يعتزم وزير الاشغال الأردني الأسبق منيب المصري مقاضاة المملكة المتحدة على ارتكابها جريمة تاريخية بحق الشعب الفلسطيني، منذ أن منحت طرفا أرضاً لا حق له بها، من خلال وعد بلفور، بحسب وصفه.
وقال المصري في حوار نشرته صحيفة القدس العربي الاحد، النقطة الأولى، هي الوعد المشؤوم الذي تسبب في كارثة تاريخية للشعب الفلسطيني، وبهذا الشأن اسعى لرفع قضية ضد المملكة المتحدة لارتكابها جريمة منح اليهود حق في إقامة وطن لهم على أراضينا، مبينا انه التقى بأبناء الجالية الفلسطينية في لندن للتباحث بشأن الخطوات العملية المزمع اتخاذها.
وأضاف : لمسنا إشادة واسعة بهذا الخصوص، واستعدادا كاملا على المضي معنا جنباً إلى جنب من أجل الوصول إلى ما نصبو إليه وهو مقاضاة بريطانيا.
وتابع : أنا في لندن من أجل التقاء مجموعة من الخبراء والمختصين العاملين في مجال القانون لتدارس إمكانية رفع دعوى قضائية ضد المملكة المتحدة التي تسببت في تشريد الفلسطينيين عن أرضهم ووطنهم، حينما منحت بوعد “بلفور” حقا لليهود لإقامة دولتهم، في مقابل عدم منحنا أيا من الحقوق السياسية أو المدنية، ورغم مرور 104 أعوام على هذا الوعد الأسود إلا أننا لم ولن ننسى أن بريطانيا هي المتسبب الأول في هذه الجريمة.
وأضاف : هذه ليست أولى خطواتنا باتجاه مقاضاة بريطانيا على جريمتها، إذ أصدرت محكمة بداية نابلس مطلع العام الجاري، قرارا أنا أسميه “محكمة القرن” وذلك رداً على “صفقة القرن” وقرار الضم الذي جاء بهما الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي أراد بموجبهما استكمال ما ارتكبته بريطانيا من محو كل ما يتعلق بالحق الفلسطيني، هذا القرار التاريخي، والعادل الصادر من محكمة بداية نابلس، يشكل سابقة قضائية، وهو العدل بعينه، وهو الخطوة الأولى باتجاه مقاضاة بريطانيا على أرضها وأمام محاكمها، وقد بدأنا فعلياً بهذا الموضوع من خلال التعاقد مع أهم مكاتب المحاماة في بريطانيا، وإذا ما قامت حكومة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن ما لحق به من نكبات تطبيقاً لقرار المحكمة الوطنية، فإن إجراءات مقاضاتها في عقر دارها سوف تستمر وصولاً إلى إلزامها بتقديم الاعتذار.
وحول سبب التفكير بمقاضاة بريطانيا بعد كل هذه السنوات قال المصري : الأمر ليس حديث النشأة بالنسبة لي، وكان يجب أن يتم منذ سنوات، لأن في الأمر حكاية زُرعت في داخلي منذ كنت في السادسة من عمري، أذكر جيداً عندما تحدث معنا مدرس الصف الأول الابتدائي، عن واقعة وعد بلفور، المشؤوم في ال2 نوفمبر/ تشرين ثاني 1917، رغم صغر سني، إلا أنني أدركت أن حدثاً كبيراً قد وقع كالصاعقة علينا كفلسطينيين، ومن ذلك الحين وأنا أسأل لماذا لم نقم عليهم دعوى قضائية طالما هم المتسببون، حتى أنني سألت والدتي لماذا لم يقم والدي بهذا الدور؟ ولكن الإجابة دائماً كانت أن والدي كان ملاحقاً من قبل الجيش البريطاني فترة انتدابه لفلسطين بسبب مساعدته للثوار عام 1936، حتى أنها أكدت لي أن والدي مات قهراً عن عمر ناهز 53 عاما بسبب ما ارتكبته بريطانيا، واليوم استفقنا، وصار لزاما علينا أن نطالب بحقنا المسلوب بهذا الوعد غير الأخلاقي وغير القانوني، وأنا أطالبك بشكل مباشر بنشر نص وعد “بلفور” لأن ذلك من شأنه تذكير أجيال كاملة بهذه الكارثة التاريخية، كي تبقى حاضرة في أذهانهم ويطالبوا بحقهم فيها مهما طال الزمن.
