مرايا –

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحيّز المدني في الأردن تقلّص خلال السنوات الأربع الماضية، إذ تضطهد السلطات المواطنين الذين ينظمون أنفسهم ويمارسون المعارضة السياسية سلميا وتضايقهم.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات تستخدم قوانين غامضة ومنتهِكة تجرّم التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع. تحتجز السلطات الصحفيين، والنشطاء السياسيين، وأعضاء الأحزاب السياسية والنقابات العمالية المستقلة وأفراد عائلاتهم وتستجوبهم، وتضايقهم. كما توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن السلطات تقيّد حقوقهم الأساسية مثل العمل والسفر بهدف إلغاء المعارضة السياسية.
قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “هناك ضرورة ملحة لمعالجة التدهور الحقوقي الذي نشهده في الأردن اليوم. لا يمكن أن يكون “الحفاظ على الاستقرار” مبررا لانتهاك حقوق الناس وإغلاق الحيّز الذي يحتاج إليه كل مجتمع”.
حققت هيومن رايتس ووتش في 30 حالة بين 2019 و2022 استخدمت فيها السلطات أحكاما فضفاضة تجرّم القدح والذم لاعتقال واتهام المواطنين بسبب التعبير السلمي عن آرائهم السياسية على منصات التواصل الاجتماعي أو في التجمعات العامة. كما طلبت هيومن رايتس ووتش من 42 ناشطا أردنيا تقديم ردود مكتوبة على استطلاع حول تجاربهم مع الجهات الأمنية.
وقالت: “تستخدم السلطات الأردنية أحكاما جنائية غامضة وفضفاضة، منها قانون العقوبات لسنة 1960، وقانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015، وقانون منع الإرهاب لسنة 2006، وقانون منع الجرائم لسنة 1954 لقمع حرية التعبير والتجمع. كما أعطى إعلان حالة الطوارئ في أعقاب تفشي فيروس “كورونا” في 2020 رئيس الوزراء سلطات واسعة للإمعان في تقليص الحقوق المدنية والسياسية. في 2020، تضاعف تقريبا عدد القضايا المتعلقة بهذه التهم عن العام السابق، وفقا للتقارير السنوية الصادرة عن “المركز الوطني لحقوق الإنسان”. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الممارسات مجتمعةً ترقى إلى مستوى حملة ممنهجة لقمع المعارضة السلمية وإسكات الأصوات المنتقدة”.
وقال أقارب المستهدفين وغيرهم ممن لديهم معرفة مباشرة بالقضايا، وفق الوكالة، إنه في عدة حالات، وُضع المحتجزون في الحبس الانفرادي وحُرموا من الاتصال بمحاميهم وعائلاتهم. في معظم الحالات، كان الجهازان الأمنيان الرئيسيان في البلاد – “دائرة المخابرات العامة”، و”إدارة الأمن الوقائي” التابعة لـ “مديرية الأمن العام” – مسؤولَيْن عن الاعتقالات. في بعض الحالات، وُجِّهت تهمٌ إلى المعتقلين، لكن أُسقِطت لاحقا. وفي حالات أخرى، احتُجز أشخاص لفترات طويلة دون توجيه اتهامات إليهم. وصل عدد قليل من القضايا إلى المحاكم. وفي عدة حالات، أمرت المخابرات العامة الناس بتوقيع تعهد بعدم الإساءة إلى الملك أو أجهزة المخابرات.
وأضاف القرير: حلّت الحكومة الأردنية أحزابا سياسية ونقابات عمالية منتخَبة بعد أن مارس أعضاؤها حقهم في الاحتجاج والتعبير عن المعارضة السياسية. في 2020، بعد نزاع بارز بين الحكومة ونقابة المعلمين حول الرواتب، داهمت السلطات مجلس النقابة واعتقلت أعضاءه، ثم حلّت النقابة.
“وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا كيف قيّدت السلطات الأردنية الحريات الإعلامية في السنوات الأخيرة إثر أمر كاسح بمنع النشر، والمضايقات، والاعتقالات للتحكم بالتغطية الإعلامية للقضايا الحساسة وتقييدها”، وفق المنظمة.
