يحتفل الأردن والعالم الجمعة باليوم الدولي للأشخاص ذوي الاعاقة، والذي يصادف بتاريخ 3 كانون الاول من كل عام، ويركز الاحتفال هذا العام على قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم للوصول إلى عالم شامل وميسر ومستدام للجميع بعد جائحة كورونا (كوفيد – 19)، وقد أُعلن الاحتفال السنوي باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة في عام 1992 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/3، بهدف تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورفاههم في جميع مجالات المجتمعية والإنمائية، وإذكاء الوعي بحالة الأشخاص ذوي الإعاقة في كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وأكدت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي أن اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والتي اعتمدت في عام 2006، دفعت قدماُ بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ورفاهم، إلى جانب إطار تنفيذ جدول اعمال للتنمية المستدامة 2030 وغيره من الاطر الدولية ذات العلاقة والتي أكدت على اهمية تمكين الاشخاص ذوي الإعاقة، واتخاذ التدابير المناسبة لمشاركتهم الكاملة في جميع جوانب الحياة والتنمية على قدم المساواة مع الاخرين.

وبينت انه وعلى الصعيد العالمي، يبلغ عدد الاشخاص ذوي الاعاقة حوالي مليار شخص أو ما يعادل 15% من نسبة سكان العالم، ويعيش 80% منهم في البلدان النامية، و يُقدر أن 46% من المسنين الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر هم من ذوي الإعاقة، كما يُحتمل أن تعاني واحدة من كل خمس نساء من إعاقة ما في أثناء حياتها، بينما يعاني واحد من كل عشرة أطفال من الاعاقة ، مضيفة أن التقديرات العالمية تشير إلى انه لا يستطيع 50٪ من الأشخاص ذوي الإعاقة تحمل تكاليف الرعاية الصحية.

على مستوى الأردن، أشارت عماوي إلى عدم وجود احصائيات محدثة عن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة، الا انه ووفقًا للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، يعاني حوالي 11,1% من إجمالي السكان في الاردن من سن 5 أعوام فأكثر من أحد أشكال صعوبات وظائف الجسم اي أن من بين كل تسعة افراد اعمارهم 5 سنوات فاكثر هنالك فرد لديه صعوبة وظيفية، وبلغت بين السكان الاردنيين 11,2% وبين غير الاردنيين 10,8%، كما تبين أن نسبة انتشار الصعوبات الوظيفية لدى الذكور الاردنيين أعلى من الاناث الاردنيات، حيث بلغت بين الذكور 11,7% وبين الاناث 10,6%، وفيما تعلق بشدة الاعاقة فان 4,8% من ذوي الاعاقة تعتبر اعاقتهم شديدة، كما تباينت نسب انتشار الاعاقة بين المحافظات حيث سجلت محافظة اربد أعلى نسبة انتشار بلغت 12,1% تليها محافظتي الزرقاء والعقبة بنسبة انتشار 11,9% اما ادنى نسبة انتشار فكانت في محافظة المفرق بنسبة انتشار بلغت 9,3%، كما أن حوالي 67,2% من الاشخاص ذوي الاعاقة الاردنيين مؤمنين صحياً.

ولفتت عماوي أن الاردن خطى خطوات واسعة في مجال تعزيز حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة على مستوى التشريعات والاستراتيجيات والسياسات الحكومية وبرامج العمل بفضل جهود كافة المؤسسات المعنية، والتـي تتوائم مـع اتفاقيـة حقـوق الاشخاص ذوي الاعاقة وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الأردني رقم 20 لسنة 2017، الا انه لا تزال هنالك تحديات كبيرة تواجههم، ففي مجال التحاق الاطفال ذوي الاعاقة بالتعليم، فقد اظهرت وثيقة الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج للأعوام (2019-2029) أن عدد الطلبة ذوي الاعاقة الملتحقين بالتعليم لا يتجاوز 21895 طالباُ وطالبة للعام الدراسي (2018/2019)، كما تشير احصائيات وزارة التنمية الاجتماعية لعام 2018 أن عدد الطلبة ذوي الاعاقة الذين تقدم لهم خدمات في المراكز والمؤسسات التابعة للوزارة والقطاع الخاص بلغ 5859 طالب وطالبة، مما يشير إلى أن نسبة الطلبة ذوي الاعاقة الذين يتلقون خدمات تعليمية من اجمالي عدد الطلاب لا يتجاوز 1,9% ، حيث لم يتمكن نظام التعليم الحالي من الاستجابة بشكل كاف لاحتياجات الطلبة ذوي الاعاقة، كما أشارت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 أن ثلث الاميين الاردنيين الذين اعمارهم 13 سنة فأكثر هم من الاشخاص ذوي الاعاقة وبنسبة بلغت 36,8%.

