مرايا –
وقع عشرات المواطنين في إربد، ضحية عملية شبهة احتيال من قبل شركة إسكان كانت قد باعت شققا سكنية على المخططات الهندسية بعقود بيع خارج دائرة الأراضي، ولأكثر من مشتر، فيما تبين لاحقا أن الأرض التي أقيمت عليها الشقق تعود ملكيتها لشركة تمويل ومستأجرة تمويلياً لشركة الإسكان وبموجب ذلك فإن عقود البيع باطلة.
وكانت شركة التمويل قد وجهت إنذارات بإخلاء الشقق مستندة إلى أحكام عقد التأجير التمويلي الذي لا يعطي الحق للمستأجر تمويليا ابرام عقود بيع أو تأجير من الباطن دون موافقة المؤجر تمويليا(مالك العقار).
وتطالب الشركة أصحاب الشقق بتسليم الشقق خلال مدة 10 أيام من موعد توجيه الإنذار، وبخلاف ذلك فانها ستباشر فورا باتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة لتحصيل حقوقها وإقامة الدعاوى ومنها منع المعارضة والمطالبة باجرة المثل وإلقاء الحجز التحفظي على أموالهم المنقولة وغير المنقولة واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.
وتتلخص الحادثة، وفق مواطنين أن شركة الإسكان معروفة على مستوى مدينة إربد ولها أكثر من بناية إسكانية منتشرة في المدينة، مشيرين إلى أن من المتعارف عليه عادة إقدام المواطنين على شراء الشقق والتي تكون غالبيتها قيد الإنشاء بعقود شراء خارجية على أن يتم بعد الانتهاء من البناية الإسكانية التنازل عنها رسميا من قبل صاحب البناية بدائرة الأراضي والمساحة.
وقال أحد المتضررين، إن صاحب شركة إسكان كان يبيع الشقق على المخطط قبل بنائها على أن يتم تسليمها بعد سنة، وهي موزعة على 5 عمارات، ليتضح بعد المماطلات المتكررة من صاحب الشركة أن جميع هذه العمارات ليست ملكا له باستثناء عمارة واحدة فقط، وان هذه العمارة مرهونة لأحد البنوك ومحجوز عليها لعدة جهات.
وأشار إلى أن “خلاصة عملية النصب تتمثل في بيع أكثر من 26 شقة واستلام مبالغ مالية وصل مجموعها إلى حوالي مليوني دينار”، مشيرا إلى انه تم تسجيل دعاوى قضائية بحق صاحب الشركة وتم إصدار قرار بالتعميم عليه.
وأشار مواطنون وقعوا ضحية عملية شبهة الاحتيال، وطلبوا عدم نشر أسمائهم، أنهم قاموا بشراء الشقق من صاحب شركة للإسكان قبل عام على المخططات الهندسية، بموجب عقود ووصولات مالية رسمية، لافتين أنهم دفعوا مبالغ مالية كدفعة أولى من أجل حجز الشقة لحين الانتهاء من بنائها.
وأوضحوا أنهم وبعد الانتهاء من البناية وفي مرحلة التشطيبات الأخيرة تفأجؤوا أن البناية مرهونة لأحد البنوك ولا يمكن تسجيل شققها بأسمائهم، إضافة إلى أن هناك أكثر من شخص تم بيعه ذات الشقة في البناية.
وقال متضرر آخر إن إحدى شركات الإسكان في إربد أعلنت عن عزمها إنشاء مشروع سكني سيكون جاهزا خلال عام واحد، لافتا إلى انه قام بمراجعة صاحب الشركة واطلع على المشروع وعلى مخططات البناء وأوهمه بان مدة المشروع سنة، موضحا انه وبناء على مشاهدته للإعلان وموقع البناء وإطلاعه على مخططات البناء من قبل صاحب الشركة تم الاتفاق على شراء شقة طابق ارضي بموجب عقد بيع خارج الدوائر الرسمية وبمبلغ 125 ألف دينار.
وأشار إلى أنه قام بدفع حوالي 125 ألف دينار لصاحب الشركة وتم إعطاؤه وصلا ماليا بالمبلغ المدفوع ليتفاجأ لاحقا أن الأرض المقام عليها البناء وكافة الشقق مرهونة ومحجوزة لعدة جهات وان صاحب العمارة قام ببيع الشقق لعدة أشخاص آخرين وقبض قيمة تلك الشقق قبل ان يصوب أوضاعها ويزيل الرهونات والحجوزات عنها، رغم تقاضيه مبالغ طائلة ثمنا لتلك الشقق يزيد على النصف مليون دينار.