في فبراير/شباط 2021، بعث الملك عبد الله الثاني برسالة إلى رئيس المخابرات العامة يطلب منه الحد من تدخلها في الأمور غير المتعلقة بالاستخبارات. في يونيو/حزيران 2021، شكل الملك “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية”، والتي أصدرت توصيات لتعديل القوانين المتعلقة بالأحزاب السياسية والانتخابات، والتشريعات الأخرى التي من شأنها أن تسمح بالمزيد من المشاركة في الحياة السياسية للبلاد. شدّدت التوصيات على الحاجة إلى “التطبيق الأمثل لحقوق الإنسان، وتوفير المساحة الآمنة للحريات العامة الضامنة للعمل السياسي”.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم هذه الدعوات رفيعة المستوى للإصلاح، لم يتغير شيء يذكر. في ديسمبر/كانون الأول2021، خفّض “مرصد سيفيكوس”، وهو منظمة تجمع البيانات عن وضع المجتمع المدني في 197 دولة، تصنيف الحيّز المدني الأردني من “معوَّق” إلى “قمعي”.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، تحظى حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات باعتراف على أنها حقوق إنسانية أساسية، وغالبا ما تكون متداخلة، وضرورية لحسن سير المجتمع الديمقراطي وتمتع الناس بحقوق فردية أخرى. لا تسمح معاهدات حقوق الإنسان، بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، والأردن طرف فيه، بقيود على حرية التعبير والتجمع إلا إذا نص عليها القانون، وكانت ضرورية للغاية ومتناسبة لتحقيق هدف مشروع، بما في ذلك حماية الأمن القومي، والنظام العام أو الصحة العامة، والآداب، وتكون غير تمييزية. لا يجوز بأي حال من الأحوال تطبيق قيود أو التذرع بها بطريقة من شأنها أن تمس بجوهر أحد الحقوق الإنسانية.
يقدم شركاء الأردن ومانحوه، مثل الولايات المتحدة و”الاتحاد الأوروبي”، مساعدة وتدريبا مباشرَيْن إلى الأجهزة الأمنية الأردنية. حدد هؤلاء المانحون الحوكمة الديمقراطية وإصلاحات سيادة القانون كأهداف رئيسية لتعاونهم الاقتصادي والسياسي مع المملكة، لكن لم تفعل هذه البرامج شيئا يُذكر لوقف التدهور الظاهر في الحقوق الأساسية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الأردنية تمديد برنامج الإصلاح السياسي من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة من شأنها تخفيف القمع المتزايد الذي يقيد الحيز المدني والمشاركة السياسية في المقام الأول. ينبغي أن تشمل مثل هذه الإجراءات تعديل التشريعات ذات الصياغة الغامضة التي تستخدمها السلطات لتقييد الحقوق الأساسية. ينبغي كذلك وقف جميع أشكال المضايقات غير الرسمية والاضطهاد الممارسة باستخدام النظام القانوني ضد الأردنيين الساعين إلى التعبير سلميا عن آرائهم وتشكيل مجموعات مستقلة.
قالت فقيه: “ثمة شكوك حيال نجاح برنامج الإصلاح السياسي الأردني بوجه تدهور حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات في جميع أنحاء البلاد. ينبغي للسلطات الأردنية اتخاذ خطوات عاجلة لوقف إغلاق الحيّز المدني والسماح للأردنيين بالمشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والسياسية في المملكة دون عوائق”.

إطار قانوني ينطوي على انتهاكات
في السنوات الأربع الماضية، تزايد اعتماد السلطات الأردنية على قوانين جنائية غامضة الصياغة لمقاضاة المواطنين بسبب التعبير السلمي عن آرائهم السياسية على منصات التواصل الاجتماعي أو في التجمعات العامة.
حققت هيومن رايتس ووتش في 84 تهمة حكومية في 30 قضية استخدمت فيها السلطات مثل هذه القوانين بين 2019 و2022. في 63 حالة، استخدمت السلطات أحكام القدح والذم في قانون العقوبات لسنة 1960، بما فيها المادة 132، التي تسمح بمحاكمة من “يذيع في الخارج وهو على بيّنة من الأمر أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها”. هذه الأحكام توسع نطاق ما يشكل قدحا وذما وتمنح السلطات حرية كبيرة لتوجيه التهم دون أي صلة واضحة بارتكاب مخالفات جنائية، وهي تشلّ حرية التعبير.
لتوسيع نطاق هذه الأحكام لتشمل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، استخدمت السلطات أيضا قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015، الذي ينص بموجب المادة 11 على عقوبة السَّجن لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 100 دينار (141 دولار أمريكي) ولا تتعدى ألفَي دينار (2,820 دولار أمريكي) لكل من يتعمد إرسال مواد تنطوي على القدح والذم، أو إعادة إرسالها، أو نشرها. غالبا ما تستخدم السلطات أيضا المادة 15، التي تجرّم استخدام الإنترنت أو شبكة المعلومات للإتيان بأفعال مجرَّمة بموجب تشريعات أخرى.
بينما اقترحت الحكومة سابقا تعديلات على القوانين الحالية، على سبيل المثال في ديسمبر/كانون الأول 2018 لقانون الجرائم الإلكترونية، ردا على الاعتراضات على النصوص، لم تحدث تغييرات إيجابية. في بعض الحالات، اعتُمدت في نهاية المطاف تعديلات تضم أحكاما أكثر إشكالية، مثل تعديلات قانون العقوبات لسنة 2022، التي جرّمت محاولات الانتحار أو التعبير عن نية الانتحار والتصريحات التي ترمي إلى ترويع الناس.
