مرايا – أكدت فاعليات حزبية وقانونية أن مشروع التعديلات الدستورية الأخيرة لن تؤثر على حق النساء في الكوتا بالمجالس المنتخبة؛ لأن هناك نصوصا أخرى أضيفت إلى المشروع ستمكن المشرع من تخصيص كوتا للنساء والشباب.
وقالوا في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية استطلعت آراءهم حول مستقبل الكوتا النسائية في قانون الانتخاب على ضوء التعديلات الدستورية، إن التعديلات تعطي المشرع في قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية وغيرها، سلطة تقديرية واسعة لتمكين المرأة من المشاركة في الحياة العامة.
وقال أستاذ القانون الدستوري في جامعة عمان العربية وعضو المحكمة الدستورية السابق، الدكتور نعمان الخطيب، إن تعديل عنوان الفصل الثاني إلى “حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم” لن يمس حق النساء في الكوتا بالمجالس المنتخبة؛ بالنظر إلى النصوص الأخرى التي أضيفت للدستور في مشروع التعديلات الأخيرة ما يمكن المشرع من تخصيص كوتا للنساء والشباب.
وأكد أن التعديلات بحد ذاتها تعطي للمشرع في قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية وغيرها، السلطة التقديرية الواسعة لتمكين المرأة من المشاركة في الحياة العامة، داعيا النساء الأردنيات إلى أن يدركن حجم المسؤولية، ويغتنمن الفرصة ويعدن أنفسهن لهذا الدور.
ونبهت الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد) عبلة أبو علبة، إلى أن إضافة كلمة “الأردنيات” جاءت في عنوان الفصل الثاني من الدستور، وليس في متن المادة 6 نفسها؛ الأمر الذي يعني أنه لا يترتب عليها أية أحكام قانونية، مبينة أن هذا التوضيح جاء على لسان مقرر اللجنة القانونية في مجلس النواب، وعدد من الأساتذة القانونيين.
وأضافت أبو علبة، أن النص الصريح على المساواة لا يعني مطلقا أن هدف المساواة في الحقوق والواجبات قد تحقق؛ فالنص التشريعي يفتح الباب لتحقيق الهدف إذا ما تضافرت العديد من العوامل والشروط الموضوعية الأخرى، لذلك فإن تخصيص كوتا للمرأة في قانون الانتخاب لا زال يكتسب ضرورة عملية.
وأشارت إلى أن حجم القائمة العامة في مشروع قانون الانتخابات النيابية هي 41 مقعدا فقط من أصل 138 مقعدا، الأمر الذي لا يستوعب النشيطات والنشطاء من النساء والشباب على النحو المأمول.
وتابعت، “أما اذا حصل تطور نوعي على القانون في المستقبل، واعتمد مبدأ أن يكون الأردن كله قائمة واحدة مغلقة مع التمثيل النسبي الشامل، عندها تصبح مناقشة جدوى الكوتا في القانون مشروعا تماما، على أساس ضمان حق تمثيلها من خلال القوائم”.
وبينت أبو علبة “أن اعتماد قائمة عامة وطنية في مشروع قانون الانتخابات النيابية، هو خطوة إيجابية إلى الأمام”، ما يعني تمثيلا انضج للمرأة والشباب، وتقديم مرشحات ومرشحين لديهم خبرة في العمل العام على أساس برامج وطنية.
وأوضحت أن وجود كوتا للمرأة في القانون، ساهم في فتح الباب أمام مشاركة ملحوظة للنساء في مجلس النواب، بالرغم من تباين المستوى المعرفي والثقافي والتجربة بين العضوات، إلا أن علينا الاعتراف بأن الكوتا مكنت أيضا عددا من النساء ذوات الخبرة السياسية والقانونية من الوصول إلى مجلس النواب.
