شخَّص جلالة الملك عبد الله الثَّاني سبب ما جرى ويجري في غزَّة وفلسطين من مآسٍ طيلة أكثر من سبعة عقود هو انتهاج إسرائيل عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وسلب الفلسطينيين حقوقهم وغالبية ضحايا هذه العقلية الأطفال والنساء والشيوخ.

وفي كلمة جلالته أمام قمَّة الرِّياض يرى سياسيون ومحلِّلون أن حديث جلالته ركَّز على جذور المشكلة، وانَّ عقلية القلعة ذاتها كما قال جلالته هي التي تقوم الان بتحويل قطاع غزَّة إلى مكان غير صالح لمعيشة البشر، باستهداف الأطفال والمستشفيات ودور العبادة والكنائس والمساجد وكل شيء في مرمى الدَّمار.

وأشاروا في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم السبت إلى أنَّ جلالته كان واضحًا وحازمًا بأن عدم رفع الظلم الواقع على الفلسطينيين اليوم وكل يوم هو دليل على فشل المجتمع الدّولي، وهذا الفشل لن يجلب إلا مزيدا من التطرف والكراهية والمآسي والضَّحايا الأبرياء، وسيدفع العالم الثَّمن داعيا جلالته الى بناء تحالف سياسي لوقف الحرب والتهجير فورا، والبدء بعملية سلام جادة في الشرق الأوسط وعدم السماح بإعاقتها تحت أي ظرف.

وقال النَّائب الأسبق وأستاذ العلوم السِّياسية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القطاطشة، إنَّ الخطاب السياسي الاردني وعلى لسان أعلى من في الدولة جلالة الملك عبد الله الثاني كان يؤكد أنَّ المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار إلا بقيام دولة فلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967 .

وبين أنَّ الملك عبدالله كان أول من دعا مباشرة الى وقف إطلاق النار وأن يكون هناك حلا جذريا بإقامة الدولة الفلسطينية ولكن هذه الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو قامت باستخدام عملية تطهير عرقي وممنهج وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وللأسف فان دولًا كبرى أيضًا قامت بدعم هذا الكيان دون أي شروط.

وأكد أنّه وفي مؤتمر القمة العربي والذي افتتح اليوم فان ما تحدث به الملك يعبر عن رؤية الأردن الاستراتيجية بإيقاف العدوان ومنع التهجير وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية وهذا هو موقف الأردن الثابت منذ بدء الأزمة وقبلها.

بدوره، قال النائب السابق الدكتور هايل الدعجة عاد جلالة الملك في قمة الرياض ليؤكد على الثوابت الأردنية في التعاطي مع القضية الفلسطينية التي جسدت مسارا يضمن السير فيه أمن المنطقة واستقرارها، تماهيا مع الرؤية الملكية التي طالما وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية والقانونية في ترجمة قراراته ومرجعياته على أرض الواقع، بما يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقا لحل الدولتين، بوصف ذلك هو السبيل الوحيد للاستقرار والخروج من دوامة الظلم والعنف التي يشهدها قطاع غزة هذه الأيام والتي وصلت حدا من البشاعة والإبادة الجماعية على مرأى من دول العالم على يد آلة الدمار والقتل الإسرائيلية، والتي لم تبدأ في السابع من الشهر الماضي، بل هي امتداد لأكثر من سبعة عقود سادت فيها عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات والحقوق التي تسيطر على تفكير الكيان الإسرائيلي، والتي من شأنها الدفع إلى صدام كبير في المنطقة تطال نتائجه العالم .

وأشار إلى أنَّ جلالة الملك حمَّل المجتمع الدولي مسؤولية ذلك بسبب فشله في إنصاف الشعب الفلسطيني وضمان حقوقه، مؤكدا أهمية بناء تحالف سياسي لوقف الحرب والتهجير والبدء في عملية سلام جادة في المنطقة لإيجاد أفق سياسي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية.

السَّفير السابق زياد المجالي قال إن كلمة جلاله الملك في القمة العربية الإسلامية كانت دقيقة وشاملة، وتضمنت عدة إشارات مهمة أولها الإشارة إلى ما جرى إنجازه من تفاهم عربي في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتمثل في القرار الذي اتخذ في الجمعية وكان جلالة الملك يذكر الأشقاء العرب أن هناك توافقا يمكن البناء عليه والاستمرار به في إطار هذه القمة وأهم عناصره وقف الأعمال العدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

ولفت المجالي إلى الشر المقبل الذي حذر جلالة الملك العالم منه في ختام خطابه فيما لو لم يتم التعامل مع القضية الفلسطينية من جذورها والوصول لإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين.

وقال إن تكرار جلالة الملك للبعد الذي ينطلق من النكبة عام 1948 وعدم التحدث فقط عن عام 1967 ليكون لزاما علينا التحدث عن قضية اللاجئين الفلسطينيين التي بدأت مع النكبة وهي جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية وأي تفكير في حل الدولتين يجب أن ينطوي أيضا على ما تضمنته أصلا الاتفاقات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطينيين سابقا والأردني أيضا لأنة بالنسبة لقضايا الوضع النهائي في معاهدة السلام نتحدث عن قضية اللاجئين التي لنا دور في بحثها عندما يكون هناك مؤتمر سلام فعلي وهو المطلوب حاليا.

وقالت أمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة المهندسة مها علي إنَّ الأردن كان دوماً سنداً لأمته العربية، ولأشقائه في فلسطين، وكلمة الملك في القمة العربية الإسلامية المشتركة “غير العادية” في الرياض، جسدت موقف الهاشميين الراسخ تجاه القضية الفلسطينية منذ قديم الأيام.

وأكدت أنَّ الكلمة الملكية عكست موقف الأردنيين بمختلف أصولهم ومنابتهم وأطيافهم السياسية، حيث بين جلالته الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني الذي استمر لسبعة عقود سادت فيها عقلية القلعة وجدران العزل والحصار والاعتداء على المقدسات وانتهاك الحقوق.

وقالت ان جلالة الملك سلط الضوء في خطابه على الحاجة الملحة للتصدي للوضع المأساوي في غزة وحذر من إمكانية حدوث صدام كبير يؤثر في منطقتنا ان لم تتوقف الحرب البشعة على غزة.

وبينت أنَّ جلالته ومنذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على غزة قام بمساعي حثيثة على المستوى الدولي وعمل على حشد الرأي العالمي للعمل على وقف الحرب على غزة وحماية المدنيين والابرياء وحذر من الكارثة الإنسانية فيها جراء المجازر والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وكان موقفه واضحا وحازما برفض أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية. وعمل جلالته ومن خلال زيارات مكوكية على حشد الرأي العالمي لوقف العدوان على غزة وحماية المدنيين .

وقالت ” نقف صفاً واحداً خلف قيادة جلالة الملك الحكيمة، مثمنين الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تبذلها الدولة الأردنية لوقف أطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية الى غزة وأهلها، مشيرة الى رسالة التضامن التي اطلقتها نساء الاردن مع نساء غزة اخيرا بتنظم من اللجنة الوزارية لتمكين المرأة واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والمركز الوطني لحقوق الإنسان.