وفقا لإحصاءات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 2020، كانت هناك 2,140 قضية تم التوقيف فيها بموجب المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية. وفي العام نفسه، سُجلت 402 قضية بتهمة “ذم هيئة رسمية”، و49 قضية “إثارة النعرات”، و311 قضية “إطالة اللسان” على الملك. في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أصدر الملك عبد الله الثاني مرسوما ملكيا بالعفو عن 155 شخصا متهمين بـ “إطالة اللسان” ضده.
يتضمن قانون منع الإرهاب لسنة 2006 تعريفا فضفاضا للعمل الإرهابي. تنظر في هذه القضايا “محكمة أمن الدولة”، وهي محكمة عسكرية خاصة يترأسها غالبا قضاة عسكريون ولا تفي بالمعايير الدولية الخاصة بالاستقلالية والحياد، والتي استُخدمت بانتظام لمحاكمة مدنيين، بما يتعارض مع القانون الدولي.
بين 2019 و2022، وثّقت هيومن رايتس ووتش 19 حالة من هذه الحالات تتعلق بـ “تعكير الصلات بدولة أجنبية” بموجب المادة 3 ب وارتكاب فعل “من شأنه تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر… ]أو[ الإخلال بالنظام العام” بموجب المادة 2.
كما تخضع المادة 149 من قانون العقوبات للاختصاص القضائي لمحاكم أمن الدول، وهي تجرّم “أي عمل من شأنه تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة أو التحريض على مناهضته” أو “تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي”. وقد استُخدمت منهجيا لمقاضاة النشطاء السياسيين ونشطاء مناهضين للفساد مرتبطين بتحالف واسع يُعرف بـ “الحراك الموحد”، وهي حركة إصلاح سياسي انبثقت عن احتجاجات 2011.
أخيرا، يتضمن قانون منع الجرائم لسنة 1954 صلاحيات موسعة لاستخدام التوقيف الإداري، في خرق للالتزامات الحقوقية. إذ تسمح المادة 3 للمحافظ باتخاذ إجراءات ضد أي شخص “يخضع لمنطقة اختصاصه”، ما يسمح منهجيا للمسؤولين بالالتفاف على نظام العدالة الجنائية لاحتجاز الأشخاص بأمر إداري دون مراجعة قضائية. في منتصف فبراير/شباط 2022، كانت السلطات قد احتجزت 11 ناشطا سياسيا بموجب هذا القانون. في مارس/آذار، استخدمته لاحتجاز 150 شخصا على الأقل استباقا للاحتجاجات أو لقمع الاعتصامات في جميع أنحاء البلاد.
استخدمت السلطات الأردنية أيضا تشريعات الطوارئ التي صدرت في بداية جائحة كورونا في 2020 لسحق المعارضة، بما في ذلك تفعيل قانون الدفاع لسنة 1992، الذي يمنح رئيس الوزراء سلطات موسعة لتقييد الحقوق الأساسية.
في مارس/آذار 2021، دعا الحراك الموحد إلى مظاهرات لإحياء الذكرى العاشرة لاحتجاجات 2011 ضد البطالة والفساد. فضّت شرطة مكافحة الشغب الاحتجاجات واعتقلت المئات في جميع أنحاء البلاد. زوّد محام من “الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات”، وهو مبادرة لمحامين أردنيين يقدمون المساعدة القانونية للنشطاء السياسيين، هيومن رايتس ووتش بقائمة تضم 105 أشخاص احتُجزوا في 25 مارس/آذار وأفرج عنهم في 28 مارس/آذار. اتُهم 45 منهم بـ”التجمهر غير المشروع” و”إحداث الشغب” بموجب المادة 165 من قانون العقوبات، بالإضافة إلى مخالفة أمر الدفاع رقم 16 الذي يحظر التجمعات العامة لأكثر من 20 شخصا وبموجب أمر الدفاع رقم 22 الذي يشدد العقوبات على مثل هذه المخالفات.
راجعت هيومن رايتس ووتش لائحة الاتهام الخاصة بـ 12 ناشطا شاركوا في الاحتجاجات في ذيبان، وهي بلدة بمحافظة مادبا، وحُكم عليهم بالسجن ثلاثة أشهر، لكن برّأتهم محكمة بداية مادبا لاحقا بعد تقديم شكوى بخصوص قرار المحكمة بسبب إدانة اثنين منهم غيابيا. في سبع صور ومقاطع فيديو صورها ناشط في مدينة المفرق الشمالية، واطّلعت عليها هيومن رايتس ووتش، شوهدت الشرطة تحيط بالمتظاهرين وتعتقلهم رغم التزامهم بقوانين الصحة العامة، منها الحفاظ على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.
الاعتقالات التعسفية
وثّقت هيومن رايتس ووتش عشر حالات احتُجز فيها تعسفا بين 2018 و2021 نشطاء من قبل دائرة المخابرات العامة، وهو جهاز الاستخبارات الأردني الرئيسي، وإدارة الأمن الوقائي، وهي فرع من مديرية الأمن العام.
