يشارك الأردن، الجمعة، دول العالم الاحتفال بيوم الملاحة البحرية العالمي، الذي يصادف في 24 أيلول/ سبتمبر من كل عام، تحت شعار “البحارة في صميم مستقبل الشحن البحري”، لإبراز الدور الذي تلعبه هذه الفئة لاستمرار سلسلة التوريد بالعمل خدمة للشعوب.
وأكد خبراء في المجال البحري أهمية الدور الاستثنائي للبحارة في إيصال البضائع الحيوية وتحديدا أثناء جائحة فيروس كورونا، نظرا لانعكاساتها على من تقطعت بهم السبل لأشهر طويلة، جراء تغيير طواقم السفن الذين انتهت عقود عملهم التشغيلية، وامتناع معظم دول العالم عن السماح بتبديل الطواقم على أراضيها، بينما عملت الهيئة البحرية الأردنية على تصميم بروتوكول خاص لتبديل طواقم السفن بالتعاون مع المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات.
وقال مدير عام الهيئة البحرية الأردنية محمد سلمان، إن الأردن يعد من الدول المصدرة للعمالة البحرية العربية، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات لتسهيل عودة البحارة الأردنيين إلى أرض الوطن من خلال إطلاق منصة خاصة بهم، وإصدار العديد من “البرتوكولات” التي توضح كيفية التعامل مع “السيناريوهات” المتعلقة بتأمين سلامة الملاحة وضمان انسحاب البضائع من وإلى ميناء العقبة دون تأخير، بالإضافة إلى مخاطبة المنظمة البحرية الدولية للتعميم على الدول الأعضاء كافة والجهات الدولية لاعتماد تمديد الشهادات الأهلية الصادرة عن الهيئة البحرية الأردنية للربابنة والمهندسين الذين يعملون على ظهر السفن الأردنية والأجنبية حول العالم.
وبين أن تلك “البروتوكولات” جعلت ميناء العقبة الملاذ الآمن للبحارة من مختلف دول العالم، حيث كانت بعض دول العالم تلزم السفن بالبقاء في عرض البحر لمدة أسبوعين قبل السماح لها بالدخول إلى أرصفة الموانئ كإجراء احترازي، مقارنة مع الإجراءات المحلية من تعقيم السفن وارتداء الملابس الواقية لطاقم السفن والزوار على حد سواء.
ولفت سلمان إلى بعض القضايا المتعلقة بالعنصر البشري في النقل البحري، ومنها سلامة وأمن الحياة على متن السفن ورفاهية البحارة وأهمية ضمان توفير التدريب المناسب والحيوي للقوة العاملة والتي أصبحت مؤهلة وجاهزة لمواجهة تحديات وفرص الرقمنة والأتمتة.
وأشار إلى أنه تم تكريم أول سيدة أردنية تحمل رتبة كبير ضباط بحريين لدورها المميز في عملها على ظهر إحدى العبارات العاملة بين مينائي العقبة ونويبع المصري أثناء جائحة كورونا.
من جهة أخرى، قال أمين عام نقابة ملاحة الأردن محمد الدلابيح، إن الأردن وخلال السنوات العشر الماضية أحرز تقدما ملموسا في المجال البحري، حيث تم الانتهاء من المنظومة المينائية في العقبة والتي تعد من المنظمات المتقدمة جدا في المنطقة، مشيرا إلى أن نقابة ملاحة الأردن تفتخر بوجود 75 شركة ملاحة أعضاء لديها تمارس العمل البحري.
وأضاف أن الأردن يعد من ضمن القائمة البيضاء في المنظمة البحرية والتي تعني أن جميع نتائج التفتيش على المنظومة البحرية والهيئة البحرية هي في المراتب المتقدمة وتجعل بواخرها أقل عرضة للمساءلة، مستعرضا بعض المعيقات والحلول لتجاوزها ومنها إنشاء أسطول بحري وإعطاء حوافز للبواخر التي ترفع العلم الأردني.
