أشار تقرير للمركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن، إلى انخفاض أعداد الموقوفين إداريا بواقع 21 ألفا، مقابل 37 ألفا في العام 2019.

التقرير الذي أعلن عنه الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي حول حالة حقوق الإنسان، أشار أيضا إلى الاستمرار في التوسع في التوقيف القضائي بنحو 35 ألفاً رغم انخفاضه مقارنة بعام 2019 الذي سجل 45 ألفاً.

وبين أن “هذا الانخفاض لا يعكس بالضرورة تغييرا في سياسة الحكومة والحكام الإداريـين تجاه التوقيف الإداري، بل يعزى بشكل رئيسي إلى ظروف جائحة كورونا وسياسة التخفيف من الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل”.

وأضاف التقرير أن “هذا العدد لا يمثل الموقوفين في وقت واحد، وإنما يشمل الإدخالات والإخراجات المستمرة طيلة العام، ويشمل كذلك حالات التكرار”.

وتلقى المركز في عام 2020م، ما مجموعه 40 شكوى تتعلق بالتوقيف الإداري، أغلق منها (24) شكوى لتحقق نتيجة مرضية، و(2) شكوى لعدم الاختصاص، وتبين عدم وجود انتهاك في (2) شكوى، وواحدة أغلقت بناء على عدم تعاون المشتكي، وإغلاق (2) شكوى بناء على طلب المشتكي، و(9) شكاوى ما زالت منظورة. 

ونفذ المركز زيارة غير معلنة إلى مركز التوقيف المؤقت لدى دائرة المخابرات العامة في شهر شباط/فبراير 2020، وتم الالتقاء مع النـزلاء، والاطلاع على واقع البيئة الاحتجازية،وتفقد كافة مرافق المركز (الزنازين، العيادات الطبية، عيادة الأسنان، الصيدلية، المكتب، المطبخ، ساحات التشميس).

ويشار إلى أن الطاقة الاستيعابية لمركز التوقيف (350) موقوفا في حين كان عدد الموقوفين يوم الزيـارة (80) موقوفا. 

ومن أبرز الإجراءات التي رصدت في المركز لمواجهة جائحة كورونا؛ تخصيص جناح للحجر الصحي في مركز التوقيف، وزيادة عدد ساعات التشميس اليومية للموقوفين، ومضاعفة الاتصالات الهاتفية كبديل عن الزيارات خلال فترة الحظر الشامل، والتعقيم اليومي لغرف الموقوفين. 

وتلقى المركز 6 شكاوى وطلب مساعدة بحق دائرة المخابرات العامة، أغلق منها (4) لتحقق نتيجة، و(2) شكوى ما زال منها قيد المتابعة. وتمثلت موضوعات هذه الشكاوى وطلبات المساعدة التي تلقاها المركز على النحو الآتي: منع السفر (2) بنفقة زوجة وصغار. 

ونفذ المركز حتى تاريخ 2020/12/31م (50) زيارة إلى مراكز الإصلاح والتأهيل، حيث بلغ العدد الفعلي للنزلاء الموجودين في هذه المراكز خلال عام 2020م (17708) نزيلا”، في حين أن الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز هي (13352) نزيلا، وبذلك يكون الاكتظاظ في مراكز الاصلاح والتأهيل تجاوز نسبة (33%) تقريبا، مما يؤثر سلبا على أوضاع النـزلاء وحقوقهم في كافة المجالات. 

وبدأت إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل بتطبيق بروتوكول الحماية الذي اعتمد لمواجهة فيروس كورونا، الأمر الذي ساهم في الحد من انتشار هذا الفيروس بين النزلاء، وصولا إلى تخصيص أحد المراكز للمصابين بالفيروس بشكل كامل، بالإضافة إلى جناح عزل طبي مجهز لهذه الغاية. 

وجرى خلال المؤتمر استعراض أبرز محتويات التقرير الذي ارتكز في منهجيته على رصد السياسات والتشريعات والممارسات من منظور حقوقي يستند إلى الدستور الأردني والمعايير الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، ليكون بذلك أحد الأدوات الوطنية للتقويم الحقوقي .

وتضمن التقرير ثلاثة محاور أساسية، وهي محور الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، بالإضافة إلى ملحقٍ خاصٍ يتضمن إحصائية بعدد الشكاوى التي استقبلها المركز خلال العام 2020، موزعة تبعا للحق محل الانتهاك، كما تضمن التقرير توصيات تأسيسية وتفصيلية.

وتحت محور الحقوق المدنية والسياسية، أورد التقرير عدد الشكاوى التي استقبلها المركز خلال عام 2020 حيث بلغ (310) شكاوى.

وحول الحق في الانتخاب والترشح لم يشهد عام 2020 أيّ تعديلاتٍ على قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (6) لسنة 2016 وتعديلاته، ويؤكد المركز على ضرورة إجراء التعديلات اللازمة للقانون المذكور.

وفي محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، استقبل المركز خلال عام 2020 نحو (89) شكوى ذات علاقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الموزعة بين (7) حقوق رئيسة، وهي: الحق في التنمية، الحق في مستوى معيشي لائق، الحق في العمل، الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في بيئة سليمة، والحقوق الثقافيّة.

ورصد التقرير الارتفاع المطرد في نسب الفقر، إذ بلغت نسبة الفقر المطلق نحو (15,7%) وتمثّل (1,069) مليون مواطن أردني، وبلغت نسبة البطالة نحو (24.7%) خلال الربع الرابع من عام 2020؛ مما ينم عن عدم نجاعة الإجراءات الحكومية في التصدي لهاتين الظاهرتين على الرغم من تنفيذ العديد من المبادرات والسياسات على المستوى الوطني وبدعم دولي في سبيل التصدي لذلك، وعلى رأسها المنح والمساعدات المقدمة من المجتمع الدولي.

