مرايا –
حصل الأردن على مرتبة “ضعيفة جدا” في مؤشر مدركات المناخ، حيث حلّ في المرتبة 108 عالميا، في المؤشر الصادر عن منظمة الـ “Social Progress Imperative” لعام 2022، الذي يستند إلى دراسة استقصائية لقياس انطباعات الأفراد في 109 دول، بحسب ما نقل منتدى الاستراتيجيات الأردني.
ووفقا لذلك، حلّ الأردن في المرتبة قبل الأخيرة عالمياً في مؤشر مدركات المناخ، وحصل على درجة كلية 36.2 / 100، بحسب ما أصدر المنتدى في ورقة ضمن سلسلة المعرفة قوة بعنوان “يوم الأمم المتحدة العالمي للأرض: لنجعله يوماً يستحق الاحتفال في الأردن”، بمناسبة يوم الأمم المتحدة العالمي للأرض، الذي يصادف 22 نيسان من كل عام.
ويهدف المؤشر إلى قياس مستوى وعي الأفراد حول التغير المناخي، والمخاطر المرتبطة به، ومدى التزامهم بالعمل نحو الحد من هذه المخاطر، حيث أوضح المنتدى بأن نتائج هذا المؤشر تساعد صانعي السياسات أيضاً على تركيز جهودهم نحو حشد الدعم العام لأجندة العمل المناخي في جميع أنحاء العالم.
وفيما يتعلق بأداء الأردن على محاور المؤشر، بيّن المنتدى بأن أداء الأردن الضعيف قد جاء انعكاساً لضعف أدائه في محاور المؤشر الثلاث، حيث جاء بالمرتبة 104 / 109 في محور التوعية، والمرتبة 108 / 109 في محور الالتزام بالعمل، كما جاء بالمرتبة الأخيرة من بين 109 دولة في محور إدراك المخاطر.
وفي الورقة، أشار المنتدى إلى التقرير التقييمي السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في آذار عام 2023، حيث يلخص هذا التقرير أحدث المعارف حول التغير المناخي، والآثار والمخاطر الأكثر انتشاراً، وكيفية التخفيف منها والتكيّف معها.
وبحسب التقرير، بيّن المنتدى بأن التغيّر المناخي قد تسبب بآثار سلبية وخسائر وأضرار واسعة النطاق للطبيعة والناس، حيث توزّعت هذه الآثار بشكل غير متساو عبر الدول، والأقاليم، وحتى القطاعات الاقتصادية، وبالنسبة للقطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً، فهي تشمل كلا من الزراعة، والطاقة، والسياحة.
وبحسب المنتدى فيما يتعلق بنتائج المؤشر لعام 2022، كانت البرتغال الدولة الأفضل أداءً بين 109 دول، حيث حصلت على درجة كلية بلغت 68.5 / 100. تلتها في الترتيب كلاً من تشيلي، والمكسيك، وكوستاريكا، والبرازيل على التوالي.
أما فيما يتعلق بمختلف الدول المتقدمة، أوضح المنتدى بأنها لم تحرز نتائجاً جيدة في المؤشر، حيث يمكن الاستدلال على ذلك من خلال تجاوز مرتبة الهند البالغة 42 / 109، لمرتبة كل من النرويج (87 / 109)، وهولندا (80 / 109)، وفنلندا (68 / 109)، وأميركا (60 / 109).
وبالنسبة لأداء الدول العربية على المؤشر، فقد كانت جميعها ضعيفة. فرغم تصدر الإمارات من بين 13 دولة عربية شملها المؤشر، إلا أن مرتبتها ضعيفة نوعا ما، حيث حصلت على ترتيب 78 / 109 على المستوى العالمي. وقد جاءت اليمن بالمرتبة الأخيرة على المؤشر وبدرجة كلية 30.6 / 100.
وفي سياق الأداء الضعيف لجميع الدول العربية في مؤشر مدركات المناخ، أشار المنتدى إلى نتائج الاستطلاع السنوي الـ26 الذي تجريه شركة الاستشارات العالمية “PricewaterhouseCoopers”، والذي شمل استطلاع رأي حوالي 4,410 من الرؤساء التنفيذين حول العالم في عام 2023.
وبالنسبة لنتائج هذا الاستطلاع، بيّن المنتدى بأن 50% من الرؤساء التنفيذيين يرون بأن مخاطر التغيّر المناخي سيكون له أثر على تكاليفهم في السنة المالية 2023. واستعداداً لمواجهة مخاطر التغيّر المناخي، بيّن المنتدى بأن 66% من الرؤساء التنفيذين الذين شملهم الاستطلاع، قد أشاروا بأن شركاتهم قد “أنهت العمل” أو في “مرحلة انهاء العمل” على مبادرات من شأنها تخفيض الانبعاثات.
كما صرّح 61% من الرؤساء التنفيذين الذين شملهم الاستطلاع، بأن شركاتهم قد “أنهت ” أو “قيد الإنهاء” من اختراع منتجات أو عمليات صديقة للبيئة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد بيّن التقرير بأن 58% من الرؤساء التنفيذين الذين شملهم الاستطلاع، أشاروا بأن شركاتهم قد “طورت” أو “بصدد تطوير” استراتيجيات تساهم في الحد من الانبعاثات والتخفيف من مخاطر التغيّر المناخي.
