بمناسية اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين الذي يصادف اليوم

دراسة تشير الى معيقات عمل الصحفيات في الأردن وتؤكد تعرض 45% منهن للتحرش الجنسي

 

يحتفل العالم اليوم 2/11/2021 باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والذي إعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 163/68 عام 2013، لحث الدول الأعضاء على إتخاذ تدابير محددة لإنهاء الإفلات من العقاب. علماً بأن إختيار هذا اليوم جاء تخليداً لذكرى إغتيال الصحفيين الفرنسيين في مالي عام 2013.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن أكثر من 1200 صحفي وصحفية قتلوا خلال الفترة من 2006-2020، وأفلت القتلة من العقاب في 90% من الحالات، في إشارة الى ضعف سيادة القانون والنظام القضائي في العديد من الدول، وفقاً للأمم المتحدة. كما أشارت الى أن الصحفيات على وجه الخصوص يتعرضن للتهديدات والاعتداءات لا سيما عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

دراسة تشير الى معيقات عمل الصحفيات في الأردن وتؤكد تعرض 45% منهن للتحرش الجنسي

واشارات دراسة أخرى حول “تقييم واقع عمل الصحفيات في مؤسسات الاعلام الأردنية” صدرت في نهاية عام 2018 عن منظمة دعم الاعلام الدولي بالتعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الى أن نسبة الصحفيات في وسائل الاعلام بلغت 23%، وأنهن يعانين من معيقات متعددة ومتشابكة وتمييزية في مجال عملهن.

وأبرز هذه المعيقات، ساعات العمل الطويلة التي لا تراعي إحتياجاتهن ومسؤولياتهن الأسرية، وعدم حصولهن على الاميتازات كما يحصل عليهن زملائهن، وعدم تقدير آدائهن وإنجازاتهن من قبل المؤسسات الإعلامية التي يعملن بها. وأكدت 45% منهن على تعرضهن للتحرش اللفظي أو الجسدي من قبل زملائهن ورؤسائهن أو من قبل مصادر معلوماتهن، أو خلال عملهن الميداني.

وتضيف “تضامن” بأن عدد من الإعلاميات المخضرمات في الأردن من صاحبات الكفاءة والقدرة والمهنية العالية، يقفن وراء تسليط الضوء على أهمية تمكين النساء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى مصلحة المجتمع في الوصول الى حالة من عدم التمييز والمساواة بين الجنسين، من خلال وضع قضايا النساء في واجهة الأحداث وعلى طاولة صناع القرار وأمام الرأي العام، مؤكدات في الوقت ذاته على أن إنتهاكات حقوق النساء وممارسة العنف والتمييز والحرمان والإستغلال ضدهن، كلها جرائم لم يعد بالإمكان لها أن تمر بصمت المجتمع وتغاضيه عنها أو بصمت النساء أنفسهن وكتمانهن لها.

وإذ تؤكد “تضامن” على الدور الهام الذي تقوم به الإعلاميات بمختلف مواقعهن للدفاع عن حقوق النساء وحمايتهن وتمكينهن ومساعدتهن لوقف جميع الإنتهاكات التي تتعرضن لها، وكيف لا وقد شكلن حلقة الوصل ما بين حقوق النساء والواقع الذي يعشنه، وما بين الهيئات والمؤسسات والنساء المستفيدات، وما بين المستضعفات والفقيرات والمهمشات واصحاب وصناع القرار.

وتعددت نشطاتهن فشملت النساء في كل محافظات المملكة، لم ينسين المرأة الفقيرة والمرأة الريفية، ولم تغب عن بالهن العاملات المنزليات وقضايا الإتجار بالبشر والإستغلال الحرمان، وبحثنا في أوضاع النساء العاملات بمختلف المواقع وبمختلف الوظائف سواء أكانت بأجر أو بدون أجر، وأبرزن قضاياهن في مجال الفجوة في الأجور والتمييز في تقلد المناصب وحقوقهن في الضمان الإجتماعي والتقاعد المدني، وحقهن في العمل اللائق والتدريب، ودعمن أهمية وضرورة مشاركتهن الإقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة.