بدورها، علقت الأمين العام لحزب “أردن أقوى”، الدكتورة رولا الحروب على هذا الرأي، قائلة: إن كوتا المقاعد ليست مطلبا بحد ذاته، ولكنها آلية مؤقتة “تدبير إيجابي” لعدالة تمثيل النساء في مواقع صنع القرار والتعبير عن احتياجاتهن ومطالبهن، معتبرة أن إضافة الفقرة الخاصة بتمكين المرأة ومنع كل أشكال التمييز ضدها في المادة 6 من الدستور، تجعل من الكوتا سواء كوتا المقاعد أو القوائم مبررة من أجل إزالة التمييز، والذي يتمثل بعدم قدرة النساء على الفوز بالتنافس في مواقع صنع القرار؛ بسبب الصورة النمطية التقليدية عن المرأة.
وأشارت إلى أن إضافة الفقرة الخاصة بتمكين المرأة والشباب للمادة 6، ستكون مبررا لوجود كوتا للمرأة والشباب؛ لأنها عززت التزام الدستور بتمكين المرأة والشباب من المشاركة في أوجه الحياة المختلفة، وإزالة كل أشكال التمييز .
وبينت أن إضافة كلمة الأردنيات إلى عنوان الفصل الثاني، ليست حكما جديدا، لافتة إلى أن العناوين في الدستور لا تنسحب على الأحكام والمواد والمبادئ القانونية في الدستور، لأن العناوين وجدت لفهرسة النصوص الدستورية التي تقع تحتها، والدستور يتحدث باستمرار بلغة جمع المذكر السالم ليشير إلى كلا الجنسين.
وفرقت الحروب بين نوعين من الكوتا، يشمل الأول المقاعد المخصصة للنساء في الدوائر الانتخابية والتي غالبا ما توجد في دول غير حزبية باعتبار أن المرأة لن تمثل إذا لم تخصص لها هذه الحصة من المقاعد، والنوع الآخر من الكوتا، وهو الأكثر شيوعا في العالم، والتي تحقق أفضل النتائج، فهي كوتا القوائم الحزبية والموجودة عادة في دول العالم الديمقراطية التي تترشح فيها الأحزاب للتنافس على مقاعد البرلمان، وهذه الأحزاب إما أن تعتمد نوعا طوعيا من الكوتا من خلال تخصيص المناصفة في القوائم بين الرجال والنساء داخل الحزب أو مثالثة، أو تعتمد كوتا إجبارية داخل القائمة الحزبية، مؤكدة أن افضل شكل للكوتا في العالم هي كوتا القوائم وليس المقاعد.
وترى الحروب، في هذا الصدد، أن كوتا القوائم (الحزبية أو الوطنية)، هي الطريقة الأمثل من أجل تمثيل نوعي وكمي للنساء، ووجود نساء قويات وقياديات في البرلمان لهن فعالية سياسية تحت قبة البرلمان.
وبينت أن كوتا المقاعد ما زالت مطلوبة باعتبار أن المجتمع ما زال لم يصل إلى مرحلة إتاحة المجال بالكامل للمرأة في المجال السياسي تحديدا، ومحدودية تقبل توليها مناصب سياسية وقيادية، وخصوصا في العمل البرلماني؛ وبناء عليه تظل آلية كوتا المقاعد لا بد منها كمرحلة مؤقتة إلى حين تمكين الأحزاب في المجتمع والوصول إلى برلمانات حزبية بالكامل في المستقبل.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني حث خلال لقائه ممثلات عن القطاع النسائي الأردني، أمس الاثنين، في رسالة مهمة للأردنيات جميعا على المشاركة والتقدم إلى الأمام، وأن المرأة والشباب هما القوة الرائدة في جميع مسارات عملية الإصلاح، وخاصة السياسي منها.
وجاء اللقاء في أعقاب انتهاء مناقشة مشروع التعديلات الدستورية وإقراره من قبل مجلس النواب، وما رافق ذلك من نقاش عام داخل قبة البرلمان وخارجها.
(بترا- وفاء زيناتيه)