالمعلومات والمعطيات التي تنذر بإرتفاع إحتمالية حدوث أو وقوع فعلي لحالات تحرش جنسي في أماكن معينة و/أو في أوقات معينة، والإجراءات الواجب إتخاذها لمنع حدوثها ومعالجة آثارها.
يشار الى أن المعلومات والأرقام المتوفرة حول التحرش الجنسي ضعيفة ومتواضعة لأسباب متعددة ومن أهمها ضعف التوعية القانونية للضحايا المحتملين من الجنسين، وتردد الضحايا في الإبلاغ وتقديم الشكاوى خوفاً على السمعة، وعدم كفاية الضابطة العدلية من النساء لإستقبال الشكاوى، والإجراءات القضائية الطويلة والتي تتطلب حضور الضحايا وتكرار الأقوال أمام جهات قانونية وأمنية وقضائية مختلفة، وعدم تشجيع أفراد الأسرة لتقديم هكذا شكاوى، إضافة الى التسامح المجتمعي مع مرتكبي التحرش الجنسي بشكل خاص.