في جميع الحالات العشر، قال أفراد الأسرة أو النشطاء إن رجال أمن يرتدون ملابس مدنية من أحد هذين الجهازين نفذوا الاعتقالات، إلى جانب قوات أخرى من الشرطة. في خمس حالات، قال أقارب أو نشطاء أنهم عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من إحدى هذه الأجهزة. في ثماني حالات، قال أقارب أو نشطاء إن أعدادا كبيرة من رجال الشرطة، منهم من يرتدي ملابس مدنية، داهموا منازلهم أو اعتقلوهم في الشارع.
في ثلاث حالات، قال نشطاء إنهم حُبسوا انفراديا بدون إضاءة أو مع إضاءة خافتة في مقر المخابرات العامة في عمّان، ولم يسمح لهم بالزيارة أو سُمح لهم بزيارات محدودة وغير منتظمة من العائلات والمحامين. تتوافق هذه الروايات مع توثيق هيومن رايتس ووتش السابق لممارسات الاحتجاز لدى المخابرات، والتقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2017. قال نشطاء إن عناصر المخابرات العامة استجوبوهم لساعات طويلة بشأن نشاطهم السياسي.
مثل اثنان من المحتجزين في مقر المخابرات العامة أمام مدعي عام أمن الدولة، وهو ضابط عسكري له مكاتب في المبنى. بموجب قانون محكمة أمن الدولة لسنة 1959، يمكن للمدعي العام تمديد أمر التوقيف لمدة 15 يوما قابلة للتجديد بعد توجيه الاتهام إلى المشتبه به إذا كان ذلك في مصلحة التحقيق.
في أبريل/نيسان 2021، أوقفت السلطات عضوا في حزب سياسي وناشطا في الحراك بعد أن كتب على “فيسبوك” عن اعتقال 20 شخصا وفرض الإقامة الجبرية على الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، بعد تحقيق في مؤامرة مزعومة للإطاحة بالملك. اطلعت هيومن رايتس ووتش على فيديو سجله جيرانه يظهر 17 آلية على الأقل، بينها سيارات مدنية وآليات الأمن العام والدرك، تحيط بمنزله.
قال الناشط إن عنصر شرطة برفقة عنصر من المخابرات العامة أبرز له مذكرة تفتيش وتوقيف صادرة عن النيابة العامة. قال إن أربعة عناصر عصبوا عينيه واقتادوه في سيارة مدنية إلى مقر المخابرات العامة في عمّان. قال إنه أمضى 16 يوما معتقلا بمعزل عن العالم الخارجي، تعرّض خلالها لضغوط نفسية خلال جلسات الاستجواب الطويلة مع رجال الأمن الذين اتهموه بأنه أحد المتآمرين. قال إن عناصر الأمن استجوبوه أيضا بشأن نشاطه السياسي، لا سيما عضويته في أحد الأحزاب السياسية المسجلة في البلاد. أثناء الاستجواب، أمره عناصر الأمن بتوقيع تعهد بعدم الإساءة إلى الملك أو جهاز المخابرات “تصريحا أو تلميحا”.
بعد ستة أيام من اعتقاله، أحيلت قضيته إلى نيابة أمن الدولة، التي وجهت إليه تهمة تقويض النظام السياسي بناء على نفس المنشور على فيسبوك. أُسقطت هذه التهم لاحقا قبل إحالة القضية إلى المحاكمة لأسباب لم يتم توضيحها. أُطلق سراحه بعد 16 يوما من احتجازه.
في أغسطس/آب 2021، قابلت هيومن رايتس ووتش ناشطا من فرع الحراك في ذيبان، تم اعتقاله ومحاكمته ثلاث مرات. احتجزته السلطات لأول مرة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إثر مشاركته في احتجاجات ضد التقشف، ثم في 2019 بسبب منشور على فيسبوك ينتقد المسؤولين، وفي مارس/آذار 2021 كواحد من 12 ناشطا في ذيبان شاركوا في الاحتجاجات.
قال إنه اعتُقل الساعة 7:30 صباح 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، على أيدي مجموعة عناصر أمن بملابس مدنية حاصروا المدرسة التي يعلّم فيها في عمّان. صادر عناصر الأمن أغراضه الشخصية وعصّبوا عينيه ووضعوه في سيارة مدنية، واقتادوه إلى مقر المخابرات العامة حيث حُبس انفراديا لـ 37 يوما.
بعد يومين، أحيلت قضيته إلى نيابة أمن الدولة، التي عرضت عليه فيديو يظهره وهو يردد شعارات تنتقد العائلة المالكة، ووجهت إليه بسبب هذا الفيديو اتهامات بالمسّ بالنظام السياسي وإهانة الملك والعائلة المالكة.
