مرايا – قال محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس ان قرارات البنك الاخيرة برفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية جاءت للمحافظة على الاستقرار النقدي في المملكة، والذي يُمثل هدف وجوهر عمل البنك المركزي، وسعياً لاحتواء الضغوط التضخمية المُتوقعة.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني اليوم الثلاثاء، بعنوان “السياسة النقدية في الأردن في ظل التطورات الدولية الراهنة”.
وتوقع شركس ان يتراوح معدل التضخم حول 3.8 بالمئة لعام 2022 كاملاً.
واكد ان المؤثر الأكبر في معدل التضخم الكلي المتوقع ياتي نتيجة ارتفاع الاسعار العالمية، للنفط والغذاء بمختلف أنواعها حيث ساهم هذان العاملان بحوالي 83 بالمئة من معدل التضخم المُسجل خلال الشهور الخمسة الأولى من عام 2022، موضحا انه في حال استثناء أسعار الغذاء والطاقة من معدل التضخم الكلي، نجد أن معدل التضخم الأساسي، والذي يتم استخدامه لأغراض السياسات، يقل عن 1 بالمئة خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، وهذا يعني أن التضخم الناجم عن عوامل داخلية هو ضمن مستويات مقبولة، ولا يتوقع أن يتجاوز 2 بالمئة حتى نهاية العام الحالي.
وأضاف شركس أن البنك المركزي عمل بكل حرص على توجيه السياسة النقدية بما يضمن الموازنة بين الاستقرار النقدي من جهة، والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي من جهة أخرى، وتجسد ذلك من خلال اتخاذ إجراءات موازية لتخفيف أثر قرارات رفع أسعار الفائدة على الأفراد والشركات، وتعزيز النشاط الاقتصادي بشكل عام، ومنها الإبقاء على سعر الفائدة التفضيلي لبرنامج البنك المركزي لإعادة تمويل القطاعات الاقتصادية الحيوية دون تغيير عند 1 بالمئة للمشاريع داخل محافظة العاصمة، و0.5 بالمئة للمشاريع في باقي المحافظات، وتمديد العمل ببرنامج البنك المركزي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين ومستوردي قطاع الجملة من السلع الأساسية البالغ قيمته 700 مليون دينار لمدة ثلاثة أشهر إضافية حتى نهاية شهر أيلول 2022، بالإضافة إلى الإبقاء على سعر الفائدة للمقترضين ضمن هذا البرنامج دون تغيير وبما لا يتجاوز 2 بالمئة .
وشدد شركس على التزام البنك المركزي التام بالحفاظ على سعر الصرف الثابت للدينار مقابل الدولار، مُشيراً إلى أن هذه السياسة خدمت وما زالت تخدم الاقتصاد الوطني كثيراً، ويعزز ذلك امتلاك البنك المركزي لرصيد مريح من الاحتياطيات الاجنبية.
وثمّن الجهود الكبيرة التي تقوم بها البنوك لتحفيز النمو الاقتصادي باعتبارها ركنا أساسيا لاستقرار الاقتصاد الوطني، مُشيداً بدورها في التخفيف من تداعيات جائحة كورونا على الشركات والافراد بكل كفاءة، من خلال قيامها بتنفيذ مبادرات البنك المركزي بفعالية ومهنية، مؤكداً في ذات السياق على سلامة ومتانة الجهاز المصرفي، وقدرته على تحمل الصدمات لتمتعه بمستويات مرتفعة من رأس المال والسيولة.
وتطرق شركس خلال الندوة إلى أجندة البنك المركزي في المرحلة القادمة، والتي تحمل في طياتها العديد من الأولويات، أهمها العمل بنهج تشاركي مع قطاع التأمين بهدف تحديث وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية لهذا القطاع، كما كشف عن بدء العمل على استحداث مركز للتكنولوجيا المالية لتعزيز الاستثمار في التكنولوجيا المالية، وجعل الأردن بيئة خصبة لحواضن الأعمال، وسعي البنك نحو إطلاق استراتيجية وطنية جديدة للشمول المالي للأعوام (2023-2025) خلال العام الحالي.
واستعرض قراءة البنك المركزي للمشهد الاقتصادي عالمياً ومحلياً، مُشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني يسير بخطى ثابتة نحو التعافي من تداعيات الجائحة، وأن إجراءات البنك المركزي والحكومة والضمان، ساهمت في تأمين الانتقال التدريجي إلى مرحلة التعافي، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة فاقت 52 بالمئة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، وارتفع الدخل السياحي بشكل يفوق التوقعات ليبلغ 1,203.9 مليون دينار وبنسبة نمو 269.6 بالمئة خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي.
من جانبه أعرب رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني عبد الإله الخطيب أن الجلسة الحوارية تأتي في ظل أوضاع دولية بالغة التعقيد، فمع بدء مرحلة التعافي الاقتصادي من أثار جائحة كوفيد 19، انفجرت أزمة أوكرانيا التي أدت الى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والسلع والى زيادة اختلال سلاسل التزويد، وبدأت موجة تضخم قوية تجتاح اقتصادات الدول الكبرى مع ما تنتجه كل هذه العوامل من آثار عميقة على اقتصادات الدول النامية، مشيراً إلى أن أهمية هذا اللقاء مع محافظ البنك المركزي تكمن في الاستماع الى كيفية تعامل السياسة النقدية مع هذه التطورات، والحوار معه حول الخيارات المتاحة التي تساعد بلدنا على التخفيف منها لاجتياز هذه المرحلة بأقل قدر من المعاناة على مستوى الاقتصاد الوطني وعلى مستوى معيشة المواطن.
وأشارت المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني نسرين بركات، الى أن المنتدى يسعى بشكل دائم إلى تعزيز الحوار الفعال والبناء ما بين القطاعين العام والخاص حول المستجدات الاقتصادية، مشيرة إلى أن البنك المركزي والسياسة النقدية يلعبان دوراً محورياً في استقرار الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص من أداء دوره في العملية التنموية، وهو ما يطمح إليه المنتدى في الوصول إلى اقتصاد قوي تنافسي ومستدام بجهود القطاع الخاص، وبتشاركية الفعاليات المختلفة في الاقتصاد الأردني.
وبين المهندس بشر جردانة عضو الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني والذي أدار الجلسة الحوارية، أن السياسة النقدية في الأردن تواجه محلياً تحديات بالموازنة بين الحفاظ على الاستقرار النقدي، وبين متطلبات النمو الاقتصادي، مشيراً الى ان النمو الاقتصادي يتطلب سياسات تيسيرية أبرزها تخفيض أسعار الفائدة، أما ضغوطات التضخم فتتطلب تشدد في السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، مؤكداً على اهمية ذلك للمحافظة على الاستقرار النقدي وعلى جاذبية الدينار الأردني.
وفي هذا السياق اشاد جردانة بجهود البنك المركزي الكبيرة التي اتخذها حتى الآن للتعامل بحكمة وحصافة مع كافة المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية.
وكانت الفعالية برعاية كل من بنك الإسكان، البنك الأهلي، البنك العربي، بنك الأردن، بنك صفوة الإسلامي، بنك الاتحاد، وبنك القاهرة عمان.