اما في مجال التشغيل فلا تزال نسب تشغيل ذوي الإعاقة منخفضة جداُ حيث بلغت نسبة العاملين من الأشخاص ذوي الإعاقة 10,2% من اجمالي السكان الأردنيين العاملين الذين أعمارهم 15 سنة فاكثر ، علماُ أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يلزم في المادة (25) منه المؤسسات في القطاعين الحكومي وغير الحكومي التي لا يقل عدد عامليها عن 25 ولا يزيد على 50، بتشغيل شخص واحد – على الأقل – من ذوي الإعاقة، وإذا زاد عن 50 عاملاً، تخصص نسبة تصل إلى 4% من شواغرها لهم

وفيما يتعلق بالعنف ضد الاشخاص ذوي الاعاقة، اظهرت ورقة سياسات صدرت حديثاً في عام 2021 عن مركز المعلومات والبحوث في مؤسسة الملك حسين حول “العنف المبني على النوع الاجتماعي والتمييز ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة: الوصول إلى العدالة في الأردن”، تعرض النساء والفتيات ذوات الإعاقة إلى أشكال مختلفة من العنف مثل العنف الاسري والجسدي والجنسي والعزل القسري من قبل الاسرة، كما أن 71,7%من النساء والفتيات ذوات الإعاقة يفتقرن إلى وجود نظام الحماية من العنف الموجه ضدهن، اما فيما يتعلق بطلب المساعدة عند تعرضهن للعنف، أشارت 42,5% منهن بأنهن لا يلجأن للحصول عليها، فيما أشارت 61% منهن إلى افتقارهن للمعرفة بالجهات التي تقدم المساعدة القانونية، وفيما يتعلق بوصول النساء والفتيات ذوات الإعاقة إلى العدالة، تبين أن مرافق القضاء والمحاكم تواجه ضعفاً في التهيئة البيئية والمادية وإمكانية الوصول.

وفيما يتعلق بتأثير جائحة فيروس كورونا على الاشخاص ذوي الإعاقة، أشارت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان أن الجائحة أثرت على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجميع المواطنين وبشكل خاص على ذوي الإعاقة، حيث ظهرت خلال الجائحة مجموعة من التحديات والتي تتمثل بعدم توفر بيانات محدثة عن الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات الخدمية، وعدم تضمين الخدمات الالكترونية والأدلة الارشادية الخاصة بها التي اعتمدتها المؤسسات خلال الجائحة لمتطلبات وصول استخدام الأشخاص ذوي الإعاقة لها ، كما أظهرت نتائج دراسة تقييميه لأثر الجائحة على عينة من اسر ذوي الاعاقة في الاردن عام 2020، أن 78% من هذه الاسر قد فقدت وظائفها خلال فترة الحظر، وأن 79% من هذه الاسر لم تحصل على اي دعم اضافي خلال فترة الجائحة، و88% من الافراد ذوي الاعاقة ضمن هذه الاسر المشمولة في عينة الدراسة لم يتمكنوا من الوصول الى المرافق الصحية.

وأوصى المجلس الاعلى للسكان بأهمية العمل على تفعيل نصوص قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، واهمية وجود سجل وطني للأشخاص ذوي الإعاقة يتضمن كافة المعلومات التفصيلية عن هذه الفئة بما فيها تلك المتعلقة بالعنف، وتبني نهج متكامل لضمان شمول الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة السياسات والاستراتيجيات والأدلة وبروتوكولات الحماية والوقاية من العنف، والذي يعد شرطًا أساسيًا لدعم حقوق الإنسان لتحقيق هدف جدول أعمال التنمية المستدامة 2030 بألا يتخلف أحد عن الركب، كما أن الالتزام بإعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ليس مسألة عدالة وحسب، وإنما يمثل كذلك استثماراً في المستقبل، ويجب تمكين الاشخاص ذوي الاعاقة من المشاركة على اكمل وجه في إيجاد الحلول اللازمة وتسخير مهاراﺗﻬم وقدراﺗﻬم لتحقيق الشمول المنشود.