وقال المدير العام لشركة الأرز للوكالات البحرية سعد الأرناؤوط والتي تعمل في مجال نقل الحاويات من وإلى جميع أنحاء العالم للخدمات اللوجستية، إن الشركة قامت بوضع إمكانياتها كافة بالتعاون مع الخطوط التي تمثلها على تسهيل وتجاوز العقبات كافة التي نجمت عن جائحة كورونا والتي أضرت بالقطاعات كافة في العالم.
وأضاف، أن الشركة وبتعاون مع الهيئة البحرية الأردنية والجهات الرسمية ذات العلاقة بدأت باتخاذ خطوات حثيثة من أجل دعم النهج الاستثماري التوسعي الذي يعود على الأردن بشكل خاص والعالم بشكل عام بالنفع المباشر ويقود بوصلة المستثمرين من أنحاء العالم كافة نحو الأردن وموانئه بالإضافة إلى التعاون المميز مع شركة ميناء حاويات العقبة ودعمها لتصبح بوابة العالم إلى الدول المجاورة وذلك بزيادة حجم المناولة وزيادة حجم تجارة الترانزيت عبر الميناء الوحيد المختص بالحاويات.
وأشار إلى أن جائحة كورونا أضرت بقطاع النقل البحري وما زال القطاع البحري يعاني، ومن تداعياتها الارتفاع غير المسبوق بأجور الشحن بسبب النقص الحاد بعدد الحاويات.
واستدرك بالقول إن أسباب نقص الحاويات وارتفاع أسعار الشحن العالمي يعود لقيام معظم شركات الملاحة العالمية التي تمتلك أكبر الخطوط الملاحية في العالم بإيقاف تشغيل أكثر من 50% من سفن الحاويات لغايات تقليل مصاريف هذه السفن بالإضافة اإى تكدس الكثير من الحاويات الفارغة في الموانئ الأميركية والأوروبية خلال الجائحة مما أدى إلى زيادة الأعطال المترتبة على هذه الحاويات بقيمة تفوق القيمة الحقيقية لها وبالتالي استغناء الخطوط الملاحية عن هذه الحاويات.
وبين الأرناؤوط بأنه ولتجاوز هذه الأزمة فقد اتخذت الشركة مع المؤسسات الرسمية ذات العلاقة خطوات جدية مميزة اهتمت من خلالها بجوانب، وهي العمل من أجل الإنسان والكوكب والبيئة والتجارة، إضافة إلى إطلاق حملة تواصل عالمية ليكون التواصل مع الإنسان والتكنولوجيا والكوكب.
وفي الإطار ذاته، قال الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة وجهها على الموقع الإلكتروني للجمعية، بمناسبة اليوم العالمي للملاحة البحرية، إن اختيار موضوع “البحارة في صميم مستقبل النقل البحري” شعارا للاحتفال بيوم الملاحة البحرية العالمي لهذه السنة هو إشادة بمهنية البحارة وقدرتهم على التحمل والاعتراف بدورهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية الحيوية وفي نقل أكثر من 80% من حجم التجارة العالمية في ظل ظروف تطبعها تحديات استثنائية.
وبين غوتيريش أن جائحة كورونا لا تزال تتسبب في ضغوط بدنية وعقلية هائلة على مليونين من النساء والرجال الذين يعملون على متن سفن الأسطول التجاري العالمي، إذا لا يزال مئات الآلاف منهم يعملون لفترات طويلة في عرض البحر، تتجاوز الفترات المحددة في العقود التي يعملون بموجبها .
وجدد مناشدة الحكومات بأن تجد الحلول للمحنة التي يعيشها البحارة بالإعلان رسميا بأن البحارة وغيرهم من العاملين في القطاع البحري هم “عاملون أساسيون”، وبكفالة تبديل أطقم السفن بأمان، وتنفيذ البروتوكولات المعتمدة، وإتاحة عودة البحارة الذين تقطعت بهم السبل إلى أوطانهم وانضمام غيرهم من البحارة إلى أطقم السفن.