خلال 37 يوما في الحبس الانفرادي، سمحت له السلطات بزيارة واحدة من محاميه، وبعد أيام قليلة بزيارة من أسرته. في إحدى جلسات الاستجواب، طلب منه رجل أمن تقديم معلومات حول الاحتجاجات بالقرب من مقر رئيس الوزراء، بالإضافة إلى بيان موجه إلى الملك يطالب بمزيد من الإصلاحات وقع عليه مع مئات الأشخاص الآخرين. كما قال إن عناصر المخابرات عرضوا عليه الدعم المالي “إذا التزم بترك الحراك”.
بعد 37 يوما، نُقل إلى سجن “الجويدة” وأُطلق سراحه أخيرا في 29 نوفمبر/تشرين الثاني. وبعد ثلاث جلسات في قضيته، حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسَّجن عامين ونصف بتهمة تقويض النظام السياسي. أسقطت هذه العقوبة لاحقا كجزء من قانون العفو العام لسنة 2019. في مارس/آذار 2019، أوقف مجددا بتهمة “إطالة اللسان” بسبب منشور على فيسبوك وأدين في أبريل/نيسان، حيث قضى عاما في السجن.
المضايقات
فرضت الأجهزة الأمنية، ولا سيما المخابرات العامة، قيودا تعسفية ودون أي أساس قانوني واضح على المواطنين انتقاما منهم لتحدثهم علنا أو خوض أنشطة سياسية، بما يشمل تقييد قدرتهم على العمل، والسفر، واستصدار وثائق رسمية. في معظم الحالات لا يوجد دليل رسمي كالوثائق القضائية التي تنص على وجوب اتخاذ أي إجراء ضدهم.
تواصلت هيومن رايتس ووتش مع 42 ناشطا سياسيا أردنيا وطلبت منهم تقديم ردود مكتوبة على استبيان حول تجاربهم مع الأجهزة الأمنية. تمكنوا من تقديم ردودهم دون الكشف عن هويتهم لتجنب الانتقام. رغم أن معدلات المضايقات الموجودة في الاستطلاع لا يمكن تعميمها على جميع النشطاء الأردنيين، إلا أن الردود تشير إلى أنماط مشتركة.
جميع المستجيبين، باستثناء واحد، قالوا إنهم تم استدعاؤهم واستُجوبوا بشأن نشاطهم السياسي من قبل الأجهزة الأمنية، بما فيها المخابرات العامة، والأمن الوقائي، والمحافظون. قال 12 إن السلطات استدعتهم أكثر من عشر مرات عبر وسائل مختلفة، منها الهاتف، أو من خلال الأقارب البعيدين والأصدقاء، أو أثناء زيارة هيئة حكومية رسمية.
في بعض الحالات، سلّمت السلطات وثائق استدعاء النشطاء للاستجواب إلى أقاربهم أثناء زيارة هؤلاء الأقارب مقرات حكومية للقيام بأعمال أخرى. قال 19 إنهم أُمروا أثناء الاستجواب بوقف نشاطهم السياسي. قال 31 منهم إنه، بعد استجوابهم، أمرتهم السلطات بالبقاء على اتصال بجهاز الأمن.
فرضت الأجهزة الأمنية منع سفر على عدة نشطاء دون تفسير، أو صادرت جوازات سفرهم أو جوازات سفر أفراد عائلاتهم في المطار أثناء محاولتهم هم أو أقربائهم مغادرة البلاد أو العودة إليها، ما يشير بقوة إلى أن القيود كانت تعسفية.
قال 19 إنهم فقدوا وظائفهم بسبب مضايقات الأجهزة الأمنية بحقهم هم أو أصحاب عملهم، وقال 16 إن الأقارب والأصدقاء تعرضوا للتهديد إما بفقدان وظائفهم أو بمزيد من المضايقات.
قال 17 إنهم واجهوا صعوبات في الحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك، وهي وثيقة صادرة عن المخابرات العامة تشير إلى أن سجلّهم خال من الجرائم، وهي ضرورية لطلبات العمل والتأشيرة والإقامة، بينما قال تسعة آخرون إنهم واجهوا صعوبات في الحصول على سجل جنائي خال بسبب إدانات المحكمة السابقة. قال تسعة إنهم واجهوا مشاكل في تجديد الوثائق الرسمية، مثل جوازات السفر، وبطاقات الهوية، ورخص القيادة.
دراسات الحالة
في يناير/كانون الثاني 2022، وثّقت هيومن رايتس ووتش حالة أحد نشطاء الحراك الذي مُنع من السفر ثلاث مرات، مرتان في يوليو/تموز 2019 ومرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021. بناء على رواية الناشط، قال له المسؤولون في مطار الملكة علياء الدولي في كل مرة إن المخابرات العامة أمرت بمنعه من السفر. بين 2017 و2021، احتجزته السلطات وحاكمته أربع مرات بتهم تتعلق بحرية التعبير والتجمع، منها “إطالة اللسان” ضد الملك والملكة.