وفي استفسار “الغد” من دائرة المدعي العام في إربد عن صاحب الشركة تبين أنه مسجل بحقه 6 طلبات بجرم الاحتيال، وانه تم التعميم عليه، بما في ذلك التعميم في المراكز الحدودية والمطارات بمنع السفر.
وحسب وثائق حصلت عليها “الغد” فإن صاحب الشركة قام بنقل جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة إلى أشخاص آخرين قبل تسجيل القضايا بحقه، فيما قام المتضررون برفع قضايا على الأشخاص الذين تم نقل الأموال اليهم بتهمة تهريب الأموال.
ووكل المتضررون المحامي إياد التميمي برفع قضايا على صاحب الشركة وشركائه لدى دائرة الادعاء العام، مؤكدا أن القضايا ستسجل تباعا لدى المدعي العام بعد أن تم توكيله من قبل المتضررين من مشاريع الإسكان المماطلة في تسجيل الشقق بأسمائهم بسبب وجود حجوزات على البنايات.
وأكد المحامي يوسف فؤاد خصاونة أن هذه القضايا تعتبر من قضايا الاحتيال المنصوص عليها في القانون حسب نص المادة 417 من قانون العقوبات والتي تنص على أن يكون الشخص قد استعمل طرقا احتيالية لوجود مشروع كاذب أو أمر غير واقعي.
وقال الخصاونة إن أي نزاع حقوقي عادي يمكن للمتضرر استرداد أمواله التي دفعها من خلال المحاكم المدنية أو الجزائية، كون الفعل المرتكب من المشتكى عليه مخالف للأصول القانونية.
ويعتبر جريمة يعاقب عليها القانون كون المبالغ التي دفعت ضمن عقد باطل حصلت خارج الدوائر الرسمية، مؤكدا أن عقوبة الحبس تطبق على المواد الجزائية وهي لإجبار وإلزام المحكوم عليه بدفع المبلغ لصالح الشخص المتضرر.
وأشار إلى أن الحكم الصادر عن محكمة جزائية لا يقسط المبالغ المحكوم فيها نهائيا، فيما إذا لجأ المتضرر إلى المحاكم المدنية فقط، فان المبلغ المحكوم فيه بإمكانه تقسيطه أو تحصيل المبلغ من خلال إلقاء الحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة وبالتالي بيعها بالمزاد العلني لتعويض المتضررين الذين سجلوا قضايا ضد المشتكى عليه.
وأكد الخصاونة أن عقود بيع العقارات (غير المنقولة ومن ضمنها المركبات) يجب أن تتم لدى دوائر التسجيل المنصوص عليها قانونيا والمتمثلة بدائرة الأراضي والمساحة ودائرة الترخيص، وإلا تعتبر هذه العقود باطلة بطلانا مطلقا ولا تعتمد إلا بالتسجيل.
وأوضح أن المشرع منح الفرد الذي يقوم بشراء شقة تحت الإنشاء أو على المخطط ولحماية حقه، بان يقوم بإنشاء عقد يسمى عقد الوعد بالبيع، شريطة أن يسجل لدى دائرة الأراضي المختصة، ويتضمن هذا العقد مدة العقد ووصف العقار وتحديد الثمن، حيث يعد هذا العقد من جهة قانونية ملزما للطرفين بشكل كامل، فإذا ما اخل البائع بالتزامه بنقل ملكية الشقة للمشتري يحق له مراجعة البائع ومطالبته بالتعويض عما لحقه من عطل وضرر.
ولفت إلى أن الفرد قد يقوم بشراء شقة عن طريق الأقساط، بحيث يدفع دفعة أولى ويقسط الباقي، وهنا للمشتري في هذه الحالة ولضمان حقه في الشقة أن يقوم برهن الشقة في مواجهة البائع، حيث يقوم البائع بتسجيلها للمشتري لحين إتمام جميع الأقساط، وبعد إتمام جميع الأقساط يتم فك الرهن عن الشقة.
وقال مصدر في دائرة الأراضي والمساحة إن أي بيع وشراء عقار بموجب سندات تسجيل صادرة عن دائرة الأراضي خارج دائرة تسجيل الأراضي يعتبر باطلا بحكم القانون، وأنه من الضروري التأكد من البيانات الخاصة بالعقار المراد شراؤه من حيث المالك ومقدار الحصص المشتراة ومكان القطعة بالكشف على العقار من قبل مساح مرخص.