مرايا –

يحيي الأردن والعالم، الاثنين، يوم الأمم المتحدة العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف 20 شباط/ فبراير من كل عام، في وقت أكدت فيه منظمات أهمية العمل الجماعي في المملكة باتجاه تحقيق النمو الشامل الذي تنعكس آثاره على التنمية الكلية لفئات المجتمع كافة.

 

منتدى الاستراتيجيات الأردني، في ملخص سياسات بعنوان “أين يقف الأردن في مؤشر النمو الشامل على المستوى الإقليمي؟”، سلّط الضوء على موقع الأردن في مؤشر النمو الشامل الذي أطلقه صندوق النقد الدولي للمرة الأولى في 12 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2022، مشيرا فيه إلى أن النمو الشامل يعتبر مفهومًا في غاية الأهمية باعتباره أوسع وأكثر شمولية من مفهوم المساواة في الدخل أو الثروة.

 

وفيما يتعلق بأداء الأردن على المؤشرات الفرعية لمؤشر النمو الشامل، حصل الأردن على المرتبة الأفضل في مؤشر عدم المساواة في الدخل من بين 12 دولة عربية، وبدرجة بلغت 69 / 100.

 

أما في مؤشر الوصول إلى التعليم، فقد حصل الأردن على المرتبة الثامنة من بين 12 دولة عربية، وبدرجة بلغت 50 / 100. وفي مؤشر الوصول إلى الخدمات الصحية، جاء الأردن بالمرتبة الثامنة من بين 12 دولة عربية، وبدرجة بلغت 62 / 100.

 

أما في مؤشر الاشتمال المالي، جاء الأردن بالمرتبة السابعة على مستوى الدول العربية، وبدرجة بلغت 47 / 100. وفي مؤشر شمولية سوق العمل، جاء الأردن بالمرتبة السابعة من بين 12 دولة عربية، وبدرجة بلغت 40 / 100.

 

أما في مؤشر شمولية القطاع الخاص، فقد حصل الأردن على المرتبة الخامسة على مستوى الدول العربية، وبدرجة بلغت 46 / 100. وفيما يتعلق بمؤشر مشاركة الجنسين، فقد حصل الأردن على المرتبة 11 من بين 12 دولة عربية، وبدرجة بلغت 30 / 100. أما في مؤشر جودة الحوكمة، جاء الأردن بالمرتبة الرابعة على مستوى الدول العربية، وبدرجة بلغت 49 / 100.

 

وحدّد المنتدى مواطن ضعف أداء الأردن في جميع المؤشرات المدرجة ضمن هذه المؤشرات الفرعية، حيث أوصى لغايات تحسين أداء الأردن في مؤشر مشاركة الجنسين، بضرورة تحسين نسبة عمالة الإناث إلى إجمالي السكان ونسبة مشاركتهن الاقتصادية أيضًا، نظرًا لانخفاض هذه النسب بشكل استثنائي في الأردن مقارنةً بنسب الذكور.

 

وأشار المنتدى إلى ضرورة زيادة نسبة امتلاك الإناث للحسابات المصرفية، ونسبة المقاعد البرلمانية التي تشغلها النساء، كما أوصى المنتدى بضرورة النظر في المؤشرات المستخدمة في قياس مؤشر المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، حيث يتألف هذا المؤشر من ثمانية مؤشرات رئيسية تتمحور حول تفاعل النساء مع القانون منذ بداية مسيرتهن المهنية، وخلال تقدمهن فيها، إلى حين خروجهن من العمل.

 

ولغايات تحسين أداء الأردن في مؤشر الوصول إلى الخدمات الصحية، أوصى المنتدى بزيادة عدد أسرّة المستشفيات لكل 1,000 فرد. أما في مؤشر الوصول إلى التعليم، أشار المنتدى إلى ضرورة زيادة نسبة الالتحاق بالمدارس الثانوية، وذلك بالتوازي مع تحسين جودة التدريب المهني، ومتوسط عدد السنوات التي يقضيها الطالب على مقاعد الدراسة.

 

أما في مؤشر شمولية سوق العمل، أشار المنتدى إلى أهمية تخفيض نسب البطالة لفئة الشباب، من خلال تحسين السياسات الناظمة لسوق العمل وتوجيهها نحو تدريب الباحثين عن العمل، ورفع مستوى مهاراتهم لزيادة فرصهم في التوظيف.