وفي سياق متصل، أشار المنتدى أيضاً لورقة بحثية ثانية نشرتها مؤخرا شركة ماكينزي العالمية للاستشارات في آذار عام 2023، تحت عنوان “الاستثمار في المناخ: الاستمرار في تحقيق النمو خلال أوقات عدم اليقين”. وبحسب المنتدى، فإن الاستثمارات في المشاريع الصديقة للبيئة قد شهدت نمواً كبيراً في تكوين رأسمالها خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت قيمة الاستثمارات من 2 مليار دولار في عام 2012 إلى 271 مليار دولار في عام 2022.
وعليه، أشار المنتدى إلى أن الارتفاع في قيمة هذه الاستثمارات قد جاء نتيجةً لإطلاق المستثمرين في أسواق الأسهم الخاصة لما يزيد عن 330 صندوقاً جديداً يهدف إلى تعزيز الاستدامة والأثر (البيئي والاجتماعي والحوكمة (ESG)) منذ عام 2019 حتى نهاية عام 2022.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار المنتدى إلى أنه اعتباراً من تشرين الثاني 2022، اقترحت أو وضعت حوالي 140 دولة أهدافا صفرية من شأنها أن تحد مما يقارب 90% من الانبعاثات في العالم. كما تعهدت 111 دولة بخفض انبعاثات غاز الميثان وفقاً للمبادرة التي أطلقتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ في غلاسكو (COP26) عام 2021.
وفي ختام الورقة، أكّد المنتدى على أن قضية “تغيّر المناخ” تعتبر القضية الأكثر إلحاحاً في مواجهة البشرية اليوم. ونظراً لتنامي تداعيات التغيّر المناخي وآثاره الممتدة عالمياً، شدد المنتدى على أن التصدي لمخاطر التغيّر المناخي يتطلب جهوداً مكثفة من كافة الحكومات في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى العمل المشترك مع القطاع الخاص.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد أشار المنتدى إلى ضرورة توعية عامة الناس بخطورة هذه القضية واتخاذهم الإجراءات الضرورية لتغيير نمط حياتهم من أجل التخفيف من آثار التغير المناخي، والتصدي لمخاطره، والتكيف معه. كما أكّد المنتدى على أن عموم الناس قادرون على إعطاء هذه القضية أولوية في العمل، ودعم السياسات التي تخفف من آثارها.
وبالنظر إلى ضعف أداء الأردن على مؤشر مدركات المناخ لعام 2022، شدد المنتدى على ضرورة تكاتف جهود جميع المعنيين للعمل على زيادة وعي الناس وإدراكهم لخطورة قضية التغيّر المناخي، وحثهم على العمل للحد من تلك المخاطر من خلال مختلف الوسائل كالإعلام والتعليم.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير المنتدى إلى أنه خلال الأعوام 2010 -2020، كان معدل الوفيات البشرية الناتجة عن الفيضانات والجفاف والعواصف أعلى بما يعادل حوالي 15 مرة في المناطق الشديدة التأثّر بالتغيّر المناخي مقارنة بالمناطق الأقل تأثّراً.
وفي سياق متصل، أوضح المنتدى بأن معظم استجابات التكيّف مع التغيّر المناخي مجزأة وتتبع نمطاً تدريجياً في قطاعات محددة، كما أن توزيع هذه الاستجابات يتفاوت من منطقة جغرافية إلى أخرى. وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في الاستجابة لتداعيات التغيّر المناخي، إلا أن المنتدى قد أوضح بأن فجوات التكيّف في القطاعات الاقتصادية والأقاليم ما زالت متفاوتة وتزداد اتساعاً، وخاصةً بين الفئات ذات الدخل المنخفض.
وأشار المنتدى إلى بعض المعلومات الصادرة عن الأمم المتحدة، حيث أكّد على ضرورة المحافظة على مناخ قابل للحياة من خلال التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030، وإلى الصفر بحلول عام 2050.
وشدد المنتدى على أهمية اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة وواسعة النطاق من قبل الحكومات وشركات القطاع الخاص على حد سواء، مشيراً إلى أن الانتقال إلى عالم منخفض الكربون يتطلب أيضاً مشاركة فاعلة من المواطنين.
وبالإضافة إلى ذلك، وفي هذا السياق، أكّد المنتدى على قدرة جميع الأفراد على المساعدة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والعناية بكوكب الأرض، وذلك لاعتبارهم جزءاً من الحل من خلال تبنّيهم لخيارات أقل ضرراً على البيئة. مبيناً أن معالجة قضية التغيّر المناخي تتطلب جهوداً مكثّفة من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم. كما تتطلب من عامة الناس بأن يدركوا بأنها قضية خطيرة، وبالتالي العمل على دعم السياسات العامة التي تحد من مخاطر التغيّر المناخي، والمبادرة بتغيير نمط حياتهم للحد من مخاطرها.
وبالنسبة لإطار عمل المؤشر، فقد بيّن المنتدى بأن مؤشر مدركات المناخ يتكوّن من 12 سؤالا يتم إدراجهم ضمن ثلاثة محاور رئيسية. وهي كل من محور التوعية، ومحور إدراك المخاطر، ومحور الالتزام بالعمل. وبالنسبة لمحور التوعية، فهو يقيس مستوى المعرفة حول قضية التغيّر المناخي، ومدى الاعتقاد بأنها ظاهرة حقيقية، ومدى تردد الأخبار حولها. أما المحور الثاني، فيقيس محور إدراك المخاطر، والمتمثل بمدى إدراك الأفراد لمخاطر التغيّر المناخي.
وفيما يخص المحور الثالث وهو محور الالتزام بالعمل فيقيس مدى رغبة الأفراد في تبني سلوكيات صديقة للبيئة.