مرايا – قالت السفيرة البريطانية لدى الأردن، بريدجيت بريند، الاثنين، إن المساهمات المحددة وطنيا في الأردن، والتي تهدف إلى خفض الانبعاثات بنسبة 31% بحلول سنة 2030، هي خطوة طموحة قوية في الاتجاه الصحيح، ومثالاً يُحتذي في المنطقة.
وأضافت، في كلمة لها، أن “التنفيذ الآن في الأردن يتوقف على استراتيجيات طويلة الأجل لدعم القرارات السياسية”.
وأوضحت أنه “من خلال الالتزامات التي تعهد بها المجتمعون في غلاسكو، أصبحت أهداف الوصول بالانبعاثات إلى الصفر تغطي حالياً 90% من الاقتصاد العالمي، مقارنة بنسبة 30% في بداية تولي المملكة المتحدة لرئاسة قمة العمل المناخي 26”.
“رحبنا بمبادرات مثل شراكة جنوب إفريقيا للانتقال العادل إلى الطاقة النظيفة، والبالغة قيمتها 8.5 مليار دولار لدعم الانتقال إلى الطاقة الخالية من الانبعاثات، وشهدنا تعهّد البلدان التي تقع فيها أكثر من 90% من غابات العالم بوقف إزالة الغابات والعمل لاستعادة ما فُقد منها”، وفق بريند.
وتابعت: “شهدنا أيضاً أعلى مستوى من الحشد الفردي لجمع الأموال لصندوق التكيف الذي يمكّن المجتمعات الأكثر عرضة للتضرر من تغير المناخ من حماية نفسها. ولا يمكن تجاهل الاحتياجات الهائلة للتكيف في الأردن، من تدبّر شح المياه، إلى الانتقال لزراعة ذكية تتكيف مع المناخ، وحتى التخطيط لظواهر الطقس الشديدة”.
وأكدت دعم المملكة المتحدة للأردن، قائلة: “لسوف نبذل قصارى جهدنا لدعم الأردن في الحصول على مساعدة من خلال صندوق التكيف بُغية إجراء التغييرات اللازمة للتخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ”.
بريند، قالت: “كان شهر تشرين الثاني/نوفمبر من هذه السنة بمثابة لحظة محورية حاسمة بالنسبة لكوكب الأرض، إذ اجتمعت دول العالم بمدينة غلاسكو، في المملكة المتحدة، للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وهو ما يشار إليه بقمة العمل المناخي 26”.
وأضافت: “بعد عامين من التحضيرات المضنية، وأسبوعين من المفاوضات الحثيثة، حققنا هدفنا؛ حيث أقرّت نحو 200 دولة اتفاق غلاسكو بشأن المناخ”، مضيفة أن “هذا اتفاق تاريخي بكل المقاييس، ويمكن لجميع الأطراف البالغ عددهم 197 بلدا أن يفخروا به. ويمكننا أن نقول بكل حق إننا حافظنا على هدفنا المتمثل في ألا يزيد الاحترار العالمي عن 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات عهد ما قبل الثورة الصناعية”.
وأشارت إلى أن قمة العمل المناخي 26 كانت أكبر تجمع سياسي على الإطلاق يُعقد في المملكة المتحدة. فقد استضافت غلاسكو ممثلين عن 194 دولة، و120 من زعماء العالم، وحضرها 38,000 من المشاركين المعتمدين”.
وتابعت: “لربما بدت المفاوضات في نظر مراقب من الخارج تكنوقراطية بحتة، بيْد أن الكثير من القضايا كانت على المحك. فقد دارت النقاشات بشأن حماية أرواح وسبل عيش المجتمعات المتضررة بشكل مباشر من أزمة المناخ”.
بريند، قالت: “عن حماية الأجيال القادمة التي سيُحكم عليها، إذا ما فشلنا، بالعيش في عالم خطير مجهول المعالم ومُستنزَف الموارد. وكما قالت رئيسة وزراء باربادوس، ميا موتلي، في قمة العمل المناخي 26 بشأن ظروف الدول الجزرية الصغيرة – إن 1.5 درجة هو ما نحتاجه للبقاء على قيد الحياة. أما درجتان فحكمٌ علينا بالموت-“.
“يُظهر لنا العلم أن حرارة كوكب الأرض قد ارتفعت بالفعل بمعدل 1.1 درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، ويمكن لنا أن نرى التأثيرات الحادة لارتفاع درجة الحرارة على ملايين الناس”، بحسب السفيرة، مضيفة أن “الأحوال الجوية الشديدة آخذةٌ في الازدياد في جميع أنحاء العالم، وتغير المناخ لا يعترف بالحدود الوطنية”.