 

وبالنسبة لمؤشر الاشتمال المالي، أوصى المنتدى بتعزيز العمل على زيادة نسبة الأردنيين الذين يمتلكون حسابات مصرفية (بمفردهم أو مع آخرين)، كما أوصى المنتدى بضرورة رفع نسبة الاشتمال المالي بين فئة الأفقر 40% من المجتمع الأردني.

 

وأشار المنتدى إلى أن جعل النمو أكثر شمولية هو ضرورة اقتصادية، وواجب أدبي وأخلاقي على الجميع. وعليه، أوضح المنتدى بأن التوافق بين تحسين شمولية النمو بمختلف أبعاده سيساعد الاقتصاد على استغلال كامل إمكاناته، وتخصيص موارده بشكل أمثل، وتعزيز قدرته ومنعته في مواجهة الصدمات.

 

وأكد المنتدى على أهمية العمل الجماعي باتجاه تحقيق النمو الشامل الذي تنعكس آثاره على التنمية الكلية لفئات المجتمع كافة.

 

وأشار المنتدى إلى ضرورة النظر في المؤشرات الفرعية التي يتم بموجبها احتساب مؤشر النمو الشامل، والعمل على تحسين تلك المؤشرات، وبالأخص الأضعف منها. وبحسب المنتدى حول المؤشرات التي جاء فيها ترتيب الأردن ضعيفًا من بين 12 دولة عربية، فقد تمثلت في؛ مؤشر مشاركة الجنسين (11)، والوصول إلى الخدمات الصحية (8)، والوصول إلى التعليم (8)، وشمولية سوق العمل (7)، والاشتمال المالي (7).

 

وأوضح المنتدى بأنه يتكوّن من 4 محاور رئيسية وهي؛ تقاسم المنافع، والمشاركة، والفرص، والتمكين. ولغايات قياس مدى شمولية النمو، بيّن المنتدى بأن هذه المحاور الأربعة الرئيسية تتضمن ثمانية مؤشرات فرعية مصنفة بدرجة من 0 (الأضعف) إلى 100 (الأفضل).

 

وبحسب المنتدى، يندرج تحت محور تقاسم المنافع مؤشر عدم المساواة في الدخل. أما محور الفرص، فهو يتضمن مؤشرات الوصول إلى التعليم، الوصول إلى الخدمات الصحية، والاشتمال المالي. وفيما يخص محور المشاركة، فهو يتضمن شمولية سوق العمل، وشمولية القطاع الخاص، ومشاركة الجنسين. في حين يتضمن محور التمكين مؤشر جودة الحوكمة.

 

وفيما يخص أداء الدول العربية على المؤشر الكلي، بيّن المنتدى بأن دولة الإمارات قد جاءت بالمرتبة الأفضل من بين 12 دولة عربية، حيث حصلت على درجة بلغت 67 / 100. أما بالنسبة للدولة ذات الأداء الأضعف، فقد جاء اليمن بالمرتبة الأخيرة على مستوى الدول العربية، وبدرجة بلغت 22 / 100. أما بالنسبة لأداء الأردن، فقد جاء بالمرتبة السادسة من بين 12 دولة عربية مشمولة في المؤشر، وبدرجة بلغت 49 / 100.

 

– تراجع “ملموس” في مسارات العدالة –

 

المرصد العمالي الأردني طالب بضرورة الاستثمار في الحمايات الاجتماعية بشكل يضمن تعزيز مسارات العدالة الاجتماعية التي تراجعت بشكل ملموس خلال العقود الماضية، مؤكدا أن العدالة الاجتماعية هي المدخل الأساس لتمكين الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي كفلتها مختلف الشرائع الإنسانية والمنظومة العالمية لحقوق الإنسان، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتشكل أداة أساسية لتعزيز مختلف القطاعات الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي الشمولي الملموس.

 

وأشار المرصد إلى أن مظاهر ضعف العدالة الاجتماعية في الأردن عديدة، وفرص الوصول إلى الموارد التي تمكن أفراد المجتمع كافة من العيش بكرامة تتراجع سنة بعد سنة. إذ لاحظ الارتفاع الكبير في معدلات البطالة وبخاصة بين الشباب والنساء، وانخفاض مستويات الأجور وعدم فاعلية سياسات العمل بعامة والتشغيل بخاصة، إلى جانب ارتفاع مستويات الأسعار وضعف جودة التعليم والرعاية الصحية، وهشاشة منظومة الحماية الاجتماعية وعدم شموليتها.

