أكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أن هناك إرادة حقيقية يوفرها جلالة الملك عبدالله الثاني لإحداث الإصلاح السياسي المنشود والتنمية الشاملة.

وأضاف أنه “بعد أن طرح الملك الأوراق النقاشية، ورسم فيها مستقبل الأردن الذي نريد ويليق بشعبنا، شكل جلالته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة نائب رئيس مجلس الأعيان العين سمير الرفاعي، وتم رفع جميع مخرجات عمل اللجنة إلى الحكومة، للسير في إجراءات إقرارها وفق المسار الدستوري”.

جاء ذلك خلال اجتماع تشاوري غير رسمي عقده الأعيان الأحد في المجلس، جرى خلاله التباحث حول أبرز ما تشهده الساحة المحلية من تحديات وقضايا وطنية، وعلى رأسها التشريعات الناظمة للحياة السياسية، إلى جانب السبل الكفيلة لمواجهة التحديات الاقتصادية، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، فضلا عن الترهل الإداري وتحديث الإدارة العامة، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية، وموضوع الهوية الوطنية الجامعة.

وأوضح الفايز أن مجلس الأعيان سيتعامل مع مخرجات اللجنة المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية المرتبطة بالقانونين، حال وصولهم إلى مجلس الأعيان بمنتهى المسؤولية الوطنية، وبما يحقق رؤى جلالة الملك وتطلعات شعبنا في مسار الإصلاح السياسي المنشود.

وقال “ونحن نتطلع إلى الإصلاح المنشود، فأنني أؤكد ضرورة اعتماد استراتيجية تعزيز تلاحمنا الوطني ونسيجنا الاجتماعي، وتعمل على محاربة الجهوية والمناطقية والفئوية، فالإصلاح المنشود هو  المدخل الأساس  للبناء والتقدم بثقة نحو المستقبل، وأن نرسخ دولة القانون والمؤسسات والعدالة، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات، فلا أحد فوق سلطة الدولة والقانون، فلا تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية دون الأمن والاستقرار”.

وأكد الفايز أن الأردنيين بمختلف مكوناتهم العشائرية والاجتماعية قادرين على تحقيق رؤية جلالة الملك الإصلاحية، فالعشيرة الأردنية كانت على الدوام سندا للدولة وقيادتها الهاشمية، وهي تشكل مصدر فخر واعتزاز للجميع، وتعتبر أهم مكون من مكونات المجتمع الأردني.

وبين أن العشائر الأردنية وقفت خلف القيادة الهاشمية منذ التأسيس، وأسهمت في منعة وقوة الدولة، موضحا أن المملكة مرت خلال المئوية الأولى بالعديد من التحديات إلا أنها استطاعت تجاوزها وتحقيق الإنجازات،  بفضل حكمة قيادتنا الهاشمية ووعي شعبنا ومنعة أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة.

وتناول اللقاء التشاوري التحدي الاقتصادي والأوضاع المعيشية للمواطنين،حيث أشار الفايز إلى ضرورة اتباع نهج اقتصادي جديد، يعمل على تسريع عملية النمو ويعظم الانتاج الوطني، ويكون محفزا للتنافسية ويدعم بيئة الأعمال.

وطالب رئيس مجلس الأعيان الجهات المعنية، بالعمل على استثمار الأجواء الإيجابية، التي أوجدتها زيارة جلالة الملك الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية، والمكاسب التي يحققها جلالة الملك على المستوى الدولي، إضافة إلى ضرورة أن تنسجم أولويات الحكومة الاقتصادية مع الأهداف الوطنية، ومن ضمنها الحد من نسبة البطالة المرتفعة، وضرورة وجود خطة اقتصادية عابرة للحكومات، والعمل على تمكين الاستثمار المحلي وزيادة  تنافسيته، بالتوازي مع العمل على جذب الاستثمار الأجنبي، وهذا يتطلب التعامل مع ملف الاستثمار بمرونة وشفافية، إضافة إلى الاستعداد الأمثل للاستفادة من مشروع “الشام الجديد”.

