دعا وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة، الاثنين، إلى تعاون عربي متكامل يجعل من الوطن العربي مصدراً رئيساً لإنتاج الطاقات الخضراء بأشكالها كافة لتغطية احتياجاته وتصدير الفائض إلى الدول المستهلكة لتحقيق أهدافها في الاستدامة البيئية وتنويع مصادر الطاقة.

وأضاف الخرابشة خلال كلمة له في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الطاقة العربي 12 تحت عنوان “جهود الدول العربية لمواجهة تحديات أمن الطاقة” أن الأمر يتطلب من الدول العربية عملاً جماعياً لتوطين الصناعات المرتبطة بمشاريع الطاقة النظيفة وتطوير هذه الصناعة بمختلف سلاسل التزويد وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا وجذب الاستثمارات في هذا المجال من خلال تطوير مشاريع توليد الكهرباء الخضراء وتخزين الطاقة إنتاج الهيدروجين وغيرها من الصناعات المرتبطة بذلك، مما يعزز من فرص التكامل العربي سواء بعمليات التصنيع أو التشغيل أو الإنتاج أو التبادل، وينعكس بمزيد من الاستقرار والرفاه لشعوبنا ومنطقتنا العربية.

ولفت إلى توافر جميع مقومات التكامل الاقتصادي في البلدان العربية، مما يجعل تكاملها ممكناً ومتميزاً عن سواه من تجارب الدول الأخرى، مضيفاً “وهنا تجدر الإشارة إلى أن دولنا قطعت شوطا لا بأس به لاستكمال ربط الشبكات الكهربائية، وما زلنا نطمح لربط عربي متكامل فيما يتعلق بالربط الكهربائي”.

مكافحة التغير المناخي

شدد الخرابشة على ضرورة التركيز على التقنيات التي تعمل على إزالة الكربون من كامل سلسلة الإنتاج والاستهلاك للوقود الأحفوري، الذي لعب دورا حاسما في تحقيق التطورات الصناعية المتعاقبة وسيبقى لاعبا رئيسا في أسواق الطاقة لسنوات وعقود عديدة مقبلة.

وزاد الخرابشة “ندرك جميعا بأن أنظار العالم اليوم تتجه نحو مكافحة التغير المناخي، والذي بدأت آثاره تظهر في منطقتنا العربية على الرغم من مساهمتنا المتواضعة في رفع انبعاثات الكربون، الأمر الذي أصبح معه التوجه نحو التحول الطاقي أمراً ملحاً مما يعني ضرورة العمل على إيجاد مصادر جديدة للطاقة صديقة للبيئة، وتحسين كفاءة استخدامها والتوجه نحو استخدام الشبكات الذكية وتعزيز مشاريع الربط الكهربائي والتحول نحو وسائل النقل الكهربائي والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتغطية هذه الاحتياجات”.

وأكّد أن التركيز اليوم ينصب على مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، والذي يُنظر إليه كوقود للمستقبل في العديد من الصناعات وقطاع النقل وإنتاج وتخزين الكهرباء وإنتاج الأسمدة وغيرها من الاستخدامات، آملا أن تحظى الدول العربية بالنصيب الأكبر من هذه المشاريع لما تتمتع به من مزايا عديدة في هذا المجال.

وتحدث عن مصادر الطاقة الجمة التي يمتلكها الوطن العربي سواء من الطاقات الأحفورية، والطاقات المتجددة بأشكالها كافة (الشمسية والرياح والمياه)، منوها إلى أن أنظار العالم جميعاً أصبحت تتجه إلى الطاقة المتجددة باعتبارها المؤثر الأكبر في مكافحة آثار التغير المناخي.

وثمّن الخرابشة، الموقع الجغرافي للدول العربية التي تربط آسيا بإفريقيا وأوروبا مما يجعل من العالم العربي مركزًا رئيساً للعبور بين القارات الثلاث سواء لخطوط الربط الكهربائي لنقل الطاقة الخضراء، وأنابيب الهيدروجين الأخضر مستقبلاً، يضاف إلى ذلك امتلاكها للعديد من الموانئ الاستراتيجية التي ستلعب دوراً رئيساً في تصدير الطاقات الخضراء في المستقبل.