في 2021، قضت “محكمة جنايات السلط” بسجنه ثلاثة أشهر لمقاومته موظف حكومي أثناء تأدية عمله، أثناء مشاركته في احتجاجات بمحافظة السلط بعد نفاد الأكسجين في مستشفى المدينة، ما أدى إلى وفاة ستة أشخاص على الأقل مصابين بفيروس كورونا وموضوعين على أجهزة التنفس. وقدم محامي الناشط طلبين لاستبدال العقوبة بغرامة. رفضت المحكمة الطلبين، وبدأ يقضي عقوبة سجنه في فبراير/شباط 2022.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، قابل باحثو هيومن رايتس ووتش فنانا يعيش حاليا في المنفى، وأعماله السياسية الساخرة معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي. قال إن المخابرات العامة استدعته مرتين في وقت سابق من ذلك الشهر بينما كان في الأردن. قال إنه في جلستي استجواب مطولتين، استجوبه عناصر المخابرات حول ثمانية على الأقل من أعماله الفنية المنشورة التي انتقدت قانون الانتخاب الأردني والانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلال تفشي فيروس كورونا.
قال إن خمسة عناصر مخابرات على الأقل كانوا حاضرين أثناء الاستجواب وضغطوا عليه لتحديد الجهات المحلية والدولية والأفراد الذين دعموا عمله. قال إن سلطات المخابرات هددته بالملاحقة القضائية بتهم مثل التحريض على مقاطعة الانتخابات و”إطالة اللسان” ضد الملك وإهانة مسؤولين كبار. قال إن المخابرات العامة طلبت منه عدم نشر أعمال فنية تنتقد الدولة ومؤسساتها، والحصول على موافقة ضباط المخابرات قبل نشر أي عمل آخر.
الناشط السياسي الذي أوقف في أبريل/نيسان 2021 قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المخابرات العامة استدعته أربع مرات بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول 2021 لاستجوابه بشأن نشاطه السياسي. قال أيضا إنه في مايو/أيار 2020، منعت السلطات شقيق أخته من السفر مع القوات المسلحة الأردنية، التي هو عضو فيها، وحرمته من الموافقة الأمنية المطلوبة. قال إنه طُلب من صهره أن يطلب منه زيارة مقر المخابرات العامة كجزء من إجراءات الموافقة الأمنية التي يحتاج إليها الأخير.
قال: “[السلطات] ينقلون صدامك معهم إلى صدام مع مجتمعك – لا يبقى شخصيا”.
القيود على حرية تكوين الجمعيات والتجمع
في 2020 و2021، استهدفت السلطات الأردنية مجموعات منظمة مثل النقابات المهنية والأحزاب السياسية باستخدام أسس قانونية مشكوك فيها لوقف عملها، ما خلق قيودا خطرة على حرية تكوين الجمعيات.
ثمة قوانين أردنية عدة تقيّد حرية تكوين الجمعيات، بما فيها “قانون العمل” لعام 1966، الذي يحد من القدرة على تكوين النقابات العمالية بحرية، و”قانون الجمعيات” لعام 2008، الذي ينظم تشكيل المنظمات غير الحكومية وعملها.
تفرض السلطات الأردنية شروطا مرهقة للموافقة على تلقّي المنظمات غير الحكومية التمويل الأجنبي. في أواخر 2019، أنشأت السلطات الأردنية لجنة مركزية تحت إشراف رئاسة الوزراء للتدقيق في طلبات التمويل الأجنبي والموافقة عليها، لكن ممثلي الدول المانحة ومنظمات غير حكومية محلية قالوا لـ هيومن رايتس ووتش في 2022 إن اللجنة لم تفعل شيئا يُذكر لتخفيف القيود. في سبتمبر/أيلول 2022، تقدمت المنظمة غير الحكومية المحلية “شبكة الإعلام المجتمعي” بشكوى لدى المركز الوطني لحقوق الإنسان بشأن الرفض التعسفي من السلطات لمنحة من وكالة التنمية الألمانية بقيمة 25 ألف دينار أردني (35,200 دولار أمريكي) لإنتاج حملة توعية بشأن إعادة تدور النفايات.
النقابات المهنية
في يوليو/تموز 2020، داهمت الشرطة نقابة المعلمين الأردنيين، وهي نقابة عمالية مستقلة منتخبة، واعتقلت أعضاء مجلس إدارتها، ثم حلّت النقابة. وقعت المضايقات بعد فترة وجيزة من الخلافات البارزة بين الحكومة والنقابة حول رواتب معلمي المدارس الحكومية. وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة أثناء العملية وإجراءات انتقامية ضد مئات الأعضاء.
