مرايا – ما كانت البدايات سهلة لإنشاء التلفزيون الأردني قبل 54 عامًا، بل صعوبات عديدة أبرزها الأوضاع في فلسطين المحتلة ثمَّ معركة الكرامة، لكنَّ الحاجة كانت ملحة لوجوده، فحضر فريق خبراء من هيئة الإذاعة البريطانية وبدأ بمساعدة كوادر أردنية فكانت بدايته عام 1968.

يروي أول مخرج للبث التَّجريبي ونشرة أخبار في التلفزيون الأردني يسار الدرَّة قصة البداية والتي يذكرها بأدق التفاصيل وهي دورة لثلاثة أشهر في بريطانيا للموظفين واستوديو صغير وكاميرات عدد 2 و 15 موظفًا ومحطة إرسال واحدة بمنطقة صويلح ومونتاج صعب يستمر 4 ساعات للمادة الواحدة.

ويضيف ان نشرة الثَّامنة مساء مستمرة منذ 54 عامًا وكانت النَّشرة الوحيدة واليتيمة والتي وصلت مدتها لنحو 40 دقيقة، كان فريق العمل يعمل تحت الضغط ليتم انتاجها وبثها على رأس الساعة، سبقها تأسيس دائرة الأخبار قبل نشأة التلفزيون على يد فريق من الخبراء العاملين في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وعلى رأسهم تشارلز فارمر وجرى تأسيس غرفة التحرير منذ ذلك الوقت.

ولفت إلى أنَّ أبرز التحديات التي واجهت فترة التَّأسيس هي الحصول على أرشيف، وكانت انطلاقة التلفزيون في وقت تمَّ فيها احتلال القدس وبدأ البحث عن صور لذلك، ووجدها في أحد محلات بيع الصور بالعاصمة عمَّان وأحضر صورًا من بينها صورة للقدس، فيما تمَّ الحصول على موسيقى معبِرة بعد شراء اسطوانة خاصة بذلك وتمَّ دمجها وانتاج مقطع مصور استمر طويلًا على الهواء وترك صدى واسعًا بين جمهور المتلقين.

وقال كانت فترة صعبة جدًا بسبب الحرب في ذلك الوقت وكان كل الضغط في استوديو واحد وكاميرات عدد 2، وجهازي تسجيل، وعرض الشريط يصل تقريبا إلى خمسة سنتميترات والبث بتقنية الأبيض والأسود وتسجيل الصور يتم بنظام السينما وتم استقدام مصورين من جمهورية مصر الشَّقيقة.

وأشار إلى أنَّ التلفزيون كان يكبر بشكل طردي كبير، وكان المخرج يقوم بكثير من الأعمال وهو أول من بدأ البث التجريبي للتلفزيون، وكان عدد أجهزة التلفزيون قليلة بين سكان الأردن، وبدأ بإنتاج أول برنامج للبث التَّجريبي قدَّمته مذيعة مهمة وهي عايدة بسيسو وهي عبارة عن فقرة قصيرة تظهر فيها شاشة شفافة وجهاز عرض وصورة لمدينة جرش تبين كيف كانت الحياة أيَّام الرومان وخرجت بصورة جميلة تمَّ فيها إحياء الصورة.

وبين أنَّه كان يبلغ من العمر 26 عامًا عند بداية العمل بالتلفزيون، وكانت لديه اهتمامات بالفن والتمثيل خلال دراسته الجامعية وهو ما جاء به إلى هذه المؤسسة حيث كانت آلية العمل تتم بترتيب الصور وكتابة نص لها، إضافة لوجود جهاز يطلق عليه “تيكر” مستقبل للأخبار يتم طباعة الأخبار من خلاله وقصِّها وقراءتها، إضافة إلى استماع المحرِرين للإذاعات وتفريغ الأخبار وتحريرها ونشرها وكان يُسمى قسم الرَّصد التِّلفزيوني.

وأكد أنَّ التصوير كان في أغلبه صامت بدون صوت باستثناء الأحداث المهمة، وكانت الكاميرا التي تقوم بتسجيل الصوت يصل وزنها لـ 25 كيلو غرام ولها بطارية وليس من السهولة أن يتم نقلها وتحريكها، حيث كانت بحاجة لإعداد مسبق.

وأشار إلى أنَّ فريق العمل كان يقع تحت الضغط يوميًا لبث النَّشرة الإخبارية في تمام الساعة الثامنة مساء، حيث كانت النَّشرة صوت وصورة، ولم يكن معتاد عليها المجتمع.

وقال إنَّ التصوير كان صعب جدًا يبدأ بالسالب ثم تتحول إلى الموجب، وكانت عملية المونتاج معقدة جدًا، ولم تكن سهلة وهي عبارة عن براميل في غرف المونتاج وعليها مشابك تشبه مشابك الغسيل يتم تعليق كل لقطة مصورة عليها والمونتير يقوم بكتابة كل لقطة وتجميعها من المشبك، وكانت عملية المونتاج الواحدة تأخذ 4 ساعات.

ولفت إلى أنَّ عمل مقابلة حيَّة وبثِّها على الهواء كان قليل جدًا وفي أضيق الحدود، وأجهزة التلفزيون تمَّ استيرادها من بريطانيا، وكانت آلية خروج الصورة ليست سهلة وتحتاج لعملية منفردة.

وأشار إلى أنَّه ورغم كل هذه الصعوبات والتعقيدات وبداية العمل إلَّا أنَّه تمَّ انتاج نشرات هائلة، وصلت المواد المصورة في إحداها الى 20 مقطع صوت وصورة.

ونوه إلى أنَّ التلفزيون الأردني كان يقفز بخطوات واسعة وكبيرة ومحسوبة وبدأت الجرأة تصبح أكبر وأكثر، ولازمه التَّحديث والتَّطوير أولا بأول، وكانت البداية مع محطة ارسال في منطقة صويلح ثم استحدثت أخرى في بيت راس وبدأ الوصول إلى مناطق المملكة كافة.

وبدأ بث التلفزيون الأردني يوم 27 نيسان من عام 1968 وكان رائدًا في المنطقة العربية، وقدَّم عبر أكثر من خمسة عقود بالصوت والصورة الأحداث ملتزما بالمهنية والتوازن والحياد والبعد عن تضليل الجمهور أو الانحدار بذائقة المتلقين.