وأشار أيضا إلى أهمية العمل على تمكين الشباب والمرأة، وتوزيع مكتسبات التنمية على المحافظات بعدالة، وخلق بيئة استثمارية جاذبة تحافظ على الاستثمار الوطني ، من خلال منح المستثمرين اعفاءات ضريبة، وتأجيرهم ارض بأسعار رمزية.

وأضاف الفايز “إن ظروفنا الاقتصادية يجب أن تدفعنا  إلى انتهاج سياسة الاعتماد على الذات، وايجاد الحلول الواقعية لها، اضافة إلى ضرورة إعادة ترتيب أولوياتنا  مع محيطنا انطلاقا من مصالحنا الوطنية”.

وأبدى الفايز استغرابه من محاولات البعض ربط الحديث عن الوحدة الوطنية الجامعة، بضياع الهوية الوطنية واتساق ذلك مع المشاريع الصهيونية المشبوهة، التي تسعى إسرائيل جاهدة من خلالها لجعل الأردن وطنا بديلا لفلسطين.

وقال الفايز من حق كل أردني أن يبدى تخوفه على وطنه وأمنه واستقراره وهويته الوطنية، لكنني استغرب بذات الوقت محاولات البعض افتعال الأزمات داخل الوطن، في ظل ما نواجه من تحديات ومؤامرات مشبوهة.

وتساءل الفايز “لماذا يطرح مثل هذا الحديث، في وقت يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني بجهود كبيرة ومشهود لها، من أجل الدفاع عن قضايا أمتنا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وفي وقت يقوم به جلالته بالعمل بقوة من أجل تمكين أمتنا من تجاوز تحدياتها، والعمل على بناء تكتل عربي اقتصادي سياسي، بدأت نواته تتشكل بمشروع (الشام الجديد) خدمة لشعوب أمتنا لتمكينها اقتصاديا، وتجاوز تحديات الفقر والبطالة التي تواجهها، ولتمكينها بذات الوقت من امتلاك قرارها السياسي والاقتصادي بعيدا عن حالة الضعف التي تمر بها اليوم”.

وقال “عندما نتحدث عن وحدتنا الوطنية الجامعة فإن المقصود بذلك، أننا كأردنيين من شتى المنابت والأصول، وبمختلف مكوناتنا الدينية والعرقية علينا أن ننصهر في بوتقة واحدة، نؤكد فيها انتماؤنا للأردن والولاء لقيادتنا الهاشمية، بعيدا عن محاولات البعض ربط ذلك بالتخلي عن هويتنا وثوابتنا الوطنية والتجاوز على الثوابت الوطنية الفلسطينية”.

وأكد الفايز أن “هويتنا الوطنية هوية راسخة متجذرة وهوية صلبة وقوية، ولا يوجد لدينا غير الهوية الوطنية الأردنية، وهويتنا لا يمكن العبث فيها أو إلغاؤها، وعندما حاول البعض العبث بهويتنا الوطنية، وزعزعة نظام الحكم في بلدنا، استطاع الأردنيين بقيادتهم الحكيمة الحفاظ على تلاحمهم الوطني، ودافع الأردنيون عن وطنهم وقيادتهم بشراسة وقوة، وتمكن الأردن بهويته الوطنية الجامعة وقيادته الهاشمية، تطويع الأحداث الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحه”.

وأضاف “لقد استطاع بذات الوقت مواجهة تحدي موجات اللجوء المختلفة، وتبعات حربي الخليج الأولى والثانية، واحتلال الكويت، والحصار الاقتصادي على الأردن عام  1989، وتغلبنا على تداعيات احتلال العراق والازمة المالية عام 2008، والربيع العربي، والحروب الاهلية في العديد من الدول العربية، وانتشار الإرهاب، واللجوء السوري وتعثر عملية السلام”.