في يوليو/تموز 2021، قضت “محكمة جنايات عمان” بأن نائب رئيس النقابة ناصر النواصرة غير مذنب بالتهم الثلاث. من هذه التهم “إذاعة أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة” في مخالفة لأحكام المادتين 1/132 و2/80 من “قانون العقوبات”. و”التهديد بإنزال ضرر غير محق” في مخالفة للمادة 354 من قانون العقوبات، بالرجوع إلى المادة 15 من “قانون الجرائم الإلكترونية”.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أحالت السلطات عشرات المعلمين إلى التقاعد المبكر، ومنعت مجلس الإدارة السابق وأعضاء النقابة من الاحتجاج أو عقد مؤتمر صحفي. في يونيو/حزيران 2022، وافقت محكمة على طلب وقف الملاحقة بحق أعضاء من النقابة لكن أيّدت قرار حلّها الصادر في 2022.
في مايو/أيار 2020، استقال 11 عضوا من مجلس إدارة “نقابة الأطباء الأردنية” بعد قرار حكومي في أبريل/نيسان بتجميد جميع زيادات رواتب القطاع العام بسبب فيروس كورونا. في يونيو/حزيران 2020، وافق مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء عمر الرزاز على حل المجلس بناء على المادة 75 من قانون نقابة الأطباء لعام 1972، والتي تنص على أنه يجوز لمجلس الوزراء، بناء على توصية من وزير الصحة، حل مجلس النقابة “لمقتضيات الأمن والسلامة العامة”. عيّن مجلس الوزراء بعدها لجنة برئاسة وزير الصحة لقيادة النقابة. أيدت محكمة إدارية عليا القرار.
في يونيو/حزيران 2021، قابلت هيومن رايتس ووتش عضوين سابقين في مجلس الإدارة، قالا إنهما استقالا لأن طلباتهما المتكررة بعقد اجتماعات لمناقشة قرار وقف الزيادات لموظفي القطاع العام قد رُفضت، ما منعهما من أداء مهامهما كما يجب.
قال كلاهما إنه خلال فترة عضويتهما في مجلس الإدارة، قبل انتشار فيروس كورونا، تدخل عناصر المخابرات العامة بشكل متكرر في عمل النقابة. عندما ركز جدول أعمال المجلس على الإصلاحات المتعلقة بحقوق العمل للأطباء الأردنيين، بحسب ما قال أحد أعضاء مجلس الإدارة، تلقيا مكالمات من عناصر المخابرات العامة مباشرة بعد الاجتماعات لاستجوابهما حول آرائهما حول المطالب المتعلقة بإصلاحات العمل. قال كلاهما إنه في عام 2019، أمرهما عناصر المخابرات العامة بعدم المشاركة في الاحتجاجات المزمعة لمجلس الإدارة دعما لأزمة نقابة المعلمين لعام 2019. قال أحدهما إنهما بعد المشاركة، أرسل إليهما عنصر مخابرات صورة لهما وهما يتظاهران.
الأحزاب السياسية
في منتصف 2022، وافق المشرعون الأردنيون على نسخة جديدة من “قانون الأحزاب السياسية” بناء على توصية من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. بموجب القانون، يُنقل تسجيل الأحزاب السياسية والإشراف عليها من وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى “الهيئة المستقلة للانتخابات”، لكن يحافظ القانون على نصوص فضفاضة يمكن أن تستخدمها السلطات لتقييد الأحزاب السياسية.
في 7 يناير/كانون الثاني 2021، مثلا، رفعت الوزارة دعوى أمام محكمة الاستئناف لحل “حزب الشراكة والإنقاذ”، وهو حزب سياسي مسجل منذ عام 2018، وقدمت طلبا عاجلا لإيقاف عمل الحزب وأنشطته خلال النظر في الدعوى. استند إجراء الوزارة إلى المادة 34 (ب) من قانون الأحزاب السياسية لعام 2015، والتي تسمح لمحكمة الاستئناف بحل الأحزاب السياسية إذا خالفت أيا من أحكام القانون ولم تصوّب المخالفة خلال 30 يوما من تاريخ تلقيها الإشعار من اللجنة.
راجعت هيومن رايتس ووتش وثائق المحكمة التي قدمها محامي الحزب والتي تظهر أن لجنة شؤون الأحزاب، التابعة للوزارة والمسؤولة عن الرقابة على الأحزاب السياسية، زعمت في الدعوى المقدمة أن الحزب ارتكب ستة انتهاكات إدارية وإجرائية. وقالت الوثائق إن الحزب الذي قدم موازنته السنوية لعام 2018 متأخرا، لم يبلغ عن رواتب موظفي الحزب، أو يقدم نسخا مصدقة عن عقود إيجار الحزب، أو أي كشوف مصرفية. لا يبدو أن القانون يتطلب هذه الوثائق. في دفاعه أمام المحكمة، قدم الحزب وثائق تظهر أنه قدم تقارير الميزانية خلال الفترة القانونية.
في 4 مايو/أيار 2021، رفضت محكمة الاستئناف القضية وألغت قرار وقف عمل الحزب خلال المحاكمة.