ورصد المركز أثر جائحة كورونا على الحق في مستوى معيشي لائق، حيث انعكست سلبا على تمتع المواطنين بهذا الحق وخلقت أزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتمثل ذلك في عدة أمور، أبرزها تحميل المواطنين أعباء إضافية على أعبائهم المعيشية جراء ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات وارتفاع الضرائب والرسوم المفروضة عليهم، والتعثر المالي لعدد كبير من المواطنين والشركات في الأردن، بسبب تداعيات جائحة كورونا وعجز مدينين عن تسديد التزاماتهم المالية للبنوك ومؤسسات التمويل وغيره؛ نتيجة إغلاق العديد من القطاعات الإنتاجية جراء الإجراءات الحكومية لمواجهة هذه الجائحة على الرغم من الإجراءات المتخذة لتخفيف آثارها على المواطنين.

وتراجعت الصادرات والنمو الاقتصادي وارتفعت نسبة التضخم، بالتوازي مع استمرار ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتراجعت الإيرادات المحلية التي سجلت انخفاضاً خلال الثمانية شهور الأولى من عام 2020 حيث بلغت نحو (602,7) مليون دينار.

أما بالنسبة للحق في التعليم، وفي ظل انقطاع الطلبة عن التعليم الوجاهي واللجوء إلى التعليم عن بعد، كبديل مؤقت استجابة لمتطلبات مواجهة فيروس كورونا، فقد أصدر المركز بيانا بهذا الصدد بتاريخ 2/11/2020 دعا فيه الحكومة إلى إعادة تقييم القرار الصادر بانتهاج سياسة التعليم عن بعد، والبحث عن خيارات بديلة، كالتعليم المدمج الذي يجمع بين التعليم عن بعد وبين الوصول الى المدارس، مع التأكيد على حل الإشكاليات المتعلقة بمدى قدرة الطلبة جميعاً على التعامل مع هذا النوع من التعليم، وفي حال تعذر ذلك، فإنه لا مناص من إعادة فتح المدارس أمام الطلبة وفق اشتراطات صحية صارمة مع مراعاة المصلحة الفضلى للطلبة.

ويؤكّد المركز  ضرورة تعويض الفاقد التعليمي لدى الطلبة، وإيجاد نظام واضح وثابت ومحدد لسد الفجوة التي أحدثها غياب التعليم الوجاهي؛ على أن يراعي مثل هذا النظام قياس الفاقد التعليمي لدى الطلبة وشموليته للمواد الأساسية في كافة المراحل التعليمية، وتحليل المحتوى التعليمي لمرحلة التعليم عن بعد، وخصوصاً في ظل السياسة التعليمية والمستقرة غير الثابتة للصفوف الأولى ورياض الأطفال وطلبة الثانوية العامة، وذلك لضمان إكساب الطلبة المهارات والمعارف الأساسية لغايات معالجة مواطن الضعف والقصور لديهم.

وضمن الحق في الصحة، ذكر التقرير أنه جرى توجيه جميع أشكال الرعاية الصحية نحو مجابهة فيروس كورونا على حساب الرعاية الصحية الأخرى للمواطنين، فضلا عن قلة عدد الأسرة في أقسام العناية الحثيثة (ICU) والطوارئ، ونقص أجهزة التنفس الصناعي الضرورية للحالات الحرجة المصابة بفيروس كورونا خاصة لكبار السن، ونقص عدد الفرق الطبية المؤهلة للتعامل مع مثل هذه الأوبئة الأمر الذي أدى إلى استنزاف طاقات الكوادر الطبية العاملة.

وتحت محور الفئات الأكثر حاجة للحماية، أورد التقرير أن المركز استقبل المركز خلال عام 2020م (34) شكوى ذات علاقة بمحور الفئات الأكثر حاجة للحماية الموزعة بين (4) فئات رئيسة، وهي: حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حقوق كبار السن.

ففي حقوق المرأة ورغم مصادقة الحكومة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ونشرها في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/8/2007م إلا أن الأردن ما زال متحفظا على المواد (9/2، 16/ج، د، ز) من الاتفاقية.

أما في المشاركة السياسية، فقد تراجعت نسبة مشاركة المرأة في مجلس الوزراء حيث بلغ عدد النساء في المجلس (3) من أصل (32) وزيراً بما فيهم الرئيس أي ما نسبته (9%)، وتراجعت نسبة مشاركة المرأة في مجلس الأعيان لعام 2020، حيث بلغ عدد النساء في مجلس الأعيان (7) نساء من أصل (65) عضواً.

وشهد عام 2020م استحداث مبدأ قضائي تقدمي يتلخص بإدانة محكمة الجنايات الكبرى شاب بالحبس ثلاث سنوات لارتكابه جريمة هتك عرض لفتاة قاصر (عن بعد) وأيدته محكمة التمييز. ويرى المركز أن مثل هذا المبدأ سيساهم في توسيع نطاق الحماية الجزائية للمرأة على وجه الخصوص، ومجابهة أنماط الجرائم المستحدثة في ضوء تطور وسائل ارتكاب الجريمة عبر الوسائل الإلكترونية.

وحول حقوق الطفل أكد التقرير على ضرورة الإسراع في إقرار قانون حقوق الطفل الذي لا يزال لدى اللجنة القانونية في رئاسة الوزراء.

وحول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، شهد عام 2020 تطورا حول السياسات الداعمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، منها: صدور قرار مجلس الوزراء المتضمن توجيها بتنفيذ الالتزامات الواردة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لعام 2017م.