فيما يستمر الرفض الأردني الحديث عن أي سيناريوهات حول مرحلة ما بعد غزة، يرى محللون أن هذا الرفض ينطلق من إدراك المسؤولين الأردنيين أن أي تطرق لهذا الموضوع يصب في مصلحة الاحتلال الصهيوني ويساهم في تحقيق أهدافه.

وبين هؤلاء المحللون ، أن من حق الشعب الفلسطيني أن يقرر مصيره، وبأن موقف الأردن في ذلك واضح وإيجابي رغم جميع الضغوطات، لافتين إلى أن قطاع غزة جزء من الدولة الفلسطينية وليس منفصلا عنها، ويجب رفض أي سيناريوهات تخدم مصالح دول أخرى.

وما فتئ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، يؤكد في تصريحاته، أن الأردن يرفض أي حديث أو سيناريوهات عن مرحلة ما بعد غزة، معتبراً أن ما يطرح في هذا السياق “غير واقعي ومرفوض ولا يتعامل معه الأردن”.
ويقول الصفدي إن الأردن يشدد الآن في هذا السياق على وقف الحرب والجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين، وأي حديث آخر يتم بعد ذلك، مؤكداً رفض الأردن أي حديث عن “إدارة غزة ما بعد الحرب عبر قوات عربية أو غير عربية”.
عطفا على ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د. محمد مصالحة، أن الأردن يدرك جيدا أن “ما بعد العدوان هو وضع يريد الاحتلال أن يهندسه بما يخدم مصالحه، وهذا ما يتنافى تماما مع مصالح الشعب الفلسطيني ووحدة أراضيه؛ ذلك أن غزة جزء من دولة فلسطين، وبالتالي فهذا الشعب هو من يقرر مستقبلها”.
وأضاف مصالحة: “ليست هناك أي قوة تقرر هذا المصير إلا شعب فلسطين نفسه”، مضيفا: “في تقديري أن الاحتلال الصهيوني يسعى إلى إعادة صياغة طبيعة السلطة عبر طرح سيناريو احتلال مؤقت، أو وضع قوة عسكرية صهيونية مؤقتة، خصوصا في المنطقة الشمالية أو إدخال قوات عربية، أو الاستعانة بالأمم المتحدة، وغيرها من السيناريوهات التي قد تتفتق عنها الذهنية الصهيونية الاستعمارية”.
وتابع: “في تقديري أن الأردن محق في موقفه، وهو يراعي تماما المصالح الحقيقية والوطنية للشعب الفلسطيني، ومشكلة الاحتلال هي مشكلة استيطان، ومشكلة قهر، وخلق نكبات للشعب الفلسطيني دون تمكينه من حقه في تقرير مصيره على أرض وطنه”.
وبين أن أي محاولات لطرح ما يسمى “ما بعد العدوان أو المعركة الهمجية على غزة، لا يجوز لأي كان أن يتحدث عن أي سيناريو”.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني شعب ناضج وشعب يستحق أن يبني مستقبله بنفسه، إذ ولى عهد الانتداب والوصاية وغيرهما من الصيغ الاستعمارية التي خلقتها القوى الكبرى وطبقتها مباشرة، أو من خلال منظمات دولية تابعة لها”.
وبين أنه “لا مكان إطلاقا لأي صيغة تحول دون الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، ولهذا فالأردن ينأى بنفسه ويصر على أن الشعب الفلسطيني هو الذي يقرر مصيره، وليس قوة الاحتلال أو أي جهة دولية أخرى”.
بدوره، يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية د. وليد أبو دلبوح، أن موقف الأردن في ظل العدوان على غزة، رغم كل الضغوطات الخارجية، إيجابي جدا وخاصة الموقف الرسمي وعدم رفضه فكرة المقاومة.
وتطرق أبودلبوح إلى حديث جلالة الملك في القمة عما يعانيه الشعب الفلسطيني، وهو ليس بجديد بل مستمر منذ سبعة عقود، بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي التي تعبر عن موقف ممتاز للأردن.
ولفت إلى وجود تباين واضح بين الموقف الأميركي حول مرحلة ما بعد غزة، وبين الموقف الصهيوني الذي يريد القضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال القطاع، مشيرا إلى أن أميركا تريد بقاء جزء من الحكم الفلسطيني في القطاع.
وقال إن الأردن يصر على أن هذا الموضوع هو قضية فلسطينية، وهم من يقررون مصير القطاع بعد انتهاء العداون.
ولفت إلى أن الحديث عن أي سيناريوهات يخدم أهداف الصهاينة ويحقق غايتهم في تهجير الشعب الفلسطيني والقضاء على المقاومة.
وبين أن كل دولة تنظر إلى الموضوع وفق مصالحها في المنطقة، على عكس الموقف الأردني الذي يؤكد أن القرار للفلسطينيين، وأن “حماس فكرة، ومن الصعب القضاء على الفكرة، وفق ما قاله وزير الخارجية أيمن الصفدي”.
وكان الصفدي قال أيضا إن “من يريد وضعاً مغايراً عليه أن يلبي حاجات وحقوق الشعب الفلسطيني، وبالسلام الشامل. وإذا لم يذهب المجتمع الدولي بهذا الاتجاه وبخطة تحقق السلام والدولة الفلسطينية وحقوق شعبها فإننا سنعود للحرب كل 5 أو 6 سنوات، ولن يشهد أحدٌ الاستقرار والأمن الذي يطالب به كل العالم”.
وجدد الصفدي التأكيد على موقف الأردن من أن أي تهجير للشعب الفلسطيني من أرضه باتجاه الأردن هو بمثابة “إعلان حرب على الأردن سنتصدى له بكل قوة”، موضحا أن “خيار التهجير الذي طرحته إسرائيل في بداية حرب غزة، فشل ولم يجد قبولاً ليس فقط من مصر والأردن والشعب الفلسطيني، بل من كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية”.