الأردن في مجال الطاقة

استعرض الخرابشة التجربة الأردنية في مجال الطاقة، مشيرا إلى التحديات التي واجهها قطاع الطاقة في الأردن خلال السنوات الماضية والتي كان أحد أهم أسبابها الاعتماد شبه الكلي على استيراد الطاقة وعدم تنويع مصادره.

وأضاف “لذا كان لزاماً علينا أن نضع أهدافاً استراتيجية تتمحور حول: أمن الطاقة، ومصدرها المستدام، والموثوقة، بتكلفة مناسبة يتم تأمينها ما أمكن بالاعتماد على الذات وبتنويع المصادر”.

وأشار الخرابشة إلى ما قامت به الأردن من تنويع مصادره من الوقود الأحفوري لتحقيق أمن التزود بالطاقة بإنشاء شبكة متكاملة لنقل الغاز الطبيعي من شمال المملكة إلى جنوبها وتأمين أكثر من مصدر للغاز عبر الأنابيب وإنشاء ميناء مختص لإيصال الغاز الطبيعي المسال إذا ما دعت الحاجة لذلك، ومد شبكات الغاز لتزويد الصناعات باحتياجاتها ونسعى لمد شبكة أنابيب لتغطي المدن الرئيسة في المملكة، ومستمرون ايضاً باستيراد احتياجاتنا من النفط الخام والمشتقات النفطية من مصادر عدة.

وأكّد أن الأردن لم يغفل عن تطوير قطاع الطاقة المتجددة بالتوازي مع تنويع مصادره من الوقود الأحفوري، مشيرا إلى تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية، والبناء على ما تتمتع به المملكة من ثراء في مصادر الطاقات المتجددة.

ولفت الخرابشة إلى إنجازات الأردن المتحققة في مجال الطاقة المتجددة ليصبح خلال سنوات قليلة محط أنظار كُبرى الشركات العربية والعالمية للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، موضحا أن اليوم يرتبط بالشبكات الكهربائية في الأردن ما يقارب 2600 ميغا واط من أنظمة الطاقة المتجددة أنتجت ما يقارب 27% من إجمالي الطاقة الكهربائية في المملكة في عام 2022، وستغطي ما يزيد على 30% من استهلاكاتنا من الطاقة الكهربائية في عام 2030 وفقاً لاستراتيجية قطاع الطاقة التي نعمل حالياً على تحديثها لوضع الخطط اللازمة لزيادة هذه النسبة.

وأشار الخرابشة إلى أن الأردن يتماشى مع التطور العالمي في التحول الطاقي بمباشرته في إعداد خارطة طريق ترسم السياسات وتضع الإطار التنظيمي لاستقطاب الاستثمارات في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والترويج للأردن كمركز إقليمي لتصدير الهيدروجين أو ما ينتج منه كالأمونيا الخضراء أو الميثانول الأخضر، مفسرا ذلك بالإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الأردن في توليد الطاقة المتجددة والموقع الجغرافي وتوفر الكفاءات المؤهلة.

وزاد “بالفعل تمكن الأردن من توقيع 13 مذكرة تفاهم مع شركات عالمية مهتمة لإعداد الدراسات اللازمة لذلك”.

وشكر الخرابشة رئيس مؤتمر الطاقة العربي 12 المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة تحت شعار “الطاقة والتعاون العربي” والأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) والمساهمين في تنظيم المؤتمر الذي يأتي انعقاده في وقت بات أمن التزود بالطاقة والتحول الطاقي يشغل العالم أجمع، متمنياً الخرابشة النجاح للمؤتمر في النقاشات والجلسات والحوارات وتبادل الخبرات في إثراء التعاون لإيجاد حلول قابلة للتطبيق نحو مفاهيم جديدة في أمن الطاقة والتحول الطاقي.