أكد رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة أنه بعد 100 عام على عمر الدولة الأردنية آن الأوان لإعادة النظر بهيكلة الدولة وإدارتها العامة، لعوامل كثيرة أهمها كبر المسؤوليات والدور وعلينا اشراك المواطن في القرار وليس صاحب رأي فقط.

واستذكر الروابدة خلال استضافته في برنامج “عين على المشرق” الذي يقدمه الاب نبيل حداد مدير مركز التعايش الديني فترة الخمسين عاما الأولى من عمر الدولة فكان كلما نواجه مشكلة في قطاع ما ننشئ لها إدارة او مجلسا وهذا أنبت براعم وفروعا إدارية، حيث أصبحت الوزارات معدودة والهيئات المستقلة كثيرة مما زاد الإنفاق من خزينة الدولة، معتبرا أن ذلك كثير على بلد تعداد سكانه نحو 10 ملايين نسمة ومساحته الجغرافية وموارده بسيطة ومحدودة.

ونوه الى أنه من أكبر أخطاء الإدارة العامة عدم الإستقرار في المسؤولين او الحكومات التي لا تستطيع ان ترى أداءها أو تقيمه خلال سنة او سنتين، على اعتبار ان الوزير هو سياسي وليس بالضرورة ان يكون مختصا في مجال وزارته ولكن يجب أن يكون لديه القدرة والإمكانات على إدارتها بالشكل الصحيح.

وقال إن كتاب “هكذا أفكر” والذي جاء في 576 صفحة ، جاء بعد خدمته الطويلة في مؤسسات الدولة والإدارة العامة وشعورا منه أن من حق المواطن الإطلاع على فكره السياسي حتى يرتاح الى ممارسات ذلك السياسي من خلال التركيز على مجموعة عملية من المحاضرات والندوات والدراسات والخطب البرلمانية التي تتعلق في الوطن منذ نشأته ومراحل تطوره ودوره في الوطن العربية والقضية الفلسطينية.

وأضاف أنه لم يكتب مذكراته الشخصية، ولكنه قدم في مؤلف “هكذا أفكر” في أجزاءه التاريخ الحقيقي للوطن الذي لم يدرس لأبناءنا ولم يعرفوا الدور والمواقف الحقيقية الى جانب الأحداث التي تعاقبت على أرضه وتميزه كمجتمع عربي كامل لإحتوائه الجميع من كافة الأقطار والأديان والمنابت، مشيرا الى أن الأردن كدولة كان جزء من بلاد الشام حتى جاءت إتفاقية سايكس بيكو وقسمت المنطقة ونحتت كل دولة محيطة هوية لها إلا الأردن بقي على هويته العربية منذ إنشاء الدولة 1921 وحتى اليوم، وأكبر دليل على ذلك أنه لم يرأس أي مواطن أردني الحكومة بين 1921 – 1955 ومعظم سياسييه وكبار رجال الدولة كانوا يمثلون كل الأرض العربية، إضافة الى أنه البلد الوحيد الذي لا يوجد فيه نشيد مدرسي يمثله بل نشيده يمثل العروبة وكل من إحتضنه.

وتابع حديثه، “إننا كأردنيين نعتز بوطننا وبهويتنا التاريخية، ولديه قناعة مطلقة أن بلدنا مستقر ثابت دائم وليس “حقيبة سفر” وسيبقى معتزا بدوره متمسكا بعروبته والقضية المركزية الفلسطينية وحماية المقدسات، الى جانب المضي في مسيرة الإصلاح السياسي والإداري والإقتصادي، خاصة أن المواطن مهتم حاليا بأسلوب حياته والبحث عن عمل أو مقعد دراسي لأبناءه وعليه الإصلاح السياسي يأتي بدرجة متأخرة عن الإصلاح الإقتصادي والإداري وهذه المرحلة تحتاج التوجه الاقتصادي، معتقدا أن الإدارة غير قادرة على إيصال فكر الدولة للمواطن العادي، وما قامت به اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عمل جيد نتمنى أن تجد مخرجاتها مجالا للتطبيق على أرض الواقع ويجب أن نعطيها الفرصة الكافية”.

وردا على سؤال الأب حداد حول ما تعنيه العاصمة عمان للروابدة أجاب، سأبقى صريحي في إشارة منه الى “الصريح في إربد مسقط رأسه” أعشقها وتعشقني، ولكن محبة عمان تشمل كل أرض الوطن، والمفروض ان عشقها من عشق البلد كاملا والكبرياء لا يقبل الا في حب الوطن، وعمان بحاجة الى أن ترعى على عين قيادة الوطن ووظيفة انظمة الحكم أن تبني الإعتزاز الوطني، مشيرا الى أنه كان يحاول أيام الراحل الملك الحسين بن طلال أن يجعل منها نموذجا متطورا ورمزا وطنيا كبيرا قائلا “أعتقد أننا توفقنا الى حد ما والآن الآخرين يكملون الدور”، متطرقا الى أن التعايش في العاصمة وجميع مناطق المملكة هو حضاري ونموذج وطني أصيل فجرس الكنيسة وآذان المسجد هما نداء ودعوة للإيمان والأردنيون بنوا البلد بعيدا عن أي طائفية أو عنصرية وهذا ما يميزنا عن باقي البلدان، مستدركا أن من واجب كل سياسي ورجل دين الدعوة الى التعايش الديني والسلام وحب الوطن، والهاشميون في رسالتهم التاريخية قاموا بدورهم للحفاظ على العلاقة الطيبة والعيش المشترك ولم نعرف يوما ما على هذه الأرض أي صراع طائفي أو عقائدي.

وختم الروابدة، أن من مسؤولية الدولة والحكومة أن تكون صادقة بالتعامل مع المواطن والاعلام وبناء علاقة جيدة بين المواطن والسلطة وايجاد عنصر الثقة ما يجنبنا الاشاعة والارباك في المجتمع نتيجة تدفق معلومات سلبية او مغلوطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تزعج الأردنيين لأنها إنعكاسات للواقع الذي ابتعدنا فيه عن مصادر المعلومات التقليدية وصولا الى الهاتف والعالم الرقمي، حيث ساهمت سرعة انتشار المعلومة ونقل الخبر في وعي الناس وإستخدامات هذه الوسائل يجب أن ينبع بمسؤولية شخصية واخلاقية من كل شخص الى جانب تطبيق القانون ، وما شهدناه من تطور تكنولوجي أوجد تصرفات وعادات اجتماعية جديدة سواء أكانت سلبية أم إيجابية ، وعليه علينا أن نتنبه الى أسلوب التربية والقيم والعادات والتقاليد التي تربينا عليها والثوابت الوطنية التي نعتز ونفتخر فيها.