ودعت العالم إلى استلهام الأمل من التعاون العالمي الذي جسّدته مداولات مؤتمر الأطراف في غلاسكو، قائلة: “ربما تخللت المفاوضات هناك بعض الاختلافات في المواقف، ولكن، ورغم ما يحفل به العالم من تشرذم في المواقف السياسية، إلا أن البلدان أظهرت وحدة في الهدف تجاه المناخ، لا بل لوحظ ازديادٌ في الثقة بين الدول، وتصميم حقيقي على التوصل إلى اتفاق”.
وفقاً لأحدث المعطيات العلمية، يبيّن اتفاق غلاسكو بشأن المناخ الفرق بين ما تلتزم به البلدان حالياً لأجل خفض الانبعاثات، وبين ما يُفترض فيها أن تفعله، ويؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ الدول إجراءات أسرع، ويُلزمها بمراجعة وتعزيز أهدافها بشأن خفض انبعاثاتها بحلول 2030 حيثما لزم الأمر خلال سنة 2022، وفق السفيرة.
وأضافت: “أنه وللمرة الأولى، يُلزم هذا الاتفاق بلدان العالم بخطةٍ للتخلي عن الاعتماد على الفحم الأحفوري في توليد الطاقة، وعن الدعم غير المجدي للوقود الأحفوري. وهكذا، وبعد ست سنوات من المناقشات، يضع اتفاق غلاسغو اللمسات الأخيرة على العناصر المعلقة المتبقية من لائحة قواعد باريس – وهي القواعد التي تحكم اتفاق باريس بشأن تغير المناخ الذي جرى توقيعه في 2015 – ومن شأن تسوية تلك العناصر أن يُطلق الإمكانات الكاملة لاتفاق باريس”.
وأشارت إلى أن اتفاق غلاسكو يحقق تقدما في تمويل العمل المناخي: فيما يتعلق بالتكيف، لحماية الناس والطبيعة من آثار تغير المناخ، وفيما يتعلق بمعالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المناخ. وكلها مسائل حيوية في عملية مكافحة تغير المناخ.
وأضافت: “خارج قاعات التفاوض، رحبنا في قمة العمل المناخي 26 بالإعلانات عن أهداف الوصول بالانبعاثات إلى الصفر، وكذلك الالتزامات التي تُسرّع الانتقال إلى الطاقة النظيفة والسيارات النظيفة، وتوقفُ إزالة الغابات، وتزيدُ من تدفق التمويل للعمل المناخي. من خلال هذه الاتفاقيات القيّمة، إلى جانب اتفاق غلاسكو بشأن المناخ، يبدأ وضع تفاصيل كيفية تسريع وتيرة استجابتنا للتحدي العالمي الهائل بسبب تغير المناخ بُغية الحفاظ على هدف أن يظل الاحترار العالمي ضمن 1.5 درجة مئوية”.
وتابعت بريند: “لقد كانت قمة غلاسكو إنجازاً جماعياً تاريخياً، بيد أنها نجاح هش. صحيحٌ أنه يمكننا القول إن هدف حصر الاحترار العالمي بما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية ما زال حيّاً، لكن نبضه يظل واهناً. وبالتالي تقع المسؤولية على عاتق كل بلد الآن لحماية هذا الهدف وتعزيزه خلال السنوات المقبلة”.
وأشارت إلى أن جهود المملكة المتحدة كرئيسة لقمة العمل المناخي 26 ما زالت في بدايتها. حيث سوف نعمل على مدار السنة المقبلة مع مختلف البلدان لحثها على اتخاذ ما يلزم من الإجراءات والوفاء بوعودها المنصوص عليها في اتفاق غلاسكو بشأن المناخ لرفع مستوى الطموح المناخي لسنة 2030 وما بعدها. وإذ لا توجد أجهزة مراقبة رسمية في نظام الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، فإنه يظل من واجبنا مواصلة الضغط البنّاء، وتعزيز الثقة المتبادلة وحسن النية اللذين كانا من ثمار قمة العمل المناخي 26 في غلاسكو.
“لا بدّ لنا من انتهاز هذه اللحظة. يجب على العالم الآن أن ينهض ويتحمّل مسؤولياته ويتخذ المزيد من الإجراءات بشأن زيادة التمويل، ودعم التكيف، والحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية. حيث إنّ للناس المتضررين مباشرة بسبب تغير المناخ، وللأجيال القادمة، حقاً علينا في الوفاء بما اتفقنا عليه في غلاسكو”، وفق السفيرة البريطانية.