 

ولفت المرصد النظر إلى أن مظاهر ضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية وتفاقم مظاهر التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية، نجمت عن جملة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تمثلت في فرض منظومة ضريبية غير عادلة، باعتراف الحكومة نفسها، حيث تشكل الإيرادات الضريبية غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية) ما يقارب ثلاثة أرباع مجمل الإيرادات الضريبية، وهي لا تميز بين فقير وغني، ما ساهم بشكل كبير ولافت في رفع مستويات الأسعار وتكاليف المعيشة وبالمقارنة مع الدول الأخرى التي تزيد فيها مستويات الدخول أضعاف مستوياتها في الأردن.

 

وأوضح أن ضريبة الدخل المعمول بها في الأردن هي غير تصاعدية بشكل كامل؛ فهي تصاعدية على الطبقة الوسطى فقط، وثابتة على أصحاب الدخول العالية أكانوا أفرادا أو شركات.

 

وأشار إلى أن السياسات الحكومية الناظمة للحماية الاجتماعية تقوم على توفير دخول منخفضة جدا للفقراء، ولا تعمل على الحؤول دون وقوع المزيد من المواطنين في دائرة الفقر، لذلك نشهد بشكل مستمر ارتفاعا في معدلات الفقر التي وصلت، حسب الحكومة، إلى “ما يقارب 24%، وإلى 35% حسب البنك الدولي”، وفق المرصد.

 

وأكد المرصد أن القرارات الحكومية الأخيرة بعدم رفع الحد الأدنى للأجور ولسنوات مقبلة، والتعديلات التي اقترحتها على قانون الضمان الاجتماعي التي ستحرم الشباب من بعض التأمينات التي يوفرها قانون الضمان الاجتماعي، وعدم تطوير أدوات تأمينية جديدة تضمن شمول جميع العاملين في الأردن بمنظومة الضمان الاجتماعي، ستُضعف أكثر فأكثر العدالة الاجتماعية في الأردن.

 

وحذر المرصد من أن استمرار العمل بهذه السياسات سيضعف تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وسيهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وسيضعف كذلك فرص تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام قادر على توليد فرص عمل لائقة، التي تعد الهدف الأساس لرؤية التحديث الاقتصادي التي أقرت أخيرا، وسيضرب عرض الحائط المرتكزات والأهداف الأساسية للاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة في عام 2019.

 

وطالب المرصد الحكومة بضرورة إعادة النظر بمجمل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والتوجه نحو الاستثمار بالحمايات الاجتماعية بمختلف أبعادها، وزيادة فاعلية الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والتشغيل، ومراجعة السياسات الضريبية لتكون أكثر عدلا بتخفيض الضريبة العامة على المبيعات وفرض مبدأ التصاعدية على ضريبة الدخل على الأفراد والشركات، إلى جانب زيادة مستويات الأجور لتعزيز الطلب المحلي، الذي هو أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.

 

– نحو عمل لائق –

 

أكد الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، أن حماية حقوق العمال، والحفاظ عليها من التجاوزات، وتوفير معايير العمل اللائق في شتى القطاعات الاقتصادية وميادين العمل، يسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ويوفر الحياة الكريمة لأبناء الوطن كافة.

 

وقال إن تحسين منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين، وشروط العمل وبيئته من شأنه أن يرتقي بالعدالة الاجتماعية على الصعيد الوطني، وذلك من خلال تطوير قدرات الاقتصاد وتعزيز عجلة الإنتاج، ما ينعكس إيجابا على أبناء الوطن بالاستفادة من مكتسبات التنمية الاقتصادية وتقليل فجوة غياب العدالة الاجتماعية بينهم.

 

وأضاف الاتحاد، أن التجاوز على الحقوق العمالية وغياب معايير العمل اللائق ضمن بيئة العمل، يُعد من مظاهر ضعف العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى آثار سلبية، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كاتساع دائرة الفقر وزيادة معدلات البطالة على نحو أكبر.

 

وطالب الاتحاد، بضرورة ترسيخ مفاهيم العمل اللائق وإزالة أشكال التمييز كافة وغياب العدالة ضمن بيئة العمل، والسعي نحو تطوير منظومة الحماية الاجتماعية وتعزيز الحمايات الاجتماعية التي تقدمها، مبينا أهمية ذلك في الوصول إلى العدالة الاجتماعية.

 

وأشار الاتحاد إلى أن النقابات العمالية المنضوية تحت مظلته تسعى لتحسين شروط العمل وتحقيق مكتسبات للعمال الذين تمثلهم إيمانا منها بتوفير الحياة الكريمة لهم وتحقيق خطوات على طريق العدالة الاجتماعية المنشودة.