مرايا – لم يأت التشديد على تنفيذ أمر الدفاع 35 من فراغ، بل جاء متوازيا مع حقيقة أن فيروس كورونا لم ينته بعد، وأن متحوراته لم تهدأ حتى اللحظة، وعلى رأسها “اوميكرون”، لهذا كان لابد من تأكيد الجهات الرسمية المعنية بملف كورونا على أهمية تلقي المطاعيم وتعزيز الالتزام بكل الاجراءات الاحترازية التي من شأنها الحد من استمرار انتشار الوباء، وتسجيله لمزيد من المرضى وحصده للوفيات، وذلك حفاظا على الأمن الصحي في المجتمع.
وكان أمر الدفاع 35 قد دخل حيز التنفيذ منذ بداية العام الحالي، حيث لا يسمح لأي شخص تجاوز 18 عاما مراجعة الوزارات أو الدوائر الحكومية أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات العامة أو الدخول لمنشآت القطاع الخاص، إلا إذا تلقى جرعتي اللقاح، مع استثناء من يراجع المستشفيات والمراكز الصحية في الحالات الطارئة.
وترافق “أمر 35” كذلك، وعقوبات تأديبية تطال الموظف العام، فضلا عن إغلاق لمنشآت مخالفة، للمرة الأولى، وغرامات مالية بحق المرافق العامة والشركات والمراكز التجارية وغيرها، في حال تكررت المخالفة، وصولا لإغلاقات مؤقتة إلى أن يتم تصويب الوضع.
ورغم ملل الناس من حقيقة وجود الفيروس، وتغيّر أنماط حياتهم، الا أن ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية منه تبقى سيدة الموقف، “حتى لو كان الامر رغما عنا”، كما تقول إلهام / متقاعدة، لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، مؤكدة انها وبعد مضي كل هذا الوقت على بداية الجائحة، فهي لا تفارق المنزل إلا للضرورة القصوى، كما انها تحرص على عدم استقبال الناس في بيتها، خوفا من أي اختراق لدائرة تحصينها لنفسها من العدوى.
بدوره يقول مستشار التخدير ومعالجة الألم الدكتور منير شواقفة، إن أمر الدفاع 35 بمضامينه، وجد لحماية الجميع من انتشار الفيروس، كما أنه يضع حدا للاختلاط غير محسوب العواقب في الأماكن المغلقة، خاصة في حالة وجود من لم يتلق المطعوم بعد، مشددا على ان التمنع عن تلقيه، هو نوع من الأنانية المضرة للآخرين، وخاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، لهذا فإن أمر الدفاع هو لدواع طبية ولأمن المجتمع وصحته.
ويعلق على اعتراض بعضهم على مضامين” أمر الدفاع 35″، قائلا: ” يعد هذا الاعتراض مخالفة صريحة لأمر دفاع، وينتج عنه تداعيات مرضية، وزيادة الضغط على النظام الصحي”، مضيفا: قد لا يشعر بعضهم بخطورة عواقب استمرار انتشار الفيروس، وقد يمل من استمرار الحديث عن امر الدفاع 35، ولكن ذلك الأمر ليس ترفا، كما يردف، بل يأتي في سياق الواجب الوطني والتاريخي للحرص على صحة المواطن قبل أي شيء آخر.
وفي ذات الإطار، يشير الدكتور شواقفة الى انه من واجب الأطباء والمتخصصين والمعنيين بملف كورونا ومتحوراته الاستمرار في التوعية الطبية والصحية والوقائية، استنادا لأسس علمية، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة، وذلك اسهاما منهم ايضا في الحد من الاشاعات والأخبار المغلوطة حول كل ما يتعلق بالفيروس، ومتحوراته، خاصة “اوميكرون”. وحول ذلك المتحور، يقول: إن هذه السلالة تتصف بسرعة الانتشار، مقارنة بما سبقها من سلالات، ومن هنا، فإن السؤال ليس عن انتشارها من عدمه، وإنما عن تأثير ذلك الانتشار بالضغط على البنية الصحية التحتية، منوها إلى أن استجابة الافراد للإصابة به تختلف من فرد لآخر، وكذلك الأعراض، خاصة لمن لم يتلقوا المطاعيم للآن.
