مرايا – أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، أننا نواجه حاليا نتيجة حصيلة القرارات السياسية الدولية والتي تسبب بها “غرور العالم” وانانيته بإعلان الدول المتقدمة والغنية والرأسمالية وتسارعها للانتصار على جائحة كورونا، حيث تصرفت تلك الدول في بداية الجائحة بفوقية وكأنها تمثل العالم لوحدها فقط، وبعد إنتاجها اللقاحات وتم توزيعها على مواطني تلك الدول دون النظر الى الدول الفقيرة ومحدودة الدخل والموارد مثل افريقيا وآسيا ومناطق الحروب والمجاعات، وكما لاحظنا ان المتحورات الجديدة ظهرت في الدول المستثناة من تلك اللقاحات وهذا نتاج عنصرية ما يسمى “بالعرق الأبيض” والأنانية للدول المتقدمة.
وتابع د. الحوارات خلال حديثه في لقاء تلفزيوني ، إن الصراع على المستلزمات والتسابق في انتاج اللقاح كان واضحا في بداية الجائحة، وترك العالم الآخر، مشيرا الى أنه لا يمكن عزل جائحة كورونا عن الإقتصاد والسياسة، ودليل ذلك إعلان إفلاس شركات كبيرة نتيجة وقف حركة الطيران وإلغاء آلاف الحجوزات، منوها الى وجوب العودة الى التعامل مع الأزمات وخاصة الصحية مع إنسانية البشر بتكافل ووحدة مصير دون تفريق بين دول غنية وفقيرة ودول عالم أول وثاني وثالث ، وما إلى ذلك من فروقات “مصطنعة”.
وفيما يخص تعامل الحكومة الأردنية مع جائحة كورونا، قال الحوارات إن حكومة الدكتور عمر الرزاز جعلت كورونا “قضية أمنية” وذلك كان ظاهرا من خلال إنتشار الجيش والقوات الأمنية في شوارع المملكة وحظر التجول والتشدد في الإجراءات وكاننا في حالة مواجهة أو حالة حرب في الوقت الذي لم نكن فيه لمثل هذه الإجراءات التي أفقدت الاقتصاد جزء من مناعته وأثرت على المجتمع بشكل عام، حيث كان يكفي إغلاق مداخل البلد والحجر على القادمين من الخارج بعيدا عن التضخيم الإعلامي الذي مارسته الحكومة آنذاك في مشاهد الفنادق والسيارات والورد التي لن تغيب عن ذاكرة الأردنيين مما زاد الأعباء المالية على الدولة، ومع ذلك فشلت كل الاجراءات المتشددة في منع دخول الفيروس من الخارج عبر الحدود، وهي تصرفات مدعاة للسخرية أكثر منها لمكافحة فيروس كورونا، والآن يخرج المدافعين عن قرارات تلك الحكومة بأننا دخلنا في جائحة ولم تكن لدينا خبرة في مواجهة الوباء، مشيرا الى أنه كان يمكن لأصحاب القرار إستشارة الخبراء في علم الأوبئة والأخذ برأيهم في كل مرححلة ولكن هذا لم يحدث .
وزاد الحوارات، أن الشهور الأولى من الجائحة كشفت حجم النقص في أطباء الإختصاص في القطاع الطبي ، حيث واجهت الكثير من المستشفيات الحكومية والخاصة نقصا حادا في أطباء الأنف والأذن والحنجرة والتخدير والإنعاش والصدرية وغيرها من الإختصاصات دون النظر الى حجم الضغط والإرهاق الذي وقع تحته العاملين في القطاع، وقد لاحظنا أن الكثيرين لم يرجعوا لأهلهم ومنازلهم لأشهر طويلة ما يؤشر الى سوء التخطيط والإدارة في مواجهة الجائحة، ولا نستطيع أن ننكر أن الدولة وفرت المطاعيم على إختلافها وبوقت قياسي وفي أماكن متعددة لتصبح في متناول الجميع وهذا يحسب لها، ولكنها في نفس الوقت سمحت لرواية “المؤامرة ” أن تطغى على الكثير من الناس ولم تقف موقفا جادا من الذين يروجون لهذه النظرية ، إضافة الى بقاء مسألة أخذ اللقاح “إختياريا” الأمر الذي قلل من نسب الإقبال عليه حتى الآن ، مستدركا أنه إذا كانت المشكلة لدينا في “حرية اللقاح” فنحن مسامحون بها وليصبح إجباريا للخلاص من هذا الوضع المقلق والمربك في سبيل استمرار وبقاء الحقوق والحريات الأخرى للإنسان وأهمها الحق في الحياة والحفاظ عليها وهي أولوية قصوى بحسب الأنظمة والقوانين ومنها الطوارئ، ناصحا الحكومة وأصحاب القرار بعدم التمسك بظواهر الأشياء والإتجاه الى ما هو أهم من ذلك “بجرأة” وموضوعية، في إشارة منه الى أن أوامر الدفاع لم توجه بالشكل الصحيح ولم يتم استغلالها بالشكل الأمثل لحماية المجتمع .
وختم، إنه بعد نحو سنتين على الجائحة أصبح لدينا خبرة طبية جيدة للتعامل مع الفيروس ولدينا تجهيزات ومعدات ومستشفيات ، لكن لايزال لدينا نقص عام بأطباء الاختصاص ولجميع أوقات الدوام على مدار 24 ساعة، مشيرا الى أنه اذا أردنا تقليل نسب الوفيات علينا أن نوفر الكوادر الطبية الجاهزة للتعامل مع المرضى ومراقبة الحالات الأكثر إختطارا، كما ان القطاع الطبي بحاجة الى تطوير اداءه ومعايير العمل بشكل العام ، في إشارة الى أن الكوادر الطبية مجهدة والبعض يعاني من إرهاق نفسي ، منوها الى أن تدريب الكوادر الجديدة يحتاج الى وقت طويل لتصبح لديهم الخبرة اللازمة في المجال الصحي.
وذكر الحوارات أن اللقاحات بجميع أنواعها ليست علاجا “سحريا” و لا تمنع الإصابة بالفيروس ولم يصرح أحد بأنها كذلك على مستوى العالم، ولكنها تقلل أعراضه وتشكل المناعة الأقوى لجسم الإنسان ، مؤكدا أن متلقي اللقاح هو أقل عرضة لحدة وأعراض الإصابة ونسبة إستشفاءه أعلى بكثير من الأشخاص غير متلقي اللقاح وهذا مثبت علميا ، مما يقلل الإدخالات الى المستشفيات والضغط على أجهزة وأسرة العناية الحثيثة.