لم يكن إقدامها على اختيار شعار “التميز في توفير الطعام من أجل المعرفة” عبثا؛ إذ تدرك تمام الإدراك أن الوصول لعقل سليم قادرعلى تلقي العلم والمعرفة بسرعة وتركيز أكبر يحتاج إلى بناء جسم سليم، الأمر الذي لا مجال لتحقّقه دون غذاء صحي ومتوازن؛ وتتبلور تلك المنهجيّة حال استذكارنا أنّ دائرة الغذاء والتغذية جزء من مؤسسة أكاديمية ذات اهتمامٍ بغرس معرفة نقية وسليمة في عقول أبنائها، ما يجعلها في طليعة نظيراتها لا على المستوى المحلي فحسب، بل على مستويات أبعد من ذلك بكثير.

دائرة خدمات الغذاء والتغذية في الجامعة الأردنية المعروفة بـ”بمطاعم الجامعة”، تُمثّل الجزء الحيوي الذي يقع على عاتقه تقديم خدمات الطعام والشراب لطلبة الجامعة وهيئتيها التدريسية والإدارية وضيوفها على مدار العام، والحفاظ على جودة ونوعية تليق بأم الجامعات كي تكون عند حسن ظن أسرتها ومرتاديها ورعاة احتفالاتها والمشاركين في أنشطتها وفعالياتها.

أن تخدمَ الدائرةُ طوال العام يعني أنها ستكون حتمًا حاضرة خلال شهر رمضان الفضيل، فهي، تمامًا كما الأم التي تسعى إلى تجميل المائدة وتلبية مختلف الأذواق في البيت الواحد، توفّر شتّى الأصناف في خدمةٍ تُقدّمُ أوّلًا لطالبات السّكنات الدّاخليّة، ولا تنتهي عند الوقوف على رغبات الطّلبة ممّن يرغبون في الإفطار داخل حرم الجامعة، ضمن عطاءٍ متواصلٍ عنوانه التّفاني.

وإلى جانب وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، تستقبل الدائرة في هذا الشهر الفضيل حفلات الإفطار والتكريم التي تنظمها الجامعة لضيوفها في مختلف الفعاليات، وزوار الجامعة، كما توفر خدمات الإفطار للمبادرات التي تُنظّم للأطفال والأيتام والمحتاجين.

وفي لقاء مع مدير الدائرة الدكتور عماد رحاحلة قال إن الجامعة قدّمت منذ بداية رمضان ما يزيد عن 12 ألف وجبة إفطار لأسرتها، وهي عبارة عن وجبات صحية متوازنة، بأسعار رمزية مدعومة من الجامعة بتوجيهات مستمرة من إدارتها بسعر التكلفة فقط دون النظر إلى الربح المادي، بل أحيانا بأقل من التكلفة.

وأضاف رحاحلة أن الدائرة التي تأسست مع نشأة الجامعة وشاهدة على فعالياتها ومناسباتها منذ التأسيس حتى اليوم، تعمل كخلية نحل متكاملة ضمن فريق مكون من 108 موظفين يتوزّعون على أعضاء هيئة إدارية وأخصائيي تغذية وحرفيين مؤهلين يعملون بروح الفريق الواحد لضمان جودة وسلامة الأغذية من جهة، وإرضاء جميع الأذواق من جهة أخرى، موضّحًا أن الدائرة تضم أربع صالات متعددة لتقديم كافة أشكال الخدمات الغذائية، وثمانية “كافتيريات” موزعة على كليات الجامعة المختلفة، إضافة إلى مطعم آخر في معهد البحوث الزراعية في منطقة الأغوار.

وفي حديث مع بعض مرتادي مطاعم الجامعة والقائمين على الفعاليات الرمضانية فيها، شارَكَنا عميد كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية الدكتور فيصل الرفوع رأيه قائلًا إن المطعم في تطور مستمر يوما عن يوم، وهو حريص كل الحرص على إرضاء جميع الأذواق، وهذا أمر يؤكد سر نجاح أي عمل. وقد ساهم المطعم خلال شهر رمضان بخدمة جميع فعاليات الكلية والجامعة على أكمل وجه، وكل من شارك في تلك الفعاليات أبدى انطباعا جميلا عن الخدمات المُقدّمة بكافة أوجهها وأشكالها.

وعبرت الطالبة فاطمة الغُنميين من سكن الأندلس في الجامعة عن عظيم امتنانها لكل ما يفعله المطعم من أجلهنّ، مثمنة حرصه على توفير وجبات متنوعة أثناء الإفطار، وتوفيره لقائمة طعام متجدّدة كل يوم لتختار الطّالبات ما يُردنَ تناوله كأنّهن في بيوتهنّ، لا بعيدات أو مغتربات عن أهلهنّ.

من جهته، قال الطالب عمار هلالات إن الوجبات التي يقدمها المطعم قريبة جدا من طعام البيت، وهو أمر يشعرهم بالقرب النفسي من جامعتهم، مشيدا بالنظافة والترتيب والنظام أثناء الحصول على الوجبة؛ ما يجعل كلًّا منهم يأخذ ما يشتهي بأريحية.

فيما أعربت الطالبة زينة السعودي عن طيب المعاملة التي يحظى بها الطلبة خلال الإفطار وتهافت العاملين في المطعم لخدمتهم دون تأفف أو تذمر، مشيدة بنوعية الطعام وتنوع أصنافه وكذلك بأسعاره الرمزية للغاية، والتي تتناسب مع جميع شرائح الطلبة.

كما كان لنا مداخلات مع بعض موظفي الجامعة، حيث علّقت رنا هديب من دائرة الموارد البشرية على آلية تنسيق المطعم للوجبة، وحرصه على توازنها واحتوائها لكافة العناصر التي يحتاجها الجسم، إلى جانب حرصه على تقديم التمر والماء اللازمين للإفطار خلال الشهر الفضيل.

وأثنى الموظف محمد بدران من وحدة المكتبة على الخدمات التي يقدمها المطعم؛ حيث يراها مرضية جدا لمرتاديه، وتلبّي احتياجات الجميع، كما إنّ أسعار الوجبات التي يطرحها أقل مما هي عليه خارج أسوار الجامعة وملائمة لا لأوضاع الموظّفين المادية وحسب، بل والطلبة سواء بسواء؛ فعناية الجامعة بطلبتها وموظفيها ومراعاة الفروقات في ظروفهم المادية والمعيشيّة أمرٌ بالغ الضّرورة.