قال منتدى الاستراتيجيات الأردني في ملخص سياسات بعنوان ” الوقوف على واقع الأسعار في ظل الأحداث العالمية الراهنة” لتسليط الضوء على مسببات أزمة التضخم العالمي ومدى تأثيرها على الأسعار في المملكة متوقعا أن يتأثر الاقتصاد الأردني تأثرًا بالغًا في حال بقيت الأسعار العالمية مرتفعة كما هي الآن.
وأشار المنتدى في ملخصه، إلى التدابير المالية المتنوعة التي اتخذتها حكومات العالم للتخفيف من الآثار الناجمة عن تفشي جائحة كورونا، كالإنفاق الإضافي والمساعدات المرتبطة بتوفير السيولة على نطاق واسع، مبيناً أن نسبة التدابير المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول في الفترة التي تتراوح بين 7 كانون الثاني 2020 و27 أيلول 2021 بلغت 46 بالمئة للولايات المتحدة الأميركية، و45 بالمئة لبريطانيا، و43 بالمئة لألمانيا، و36 بالمئة لليابان، و28 بالمئة لإيطاليا.
وبيّن المنتدى أن ارتفاع الأسعار العالمية قد بدأ بالسلع الأساسية التي ارتفعت ارتفاعًا كبيرًا عقب الاغلاقات التي حدثت عام 2020 وبعد عودة الاقتصادات للعمل في أواخر عام 2020 ومطلع عام 2021، حيث ارتفع مؤشر أسعار الطاقة (الفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي) من 62.92 نقطة في كانون أول عام 2020 إلى 111.42 نقطة في كانون أول عام 2021 وبنسبة 77 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الزيوت والدهون خلال تلك الفترة بنسبة بلغت حوالي 12.5 بالمئة ، كما ارتفعت أسعار الحبوب (الشعير، والذرة، والأرز، والقمح) بنسبة 19.4 بالمئة، وارتفاع أسعار الأسمدة بنسبة 163.9بالمئة ، علاوة على ارتفاع مؤشر أسعار الصلب والمعادن من 99.65 نقطة في كانون الأول عام 2020 إلى 116.72 نقطة في كانون الأول عام 2021 أو بحوالي نسبة 17.1 بالمئة.
وفي سياق متصل، أشار المنتدى إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، حيث ارتفع مؤشر أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، أي من 101 نقطة في كانون الأول 2019 إلى 108.6 نقطة في كانون الأول 2020، وإلى 158.5 في نيسان 2022.
وفيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، بين المنتدى أنها أزمة إنسانية تحمل تداعيات اقتصادية، مشيرا إلى أن الحرب جاءت في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العالمي بالعودة لوضعه الطبيعي بعد هبوط الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 3.4 بالمئة في عام 2020، وخاصة بعد أن كانت التوقعات تشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي بنسبة 5.5 بالمئة عام 2021، و4.1 بالمئة عام 2022، و3.2 بالمئة في عام 2023.
وفيما يتعلق بالآثار الناجمة عن الأزمة الروسية الأكرانية على الاقتصاد الأردني، أوضح المنتدى أن واردات الأردن أعلى بكثير من صادراته، حيث بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي 52.2 بالمئة كمتوسط للأعوام 2015-2020، مما يؤشر إلى ضعف الأداء التجاري الأردني وقابلية تأثر الاقتصاد بالأسعار العالمية والتي تظهر تداعياتها بشكل أساسي في عجز الميزان التجاري ومعدلات التضخم.
وبيّن المنتدى تنوّع التركيب السلعي للواردات الأردنية حيث تشمل الآلات ومعدات النقل، المواد الغذائية والحيوانات الحية، الوقود المعدني والمواد المشابهة، البضائع المُصنعة، والمواد الكيماوية، والكثير غير ذلك. بالمقابل، أوضح المنتدى بأن صادرات الأردن مركزة بشكل كبير؛ إذ تمثل بعض الأصناف المصدرة حوالي 60 بالمئة من نسبة إجمالي الصادرات الوطنية، مما يعني أن الاقتصاد الأردني سيتأثر تأثرًا بالغًا في حال بقيت الأسعار العالمية مرتفعة كما هي الآن.
وبحسب المنتدى، فان الحرب الأوكرانية ستسهم في بقاء أسعار الطاقة مرتفعة لفترة طويلة من هذا العام. فضلًا عن استمرار الحظر الذي تفرضه دول الغرب على روسيا لمدة طويلة حتى وإن انتهت الحرب. وفي هذا السياق أشار المنتدى إلى أنه ثمة توقعات بتزايد الضغوطات الواقعة على أسعار الأغذية وتكاليف الإيجارات والإسكان وغيرها من أسعار الخدمات الأخرى مما أدى إلى زيادة البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي بنسبة نصف نقطة مئوية في الرابع من شهر أيار 2022 ومن المتوقع أن يتبع ذلك المزيد من الزيادات.
هذا ويتوقع المنتدى أن يكون ما تبقى من عام 2022 صعبًا على الاقتصاد الأردني، إذ سيضطر البنك المركزي الأردني إلى زيادة أسعار الفائدة في حال بقيت أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة، وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في آذار 2022 و50 نقطة أساس في أيار 2022. علاوة على ذلك، أشار المنتدى إلى مدى خطورة التداعيات على واردات الأردن من النفط الخام والغاز الطبيعي في حال استمرت التوقعات باتجاه بقاء أسعار الطاقة مرتفعة كما هي، إضافة لخطورة التداعيات على واردات الأردن في حال استمرت أسعار الأغذية مرتفعة كما هي. إلا أنه من الناحية الأخرى، بيّن المنتدى بأن بقاء أسعار الأسمدة مرتفعة كما هي سيكون له آثار إيجابية على صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات.
وفي الخلاصة، أوصى المنتدى بضرورة المصارحة والشفافية حول ما يحدث في السوق العالمي وأثره على الأردنيين، خاصة وأن الأسر الأردنية تنفق حصة كبيرة من دخلها على الأغذية والطاقة ووسائل النقل. كما أكد المنتدى ضرورة العمل بتشاركية مع جميع الأطراف ذات العلاقة لإيجاد حلول عملية من شأنها تخفيف الأعباء عن الأسر الضعيفة ومراعاة أحوال القطاع التجاري في ذات الوقت، خاصة وأن انعكاس ارتفاع الأسعار العالمية على السوق المحلي سيظهر تدريجياً. وبحسب المنتدى، لا يوجد مفر من زيادة الأسعار المحلية إن ارتفعت الأسعار العالمية عاجلاً أم آجلاً، كما سيكون دعم الدخل – مثل مبالغ الدعم النقدي المقطوعة – خيارًا جيدًا لإحدى السياسات التي يمكن للحكومة الاستمرار في تطبيقها، بينما لا بدّ أن يكون أي دعم إضافي – مثل خفض ضريبة المبيعات – إجراءً مؤقتًا ومستهدفًا بشكل جيد لضمان ترشيد التكاليف وضبطها.