وحول من لا يعتقد بجدوى رفع القضية في المحاكم الفلسطينية قال المصري : رددنا عليهم، والآن أيقنوا تماماً ، أننا يجب أن نفعل ما بوسعنا، نحن أصحاب حق، ولدينا دولة اعترفت بها 138 دولة بهيئة الأمم المتحدة واعترفت أن لدينا محاكم ووزارة عدل، ونريد أن نقول إن الشعب الفلسطيني يريد أن يدافع عن حقوقه، ولم ولن يسكت، صحيح أن صمتنا استمر 104 أعوام، ولكن الحمد لله ربحنا الدعوى، ونريد أن نرفع دعاوى عليهم، وعلى كل دولة شاركت بريطانيا بارتكاب جريمتها بحقنا، بما فيها كل الدول المتآمرة، حقنا يجب نأخذه، وهنا دور الإعلام مهم في مسألة التوعية، وعلى كل المستويات، حتى أن وزارة التربية والتعليم أخذت حكم المحكمة وستضعه في برامجها التعليمية الابتدائي والثانوي والجامعي، وهذا دليل على أننا أقوياء وقرارنا كان صائبا، وسنستمر.
وحول استثمار نتائج الاحكام امام المحاكم الفلسطينية لرفع دعوى قضائية على بريطانيا قال المصري : من المعروف أن الاعتراف الأممي الذي حصلت عليه فلسطين، عام 2012 كدولة مراقب في الأمم المتحدة، جعل ما يصدر من محاكمها بشأن القضايا الوطنية معترفا به في محاكم دولية أخرى، وعليه ما حصلنا عليه من حكم في بداية نابلس، يمكن أن يؤسس عليه سواء في المحاكم البريطانية أو حتى المحكمة الدولية، نحن حصلنا على حكم، ورفعنا الأذى عن أنفسنا أمام محاكمنا، والآن نحن في طور الإجراءات العملية لرفع دعاوى دولية، ليس فقط على بريطانيا ولكن على كل دولة ساهمت بشكل أو بآخر في نكبة الشعب الفلسطيني وتشريده.
وحول عدل القضاء البريطاني في القضية قال : وكّلنا لجنة من المحامين المختصين في مثل هذه القضايا، وقريباً جداً سيعرف الجميع أنه بعد جمع الأدلة والوثائق الثبوتية، سنرفع دعوى في المحاكم البريطانية التي أدرك يقيناً أنها ستكون منصفه وعادلة، أثق بأن النصر حليفنا، والأيام ستؤكد هذه القناعات بالنسبة لي، قضيتنا عادلة، ووعد بلفور غير عادل وغير قانوني ولا أخلاقي على الإطلاق، وهذا هو سر إيماني وقناعاتي التامة بالفوز، واسترداد حقي وحق كل فلسطيني طاله الأذى .
وبين انه خاطب برسائل الملكة إليزابيث، ورئيس الوزراء بوريس جونسون ووزير الخارجية دومينك راب، حول رفع القضية ، وسلمت الرسائل للقنصلية البريطانية في القدس الشرقية، وحتى اللحظة لم نستلم أي ردود، ولكن ندرك تماماً أنها وصلت إليهم، ونتمنى أن يستجيبوا قريباً.
وبين انه متأكد أن العدالة والقانون في بريطانيا جيدان جداً وسوف نقدم كل ما لدينا من أدلة، وواثق تماماً أن أي قاض سوف يطلع على ما لدينا من الأدلة التي سوف يقدمها الخبراء والتي تؤكد على الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا أثناء انتدابها واحتلالها لفلسطين والتآمر وإنشاء دولة إسرائيل أعتقد جازماً أنها سوف تؤخذ بعين الاعتبار، أنا على ثقة تامة أن القضاء البريطاني سوف يأخذ مجراه، وأن العدالة سوف تأخذ محلها ونخرج بفوز تاريخي في هذه القضية.
وعن النتائج المرجوة في حال الفوز في القضية قال : أعتقد أننا يجب أن نتركها للناس المتضررين مما فعلت بريطانيا، الحديث الآن عن النتائج سابق لأوانه، نحن عازمون على أن نذهب للنهاية في هذا الطريق الذي بدأناه، وأنا شخصياً منذ ثمانين عاما أتألم، وكنت قد نذرت على نفسي ألا ألفظ أنفاسي إلا وقد استرددت حقي وحق أبناء شعبي.
يذكر ان منيب المصري رجل اعمال وسياسي اردني / فلسطيني من مواليد مدينة نابلس عام 1934، تخرج بدرجة البكالوريوس من جامعة تكساس في أوستن عام 1955، من قسم جيولوجيا البترول مع مرتبة الشرف الأولى، حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والجيولوجيا من جامعة ولاية “سول روس” في تكساس، وحائز على عدد من الجوائز المحلية والإقليمية والدولية، والعديد من درجات الدكتوراه الفخرية بسبب الالتزام الدائم لتحسين المجتمع وتطوير قطاع التعليم في العالم العربي بما في ذلك الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، النجاح، بيرزيت، بوليتكنك فلسطين، وجامعة فلسطين وغيرها الكثير.