وتؤكد “تضامن” على دورهن في وضع العديد من القضايا في واجهة الأحداث، كالصحة والصحة الإنجابية، والتعليم ومشاكل تسرب الفتيات من المدارس بأسبابه المختلفة، وحق حصول أولاد الأردنية المتزوجة من أجنبي على الجنسية الأردنية ، والقضايا المتعلقة بالإرث والملكية، ومسائل الأحوال الشخصية كالزواج المبكر والطلاق والنفقة والإستزارة، وقضايا النساء ذوات الإعاقة مختلف أشكالها، والنساء المسنات، وقضايا الشابات والبطالة، وكن دائماً يبرزن الإنجازات التي تحققها الحركة النسائية بمختلف المجالات، وغيرها العديد مما يشكل نقاط مفصلية في تمتع النساء بحقوقهن لعيش حياة أفضل لهن ولأسرهن ومجتمعاتهن.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه “تضامن” على ضرورة حماية وسلامة الصحفيين ، فإنها تدعو بشكل خاص كافة الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية الى حماية الصحفيات بمختلف مواقعهن من الإنتهاكات الجسيمة التي يتعرضن لها كونهن صحفيات، إضافة الى الإنتهاكات أثناء تأديتهن لأعمالهن المتعلقة بكونهن نساء، وتقديم مرتكبيها الى العدالة إنهاءاً لسياسة الإفلات من العقاب. كما تطالب “تضامن” بإطلاق الحريات الصحفية لما لها من دور فاعل وحقيقي في كشف الحقائق وحماية حقوق الإنسان وحقوق النساء بشكل خاص.

الأردن بحاجة الى سياسات وإستراتيجيات إعلامية مراعية للنوع الاجتماعي

وتؤكد “تضامن” على أن للإعلام دور فاعل ومؤثر في حماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص والتصدي لأي إنتهاك لهذه الحقوق، وقد ساهم العديد من الكتاب والكاتبات من خلال طرح الآراء والتفاعلات والتغطيات والحملات الإعلامية المتميزة في إحداث التغيير الإيجابي وإسماع صوت النساء وإبراز دورهن في المجالات السياسية ، الإجتماعية ، الإقتصادية والثقافية ، وإشراكهن وإدماجهن في مجتمعهن ، وفي التصدي لعدم المساوة وللعنف الواقع عليهن ومنع التمييز ضدهن.

إلا أنه يلاحظ بإن النهج الإيجابي الذي تتبعه العديد من وسائل الإعلام لا يقع ضمن سياسات وإستراتيجيات إعلامية واضحة المعالم والأهداف تعمل لصالح النساء، وإنما في سياق تغطية “المناسبة” أو “الحدث” التي سرعان ما تفقد زخمها بعد إنتهائها. فلا بد من إتباع إستراتيجية إعلامية تعمل على تغيير الصورة النمطية للنساء، وإبراز دورهن وأهميته في صياغة مستقبلهن ومستقبل أسرهن ومجتمعهن.

كما تبرز ضرورة الإهتمام الإعلامي بحقوق النساء والرجوع اليهن بمختلف القضايا التي تهم مجتمعهن كخبيرات وصاحبات رأي، منعاً لحدوث تغييب إعلامي لآراء وخبرات نصف المجتمع، حيث لا يختلف إثنان على أن الأردن يزخر بالخبرات النسائية في مختلف المجالات من عالمات وأكاديميات وطبيبات ومهندسات ومحاميات وقاضيات ودبلوماسيات وبرلمانيات ووزيرات وإعلاميات وفنانات وشاعرات وكاتبات وصاحبات أعمال وعاملات وناشطات بالعمل الإجتماعي وحقوق الإنسان ، ونساء عديدات يرأسن أسرهن ، فهن في كل مجال وفي كل مكان.

وتؤكد “تضامن” على أن الإعلام بوسعه فعل الكثير من أجل الوصول الى تغطية إعلامية تراعي النوع الاجتماعي، مع أنه يمكن الوصول الى قائدات الرأي العام والخبيرات بكل سهولة من خلال توسيع قائمة إتصالات الإعلام لتشملهن ولأخذ آرائهن بالتحليل والنقد أسوة بالرجال حتى ولو كن لا يتمتعن بالطابع الرسمي.

وتشير “تضامن” الى أن دليل “أين النساء؟” والصادر عن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وضع أسس يمكن من خلالها للإعلاميين / الإعلاميات ردم الفجوة بين الجنسين عند إجراء التغطية الإعلامية، فمثلاً عند مقابلة أو أخذ رأي القادة السياسيين وهم في الغالب رجال يمكن أخذ رأي أو مقابلة قائدات سياسيات من برلمانيات وعضوات أحزاب ووزيرات ويمكن الوصول اليهن والى غيرهن من خلال المنظمات النسائية ، كما ويمكن التساؤل عن الصور التي تظهر بها أدوار النساء ، هل يظهر الرجال والنساء بصور نمطية كتلك التي تشير الى الرجال كسياسيين والنساء دوماً في أدوار داعمة أو ضحايا؟ ، أو حول كيفية تغطية الإنتهاكات وكيفية تصوير الضحايا ، أهي حالات فردية أم أسلوب ممنهج.

وتؤكد “تضامن” على حقيقة أن النساء والرجال معاً يصيغون المستقبل ، وأن كل محاولات التهميش والإقصاء للنساء، وعدم إبراز دورهن ومساهماتهن وتضحياتهن في ظل الإصلاحات الديمقراطية لا بل والتنكر لمكتسباتهن ، لا يمكن التصدي لها بدون وجود إعلام قوي ومنصف يعمل لصالح النساء.