وبين الفايز ان التحدي الابرز الذي تجسدت فيه هويتنا الاردنية الجامعة بأبهى صورها، والتف الجميع خلف جلالة الملك، هو رفض جلالته المطلق لأي مشاريع تمس ثوابتنا الوطنية، أو تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتعتبر الأردن وطننا بديلا، والتي كان آخرها ما طرحته الإدارة الأميركية السابقة، بما يسمى “صفقة القرن أو صفقة العصر”.

وأوضح الفايز أن مواقف جلالته واضحة ودوت في كافة أنحاء العالم، وهي أن الجميع عليه أن يدرك بأن الأردن لن يتخلى عن ثوابته، ولن يسمح بالعبث بهويته الوطنية الجامعة، وجاءت لاءات جلالته لتقول للعالم، بأن الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، والقدس والوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية خط احمر، ولتؤكد ايضا على أن الأردن لن يفرط بحقوقه المتعلقة، بعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وتعويضهم، إضافة إلى مختلف القضايا المتعلقة بالمياه والحدود، وأن الأردن يؤكد على الثوابت الفلسطينية ويدعمها مهما كانت الضغوطات أو الثمن.

وأضاف الفايز “أقول لكل المتخوفين من الحديث عن الوحدة الوطنية الجامعة، وربط ذلك بالوطن البديل والتوطين والمشاريع الصهيونية المشبوهة، أن الأردن وما قبل التأسيس هو الأقرب إلى فلسطين، وقد ارتبط دينيا وتاريخيا بفلسطين، واستمرت القضية الفلسطينية بالنسبة له العنوان الأول في أجندة السياسية، وهو أول من قدم الشهداء على أرض فلسطين، فتاريخنا الذي نعتز به معبد بالشهادة منذ البدايات”.

وقال “لن ننسى شهدائنا الذي قضوا على أسوار القدس، وفي باب الواد  واللطرون، والجولان، وفي كل بقعة من ثرى فلسطين، فمن منا ينسى شهيد الأقصى الملك الراحل عبدالله الأول، والشهداء مفلح كايد العبيدات ووصفي التل، وابراهيم هاشم، وهزاع المجالي، والكثير الكثر، من شهدائنا الأبرار”.

وبين رئيس مجلس الأعيان أن الأردن بقيادته الهاشمية سيبقى سجله ناصع البياض، مسطر بالتضحيات وبأسمى معاني الفداء، دفاعا عن ثوابتنا الوطنية وهويتنا الجامعة، وقضايا أمتنا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وقال الفايز: “نقول لكل المشككين بمواقف الأردن الوطنية والعروبية، ولكل المتماهيين مع المشاريع الصهيونية المشبوهة، أن الأردن سيبقى الأقرب إلى  فلسطين وشعبها، وسيبقى صوت جلالته  الملك عبدالله الثاني الأقوى والأكثر شجاعة دفاعا عن فلسطين ومقدساتها، فهي ثابت أردني هاشمي مقدس”.

وأضاف “اليوم وفي ظل حالة الضعف التي تعيشها أمتنا، فإن المطلوب منا جميعا، أن نؤمن بأن قوة الأردن قوة لفلسطين، وقوتنا تتمثل في الحفاظ على نسيجنا الاجتماعي، وتمتين جبهتنا الداخلية وتعزيز هويتنا الوطنية الجامعة، والاستمرار في بناء الأردن القوي المنيع، والتصدي بحزم لأي جهة تحاول الاساءة  للوطن أو تهدد أمنه ووحدته”، مؤكدا أن الأردن سيبقى أرض الحشد والرباط، وبلد المهاجرين والأنصار، وسنبقى بمختلف أصولنا ومنابتنا نردد ونقول: (أنا أردني والهوى فلسطيني، وشركسي وشيشاني ودرزي)”.