واستنادا إلى تقارير إعلامية محلية، سبق للجنة شؤون الأحزاب أن أحالت ثلاثة أحزاب سياسية إلى المحاكم، والتي بدورها حلّت الأحزاب على خلفية مخالفة القوانين والسياسات الإدارية والمالية. كان أبرزها قرار محكمة التمييز لعام 2020 بحل “حزب جبهة العمل الإسلامي”، الجناح السياسي لـ “الإخوان المسلمين” في الأردن.
بناء على مراجعة هيومن رايتس ووتش للوثائق العلنية للمحكمة، احتجزت السلطات في منتصف 2020 عضوين كبيرين من حزبين سياسيين بارزين ولاحقتهما بسبب منشورات تعبر عن آراء سياسية على وسائل التواصل الاجتماعي. وتشير وثائق المحكمة إلى أنه وُجِّهت إلى أحدهما تهمة “إذاعة أخبار تنال من هيبة الدولة” بسبب منشور على الإنترنت ينتقد الاحتفال بعيد الاستقلال. وجدت محكمة جنايات عمان في مايو/أيار 2021 أن “فعله لا يشكل جرما ولا يستوجب عقابا”. في الحالة الأخرى، اتهمت السلطات عضوا بارزا في الحزب بـ “إطالة اللسان” ضد الملك، وتحقير رئيس دولة أجنبية بموجب المادة 122 من قانون العقوبات، بموجب المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية في كل من التهمتين. برّأته محكمة جنايات عمان من التهمتين في يونيو/حزيران 2021.
بشكل منفصل، قابلت هيومن رايتس ووتش أعضاء قياديين في حزبَين سياسيَّين، في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2021. قالوا إنه إلى جانب القيود التي يواجهونها بموجب قانون الأحزاب السياسية الحالي لعام 2015، غالبا ما تتعامل الأحزاب السياسية مع انتهاكات الأجهزة الأمنية، بما فيها الاستدعاءات والإجراءات التعسفية التي تشكل مضايقات.
قال زعيم سياسي إنه خلال العامين الماضيين، انسحب ما لا يقل عن 30 من أعضاء الأحزاب السياسية بسبب ضغوط السلطات. قال أيضا إن المخابرات فرضت إجراءات تعسفية على أعضاء حزبه، منها منع السفر، ومصادرة جوازات السفر، وعدم القدرة على الحصول على وثائق رسمية.
استُدعي أحد أعضاء حزب سياسي كشرط لحصوله على موافقة أمنية، ثم استُجوِب بعد أن تقدم بطلب للحصول على رخصة قيادة دراجة نارية. قال إنه سُئل عن أسباب عضويته في الحزب السياسي، وعن أعضاء معينين في الحزب، وعن النقاشات السياسية داخل الحزب. ولم يحصل على الموافقة الأمنية بعد الزيارة، ورفضت السلطات طلبَي الترخيص الآخرين، في أغسطس/آب 2021 ويناير/كانون الثاني 2022.
التوصيات
ينبغي للحكومة والبرلمان فورا تعديل الأحكام الإشكالية في قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015، وقانون العقوبات، وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 1964 تماشيا مع المعايير الدولية، بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، وإلغاء “قانون منع الجرائم”.
ينبغي لدائرة المخابرات العامة الالتزام بتعليمات الملك عبد الله الثاني الصادرة في فبراير/شباط 2021 بالالتزام بحدود صلاحياتها الاستخبارية ووقف جميع أشكال التدخل في إبداء آراء مخالفة أو المعارضة السياسية السلمية، بما يشمل الاحتجاجات السلمية أو غير ذلك من أشكال التعبير عن الاعتراض. ينبغي لدائرة المخابرات العامة أيضا احترام حقوق المتهمين وعدم إجبارهم على توقيع تعهدات.
ينبغي للحكومة وضع نظام للتحقيق المستقل والشفاف في مزاعم المضايقات من قبل عناصر المخابرات العامة ضد الناس وأفراد أسرهم وأصحاب عملهم وأقاربهم، بما فيها القيود التعسفية على السفر والعمل، والرجوع عن أي قيود تعسفية من هذا القبيل، ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه المضايقات.
ينبغي للحكومة أن تسمح بإنشاء نقابات عمالية مستقلة ومنتخبة في جميع المهن، والحد من الدور الرسمي في إنشاء وإدارة مثل هذه النقابات، والسماح بإعادة النقابات والأحزاب السياسية التي حُلّت تعسفا أو على أساس أحكام تعسفية وفضفاضة.
ينبغي لشركاء الأردن الدوليين إدانة جميع الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع في الأردن علنا وصراحة، وضمان أن يكون احترام هذه الحريات شرطا لجميع البرامج القائمة. وينبغي للمانحين الضغط من أجل تحقيق إصلاحات ملموسة في هذه المجالات وتتبّعها.