مرايا – يشكل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، الحاضنة الرئيسة لعمليات التطوير اللازمة لجميع القطاعات في المملكة.
فالبنية التحتية التقنية، تعد أبرز عوامل جذب الاستثمارات في أكثر من قطاع، في الوقت الذي تنخفض فيه الكلف، وتزيد الكفاءة، كلما زاد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف القطاعات.
وإلى جانب كونه حاضنة لتطوير القطاعات الأخرى، ثمّة فرص واعدة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، يمكن تحقيقها بتعظيم نقاط القوة وتجاوز التحديات، واستغلال الممكّنات اللازمة لذلك.
وخلال اجتماعات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي انعقدت في الديوان الملكي بعنوان “الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد”، شارك خبراء ومختصون من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا في جلسات لمناقشة سبل تطوير وتعزيز القطاع من خلال وضع استراتيجية تهدف ليس فقط إلى النهوض بالقطاع، بل بدور الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المساهمة بتطوير القطاعات الأخرى كذلك.
هلا سراج، المديرة العامة لشركة طلبات في الأردن، المشاركة في جلسة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في ورشة العمل الاقتصادية الوطنية قالت، ان “قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كان على الدوام من القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني، حيث وصلت نسبة مساهمته المباشرة وغير المباشرة إلى 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل سنوات، واليوم مع التباطؤ الذي شهده الاقتصاد الأردني نتيجة عوامل داخلية وخارجية مختلفة فإننا وخلال ورشة العمل الاقتصادية الوطنية عملنا على دراسة التحديات والفرص المتاحة، لزيادة فاعلية مساهمة القطاع الاقتصادية”.
وأضافت، “يتميز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني بجودته وموثوقيته في خدماته، ويتضح ذلك من خلال عدد من الشركات المشهورة عالمياً والتي جاءت إلى الأردن مثل إكسبيديا وأمازون وغيرها، كما يتميز الأردنيون بامتلاك المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى المنطقة، حيث تم انشاء العديد من الشركات الناشئة التي أصبحت قصص نجاح أردنية مثل CoinMENA و BitOasis على سبيل الذكر لا الحصر. ونحن نمتلك القدرة لتحقيق المزيد من قصص النجاح في مجالات مختلفة مثل FinTech وEd Tech و FoodTech.”وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تجاوز نمو إيرادات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأردني، حيث كان هذا النمو مدفوعا جزئيا بزيادة صادرات خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ففي عام 2018، ارتفع إجمالي إيرادات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنحو 10.8 بالمئة مقارنة بعام 2017، أي أكثر من 5 أضعاف النمو في الناتج المحلي الإجمالي في العام ذاته، وبنمو سنوي مركب بين عامي 2014 و2018 بلغ 8.2 بالمئة، بفضل ارتفاع إيرادات الصادرات التي حققت بدورها نموا سنويا مركبا بمقدار 10.1 بالمئة في الفترة ذاتها. وقدّر إجمالي عدد الوظائف التي كانت معروضة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بـ 14 ألف وظيفة في عام 2018.
من جهته بيّن الدكتور أشرف بني محمد عضو مجلس إدارة الصندوق الأردني للريادة والأستاذ المشارك في اقتصادات التكنولوجيا في الجامعة الأردنية، المشارك في جلسة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دور بيئة ريادة الأعمال في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكدا تداخل وتقاطع بيئة ريادة الأعمال بشكل كبير مع القطاع وأهمية وجود منظومة تمكينية لريادة الأعمال والابتكار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتحدث بني محمد قائلا، “على الرغم من وجود بعض التحديات التنظيمية في بيئة الأعمال والمتمثلة بافتقار الاستقرار التنظيمي، وعدم الاتساق في تفسير السياسات والأنظمة، فقد شهدت بيئة الأعمال في الأردن تحسنا كبيرا خلال العقد الماضي، وتمكنت من تحقيق قفزة نوعية غير مسبوقة لتصل إلى المركز 29 في تصنيفات مؤشر سهولة ممارسة الأعمال في عام 2020 مقارنة بعام 2019، حيث ساهمت عدة نقاط في المؤشر على تحسين الترتيب، كالحصول على التمويل، عبر تعزيز إمكانية الحصول على الائتمان عن طريق إدخال قانون جديد للمعاملات المضمونة، وتعديل قانون الإعسار، وإطلاق سجل فرعي موحد وحديث ومنظّم للإشعار، وعبر سداد الضرائب، من خلال إدخال الأردن للنافذة الإلكترونية لتقديم الإقرارات والدفع وغير ذلك، بالإضافة إلى حل الإعسار من خلال تطبيق إجراءات تسمح للمدينين ببدء إجراءات إعادة التنظيم وبتحسين استمرار الأعمال التجارية ومعاملة العقود خلال إجراءات الإعسار”.
وأوضح أن الصندوق الأردني للريادة، تمكن خلال الفترة القليلة الماضية من الاستثمار في أكثر من 11 صندوقا مخصصا لدعم الشباب، فيما يموّل اليوم شركات ريادية، حيث تستحوذ الشركات في المنطقة على ما نسبته 27-29 بالمئة من تمويل الصندوق، الأمر الذي يعكس دوره الكبير في مساعدة الرياديين على تطوير أفكارهم ومشاريعهم.
وثمّة نقاط قوة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمكن البناء عليها في خطط التطوير، تتمثل بوجود عدد كبير سنويا من الخريجين ذوي المهارات الأساسية والمتخصصة، وتوفر البنية التحتية الرقمية، وامتلاك القطاع لعلامات تجارية ذات مكانة جيدة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وامتلاك اللغة العربية واللهجة المحايدة التي يتطلبها قطاع تعهيد الخدمات، إلى جانب إنتاج غالبية المحتوى العربي في جميع أنحاء العالم في الأردن، والدعم الحكومي للقطاع، وامتلاك الأردن لمعدل مرتفع نسبيا من رياديي الأعمال، الذين يشكلون 27 بالمئة من رواد الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتكاليف المجدية للعمالة عالية المهارة، وسهولة الوصول إلى السوق بفضل العديد من اتفاقيات التجارة والاتفاقيات الثنائية.
ويسعى المعنيون بالقطاع الى تحديد أولويات مستقبلية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تبدأ من الأولويات المحتملة للنمو والتطوير، وتشمل الاستفادة من المهارات المحلية واللغة وموقع الأردن في جعله مركزا إقليميا للتعهيد الخارجي لخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتعاون من أجل نمو السوق المحلي، والاستفادة من الأردنيين المتواجدين في الخارج، والتحوّل الرقمي للقطاع العام، واستثمارات البنية التحتية، وتشجيع المشاركة في سلاسل قيمة المشاريع العالمية.
أما عناصر التمكين الممكّنة للنمو والتطوّر في المستقبل فتبرز بتوفير منتجات تمويل محددة للقطاع، ووضع لوائح تنظيمية ومتطلبات سهلة الفهم وسريعة التنفيذ ولا تحتاج لرأسمال كبير، وتشريع قوانين ولوائح تنظيمية لجعل الأردن أكثر جاذبية للكوادر والكفاءات الأجنبية المتخصصة، والتقليل من العقبات البيروقراطية، وتنفيذ تغييرات في المناهج التعليمية، لتطوير المهارات العملية وضمان التوافق مع التطورات التكنولوجية، وتحسين قدرات جمع البيانات والتحقق من صحتها ونشرها عبر القطاعات لتمكين الابتكار في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
(بترا)