ويعرج شواقفة على أن حجم الدليل الطبي حول هذه السلالة متواضع، والدراسات المحكّمة التي تتناوله لا تزال في طور الاعداد، وما هو متوفر لغاية الآن، تقارير مرتبطة بالإصابات الفردية والأعراض السريرية التي تظهر عليها، والتي تتراوح ما بين الاصابة بالرشح العادي وسيلان الأنف والصداع والسعال والبلغم مع ارتفاع الحرارة، وفرصة أقل لفقدان حاستي الشم والتذوق، وبعض الأعراض المعوية، وصولا لزيادة وطأة المرض عند بعضهم، ما يستدعي العلاج في المستشفى.
ويشير في هذا الصدد إلى تقارير طبية تتحدث عن أن المنطقة المفضلة لهذه السلالة هي القصبات الهوائية، ولهذا قد تكون أخف وطأة من سابقاتها، من حيث التهاب ذات الرئة الشديد والحاجة الى “الاوكسجين” والتهوية الاصطناعية، مستدركا: الا أن التعميم من ناحية طبية لا يجوز في هذه المرحلة، وتبقى القاعدة الذهبية الثلاثية (غسل اليدين ، الكمامة، التباعد الاجتماعي ) هي الوسيلة الأنجع لابعاد شبح الاصابة والانتشار، ولذلك يفضل الابتعاد عن التجمعات المكتظة، وضرورة تلقي المطعوم، وإجراء فحص “بي سي آر” لدى الاشتباه بالمخالطة او الاصابة.
من جانبه، يقول المتخصص بالأمراض الصدرية وخبير العدوى التنفسية، الدكتور محمد حسن الطراونة: انه وفي ظل استمرار وجود فيروس كورونا، والانتشار السريع للمتحور “اوميكرون” حول العالم والضغط الذي يحدثه ذلك الانتشار على العديد من الدول، وخاصة في أوروبا، فإنه لزاما على الجميع عدم التخلي عن أي من الاجراءات الوقائية، وعدم الاستهتار بها، أو التراخي، بحجة الملل من طيلة الفترة التي طبعت العالم بهذا الفيروس.
واشار إلى أنه لا شيء يبرر التخلي عن أي تدبير لصالح سهولة الاصابة به، “فلا أحد يستطيع توقع ما ستؤول إليه حالة المصاب، خاصة ممن لم يتلق أي جرعة من المطاعيم ضد الفيروس”، وفقا له. ويشير إلى ان سرعة انتشار “اوميكرون” أعلى من المتحور دلتا بثلاثة أضعاف ولديه قدرة أيضا على الاصابة للمرة الثانية، بثلاثة أضعاف المتحور دلتا لأنه يحتوي على طفرة الهروب المناعي، مشددا على أن اللقاحات ضد كورونا هي في غاية الاهمية، للحماية من الحالة المرضية الشديدة التي قد تحدثها الاصابة بالفيروس.
وينوه الدكتور الطراونة هنا، الى أهمية الجرعة المعززة التي تؤكد تقارير عالمية دورها في تعزيز الحماية من الاصابة بالفيروس، لافتا إلى أهمية وضرورة الاقبال على تلك الجرعة، طلبا لمزيد من الحصانة الطبية من العدوى، في موازاة الاستمرار بالحرص على ارتداء الكمامة وتعقيم الأيدي والنظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي، وتهوية المناطق المغلقة بشكل جيد لتقليل انتقال العدوى بين الأسرة الواحدة تحديدا، “لاسيما وأننا نمر في فصل الشتاء وفترة البقاء في المنزل عادة ما تكون أطول”، على حد تعبيره.
ويشاطر المتخصص بالأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، ما ذهب اليه كل من شواقفة والطراونة حول أهمية تنفيذ أمر الدفاع 35 والالتزام بتلقي المطاعيم، والاجراءات الاحترازية، مشددا على أهمية الجرعة الثالثة المعززة، التي ترفع نسبة الحصانة ضد الفيروس الى 80 بالمائة.
ويؤكد ضرورة الالتزام الذاتي من قبل الجميع، ذاهبا إلى أن “إلغاء حفلة مثلا، منعا لتفاقم العدوى، أفضل وأهم، بطبيعة الحال، من الاسهام في إيذاء الآخرين، عن طريق نقل العدوى لهم، خاصة لمن يعانون من امراض مزمنة”.
(بترا) – إخلاص القاضي